دول محور المقاومة تجمعها وحدة قوية ولن تفرقها المؤامرات
السياسية :
إن جميع التطورات التي وقعت خلال السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الاوسط تظهر بوضوح أن واشنطن وتل أبيب لم تدخرا جهداً لتحديد التطورات الإقليمية لصالحهما. إن الأمريكيين والإسرائيليين الذين كانوا يأملون في تحقيق أهدافهم في فلسطين، واجهوا فجأة معركة تسمى معركة “سيف القدس”. غيرت هذه المعركة كل حسابات واشنطن وتل أبيب في المنطقة. وهكذا، يمكن القول إن معركة “سيف القدس” لم تجعل سياسات السنوات السابقة غير مثمرة فحسب، بل امتدت وساعدت المقاومة في فلسطين أيضًا على الوصول إلى ما وراء جغرافيا غزة إلى القدس المحتلة والضفة الغربية. وإضافة إلى ذلك، تحطمت هيمنة الكيان الصهيوني مرة أخرى خلال حرب الـ 12 يومًا، وتعرض هذا الكيان للإذلال أمام الرأي العام في المنطقة والعالم. وعلى الرغم من أن اليمن يواجه أزمة غير مسبوقة منذ عام 2015 عندما شن تحالف العدوان السعودي هجومه على أبناء الشعب اليمني الأعزل والتي عُرفت بأنها “أسوأ أزمة انسانية في العالم”، إلا أنهم لم ينسوا الوقوف إلى جانب إخوانهم الفلسطينيين، حيث عمّت العديد من المدن اليمنية المظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، والمنددة بجرائم العدو الصهيوني التي يرتكبها في قطاع غزة وفي القدس الشريف وفي المناطق المحتلة بحق الشعب الفلسطيني ، حيث احتشد ملايين اليمنيين يوم أمس الاثنين في باب اليمن بالعاصمة صنعاء ، وفي 15 ساحة أخرى بعواصم محافظات الجمهورية اليمنية.
وفي هذا السياق، خاطب “محمد علي الحوثي” عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن دول العدوان التي تشن الحرب متسائلا عن دورها في تحرير فلسطين، وقال “نقول لدول العدوان وغيرها من الدول المتحالفة ضد اليمن، ألا يستحق القدس والأقصى الشريف أن تقدموا من أجله كما فعلتم في حربكم ضد اليمن”. وأضاف: “نحن في الجمهورية اليمنية في ظل عدوان وحصار منذ سبع سنوات وأنتم أعلنتم شروطا لوقف العدوان على بلدنا وزعمتم أنكم من أجلها تقاتلوننا، وإن كنتم تتحركون من أجل أمريكا وإسرائيل لكن نفترض ونسلم أن حربكم جاءت من أجل الشروط التي أعلنتموها نقول لكم اذهبوا ونحن حاضرون ونعلن اليوم الاستعداد للتوقف في كل الجبهات التي تعتدون منها علينا على أن تتوقفوا أنتم وتذهبوا إلى فلسطين لتحرير الأقصى الشريف بطائراتكم ودبابتكم ومدرعاتكم، وسنكون إلى جانبكم”. ومضى قائلا: “نريد أن نجد حزمكم وعزمكم في المكان الصحيح وأن نرى قصف الطيران في المكان الصحيح، وأن تغيثوا إخواننا في فلسطين لأنكم تزعمون بأنكم الدول الإقليمية التي تحافظ على العروبة فاذهبوا إلى فلسطين ونحن جاهزون لمساندتكم بقوتنا الصاروخية أو بالمسير أو بأبطالنا في الميادين”.
وقبل عدة أيام دشن “الحوثي” حملة تبرعات لمصلحة الشعب الفلسطيني. وأشاد بتفاعل القطاع الخاص ورجال المال والأعمال في تقديم الدعم المالي للشعب والمقاومة الفلسطينية بما يعزز من صمود الفلسطينيين في مواجهة قوات العدو الصهيوني رغم ما يواجهه التجار من معوقات وعراقيل بسبب العدوان والحصار. وقال “الحوثي” إن “الوقوف مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ينطلق من واجب أبناء اليمن في نصرة الأشقاء في فلسطين المحتلة واستشعارهم المسؤولية في هذا الجانب”، وأشاد “بوقوف الشعب اليمني إلى جانب المقاومة الفلسطينية ودعمها ومساندتها في نضالها المشروع لدحر العدو الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
وعلى صعيد متصل، قال السيد “حسن نصر الله” الأمين العام لحزب الله اللبناني: إن “محور المقاومة ثابت ودخول غزة إلى معادلة القدس تطور مهم”. وحيا السيد “نصر لله” ثبات الشعب الفلسطيني بوجه الاحتلال الإسرائيلي، كما اكد فشل الضغوط الأمريكية على إيران التي عبرت مرحلة الخطر. وقال السيد “حسن نصر الله”، في خطاب متلفز قبل عدة أيام، إن “المشهد الفلسطيني العام هو مشهد رفض للاحتلال وتمسك بالحق، وهذا ما يعطي المشروعية لكل محور المقاومة ولكل مساندة تقدم للشعب الفلسطيني سواء كانت سياسية او عسكرية أو غيرها”. وأضاف إن “ثبات الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقه وعدم التخلي عن القدس هو الأساس”، فثبات الشعب الفلسطيني “يعطي المشروعية للمقاومة”.
