السياسية: مركز البحوث والمعلومات – زيد  المحبشي:-

أينما حلّت الإمارات، وُجدت إسرائيل، ووُجد الخراب والدمار، واحدةً من الحقائق المرة التي لم يعد بمقدور أحدٍ حجبها، بالنظر الى الخراب الذي أحدثته دويلة الإمارات في المشرق العربي، خلال العقد الأخير، رغم حداثتها، ولا عجب، فصنيعة الإنجليز في مهمة قذرة، لتهيئة المنطقة لشقيقتها الكبرى “إسرائيل”، وفتح كل الأبواب المغلقة أمامها بلا كوابح ولا ضوابط.

اليمن إحدى البلدان المكتوية بنيران أحفاد الإنجليز، 6 سنوات من العدوان العبري البربري، مارست الحفيدة الصغرى المسماه بـ”الإمارات” خلالها كل أنواع القذارات في مهد العروبة، ولم تكتفِ بشهوة القتل والخراب، بل وعملت بلا كلل ولا ملل على استحضار لعنة “سايكس بيكو” وإعادة تقسيم المقسم، فأنشت في مايو 2017 ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، ودفعت به في أبريل 2020 الى إعلان استقلال جنوب اليمن ذاتياً، ونفخت فيه أحلام الدولة المستقلة في حدود 1989، وزينت له تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني، بعد أن مكّنت الصهاينة من كل مفاتيح التحكم باليمن، ورتبت سلسلة من لقاءات العشق المحرمة بين المجلس والصهاينة.

الاهتمام الإماراتي المتعاظم لتأسيس دولة صغيرة تابعة لها في اليمن، يصب في طابعه العام في اتجاهين:

1 – جعل هذه الدولة رأس سهم صغير وفعّال، يمكن من خلاله التحكم فيما يحدث على الممرات الملاحية، ولتكون جسر جيوسياسي، يضاف إلى صفوف مواقع الامارات الاستيطانية في القرن الأفريقي وباب المندب، بحسب الباحثة في معهد التفكير الإقليمي “عنبال نسيم لوفتون” في حديث مع مركز سوث24 للأخبار والدراسات بتاريخ 6 سبتمبر 2020.

2 – تمكين الصهاينة من اليمن بصورة عامة وجنوب اليمن بصورة خاصة، والإسرائيليون بطبيعة الحال وفقاً للمحلل السياسي اللبناني “محمود علوش”: “مُهتمون بما يجري في جنوب اليمن لعدّة اعتبارات، أهمها الموقع الجغرافي الحساس لهذه المنطقة، لكونها تُطل على البحر الأحمر، ووجودهم هناك أمرٌ مهم، سواء كان هذا الوجود مُعلناً أم لا”.

وهناك توجهاً على ما يبدو داخل المجلس الانتقالي الجنوبي للانفتاح على إسرائيل: “بعض قادة الانفصال يطمحون إلى الحصول على مساعدة إسرائيل في تحقيق حلم الانفصال، ويعتقدون أن مثل هذه العلاقة قد تُساعدهم في دفع صانع القرار في واشنطن والعواصم الغربية إلى دعم مشروعهم”.

“لقد سبق أن أبدى الإسرائيليون دعمهم لمشروع استقلال كردستان العراق، وبالطبع لن يُعارضوا انفصال جنوب اليمن عن شماله، هذا يتناسق إلى حد كبير مع رؤيتهم للشرق الأوسط الذي يتطلعون إليه”.

تعددت مجالات وأوجه التعاون “الإماراتي – الصهيوني” في اليمن، وبرعاية ومباركة غير مسبوقة من البيت الأسود، أملاً في أن يقود ذلك في خاتمة المطاف الى إلحاق اليمن بقطار التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني، وتحويل بلاد السعيدة الى ماخور لهذا الكيان اللقيط.

وتحاول الإمارات من وراء التنسيق والتعاون العسكري والاستخباراتي مع الصهاينة في اليمن، كسب رضا أولياء نعمتها في البيت الأسود، من أجل غضهم الطرف على تحركاتها وتمدداتها في منطقة القرن الأفريقي واليمن، في العقد الأخير.

