السياسية :

إضافة إلى نهب ثروات البلاد، تنتهج الإمارات في وقتنا الحالي خطة خطيرة يمكن رؤية آثارها هذه الأيام في مدينة عدن من خلال تعامل الميليشيات التابعة لها مع سكان المناطق الشمالية من اليمن. وحول هذا السياق، قالت صحيفة “البوابة” الاخبارية في تقرير لها بعنوان “الخطة الإماراتية الشريرة لتقسيم اليمن”: إن “منع دخول اليمنيين الشماليين إلى عدن مشهد تكرر خلال سنوات الحرب الست الماضية في اليمن”. وكتبت هذه الصحيفة: “وهذا يدل على المخططات الهدامة والانفصالية التي تنفذها الإمارات تهدف إلى خلق نزاعات محلية وخطط تخريبية ونشر الكراهية بين سكان دولة واحدة”. ومع ذلك، لم يتحرك اليمنيون قط في اتجاه الانفصال. الجدير بالذكر أن قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيا، منعت خلال الأيام الماضية، مواطنين من المحافظات الشمالية من دخول عدن، ما تسبب في تقطع السبل بعدد كبير من الركاب على الطريق قرب مدخل عدن. وأفادت صحيفة “البوابة”، بأن اليمنيين المقيمين في المناطق الشمالية من اليمن قضوا ساعات طويلة في الحر الشديد وعادوا أخيرًا إلى محافظاتهم.

وعلى صعيد متصل، أفاد الركاب بأنهم تعرضوا لسوء المعاملة على أيدي مسؤولين عسكريين وأمنيين عند مدخل عدن. وقالوا إن “اولئك العسكريين قساة ولا يولون أدنى اهتمام لوجود نساء وأطفال وكبار السن ومرضى بين الركاب”. لقد حولت الإمارات عدن التي استقبلت منذ مئات السنين كل من جاء إليها من مدن يمنية أخرى، بغض النظر عن الجنسية أو العرق أو الدين، إلى مدينة مليئة بالنزاعات والصراعات الطائفية والمناطقية. . إن الإمارات تتجه في وقتنا الحالي نحو نشر الكراهية بين اليمنيين، ومليشياتها يعاملون أهالي المناطق الشمالية من اليمن بأسوأ ما يكون، ويرتكبون ضدهم أعمالا غير إنسانية، من العنف إلى الاعتقال والطرد والنهب لممتلكاتهم.

وأشار الركاب اليمنيين إلى أن هذه التصرفات لا تمثل أبناء المحافظات الجنوبية، لأنها دخيلة ومعروف من يقوم بها وهي لا تمت لأبناء المحافظات الجنوبية بأي صلة. وحذّر المسافرون من استمرار ابتزاز “قوات الحزام الأمني” بمحافظة الضالع لهم، وطلب منهم مبالغ مالية كبيرة بحجة تهريب بعضهم عبر النقطة وعدم السماح للجميع بالمرور. ووجهوا رسائل إلى وزارة الداخلية والجهات الأمنية المختصة بحادثة التوقيف الجماعي، ولم يلقوا رداً أو تجاوباً حتى اللحظة. واستنكر نشطاء وحقوقيون هذه التصرفات، واصفين المشهد بالمعيب أن يتم توقيف اليمنيين من دخول عاصمة بلادهم في العيد الوطني لإعلان الوحدة اليمنية، وطالبوا بسرعة التدخل العاجل لإنقاذ المسافرين اليمنيين من وصمة العار والإهانة التي يتعرضون لها. وتوقفت عشرات المركبات القادمة من المحافظات الشمالية، تقل مئات المواطنين بينهم عوائل، في نقطة “مصنع الحديد” بعد منعها من دخول عدن. وتمارس مليشيات الانتقالي الإماراتي منذ سيطرتها على عدن، إجراءات عنصرية ومناطقية ضد أبناء المحافظات الشمالية، ومنعتهم من دخول العاصمة المؤقتة عدة مرات. وترافقت الإجراءات العنصرية مع حملات إعلامية تحرض على أبناء المحافظات الشمالية المقيمين في المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرة مليشيات للانتقالي.

