السياسية – وكالات :

أثار انعقاد ما يسمى بمؤتمر (السلام والاسترداد) في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، ردود فعل في الأوساط العراقية “الرسمية والسياسية والشعبية”، غاضبة ومنددة ورافضة لدعوات التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، ومؤكدة على موقف بغداد التاريخي والثابت من القضية الفلسطينية.

وبحسب وسائل الإعلام العراقية فقد عقد في أربيل عاصمة الإقليم أمس الجمعة، مؤتمر ما يسمى بـ”السلام” والذي نظمته شخصيات عشائرية من السنة والشيعة.. ودعا إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بشكل علني، في أول حدث من نوعه بالعراق.

وأعلنت الرئاسة العراقية في بيان لها، اليوم، رفضها محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني.. مجددة موقف العراق الداعم للقضية الفلسطينية.

وقال بيان الرئاسة: إنه “في الوقت الذي تؤكد فيه رئاسة الجمهورية موقف العراق الثابت والداعم للقضية الفلسطينية وتنفيذ الحقوق المشروعة الكاملة للشعب الفلسطيني، فإنها تجدد رفض العراق القاطع لمسألة التطبيع مع اسرائيل، وتدعو الى احترام ارادة العراقيين وقرارهم الوطني المستقل”.

وأكدت أن “الاجتماع الأخير الذي عُقد للترويج لهذا المفهوم لايمثّل أهالي وسكان المدن العراقية، بل يمثّل مواقف من شارك بها فقط، فضلاً عن كونه محاولة لتأجيج الوضع العام واستهداف السلم الاهلي”.

ودعت الرئاسة في بيانها إلى “الابتعاد عن الترويج لمفاهيم مرفوضة وطنياً وقانونياً، وتمس مشاعر العراقيين، في الوقت الذي يجب أن نستعد فيه لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تدعم المسار الوطني في العراق وتعيد لجميع العراقيين حياة حرة كريمة”.

الكاظمي

من جهتها أعلنت الحكومة العراقية، اليوم، في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ردا على دعوات التطبيع الصادرة عن مؤتمر “السلام”، الذي نظم الجمعة، ، رفضها “القاطع” لدعوات التطبيع مع “إسرائيل”.. مؤكدةً موقفها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية.

وقال البيان: “هذه الاجتماعات (المؤتمر) لا تمثل أهالي وسكان المدن العراقية، التي تحاول هذه الشخصيات بيأس الحديث باسم سكانها، وإنما تمثل مواقف من شارك فيها فقط”.

وأضاف: “فضلا عن كونها محاولة للتشويش على الوضع العام وإحياء النبرة الطائفية المقيتة، في ظل استعداد كل مدن العراق لخوض انتخابات نزيهة عادلة ومبكرة (في 10 أكتوبر المقبل)”.

وشدد البيان على أن “طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستوريا وقانونيا وسياسيا في الدولة العراقية”.

وتابع: “الحكومة عبرت بشكل واضح عن موقف العراق التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.. وفي مقدمتها حقه بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، ورفض كل أشكال الاستيطان والاعتداء والاحتلال التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الشقيق”.

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي

بدوره طالب رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، اليوم، باتخاذ الاجراءات القانونية الصارمة بحق المطالبين بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.

وكتب الحلبوسي في تغريدة له على حسابه في “تويتر”: إن “للعراق موقف تاريخي ثابت من القضية الفلسطينية، وإن موقفنا الرافض لما يسمى (التطبيع) مع الكيان الصهيوني لن يغير باجتماع ثلة من الأفاقين والمأجورين، الذين حاولوا عبثا تشويه موقف العراق الحازم والحاسم والمشرف من القضية الفلسطينية”.

وأضاف: “لذلك يتطلب الأمر اتخاذ الاجراءات القانونية الصارمة؛ لاخراس هذه الاصوات النشاز، ومحاسبة كل من تسول له نفسه المساس بثوابتنا الوطنية وقضايا الأمة العادلة”.

