سقطرى اليمنية.. كيف سيطرت الإمارات على الجزيرة الاستراتيجية؟
تتمتع جزيرة سقطرى اليمنية بثروات طبيعية ومحميات متفردة بالعالم، وموقع استراتيجي هام لتدفق نفط دول الخليج إلى خارج المنطقة، وخطوط الملاحة الدولية، كل ذلك حرك مطامع الإمارات والسعودية فيها، والسيطرة عليها، منذ بدء حرب التحالف على اليمن عام 2015.
نجاح حمود*
جزيرة سقطرى اليمنية والتي تقع شمال المحيط الهندي، جنوب بحر العرب، هي عبارة عن أرخبيل من 6 جزر يشكل ممراً للتجارة العالمية من الصين والهند ودول الخليج إلى الشرق الأوسط وأفريقيا.
تبلغ مساحة الأرخبيل ثلاثة آلاف و700 كيلو متر مربع، عاصمته مدينة حديبو، ويبلغ سكانه 100 ألف نسمة.
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) سقطرى عام 2008، ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، لما تتمتع به من تفرد عالمي، حيث تزخر بنسبة عالية من النباتات والحيوانات والطيور النادرة، وسُجل في الجزيرة حوالى 850 نوعاً من النباتات، منها 270 نوعاً لا توجد في أي مكان آخر من العالم، وفق المركز الوطني اليمني للمعلومات اليمني.
يوجد في الجزيرة 190 نوعاً من الطيور، وتحتوي على أحياء مائية عديدة كالسلاحف والشعب المرجانية واللؤلؤ، كما تتمتع بثروة نفطية لم تستغل بعد.
وتشتهر الجزيرة بتواجد الشجرة الفريدة المسماة “دم الأخوين”، والتي لا يوجد في العالم نظير لها، ما جعل السلطات تضع صورة الشجرة على فئة من العملة النقدية المحلية في البلاد.
كانت جزيرة سقطرى حتى نهاية عام 2013 تتبع حضرموت شرق البلاد، قبل أن يصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قراراً بتحويل الجزر إلى “محافظة سقطرى”، ويطلق عليها اسم “جزيرة سقطرى”.
في آب/أغسطس 2020، اتهم مستشار وزير الإعلام اليمني، مختار الرحبي، الإمارات بنهب أشجار وأحجار كريمة وطيور نادرة من سقطرى.
مسؤول في سقطرى: الإمارات تفرغ الجزيرة من سكانها الأصليين
نظراً للثروات والموارد الطبيعية التي تتمتع بها الجزيرة، إلى جانب موقعها الاستراتيجي تبرز أطماع الإمارات فيها، منذ بدء حرب التحالف السعودي على اليمن في آذار/مارس 2015.
وفي هذا الإطار، تحدث رئيس الحراك الثوري الجنوبي في جزيرة سقطرى “إبن حديبو”، للميادين نت، وقال إن الإمارات عملت على نقل بعض أبناء سقطرى إلى دبي وأبو ظبي عن طريق استغلال حاجاتهم المعيشية، بهدف التغيير الديموغرافي في الجزيرة وتفريغها من سكانها الأصليين، مقابل مبالغ زهيدة جداً.
وأشار “ابن حديبو” (اسم مستعار – رفض الكشف عن اسمه بسبب مخاوف على حياته) إلى أنه وعلى الرغم من أن هناك من أبناء سقطرى من يتواجد حالياً في الإمارات وبعضهم لديه جنسية إماراتية أو إقامة، إلا أنهم من دون عمل منذ سنوات.
سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على الجزيرة
وعن القوة العسكرية التي تسيطر حالياً على الجزيرة أوضح “ابن حديبو” أن “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وهو مليشيا مدعومة من الإمارات تسيطر على الجزيرة حالياً، منذ سيطرة القوات الإماراتية على الجزيرة في 20 حزيران/يونيو 2020، حيث تخطط القوات الإماراتية لبناء قاعدة عسكرية لها هناك.
أما بالنسبة للوجود السعودي على أرض الجزيرة، أكد أن للسعودية قوة عسكرية، ولواء عسكري كبير مع عتاده بالكامل، ويتمركز في ميناء مدينة حديبو وفي المطار، وفي مكان آخر تمّ استئجاره كمعسكر لهم. وأيضاً لديهم ميليشيات تابعة لهم، لكن القرار الأول والأخير، هو للميليشيات التابعة للإمارات.
ولفت إلى أن الوضع في الجزيرة مؤلم جداً حالياً بعد غياب السلطة الأصلية فيها، وهي تعيش في الفوضى من كافة النواحي، وتفتقد إلى الأمن بعد سيطرة ميليشات “قوات الانتقالي” عليها وحصارها لأسابيع، فيما شكت القوات الحكومية حين بدء المواجهات التي حصلت قبل السيطرة عليها من نقص كبير في العتاد العسكري لمواجهة القوات التي جلبها المجلس الانتقالي، من محافظات أخرى جنوبي اليمن.
وأوضح أن أهالي الجزيرة يعانون حالياً من الغلاء، ومن تضاعف الأسعار، وغلاء تذاكر السفر التي وصلت إلى أسعار خيالية، وتسعّر بالدولار، في حين أن المواطن السقطري لا يمتلك الدولار أصلاً.