وعلى هذا المنوال نفسه قالت مصادر محلية، إن “قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، تمنع عشرات المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية من دخول مدينة عدن جنوبي اليمن لليوم الثالث على التوالي”. وأضافت المصادر إن عشرات الأسر من المحافظات الشمالية، تنتظر على جانبي طرق نقطتي الحديد والعلم المدخلين الغربي والشرقي لمدينة عدن، بعد منع قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي لها من الدخول إلى المدينة. ومساء السبت اتهمت حكومة صنعاء القوات الموالية لتحالف العدوان بقيادة السعودية، بممارسة انتهاكات عنصرية ضد أبناء المحافظات الشمالية في نقطة “العلم” الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن. وقالت حكومة صنعاء، إن “تلك الانتهاكات تباينت بين المنع من دخول مدينة عدن واحتجاز النساء والأطفال والشيوخ وتهديد الرافضين لتلك الممارسات الاستفزازية والمناطقية، بالعنف الجسدي والاعتقال في حال عدم عودتهم من حيث أتوا”. واعتبرت حكومة صنعاء أن تلك الممارسات التي تتهدد العشرات من المرضى الذين قصدوا مدينة عدن لغرض السفر للخارج لتلقي العلاج، أزمة داخلية بين من وصفتها بـ “أدوات” دول تحالف العدوان في المحافظات الجنوبية

كما كشفت العديد من التقارير الاخبارية خلال الفترة الماضية عن الدور الإماراتي المخرب في تقويض الاستقرار وتعميق الانقسامات في اليمن، إلى جانب ارتكاب العديد من الانتهاكات، سعيا لتحقيق ابو ظبي أهدافها الخبيثة في المنطقة. ولفتت تلك التقارير إلى أن الرياض غالباَ ما تتلقى الجزء الأكبر من الانتقادات واللوم، حول الأزمة التي يغرق فيها اليمن، في ظل استمرار عمليات القصف المدمرة التي ينفذها تحالف العدوان السعودي ولكن أصابع الاتهام بدأت تتجه نحو أبو ظبي، خلال الفترة الماضية بسبب ممارساتها في اليمن. وأكدت تلك التقارير أن الإمارات تتجاهل الأهداف التي وضعتها حليفتها السعودية عند تشكيلها للتحالف العسكري في اليمن. وذكرت تلك التقارير أن مزاعم الرياض كانت تتمثل بهدف إعادة الرئيس المستقيل “عبد ربه منصور هادي” إلى منصبه، والقضاء على “انصار الله”، ولكن يبدو أنه كان لأبوظبي أهداف مغايرة، حيث وجهت أنظارها نحو الجنوب، وعمدت إلى تدريب وتجنيد أجهزة أمنية تخدم طموحاتها الجيوسياسية.

وعلى صعيد متصل، ذكر العديد من المراقبين، أن الأهداف طويلة المدى التي رسمتها الإمارات باتت واضحة لكل المتابعين لهذا الملف، وهي تقسيم اليمن وخلق دولة في الجنوب حليفة لها. وبذلك، ستتمكن الإمارات من تأمين خطوط التجارة عبر ميناء عدن الجنوبي نحو باقي أنحاء العالم، إلى جانب استغلال الموارد الطبيعية في اليمن، وبسط الهيمنة على المنطقة. وأضاف اولئك المراقبون، إن النظام الإماراتي يركز على تقديم نفسه كقوة تسعى لفرض الاستقرار في البلاد من أجل تبرير حضوره في اليمن. وغالبا ما تعمل أبو ظبي على تضخيم عمل المنظمات الإغاثية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها في اليمن، وتنفي في المقابل التقارير التي تؤكد ضلوعها في عمليات تجسس واعتقالات غير قانونية، معتبرة أن هذه التقارير ليست إلا أخبارا زائفة.

وعلى هذا المنوال نفسه ذكرت العديد من التقارير الغربية، أن ممارسات الإمارات التي تدعي أنها تندرج ضمن جهود فرض الاستقرار، أدت إلى تعميق الانقسامات الداخلية في اليمن. ففي الواقع، تدعم أبوظبي القوى الانفصالية في الجنوب، إلى جانب العديد من المليشيات المسلحة التي تحارب بالوكالة، وهو ما عمق التوترات في هذا البلد الممزق أصلا. ونوه هذا الموقع البريطاني بأن الدعم الإماراتي للقوى الانفصالية في الجنوب أفشل كل محاولات خلق الوحدة اليمنية، بما أن أبو ظبي تدعم مجموعات مختلفة مثل قوات النخبة الحضرمية، التي تريد انفصال حضرموت عوضا عن توحيد الجنوب، وارتكبت العديد من الانتهاكات مثل الاعتقالات العشوائية. في الواقع، لقد أرجع مراقبون ومحللون سلوك الإمارات تجاه سكان الجزء الشمالي من اليمن إلى سعيها لتقسيم اليمن ونهب ثرواته. حيث تسعى الإمارات لإغراق المحافظات الجنوبية في اليمن في مستنقع حرب أهلية لتدمير النسيج الاجتماعي اليمني وإثارة العداء بين أبناء بلد واحد، بهدف خطة كبرى لتفكيك اليمن وتدمير وحدته حتى يمكن أن يمكن لها ابتلاعه بسهولة ولهذا تنتهج أبو ظبي سياسة الاستعمار البريطاني “فرق تسد”.

* المصدر : الوقت التحليلي
* المادة التحليلية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع