السياسية:

تعوَّد العالم على اعتبار الصين مقلداً للمنتجات الغربية، ولكن قبل انتشار لعب الأطفال والأجهزة الإلكترونية الصينية المقلدة بعقود بدأت ظاهرة التقليد الصيني للأسلحة الروسية، التي يمكن اعتبارها بداية لاستراتيجية التقليد التي تميز الصناعة الصينية برمتها.

فمنذ توطيد حكم الحزب الشيوعي على البر الرئيسي للصين في عام 1949، كان قطاع الطيران العسكري الصيني يدين بدين هائل للدب الروسي، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.

وما زال التقليد الصيني للأسلحة الروسية مصدراً رئيسياً لتوفيره المعدات للجيش الصيني الذي تتنامى قوته العسكرية.

واليوم يثار تساؤل، هل تفوقت الأسلحة الصينية على الأصل الروسي الذي نقلت منه أم ما زالت الصين متأخرة عن الأستاذ الذي علمها صناعة الأسلحة قبل نحو 70 عاماً؟

التقليد سنة الحضارات، ولكن لماذا طال بقاء الصين في هذه المرحلة؟

رغم سمعة الصين السلبية في مسألة تقليد الأسلحة الروسية والغربية، فالواقع أن التقليد الصناعي والتقني ظاهرة طبيعية في التقدم البشري، وفي الأغلب أن كل حضارة ناشئة تقلد ما قبلها، من حضارات أعرق، ثم تبدأ في تطوير ما اقتبسته.

فحضارة الفرس قلدت بلاد الرافدين، وحضارة اليونان أخذت من مصر وبلاد الشام، والحضارة الإسلامية أخذت من الفرس والهنود والإغريق والبيزنطين، ثم سرعان بدأت الأمم الأوروبية في تقليدها لا سيما الإيطاليين والإسبان والبرتغاليين.

وفي العصر الحديث، فإن جزءاً كبيراً من الأسلحة السوفييتية والغربية، ما هو إلا تقليد وتطوير لأسلحة ألمانيا النازية، وحتى ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية أخذت من أفكار بريطانية وفرنسية.

والنمور الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وتايوان بدأت نهضاتها بتقليد المنتجات الغربية.

ولكن الصين قد تكون طالت في مرحلة التقليد، نتيجة تعسر تقدمها (بسبب عزلتها، إضافة إلى التأثيرات السلبية لمرحلة الثورة الثقافية)، ولأنها بدأت من مستوى أقل من كل النماذج السابقة، إضافة إلى ضخامة إنتاجها في المجالات العسكرية والاقتصادية.

واليوم مع إنتاج الصين لمروحة واسعة من المنتجات ذات الأصول الروسية، يرى بعض الخبراء أنها حققت بعض التقدم على روسيا معلمتها الكبرى.

“فربما يكون التلميذ الصيني قد تجاوز أستاذه الروسي، وذلك وفقاً لدراسة نشرها معهد Royal United Service Institute البريطاني، (أقدم مؤسسة فكرية عسكرية في العالم).

وإذا كان الطيران هو أحد أهم المجالات التي بذلت فيها الصين جهداً لتقليد المنتجات الروسية (والغربية إن استطاعت) فإنه أيضاً المجال الذي يعتقد أن الصينيين حققوا فيها بعض التقدم على معلميهم الروس.

بداية التقليد الصيني للأسلحة الروسية

البلدان على علاقتهما الوثيقة لديهما تنافس أقدم بكثير من تنافسهما مع الولايات المتحدة، إذ توسعت روسيا في الشرق الأقصى على حساب الصين، كما تواجَه البلدان عسكرياً خلال ستينيات القرن الماضي، رغم أن كليهما كان شيوعياً.

التعاون الوثيق بين البلدين بدأ خلال فترة مواجهة التوسع الياباني في آسيا في ثلاثينات القرن العشرين، حيث كان الاتحاد السوفييتي خلال هذه الفترة أبرز حليف للقوى الصينية التي تتصدى للغزو الياباني، وواصلت موسكو دعم بكين بعد تحول الأخيرة للشيوعية في نهاية أربعينيات القرن العشرين وهو التحول الذي حدث بفضل الدعم السوفييتي للحزب الشيوعي إلى حد كبير.