موقع سقطرى الاستراتيجي
تكتسب جزيرة سقطرى أهمية حيوية كبيرة، كونها تقع في دائرة السيطرة على البحر الأحمر وخليج عدن، وخطوط تدفق نفط دول الخليج إلى خارج المنطقة، وخطوط الملاحة الدولية عموماً، حيث مكّن موقعها الاستراتيجي السفن من الرسو فيها، مع ما توفّره طبيعة سواحلها المتعرجة من حماية للسفن من الرياح العاتية.
تعمل الإمارات والسعودية على استغلال الجزيرة عسكرياً عن طريق بناء قاعدة عسكرية متقدمة فيها، “للدفاع الاستراتيجي عن اليمن”، كما تزعم، ودول الخليج، والقرن الأفريقي. كما أن بناء القاعدة العسكرية فيها يلبِّي طموحاً عسكرياً لمن أنشأها، وخصوصاً بتسهيل التدخل العسكري في دول المنطقة، لا سيما المضطربة منها.
أهمية سقطرى العسكرية للإمارات
تطمح الإمارات إلى السيطرة على جزيرة سقطرى، ضمن سباق بسط النفوذ على الموانئ والمياه والمواقع الاستراتيجية اليمنية، أكد “إبن حديبو”، وهي بصدد ذلك تعمل على بناء قاعدة عسكرية لها فيها، وأقامت معسكرين الأول شرقي الجزيرة، والآخر غربها، وهما قيد التأسيس حالياً.
وأشار إلى أن هدف الإمارات من إقامة المعسكرات داخل الجزيرة هو بهدف عسكرة أبنائها، وهي تقدم لهم رواتب جيدة، وبذلك يصبح لها قواتها على الأرض من أبناء سقطرى نفسها، ويعملون تحت إشراف مسؤولين من الإمارات.
وأشار إلى أنه ومنذ بدء الحرب في اليمن قبل أكثر من 6 أعوام، حرصت الإمارات على بسط نفوذها هناك. وأرسلت عام 2018، قواتاً تابعة لها إلى الجزيرة، من دون تنسيق مع الحكومة اليمنية، فاعترضت الأخيرة بشدة، ورحل رئيس الوزراء حينها، أحمد عبيد بن دغر، مع وزراء ومسؤولين إلى الجزيرة، رافضين مغادرتها قبل رحيل القوات الإماراتية، وتدخلت السعودية بزعم الوساطة بين الإمارات والحكومة، بعد توتر كبير في العلاقات.
وفي أيار/مايو 2018، انتهت الأزمة بين الطرفين بوساطة سعودية تمّ بموجبها إخراج القوات الإماراتية من الجزيرة، ودخول قوات سعودية إليها بتنسيق مع الحكومة، وهي لاتزال موجودة، ولكن لا يُعرف عددها بشكل دقيق.
وأوضح “إبن حديبو” أن الجزيرة كانت قبل السيطرة عليها من قبل الأعداء والمرتزقة تتمتع بالأمن والسلام، ولكن بعد دخول ميليشيا “الانتقالي” وسيطرتها عليها بعد مواجهات مع القوات الحكومية، أصبحت الجزيرة تفتقد إلى الأمن والأمان.
وكشف “إبن حديبو” أنه وبعد سيطرة “المجلس الانتقالي” على سقطرى بالكامل، فرض قيادات تابعة له في معظم المؤسسات الحكومية في الأرخبيل، وقام بتعيين رئيس المجلس في المحافظة، رأفت الثقلي، كحاكم فعلي لها، أي بمثابة المحافظ.
في المقابل، تواصل الحكومة اليمنية مطالباتها بإنهاء سيطرة “الانتقالي” على سقطرى، قائلة إنه نفذ انقلاباً مكتمل الأركان على السلطات الشرعية في المحافظة.
مؤسسة “خليفة”.. سيطرة بحجة الأعمال الإنسانية
وأوضح “ابن حديبو” أنه لا يوجد قوة عسكرية إماراتية بشكل فعلي على أرض سقطرى، وإنما هناك تواجد لـ”مؤسسة خليفة” فقط، بحجّة “الأعمال الإنسانية”، التي لا يشعر بها أهل الجزيرة، إنما فقط من خلال افتتاح مستشفى خليفة.
وبزعم مساعدة الجزيرة، أشار “إبن حديبو” إلى أن القوات الإماراتية قدمت أخيراً دفعة من سيارات الشرطة العسكرية للجزيرة، وهي عبارة عن 4 باصات و4 سيارات دفع رباعي.
وكشف رئيس الحراك الثوري في الجزيرة أن الإماراتيين يدخلون إلى الجزيرة بحجّة تقديم المساعدات، وأنهم جلبوا قبل يومين اسطوانة غاز منزلية كبيرة لبيع مئة اسطوانة للسكان، فعملوا على جمع أكثر من 500 شخص في طابور لتوزع عليهم 100 أسطوانة بسعر 8 آلاف ريال يمني، ثم عمدوا إلى تصويرهم، وطلبوا منهم ترداد شعار “شكراً لإمارات الخير”، والناس حقيقة هي التي تدفع ثمن الإسطوانة من مالها الخاص، وليس مجاناً.
* المصدر : الميادين نت
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع