لندن تحت الغزو: الجرذان في كل مكان
السياسية :
زاد عددها بنسبة 25 في المئة عام 2020 تزامناً مع قيود الإغلاق لمكافحة الجائحة أشار كولين سيمز إلى الجرذ الذي قُتل عندما وقع في مصيدته في أحد منازل لندن، وقال إن “هذا نموذج كبير الحجم!” من جرذان لندن الجائعة الباحثة عن الطعام، والتي شكّلت الجائحة فرصة أمامها للتكاثر ولاجتياح شوارع المدينة المقفرة بفعل تدابير الحجر، وهو ما أسهم في ازدهار شركات مكافحة هذه القوارض.
من المجاري، جاء الحيوان البالغ طوله نحو 20 سنتيمتراً (من دون الذيل) إلى هذا المنزل في جنوب غربي العاصمة البريطانية، وشقّ طريقه إلى المسكن الذي كان حتى الأمس القريب في منأى عن القوارض عبر أنبوب الإخلاء في مراحيض الطابق الأرضي، وهو ما يمكن تبيّنه من آثار القضم حول الأنبوب.
ووصفه كولين سيمز، وهو مدير شركة “سي أس أس بيست كونترول” الصغيرة، بأنه “قذر جداً”. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية، “يخيّل إليّ أنه من نوع الذكر ألفا”، الذي تتبعه الحيوانات الأخرى، وقد “وجد سبيلاً لدخول هذا المنزل بحثاً عن الطعام”.
ارتفاع بنسبة 25 في المئة
منذ أن بدأت بريطانيا في مارس (آذار) 2020 تنفيذ سلسلة تدابير إغلاق وقيود لاحتواء جائحة “كوفيد-19″، يعمل هذا الخبير في مكافحة القوارض من دون توقّف، وقد زادت عملياته بنسبة 75 في المئة.
وزاد عدد الجرذان بنسبة 25 في المئة العام الماضي في المملكة المتحدة، إذ ارتفع من 120 إلى 150 مليوناً، وفقاً لشركة “بيست كو يو كي”.
فالحجر يوفّر ظروف تكاثر مثالية لهذه القوارض التي تلد إناثها 10 صغار مرات عدة في السنة. وقال مدير مجموعة “رينتوكيل”، بول بلاكهورست، “ثمة مبان هادئة وغير مأهولة ومظلمة وآمنة حيث يمكن أن تتكاثر من دون أن يلاحظها أحد”.
ونظراً إلى أن تدابير الإقفال حرمتها فضلات الطعام التي يتم إلقاؤها في مستوعبات القمامة خلف المباني أو في الشوارع التي باتت مهملة، كثّفت هذه الحيوانات الليلية الخوّافة وتيرة خروجها من حياتها السرية.
وباتت الجرذان تغامر في التسلل إلى المكاتب الفارغة للحصول على ما تيسّر من بقايا الطعام المتروكة، ولا تتردّد في محاولة غَرف ما أمكنها من مخزونات المطاعم المغلقة مؤقتاً، أو حتى المجازفة، في وضح النهار أحياناً، في البحث عن قوتها في الأحياء السكنية، حيث تفيض مستوعبات القمامة أمام منازل السكان المحجورين.
وقال بول بلاكهورست، “إذا غيّرنا سلوكنا، فمن المحتمل جداً أن تغيّر الجرذان أيضاً سلوكها، لأنها حيوانات تتمتّع بقدرة عالية جداً على التكيّف”.
وتسترشد الجرذان بحاسة شمّ متطوّرة جداً في بحثها عن الطعام، ولا شيء يستطيع مقاومة قواطعها الحادة التي يتباطأ نموها المستمر بفعل مواظبتها على القضم، لا الخشب ولا الطوب ولا الأسلاك الكهربائية.
وقد تحمل هذا القوارض الأمراض، وهي كفيلة بالتسبّب بأضرار يمكن أن تؤدي إلى الحرائق أو الفيضانات.
وقال كريس شريف من شركة “بيفر بيست كونترول” بينما كان يعمل على تصليح الأنابيب “المكسورة” تحت الفناء الأمامي لمنزل في شمال لندن، إن الجرذان “شقّت طريقها إلى الداخل بواسطة القضم”.
الغزو
ولوحظ أن هذه الظاهرة امتدت إلى أبعد من العاصمة. وروَت المديرة الفنية للجمعية البريطانية لمكافحة القوارض، ناتالي بونغاي، أن صاحب مطعم في غرب بريطانيا واجه خلال فترة الحجر غزو الفئران للمرة الأولى. وقالت، “عندما فتحوا أبواب المطعم، كانت المعلّبات متناثرةً في كل مكان. فالفئران تقضم المعدن اللين، ولا يشكّل ذلك عائقاً أمامها”.
ومن الشركات الأعضاء في هذه المنظمة المهنية، بلغت نسبة تلك التي أبلغت عن زيادة تعرّضها لاقتحامات الجرذان 78 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ولاحظ ديفيد لودج من “بيفر بيست كونترول”، أن الأمر لا يقتصر على تزايد عدد الجرذان وازدياد قدرتها على مقاومة السموم المبيدة، إذ إنها أصبحت “أقل خجلاً” و”أكثر ظهوراً” في الشوارع، مضيفاً على سبيل المزاح أن الأمر “يشبه إلى حد كبير رواية لستيفن كينغ”، الكاتب الأميركي الذي اشتهر بروايات الرعب.
وأضاف لودج أن ثمة عاملاً آخر يتمثّل في أن “الكثير من الناس باتوا يعملون من منازلهم”، وأصبحوا أكثر “إدراكاً” لما يحصل. وقد نمت إيرادات شركة لودج بنسبة 33 في المئة في سنة بفضل تزايد انتشار الجرذان، التي وصل بها الأمر إلى أنها باتت تميل إلى المكوث في الداخل خلال فصل الشتاء.
بعدما رمى كولين سيمز الجرذ الميت في كيس قمامة تمهيداً لحرقه، صعد إلى شاحنته ليتوجّه إلى مهمته التالية في فناء خلفي لمجموعة من المحال التجارية، انتشرت فيه الجرذان. وتوقّع أن تكون 2021 التي انطلقت بحجر ثالث، سنة جيدة هي الأخرى.