وكان أكثر مجالات التعاون بينهما في فترة الصداقة الشيوعية هو مجال التقنية العسكرية حيث نقلت موسكو بعض أهم تقنياتها مثل تكنولوجيا الطائرات ميغ 19 وميغ 21 وغيرها التي ظلت تنتجها الصين لفترة قريبة، إلى أن توترت العلاقات بينهما خلال الستينيات، وتحول التوتر إلى صراع حدودي تفوَّق فيه الروس (الاتحاد السوفييتي)، وكاد يتحول هذا الصراع إلى حرب كبرى.

ومن أهم الطائرات السوفييتية التي قلدتها الصين هي الطائرة الشهيرة ميغ 21 (أكثر مقاتلة تحلق أسرع من الصوت تم إنتاجها).

فعندما قدم الاتحاد السوفييتي للصين في الستينيات، الميغ 21 لتجميعها لديها، لم يقدم كل الوثائق الخاصة بالطائرة، وعندما توترت العلاقات بين البلدين، وتوقفت موسكو عن مساندة بكين في إنتاج الطائرة، لجأت بكين للهندسة العكسية المكثفة، وبالفعل صنعت نسخة من الطائرة سميت “جي 7” (Chengdu J-7) التي استمرت الطائرة الصينية الرئيسية لعقود، وصدرت للعديد من البلدان.

 وبسبب القطيعة بين البلدين توقفت الصين عن تحقيق تقدم بارز في التكنولوجيا العسكرية خاصة بسبب المشكلات التي حدثت خلال فترة الثورة الثقافية، إضافة إلى صعوبة حصولها حتى على منتجات روسية أو غربية لتقليدها (باعت القاهرة لبكين طائرات ميغ 23 بعد تدهور علاقتها بالاتحاد السوفييتي في نهاية السبعينيات واستخدمتها الصين في بعض مشروعاتها).

تقليد سوخوي 27 العظيمة

وأدى تصالح بكين مع موسكو مجدداً في التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى واحد من أهم مشروعات الطيران في تاريخ الصين وهو التقليد الصيني لطائرات عائلة سوخوي 27 ومشتقاتها المعروفة في الناتو باسم Flanker، وهي طائرة أثارت حتى الإعجاب في الغرب بفضل قدراتها الفائقة على المناورة، ومداها الطويل نسبياً. 

ففي هذه الفترة باعت روسيا أسلحة حديثة للصين من بينها سوخوي 27، على الرغم من مخاوفها من أن بكين سوف تكون قادرة على “نسخ” الأسلحة المتلقاة ومن ثم تحسينها.

لكن الحاجة إلى المال كانت أكبر بكثير من القلق بشأن مثل هذه الأشياء، إذ اعتادت الصين شراء أنظمة الأسلحة الروسية وهندستها العكسية، مما وفر لها قاعدة صحية لبدء بناء جيشها.

وقامت الصين بالتعاقد على تجميع طائرات سوخوي 27 الشهيرة (الطائرة الأولى في عائلة Flanker) ولكنها قامت بعد ذلك بمحاكاتها دون ترخيص من موسكو، وأنتجت نسخاً مماثلة لها إلى حد كبير بدأت بالطائرة J 11.

ثم واصلوا شراء وتقليد النسخ الأحدث رغم أنف الروس

ورغم غضب الروس، واصل الصينيون تطوير هذه الطائرات التي أصبحت تدريجياً عماد قواتهم الجوية، ولم يكتفوا بتقليد وتطوير السوخوي 27 بل اشتروا طائرات سوخوي 30 من روسيا ثم قاموا بتقليدها لينتجوا نسخة أكثر تقدماً من هذه الطائرات تدعى J 16.

وسعت الصين لشراء طائرات Su-33 من روسيا في عدة مناسبات (وهي النسخة التي تطلق من حاملات الطائرات من عائلة Flanker، ولكن انهارت المفاوضات في عام 2006 بعد اكتشاف الروس أن الصين قد طورت نسخة معدلة من سوخوي 27 البحرية (في انتهاك لاتفاقيات الملكية الفكرية).

كما يعتقد أن سبب انسحاب الصين من المحادثات هو أن روسيا أرادت بيع كميات كبيرة للصين لإعادة فتح خطوط إنتاج Su-33، حيث كانت مصرة على شراء بكين لما لا يقل عن 50 طائرة وهو ما كانت الصين مترددة تجاهه خاصة أنها اعتقدت أن الطائرة ستصبح قديمة خلال بضعة سنوات.

ثم طورت الصين نسخة من سوخوي 33 من دراسة نموذج أولي لسوخوي 33 البحرية السوفييتية كان لم يتم الانتهاء منه، وتم الحصول عليه من أوكرانيا وأنتجت بكين طائرة مستنسخة من هذا النموذج الأولي تنطلق من حاملات الطائرات تدعى J-15.

وبعد ذلك كانت روسيا مترددة في بيع طائرات سوخوي 35 أيقونة الطائرات المشتقة من السوخوي 27، خوفاً من تقليدها من قبل بكين، وأصرت موسكو على إبرام صفقة بأعداد كبيرة من السوخوي 35، (48) طائرة مع طلب ضمانات لعدم تقليدها وسط حديث عن اهتمام صيني بمحركها ورادارها (لتقليدها بطبيعة الحال).

وفي النهاية رضخت روسيا للصين وأبرمت صفقة صغيرة من الطائرات سوخوي 35 (25 طائرة).

يلاحظ أن الصين لم تتردد في تقليد الطائرات الروسية رغم احتجاجات موسكو، كما أنه كل صفقة تكون أصغر من حيث عدد الوحدات المشتراة من التي قبلها.

النتيجة ظهرت الطائرات J 11 الصينية التي جاءت كنسخة من سوخوي 27 الروسية، كما أن هناك نسخاً من J 11 أكثر تطوراً من الأصل الروسي، خاصة في الرادار والأسلحة والإلكترونيات والمواد المركبة المستخدمة في هيكل الطائرة، إضافة إلى استخدام محركات صينية.الطائرة J 15 هي نسخة من الطائرة سوخوي 33 (النسخة المخصصة للانطلاق من حاملات الطائرات في هذه العائلة)، وبينما سوخوي 33 لم يعد لها مستقبل في البحرية الروسية التي لا تمتلك سوى حاملة طائرات واحدة غير فعالة وصغيرة بحيث لا تسع عدداً مناسباً من الطائرة الروسية سوخوي 33، في المقابل فإن الصين لديها خطط لعدد كبير من حاملات الطائرات، المؤهلة لاستقبال طائرتها المستنسخة J 15.المقاتلة الهجومية J 16 هي نسخة تقليد من الطائرة الروسية الشهيرة سوخوي 30 إم كيه كيه.هل التقليد الصيني للطائرات السوخوي أقل من الأصل الروسي أم أفضل؟

من الصعب معرفة قدرات هذه الطائرات الصينية من عائلة Flanker لأنها لم تصدر ولم تختبر مع أي دول سوى روسيا وباكستان في بعض المناورات.

ولكن هناك عدة ملاحظات تؤشر لقدراتها، منها أن القوات الجوية الصينية أوقفت شراء نسخ السوخوي من عائلة Flanker المختلفة من روسيا واكتفت في آخر صفقة بعدد محدود، من الطائرات سوخوي 35، رغم امتلاك الهند لنسخ سوخوي 30 المتقدمة، وهذا يعني في الأغلب رضاها عن الطائرات الصينية، مع ملاحظة أن إمكانيات بكين المالية تسمح باستمرار الشراء من الروس إذا كانت هناك مشكلة في الطائرات الصينية.

الأمر الثاني أن الصين تقلد هذه الطائرات منذ تسعينيات القرن العشرين وبأعداد كبيرة، وبالتالي فهي قادرة على معالجة عيوبها المحتملة، مع تراكم الخبرات.

الملاحظة الثالثة أن الصين قد صنعت نسخاً أكثر تطوراً من الأصول الروسية من هذه الطائرات، أصبحت تحمل أسلحة صينية دمجت فيها أجهزتها الإلكترونية الخاصة.

المشكلة أن الطائرات الروسية الأصل تحمل ميزة قد تكون في صالح الصين.

فميزة عائلة السوخوي 27 إلى 35 الأساسية في تصميمها الأيروديناميكي المتطور الذي يوفر لها قدرات هائلة على المناورة، مع حجم كبير يوفر لها مساحة كبيرة للرادار والأسلحة والوقود.

وهذه الميزة تشترك فيها كل طائرات العائلة، وهي الميزة الأساسية التي تستنسخها الصين، وحتى لو بمستوى أقل من الأصل الروسي، ولكن في الوقت ذاته الصين أصبح لديها ميزات أخرى أعلى من الروس يمكن إضافتها لطائراتها، وهي الرادارات من نوع “أيسا” التي أخفق الروس في إدخالها في معظم طائراتهم وهي أكثر دقة وسرعة من رادارات “البيسا” التي تستخدم في نسخ السوخوي الروسية.