في الاتجاه المقابل يعمل الكيان الصهيوني على استغلال عاصفة الإثم من أجل إقامة منشآت استخباراتية وعسكرية في بحر العرب والجزر اليمنية تحديداً، وبصورة خاصة جزيرتي سقطرى وميون/ بريم، ومراقبة جانبي باب المندب وما وراءه.

ويتذرع الكيان الصهيوني لتمرير مخططاته في اليمن كالعادة بإيران التي لا وجود لها في اليمن، من ذلك استغلال “نتنياهو” الفرصة أثناء زيارة وزير الخزانة الأميركي “ستيف مانوشين” لفلسطين المحتلة في خريف العام 2020، لإبداء مخاوف كيانه مما أسماه التمدد الإيراني في المنطقة، و”وضع إيران أسلحتها في اليمن، بهدف الوصول إلى إسرائيل”.

سياسياً:

أفاد موقع “فورين لوبي” الأميركي المتخصص في الكشف عن جماعات النفوذ الأجنبية في الولايات المتحدة، في منتصف العام 2020، أن الإمارات فتحت مكتباً في نيويورك للمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن، لمساعدته على الضغط داخل الأمم المتحدة، لصالح قضيته من أجل الحكم الذاتي.

وأوضح الموقع أن المجلس الجنوبي استأجر مدير فرع للمكتب الجديد في 1 مارس 2020.

وكان المجلس يضغط على إدارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” والكونغرس عبر مكتب تمثيلي في واشنطن منذ العام 2018.

عسكرياً:

لعب الصهاينة بالتنسيق مع الإمارات دور غير مباشر في تشكيل وتنظيم الأحزمة الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي عند تأسيسها في العام 2016، واستأجرت الإمارات ضباط إسرائيليين متقاعدين من شركات أمنية أجنبية، لتدريب قيادات من الأحزمة الأمنية في أبوظبي، وتعاقدت مع ضباط إسرائيليين متقاعدين يعملون في شركات أمنية أجنبية، مثل شركة “سباير أوبريشن” الأميركية لتنفيذ عشرات الاغتيالات التي استهدفت مناوئين للإمارات والمجلس الانتقالي في محافظة عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية، ومن بين الضباط الصهاينة القائد السابق لبرنامج الاغتيالات في فرقة المرتزقة “أبراهام غولان”.

وقالت مجلة “شتيرن” الألمانية، في تحقيق لها عام 2018 ان تحالف عاصفة البغي والعدوان استخدم أنظمة تسليح ألمانية في اليمن، حصلوا عليها من شركة مملوكة للكيان الصهيوني، مقرُّها في حيفا، ومعلومٌ أن شركة “ديناميت نوبل ديفينس” الألمانية المصنعة لأنظمة التسليح، ومقرُّها مدينة “بورباخ”، من أبرز الشركات الألمانية التي تم استخدام أنظمتها في الحرب على اليمن، وهذه الشركة تنتمي منذ منتصف العام 2000 إلى شركة الأسلحة الإسرائيلية “رافائيل” لأنظمة الدفاع المتقدمة المحدودة، ومقرُّها مدينة حيفا، وتلعب إسرائيل دور الوسيط في تصدير أسلحة الشركة الألمانية إلى العالم العربي.

وأكدت استخدام الإمارات أسلحةً مُصنّعةً في “بورباخ” في الحرب ضد أنصار الله، وأن ذلك يصب في مصلحة الحكومة الإسرائيلية.

وكشف موقع الأخبار الفرنسي اليهودي “جي فوروم” وموقع “ميدل إيست مونيتور” في العام 2020 عن مخطط “إماراتي – صهيوني” لإنشاء قواعد تجسس مشتركة في جزيرة “سقطرى” اليمنية، لجمع معلومات عن حركة الملاحة البحرية في خليج عدن والقرن الأفريقي ومصر، ومراقبة تحركات إيران في المجال البحري وأنشطة أنصار الله في اليمن، ووصول ضباط من المخابرات الإسرائيلية والإماراتية الى جزيرة سقطرى.

وتحدثت تقارير محلية عن تعاون مشترك بين الكيان الصهيوني والإمارات لتدمير بيئة جزيرة سقطرى.