وعلى نفس هذا المنوال، أعلنت إيران استعدادها لإرسال مساعدات للشعب الفلسطيني داعية جميع المنظمات والدول للقيام بذلك، مؤكدة “وجوب العمل على تعزيز قدرات الشعب الفلسطيني للدفاع عن نفسه ومنع أي اعتداء إسرائيلي آخر”. كما دعت إلى “ملاحقة الكيان الصهيوني في جرائم الحرب التي ارتكبها ومحاكمة قادته بتهم الإبادة”. وأشادت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أصدرته قبل عدة أيام بـ”صمود المقاومة والشعب الفلسطيني وتضحياتهم، وخاصة أبناء غزة الشجعان والصابرين بوجه الهجمات الوحشية للكيان الصهيوني”. وهنأت المقاومة الفلسطينية بـ”النصر في الدفاع عن مبادئ ومقدسات الشعب الفلسطيني وفرض معادلة جديدة على كيان الاحتلال الغاصب للقدس”. وطالبت وزارة الخارجية الإيرانية بـ”محاكمة ساسة الكيان الإسرائيلي كمجرمي حرب وكشف ممارسات الكيان الإسرائيلي القاتل للأطفال باعتباره مرتكبا لأعمال إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية”، مستشهدة بالجرائم “المروعة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في مهاجمة المناطق السكنية وقتل الفلسطينيين العزل”.
وفي نفس هذا السياق، قال المتحدث باسم الجهاد الاسلامي: “إن المقاومة تمتلك اليد العليا في الحرب مع الصهاينة وإنها بعثت برسالة واضحة عبر هجومها الصاروخي على مواقع الكيان الصهيوني، وهي أنها ستواصل معركتها مع تل أبيب”. وأضاف إن فصائل المقاومة الفلسطينية تصر على مواصلة القتال ضد العدو الصهيوني الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين. وقال: “كل المجاهدين الفلسطينيين يؤكدون الآن على الحاجة لاستمرار الضربات. وتعتقد جميع فصائل المقاومة الفلسطينية أن المقاومة هي الخيار الوحيد ويجب أن تستمر. تشكّلت فصائل مقاومة للدفاع عن أرض فلسطين ومقدساتها، والآن بعد أن ارتكب الصهاينة أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين، لا يمكن للمقاومة أن توقف ضرباتها”.
إن جميع هذه التصريحات تؤكد بما لا تدع مجالا للشك بأن محور المقاومة في المنطقة سيستمر في اتجاهها الحالي ولن توقف هذه الضربات تحت تأثير مطالب حلفاء الكيان الصهيوني. وهذه رسالة تلقاها الصهاينة أنفسهم. إن المقاومة هي التي تستطيع أن تفرض شروطها على العدو الصهيوني ويتم الحصول على هذه القوة من خلال استمرار المعركة. ولقد أظهرت المقاومة أنها لا تواجه العدو الصهيوني فحسب، بل هي أيضا تواجه مشروع الاستكبار في المنطقة. المشروع الأمريكي الصهيوني. حيث إن الهدف الأساسي لهذا المشروع هو إثارة الحرب في المنطقة وخلق حالة من انعدام الأمن فيها.
تدرك دول محور المقاومة، أن تحدي واشنطن ومحورها ليس بالأمر السهل، ويتطلب الكثير من الحرفية السياسية والردع العسكري، ومعادلات استراتيجية مؤثرة وفاعلة على مستوى التوازنات الإقليمية، وعليه تعتمد دول محور المقاومة مبدأ المراجعة الشاملة لسياسات المحور كاملاً، وقد اعتمدت في هذه الجزئية على تعزيز واقع الصمود لدى شعوبها، فالحاجة باتت ضاغطة أكثر مما مضى لإعادة النظر في أداء القوى والأنظمة السياسية في المنطقة، مع التأكيد على تلبية مطالب الشعوب وتحديداً في الجوانب الاقتصادية، لما لهذه الجوانب من أهمية عميقة ومؤثرة في بنيان محور المقاومة.
وعليه فإن كل دول محور المقاومة تعتزم الرقي في وحدتها ولن تفترق هذه القوة ابدا بفضل الله وايضا توسعتها مع كل أحرار العالم من نخب مثقفة وكتاب وعلماء وأحرار بمختلف اللغات. واما قوى الاستكبار العالمي فهي في إفول وهزيمة وانكسار تحطمت أركانهم وفشل مخططهم تقسيم الشرق الأوسط الجديد وايضا فشل صفقة القرن التي كانت بمثابة وعد بلفور الذي توافقت مع قرن الشيطان مستغلين الحروب في الشرق الأوسط مع داعش وادواتها وداعميها. إن نجاح محور المقاومة يقوم على ثبات مرتكزاته المحلية في الدول الممتد إليها، حيث بإمكان فصائله في سوريا ولبنان والعراق واليمن وفلسطين من المواجهة المنفردة، ثم تأتي إيران ومعها سوريا كمنظومة إقليمية جيوبولوتيكية، ضابطة لحركة هذه القوى، ومقدمة للدعم اللامتناهي عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، مع الاستعداد للتدخل في أي لحظة في البقع الجغرافية العسكرية التي تواجهها فيها منفردةً أو مجتمعةً.
* المصدر : الوقت التحليلي