ويعتقد أنه بينما أنه بعد تقليدها لطائرات السوخوي المميزة فإن الصين طورت أجهزة استشعار وأسلحة أكثر تفوقاً على روسيا.

ففي مجال الإلكترونيات بما فيها الرادارات، فإن الصين بدأت تتفوق على روسيا جراء استفادتها من التقدم الكبير لشركاتها المدنية في مجال الاتصالات، مع ضخامة إمكانياتها.

وفي مجال المحركات ما زالت الصين متأخرة عن روسيا فيما يتعلق بموثوقية عمل المحركات ولكن استطاعت محاكاة قوة المحركات الروسية، وبدأت المحركات الصينية رغم مشاكلها تدخل الخدمة في الطائرات الصينية بدلاً من المحركات الروسية.

وهناك نقطة يحتمل أن تكون الصين قد تفوقت على روسيا فيها أيضأً وهي مجال المواد المركبة التي تقلل وزن الطائرات وتؤدي إلى تقليل بصمتها الرادارية.

وفي مجال الصواريخ جو جو يستثمر الصينيون بكثافة، وهذا لا يعني تأخر الروس عنهم كثيراً، ولكن قد تكون هناك ميزة نسبية ضئيلة للصين في مجال صواريخ القتال الجوي.

أسباب تفوق الصينيين على معلميهم الروس

وتشمل العوامل التي أدت لهذا التفوق الجزئي للصين المشار إليه على الأسلحة الروسية التي قلدتها في التالي، حسب مجلة Forbes:

– تجاوز الإنفاق العسكري السنوي لبكين مرتين أو ثلاث مرات أكثر من موسكو (أنفقت روسيا 70 مليار دولار على الدفاع في عام 2020، والصين 190 مليار دولار).

–  قابلية الاستفادة الصناعة العسكرية الصينية من صناعة الإلكترونيات المدنية المتطورة جيداً في الصين لتصنيع إلكترونيات الطيران المتقدمة، مما ينتج عنه أجهزة كمبيوتر وأجهزة استشعار وروابط بيانات على النمط الغربي.

– استعداد الشركات الصينية لنسخ التقنيات من جميع أنحاء العالم من خلال الهندسة العكسية أو التجسس الصناعي (خاصة القرصنة، بينما الروس مشغولون بإفساد الانتخابات في الدول الغربية).

– أدت العقوبات الغربية على روسيا إلى الحد من وصول موسكو إلى المكونات الضرورية لأجهزة الاستشعار عالية الأداء.

ولكن ما زالت نقطة تفوق الروس الأساسية في تصميم الطائرات نفسها، وهو ما يظهر في السوخوي من 27 إلى سوخوي 35، إذ يعتقد أن هذه الطائرات هي من الأفضل من حيث القدرة على المناورة بين طائرات الجيل الرابع والجيل الرابع والنصف.

وبالنسبة للنسخ الصينية من الطائرات التي قلدت سوخوي 27/30 فإنه حتى لو تفوق الأصل الروسي في المناورة فإن الفارق بين النموذجين الصيني والروسي لن يكون كبيراً في هذا المجال، لأن النسخ الصينية ليست أقل في الأغلب كثيراً عن النسخ الروسية.

في المقابل فإن النسخ الصينية تتقدم بشوط لافت في مجالات الرادارات والإلكترونيات.

كما أخذت الصين زمام المبادرة في دمج المواد المركبة في مقاتلات J-11B و J-11D ، وJ-16 ، المشتقة من طائرات عائلة Flanker الروسية.

والنتيجة النهائية أن الطائرات الصينية تشتمل على أنظمة إضافية مقارنة بالأصل الروسي، ومع ذلك لا تزال تحقق نسبة قوة دفع فائقة.

نقاط تفوق الروس

هذا لا يعني أن القوات الجوية الصينية تتفوق على نظيرتها الروسية بشكل مطلق، إذ يمتلك الروس بعض المزايا، حسب تقرير معهد Royal United Service Institute البريطاني

فالطيران العسكري الروسي يتمتع بخبرة قتالية أكبر بكثير من نظيره الصيني، وبدأ الطيران الحربي الصيني في العقد الماضي فقط في تنفيذ تدريب قتالي مشترك أكثر واقعية مع الفروع الأخرى للجيش الصيني (مناورات الأسلحة المشتركة).

 ولا تزال القوات الجوية الروسية تشغل أيضاً بعض أنواع الطائرات المتخصصة دون نظائر صينية حقيقية، مثل MiG-31 الاعتراضية فائقة السرعة والقاذفات الأسرع من الصوت Tu-160 وTu-22M والطائرة الهجومية الأرضية Su-25.

كما حققت روسيا أيضاً نجاحاً أكبر بكثير في تصدير مقاتلات الجيل الرابع مقارنة بالصين. (حظيت بكين بنجاح أفضل في بيع طائرات التدريب والطائرات بدون طيار القادرة على القتال). لكن جوستن برونك كاتب دراسة معهد Royal United Service Institute يتوقع أن يتغير هذا الوضع.

إذ يقول برونك: “نظراً لأن تفوق أنظمة الأسلحة الصينية وقدرات تصنيع هياكل الطائرات على نظيراتها الروسية أصبح واضحاً بشكل متزايد، فإن الدول التي لديها تحالفات سياسية أو ميزانيات تمنع الاعتماد على الطائرات الغربية سوف تتطلع بشكل متزايد إلى بكين بدلاً من موسكو للحصول على الطائرات الحربية”.

السوخوي 35 الجبارة ماذا ستفعل أمام النسخة الصينية؟

تتميز أحدث طائرات Su-35S الروسية برادار بيسا قوي جداً يُزعم أنه قادر على اكتشاف طائرة بحجم F-16 الأمريكية على بعد 250 ميلاً. لكن هذا الرادار يكون أيضاً واضحاً للغاية للرادارات المعادية عندما يكون نشطاً، مما يعني أن الاستفادة من قدراته يمكن أن تجعل الطائرة سوخوي 35 أكثر عرضة للاكتشاف أولاً.

وأصبح المعيار الذهبي الحالي في تكنولوجيا المستشعرات هو رادار المصفوفة الممسوحة ضوئياً النشط (AESA)، والذي يتمتع بمدى أكبر ودقة أعلى وقدرة أفضل على الحفاظ على مسارات متعددة من رادارات البيسا. 

ولعل الأهم من ذلك أن رادار AESA يصعب اكتشافه، مما يمكنه من البحث عن الأهداف دون الكشف عن وجود الطائرة التي تحمله.

وأدخلت القوات الجوية والبحرية الأمريكية رادارات AESA في أساطيلها المقاتلة منذ ما يقرب من عقدين. في المقابل تدعي روسيا أنها دمجت أخيراً رادارات أيسا في المقاتلة الشبحية الخاصة بها Su-57 والمقاتلة الجديدة MiG-35. 

لكن على أرض الواقع، طائرات MiG-35 القليلة التي تم تسليمها افتقرت إلى رادار أيسا، ولا يزال نضج الرادار على طائرات سوخوي 57 غير واضح.

في المقابل، فإن الصين تدمج رادارات أيسا على نطاق واسع في المقاتلات ذات المحركين J-11B / D و J-15 و J-16 ، ومقاتلات J-10 ذات المحرك الواحد، والمقاتلات الشبحية J-20.

بالإضافة إلى الرادارات، تعتمد الحرب الجوية خارج نطاق الرؤية (BVR) على الصواريخ التي يمكنها الاشتباك مع الأعداء على مسافات أكبر وبسرعات أعلى وبمقاومة أكبر للشراك الخداعية والتشويش، وهو مجال قد تكون الصين قد حققت فيه تقدماً طفيفاً على الروس.

النتيجة الصادمة لأي مواجهة بين السوخوي 35 والطائرات الصينية، أنه على الأرجح أن بعض نسخ الطائرات J 11 وJ 16 الصينية حتى لو كانت تتمتع بقدرات دفع ومناورة أقل من الطائرة الروسية الشهيرة سوخوي 35، فإنها قد تتفوق عليها في القدرة على الرؤية والرصد عبر الرادارات الأيسا، كما قد تتمتع بميزة نسبية في الصواريخ، وهذان العاملان شديدا الأهمية في القتال الجوي الحديث.

إضافة إلى ذلك فإن الطائرات الصينية قد تكون أخف وزناً وأكثر تخفياً نتيجة تقدم الصين في مجال المواد المركبة عن روسيا.

وهذا يعني أنه بعيداً عن الضجة التي يحدثها الروس حول طائرتهم  الشهيرة “السوخوي 35″، فإن طائرات الصين المنقولة عن التصميمات الروسية قد تكون قادرة على إسقاطها.

إذ يبدو أن التلميذ الصيني الدؤوب قد تفوق أخيراً على المعلم الروسي العبقري.

عربي بوست