مقتدى الصدر

كما طالب زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، اليوم، أربيل بمنع الاجتماعات الإرهابية الصهيونية.. داعياً الحكومة الى تجريم واعتقال كل الشخصيات العشائرية المقيمة في مدينة اربيل التي رفعت شعار التطبيع مع “اسرائيل”.

وقال الصدر في تغريدة له: “على أربيل منع مثل هذه الاجتماعات الإرهابية الصهيونية والإ فعلى الحكومة تجريم واعتقال كل المجتمعين والا فسيقع على عاتقنا ما يجب فعله شرعيا وعقليا ووطنيا ولن نخاف في الله لومة لائم”.

وأضاف “على المؤمنين انتظار الأمر منا للبدء بالتعامل مع هذه النماذج القذرة.. فالعراق عصي على التطبيع”.

وتابع قائلاً: “لنا بعد الأغلبية ورئاسة الوزراء وقفة أيضا، فانتظروا إنا منتظرون”.

من جانبه قال ديوان الوقف السني في العراق في بيان: “نستنكر هذه الدعوات المشؤومة التي تريد انخراط المجتمع العراقي ضمن مخطط الكيان الصهيوني”.

ودعا الديوان إلى “إيقاف هذه الدعوات بالوسائل كافة والتي مصدرها “إسرائيل” والمتعاونون معها لتطبيق مخططاتهم في العراق.. فلسطين كانت وما زالت وستبقى قضيتنا المفصلية حكومة وشعبا”.

فيما اعتبر تحالف الفتح (لديه 49 مقعدا من أصل 329 في البرلمان)، أن “عقد اجتماع في أربيل للتطبيع مع الكيان الصهيوني يعد عملاً إجرامياً وفقاً للقانون العراقي النافذ، ويعد كل الذين أعدوا وشاركوا في هذا الاجتماع خونة، ويجب محاكمتهم وإنزال أقصى العقوبات بحقهم”.

ودعا التحالف، الذي يتزعمه هادي العامري، في بيان، القضاء العراقي إلى “ملاحقة كل هؤلاء وتطبيق القانون النافذ”.. مشددا على أنه “لن يكون لكيان القتل الصهيوني مكاناً في عراق الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين”.

مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي هو الآخر، قال: “نؤكد رفض الحكومة العراقية المطلق لرفع شعار التطبيع مع الكيان الصهيوني”.. مضيفاً إن “التنسيق مستمر مع إقليم كردستان (شمال)، لمحاسبة أصحاب المشاريع المعادية، وفقا للقانون”، مشيرا إلى أن “العراق مع الحق الفلسطيني في دولته المستقلة”.

من جانبه، قال زعيم حركة “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، في تغريدة له عبر “تويتر”: إن “ما حدث في أربيل مخالف لكل القيم والمبادئ الوطنية والإنسانية ومخالفة صريحة لقانون العقوبات العراقي”.

وأضاف: إن “المقاومة الإسلامية لن تسكت على هذه الخيانة العظمى، وسنلقن العدو الإسرائيلي والمطبعين معه درسا يمنع كل من يفكر بالتطبيع لاحقا”.

أما حزب الدعوة الإسلامية، بزعامة نوري المالكي، فقال في بيان صحفي: “تابعنا باستنكار شديد انعقاد مؤتمر لمجموعة من الأنفار الأخشال لا يمثلون سوى أنفسهم ولا يعبرون عن واقع العراقيين بكل مكوناتهم، ويدعون إلى التطبيع والالتحاق باتفاقيات الخزي والعار مع الكيان الصهيوني، ضمن محور المساومة، الذي مصيره الخيبة والخسران، أمام إرادة الشعوب والمقاومة”.