وفي 26 ديسمبر 2020 أعلنت صحيفة “هآرتس” العبرية خبراً عن بدء الإمارات والكيان الصهيوني في إنشاء قاعدة عسكرية على جزيرة سقطرى، بهدف تعزيز انتشار القوات الصهيونية في المنطقة، بالتزامن مع تأكيد المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني “هيداي زيلبرمان”، نشر غواصات في اليمن تحت مسمى “مواجهة تهديدات محتملة” وهجمات بطائرات بدون طيار “ذكية”، وهي ضمن منظومة تحركات بدأها الكيان الصهيوني بإرسال غواصة إلى مياه الخليج، وفقاً لهيئة البث الإسرائيلية.

وأكد الصحفي والمستشرق الإسرائيلي “إيهود يعاري” في يوليو 2020، متابعة “مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية بفضولٍ كبير معركة السيطرة على هذه الجوهرة الطبيعية”، في إشارة إلى “سقطرى”، وبعد شهرٍ واحدٍ فقط، أفادت عدة وسائل إعلامية أن فريقاً إسرائيلياً إماراتياً مشتركاً زار سقطرى، لاستكشاف مواقع مناسبة لمنشآت استخباراتية وقواعد عسكرية.

وحظي احتلال الإمارات لجزيرة سقطرى باهتمام كبير في الكيان الصهيوني، وبشهادة المستشرق العبري، “إيهود يعاري”، في تقرير نشرته القناة العبرية 12، في منتصف 2017: “إسرائيل سعيدة بهذه الجهود الإماراتية، لمنع الهيمنة الإيرانية على طريق الشحن البحري إلى إيلات، إن نظرةً إسرائيليةً سريعةً على الخريطة توضِّح أن سقطرى تهيمن على ممرات الشحن من وإلى البحر الأحمر، ولها أهمية استراتيجية هائلة تحظى بمراقبة كثيفة من أجهزة الأمن الإسرائيلية، إسرائيل على استعداد لتقديم المساعدة بالمعدات العسكرية في الحروب التي لا نهاية لها في اليمن، لأن إسرائيل لا تريد أن تقع سقطرى في أيدٍ معاديةٍ لها”.

تسارُع وتيرة التنسيقات الصهيونية الإماراتية في سقطرى، أخرج شيخها الأكبر “عيسى بن ياقوت” عن صمته، متهماً الإمارات في أوائل سبتمبر 2020، بالعمل على التغيير الديموغرافي في الجزيرة وتهميش القبائل، لتحقيق أهدافها مع جهات أجنبية.

الباحث اليمني الدكتور “عادل دشيلة”، في حديث مع موقع “الخليج أونلاين” بتاريخ 19 أغسطس 2020، لم يساوره الشك بنجاح الكيان الصهيوني في تثبيت أقدامه في القرن الأفريقي من خلال بناء قاعدة عسكرية في أرتيريا، وهو “ما يرغب في حدوثه بسقطرى اليمنية بواسطة الإمارات”.

و”الآن يبدو أنّ الإمارات تُرتبُ الوضع في سقطرى من أجل افتتاح قاعدة عسكرية إسرائيلية – إماراتية في الجزيرة، لمواجهة قوى إقليمية صاعدة، ولهذا يبدو أن إسرائيل تحاول إقناع أميركا بتمكين الانتقالي من السيطرة على الجنوب اليمني”.

وأعاد التذكير بما قاله القيادي في المجلس الانتقالي “هاني بن بريك”، خلال تصريحٍ له بأن مجلسه “لن يقف ضد أحد”، وهي إشارةٌ واضحةٌ بأن قادة المجلس “مستعدين حتى للاعتراف بالكيان الصهيوني، طالما سيساعدهم على إقامة دولتهم المزعومة”.

وبعد إعلان الامارات عن سحب قواتها من اليمن في نهاية العام 2019، بدأ الحديث عن احتمالية حلول الكيان الصهيوني محلها في تنفيذ الغارات الجوية التي يشنها تحالف العاصفة على اليمن، وبرز اسم الكيان الصهيوني باعتباره المُخلِّص والمنقذ السحري للتحالف العبري، بعد ست سنوات من الفشل العسكري الذريع في اليمن،

وذلك لسببين رئيسيين، هما بحسب الكاتب “رضا توتنجي”:

1 – أن سلاح الجو الإسرائيلي من أكثر أسلحة الجو تطوراً في المنطقة، وبإمكانه سد الثغرة التي تركها سلاح الجو الإماراتي، إلا أن الفارق الوحيد هو زيادة المصاريف على السعودية، فإسرائيل غير مستعدةٍ لدفع دولار واحد من أجل السعودية بل ستأخذ أجر تلك الطلعات الجوية مع مرابحها العسكرية.

2 – أن بإمكان إسرائيل تغيير موقف الكونغرس الأميركي بشأن الحرب على اليمن، كونها “الطفل المدلل” للولايات المتحدة، ولديها نفوذ بمراكز القرار في واشنطن، هذا بخصوص الأهداف والمصالح الإماراتية والسعودية، أما الهدف “الإسرائيلي” من هذه المشاركة فهو تعزيز كذبة “العدو الواحد” بين الدول العربية وإسرائيل، والمتمثل بالجمهورية الإسلامية في إيران، العدو اللدود لأميركا والكيان الصهيوني والأبناء غير الشرعيين للإنجليز في الخليج العربي كالسعودية والإمارات والبحرين.

ولم تكن صنعاء بعيدةً عما يجري من تشبيكات وتنسيقات ومخططات صهيونية إماراتية في اليمن، مؤكدةً على لسان وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني، اللواء “محمد ناصر العاطفي”، احتفاظها بـ “بنك من الأهداف العسكرية والبحرية للعدو الصهيوني”.

استعادة الدولة مقابل التطبيع:

المخططات القذرة للكيان الإماراتي في اليمن، ازالت عامل المفاجأة عن التماهي اللامحدود لدميتهم “المجلس الانتقالي الجنوبي”، مع مشاريع التطبيع، وإن تم اشتراط إعلان تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بإعادة إحياء دولة جنوب اليمن، والاعتراف الأميركي والصهيوني والخليجي بها، إلا أن التابع لا سيادة له، ولا قرار له، ولا استقلال له، بل عليه تنفيذ ما هو مطلوبٌ منه، بلا نقاش، وهذه هي الوظيفة الوحيدة لموالي ومرتزقة العدوان العبري، بتلاوينهم، ولا شيئ غير ذلك.

ولا نجانب الحقيقة إن قلنا أن الهدف الأهم من عاصفة العدوان، والتي تم التحضير لها قبل سنوات من انطلاقها، هو جر اليمن الى مستنقع التطبيع، وما تكشّف من حقائق في سنواته الست المنصرمة كافيةٌ لمعرفة مراميه، بدءاً بظهور وزير خارجية حكومة الفنادق الأسبق “خالد اليماني” في مؤتمر “وارسو” الدولي، المنعقد بتاريخ 14 فبراير 2019، إلى جانب “نتنياهو”، ومروراً بالتشبيكات الإماراتية الصهيونية اللامحدودة في اليمن منذ بداية العاصفة، وانتهاءاً بتصريحات المجلس الانتقالي الجنوبي المطالبة بالتطبيع المشروط باستعادة الدولة المزعومة.

ففي 15 أغسطس 2020، صدم نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقيادي السلفي “هاني بن بريك”، اليمنيين بالإعلان عن رغبته بزيارة الكيان الصهيوني: “إذا فُتحت زيارة الجنوبيين إلى تل أبيب، فسأزور اليهود الجنوبيين في بيوتهم، ..، اليهودُ جزءٌ من العالم وجزء من البشرية، ونحن مع السلام، ..، السلام مطمعٌ لنا ومطمحٌ لنا مع إسرائيل وغير إسرائيل، وأيُ دولةٍ حتى لو كانت في المريخ، ستُعِينُ الشعب الجنوبي بعودة دولته، فإننا سنمُدُ يدنا لها، ..، نحن لا نعادِ أي دولة في العالم ولا ديانة، إلا من يتعرّض للجنوب”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها عن طموح مجلسه للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ما دام ذلك يُحققُ لهم دولتهم المُتوهَمة، من ذلك تغريدته في أكتوبر 2018، تعليقاً على زيارة “نتنياهو” إلى سلطنة عُمان: “الالتقاء بالإسرائيليين، وعقد الصلح معهم، بما يخدم البشرية والسلام العالمي، ليس حراماً”.

ونشرت صحيفة “إسرائيل اليوم” القريبة من رئيس الوزراء الصهيوني “نتنياهو”، في 21 يونيو 2020، تقريراً بعنوان “صديق إسرائيل السري الجديد في اليمن”، ووصف رئيس تحريرها “أفييل شنايدر”، المجلس الانتقالي الجنوبي، بـ “الصديق السري الجديد لإسرائيل”، وتحدث عن “قيام دولة جديدة في جنوب اليمن، ستكون مدينة عدن عاصمتها”، وأشار إلى أن “قيادتها تُغازِلُ الدولة العبرية بمشاعر ودية وموقف إيجابي”، وكشف عن انتظام اجتماعات سرية بين الجانبين دون تقديم تفاصيل، وقال أن المجلس الانتقالي يُبدي موقفاً إيجابياً تجاه إسرائيل.

وأشاد بتغريدة نائب رئيس المجلس الانتقالي، “هاني بن بريك”: “العرب والإسرائيليين متفقون على حل الدولتين، والدول العربية تطبّع العلاقات مع إسرائيل”، وأضاف: “الكثير من الإسرائيليين تفاعلوا بشكلٍ إيجابي مع تلك المواقف، وأرسلوا التهاني للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن”.

وقال نقلاً عمن وصفه بـ”صديقٍ” يعمل في مطار “بن غوريون”، أن يمنيين ليسوا يهوداً زاروا كيانه في يناير 2020، وهذا أمرٌ غير معتاد بما أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين اليمن واسرائيل، و”علامة على أن مواقف الدول العربية في الشرق الأوسط تجاه إسرائيل تتغير إلى الأفضل”، بحسب زعمه.

وتعليقاً على ذلك، قال مدير مكتب العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي “الخضر السليماني”، في لقاء مع قناة “الجزيرة”: المجلس جزءٌ لا يتجزأ من المنظومة العربية، وهو على استعداد “لإقامة علاقة مع إسرائيل إذا لم يتعارض ذلك مع مصالحه الوطنية”، ولا ندرِ عن أي مصالح وطنية يتحدث.

وكشفت صحيفة المنار المقدسية في 23 يونيو 2020 نقلاً عن مصادر وصفتها بـ”المطلعة”، أن وزير خارجية الامارات “عبدالله بن زايد” ومدير الأمن الاماراتي “طحنون بن زايد” اصطحبا رئيس المجلس الانتقالي “عيدروس الزبيدي” إلى لقاءٍ مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين في العاصمة القبرصية، وتحدثت عن ترتيبات واتصالات حثيثة بين أبوظبي وتل أبيب والمجلس الانتقالي لإقامة قاعدة عسكرية اسرائيلية في جنوب اليمن.

موقع “إنتليجنس أونلاين” في تقرير له، بتاريخ 22 يوليو 2020، هو الأخر أكد وجود محادثات سرية بين المجلس الانتقالي الجنوبي والكيان الصهيوني، أبدى فيها المجلس استعداده لإقامة علاقات مع إسرائيل، وذلك لتحقيق أهداف اقتصادية وأمنية.

رئيس المجلس الانتقالي “عيدروس الزبيدي”، في مقابلة مع قناة روسيا اليوم بتاريخ 2 فبراير 2021 أعاد تأكيد تصريحات “بن بريك”: “باركنا تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل، وسنقوم بالتطبيع معها عند استعادة دولتنا، والاعتراف بها دولة مستقلّة، وعندما تكون عدن عاصمة للجنوبيين”.

وفي سياق التبريرات التسويقية للتطبيع، يقول رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي “أحمد عمر بن فريد” في تغريدة بتاريخ ٤ فبراير 2021، وبلا خجل: “في مطلع الثمانينات، وبعد أحداث بيروت، فتحت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أبوابها على مصراعيها للفلسطينيين، دون مِنّةٍ وكواجب أخوي، وبعد نكبة 1994 للجنوب لم نسمع أي مسؤول فلسطيني أدان ما حدث، ولم نسمع حتى يومنا هذا موقفاً يعبر ولو تلميحاً عن حق شعب الجنوب حتى في تقرير مصيره”.

وهو نفس تبرير “كوسوفا” للارتماء في أحضان الصهاينة، وتوقيع معاهدة سلام معهم، فأيُ إفلاسٍ، وأي سُقوطٍ، وأي عُهرٍ هذا؟.

وما يهمنا هنا هو التأكيد على ان تماهي مرتزقة وموالي العدوان السعودي الإماراتي مع مشاريع التطبيع الصهيونية، لا تُمَثِلُ اليمن وأبنائه الأماجد، وأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية كانوا ولا زالوا في مقدمة اليمنيين الرافضين واللافظين للكيان الصهيوني اللقيط منذ زرع غدته السرطانية في قلب الأمة العربية، ويكفيهم فخراً احتضان نظام عدن بعد التحرر من الاستعمار البريطاني لبعض فصائل الكفاح المسلح الفلسطينية، والسماح لهم بتنفيذ بعض عملياتهم العسكرية ضد الكيان الغاصب انطلاقاً من عدن.

ولا عجب أن تُلاقي تصريحات المجلس الانتقالي، موجة غضب عارمة في صفوف أحرار جنوب اليمن، حيث اعتبر محافظ محافظة لحج، المعين من قبل المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، “أحمد جريب”، في حديثٍ لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ” التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني، بتاريخ 4 فبراير 2021: “الأصوات النشاز المتواطئة مع موجة التطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل أدوات صنعها المحتل الإماراتي، لا تُمَثِلُ أبناء المحافظات الجنوبية، وإنما تعبر عن مدى السقوط الأخلاقي والقيمي لتلك الأدوات، التي لا تمثل إلا نفسها”، مؤكداً: “تمسك أبناء المحافظات الجنوبية بالقضية الفلسطينية، ووقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الصهيونية”.

و”أسقطت – تلك التصريحات – أخر أقنعة الانتقالي الذي تحركه أبو ظبي”، بحسب محافظ شبوة “أحمد الحسن الأمير”، مؤكداً بأن “ما يسمى المجلس الانتقالي مجرد دمية فاقدة للقرار السياسي، ولا يمثل أبناء المحافظات الجنوبية الأحرار الرافضين للوصاية والارتماء في أحضان الكيان الإسرائيلي”.

المراجع:

1 – رضا توتنجي، هل ستدخل إسرائيل بدلاً عن الإمارات في الحرب على اليمن؟، موقع أثر برس، 29 أغسطس 2019

2 – زيد المحبشي، الإمارات: الأخت الكبرى لإسرائيل، مركز البحوث والمعلومات، 24 أغسطس 2020

3 – عمّار الأشول، إسرائيل والمجلس الانتقالي في جنوب اليمن: واقع العلاقة وآفاقها، معهد كارنيجي للدراسات، 10 مارس 2021

4 – يوسف حمود، الإمارات تفتح الباب لـ”إسرائيل”.. التطبيع يتجه لليمن عبر “الانتقالي”، الخليج أونلاين، 19 أغسطس 2020

5 – الجزيرة نت، صحيفة إسرائيلية تكشف عن اتصالات مع “الأصدقاء السريين” الجدد في اليمن، 21 يونيو 2020

6 – الحوثيون يعلقون على تلميح “الانتقالي الجنوبي” بالتطبيع مع إسرائيل، i24news، ٤ فبراير ٢٠٢١

7 – العربي الجديد، “إسرائيل توداي”: الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً “الصديق السري الجديد” لإسرائيل في اليمن، 21 يونيو 2020

8 – المهرة بوست، كيف سهَّلت الإمارات تسلُّل إسرائيل إلى اليمن عبر بوابة “الانتقالي الجنوبي”؟، 23 يونيو 2020

9 – الموقع بوست، ما تداعيات تطبيع الإمارات مع إسرائيل على الملف اليمني؟، 18 أغسطس 2020

10 – تي أر تي عربي التركية، أملاً بدولة في الجنوب .. المجلس الانتقالي باليمن يتطلع للتطبيع مع إسرائيل، 4 فبراير 2021

11 – صحيفة المنار المقدسية، بدعم اماراتي .. قاعدة عسكرية اسرائيلية في جنوب اليمن، 23 يونيو 2020

12 – معهد الشرق الأوسط، تقرير غربي يكشف عن مخاطر جسيمة تنتظر اليمن بعد التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، 18 سبتمبر 2020

13 – موقع رصيف22، أصدقاء سريون جدد في اليمن .. ما يُحكى عن علاقات إسرائيل بـ”الانتقالي”، 23 يونيو 2020

14 – موقع الخبر اليمني، إسرائيل تقترب خطوة جديدة من التطبيع مع حكومة هادي، 26 ديسمبر 2020