وأضاف البيان: إنّ “الترويج للعلاقة والتطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب جريمة قانونية على وفق قانون العقوبات العراقية، وعلى الجهات القضائية والحكومية المبادرة إلى ملاحقة الداعين لهذا التجمع المدان والمتحدثين فيه والمشاركين في الإعداد له وتسهيل انعقاده”.

ودعا القوى الوطنية المخلصة والغيورة إلى موقف موحد من هذا المشروع الخياني الذي يشوه التاريخ الناصع لشعبنا الأبي ومواقفه الشجاعة والثابتة في نصرة القضية الفلسطينية دوما وعلى طول التاريخ النضالي والجهادي للشعب الفلسطيني المقاوم والجريح، الذي ينتظر من أشقائه التضامن والدعم وهو يقف شامخا أمام همجية العدو الصهيوني وإجرامه، وليست طعنة نجلاء بظهره من قبل الأدعياء.

في حين، أعلنت كتلة “دولة القانون”، الممثلة للحزب في البرلمان، رفضها لمؤتمر أربيل للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب.

وقالت الكتلة في بيان لها: “تعرب كتلة دولة القانون عن رفضها وشجبها لعقد مؤتمر في أربيل لشخصيات مغمورة أعلنت فيه دعوتها إلى التطبيع وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني الغاصب”.

وأضاف البيان: إن “ترحيب ودعم الكيان الصهيوني ومن يمثله من دول المنطقة لمثل هكذا تجمعات يكفي لإثبات أن هؤلاء الحاضرين ما هم إلا أدوات بائسة لتنفيذ مآرب ومخططات أكبر منهم”.

وأوضح البيان، أن “هذا التجمع لا يمثل العراق ولا يعبر عن إرادة العراقيين، وإنما هو تعبير عن تبعية وعمالة فكرية وسياسية فجة للكيان الصهيوني لفئة لا تمثل سوى نفسها”.

إلى ذلك، قال ائتلاف “النصر” بزعامة حيدر العبادي: إنه “يدين جميع دعوات التطبيع مع الكيان الصهيوني، ويرى في الأنشطة السياسية والمجتمعية الأخيرة مساساً بثوابت الشعب العراقي ومواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية العادلة، وتمرداً على الدستور والقوانين والقيم العراقية”.

ودعا الائتلاف القوى السياسية والرموز المجتمعية لـ”بيان موقفها من تصاعد دعوات التطبيع، ويدعو الشعب لمحاصرة ورفض أي دعوة تجر العراق إلى هذا المنزلق الخطير”.

الجدير ذكره أن (مركز اتصالات السلام)، وهو منظمة مدنيّة داعمة “للتطبيع”، مقرها الولايات المتحدة الأمريكية، أقام في مدينة أربيل مؤتمراً حمّل عنوان “السلام والاسترداد” بمشاركة نحو 300 شخصية عراقية (سنّية وشيعية) تنحدر من 6 محافظات (بغداد، ونينوى، والأنبار، وصلاح الدين، وبابل، وديالى)، للدعوة إلى الدخول في إطار “السلام الإبراهيمي” الذي يضمن تحقيق سلامٍ شامل مع الكيان الصهيوني، حسب القائمين على المؤتمر.

وطالب التجمّع في بيان أصدره عقب المؤتمر، العراقيين بـ”الدخول في علاقات مع (إسرائيل) وشعبها من خلال اتفاقات إبراهيم على غرار الدول العربية التي طبّعت”.

في مقابل ذلك، نأت حكومة إقليم كردستان العراق، بنفسها عن المؤتمر.. مؤكدة أنه عُقد دون علمها.. وقالت وزارة الداخلية في الإقليم: إن “الاجتماع عُقد من دون علم وموافقة ومشاركة حكومة الإقليم، وهو لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن موقف حكومة إقليم كردستان”.. متعهدة بـ”اتخاذ الإجراءات اللازمة لمتابعة كيفية انعقاد هذا الاجتماع”.