السياسية:

تنتشر عناصر شركة “فاغنر” الروسية في أكثر من بلد إفريقي، ضمن سياسة موسكو الجديدة المبنية على “الحرب الهجينة” في مناطق النزاع والتوتر.

ورغم أن موسكو لا تعترف بنشاط “فاغنر” رسمياً، فإن الأخيرة تنشط تحت عدة مسميات، سواء كشركات للتعدين عن الذهب والألماس أو كمدربين عسكريين، أو شركات متخصصة في الحرب السيبرانية.

وتنقل وكالة بلومبيرغ الأمريكية، عن مصادر لم تسمها، أن مرتزقة فاغنر يتمركزون حالياً في عشر دول إفريقية منها: السودان، جمهورية إفريقيا الوسطى، ليبيا، زيمبابوي، أنغولا، مدغشقر، غينيا، غينيا بيساو، موزمبيق، وربما في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

لكن المؤكد أن فاغنر تنتشر في ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق، بهدف تدريب الجيوش المحلية وحماية كبار الشخصيات أو مكافحة الجماعات المتمردة أو الإرهابية، وحراسة مناجم الذهب والألماس واليورانيوم في المناطق الساخنة.

بالمقابل تحصل الشركات التابعة لفاغنر على امتيازات وتراخيص لاستغلال هذه المعادن والثروات، وتوريد أسلحة وتقنيات وخدمات عسكرية.

وأهم الدول الإفريقية التي تنشط بها شركة فاغنر، في إطار التصور الجيواستراتيجي لروسيا لبسط نفوذها في القارة السمراء، هي:

ليبيا.. البحث عن قواعد عسكرية دائمة

ينتشر مرتزقة فاغنر في محافظتي سرت (شرق طرابلس)، والجفرة (جنوب شرق طرابلس)، ويتمركزون بقاعدة القرضابية الجوية بسرت ومينائها البحري، بالإضافة إلى قاعدة الجفرة الجوية وسط ليبيا.

وتقدر مصادر أمريكية وأممية عدد مرتزقة فاغنر في ليبيا بنحو ألفي عنصر، غالبيتهم من روسيا وشرق أوكرانيا وصربيا، بالإضافة إلى مرتزقة سوريين موالين لها جندتهم فاغنر من شركتين أمنيتين تشرف عليهما في سوريا، وهما: “صائدو داعش”، و”سند للحراسة والخدمات الأمنية”.

وتتمتع فاغنر بتسليح جيد، فمن الطائرات المسيرة الخفيفة المخصصة للمراقبة وتوجيه المدفعية، إلى القناصة، ومنظومات “بانتسير” الصاروخية المضادة للطائرات، وصولاً إلى مقاتلات “ميغ 29” الحديثة متعددة المهام، وقاذفات “سوخوي 24”.

ورغم اتفاق الفرقاء الليبيين، في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، على إخراج المرتزقة الأجانب وعلى رأسهم فاغنر من بلادهم خلال ثلاثة أشهر، فإن ميليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر لم تتمكن من إزاحتهم بعد من سرت والجفرة، بل وتخشى أن تتسبب في إحداث انقلاب ضدها في المنطقة الشرقية.

إذ ليس من المستبعد أن تسعى فاغنر لتمهيد الأرضية للجيش الروسي لإقامة قاعدة بحرية وقاعدتين جويتين في ليبيا، في المنطقة الجنوبية الرخوة لحلف شمال الأطلسي “الناتو”.

إفريقيا الوسطى.. بريق الذهب والألماس يغري الروس

أزاحت روسيا فرنسا من موقعها كأكثر الدول نفوذاً في جمهورية إفريقيا الوسطى، التي تعاني من تردي أوضاعها الأمنية منذ 2013، وتمثل فاغنر إحدى أوجه التعاون الخفية في البلاد.

فمنذ 2018، يتواجد بجمهورية إفريقيا الوسطى، المئات من الجنود الروس وعناصر فاغنر (نحو 450 عنصراً) تحت اسم “مدرب عسكري”، لكن موقع “ذي أفريكا ريبورت” قدر عددهم بأكثر من ألف مدرب عسكري وفرتهم شركة فاغنر.

وتكفل فاغنر أمن المؤسسات المختلفة، وتلعب دوراً رائداً في تدريب الحرس الرئاسي والجيش، حيث يشرف عناصرها على تدريب أفراد الحرس الرئاسي والجيش (نحو 1300 عنصر)، ويحرسون الرئيس فوستين أرشانج تواديرا، من المجموعات المتمردة التي تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد.

 كما يحمي عناصر فاغنر مناجم الذهب والألماس، ويحصلون على نسبة من العائدات، حيث تقع معظم هذه المناجم شمال شرقي البلاد، منها مناجم قرب مدينة بامباري، في مناطق نفوذ تحالف متمردي “سيليكا”، وغالبيتهم من المسلمين.

وحصلت شركة “لوباي إنفست سارلو” الروسية، في صيف 2018، على التراخيص اللازمة للتنقيب عن الذهب والألماس، بعد أشهر من إرسال موسكو شحنات أسلحة إلى بانغي، تضمنت أسلحة رشاشة وقاذفات صواريخ وأيضاً مدرعات ثقيلة.

 ومعروف أن شركة فاغنر تنشط تحت اسم شركات مختلفة، وفي ميادين عديدة، سواء الأمنية أو التعدينية، أو الأمن السيبراني.

ويتواجد “المدربون الروس” منذ 2018، في قصر بيرينغو (غرب العاصمة بانغي)، الذي كان ذات يوم منزلاً للزعيم جان بيدل بوكاسا (1966-1979)، الذي أعلن نفسه إمبراطوراً للبلاد، ويوجد قبره في محيط القصر، الذي تحول إلى مخيم عسكري على امتداد 40 هكتاراً.

السودان.. قاعدة لوجيستية للعمليات نحو إفريقيا

وبدأت فاغنر نشاطها في السودان منذ 2017، تحت غطاء عدة شركات منها “ميروغولد” و”إم إنفست” للتنقيب عن الذهب، بحسب وسائل إعلام سودانية وغربية.

وتولت فاغنر تدريب أفراد من الجيش السوداني، وأيضاً قوات الدعم السريع في إقليم دارفور.

 وكانت تنشط في عدة مدن سودانية من ميناء بورتسودان إلى الخرطوم ودارفور، وتزعم وسائل إعلام غربية ومحلية أن فاغنر نقلت أسلحة وأفراداً من السودان إلى جمهورية إفريقيا الوسطى عبر مطاراتها أو عبر الحدود بين البلدين من منطقة أم دافوق.

وهذا ما دفع الولايات المتحدة لإدراج شركة “إم إنفست” الروسية، في قائمة العقوبات في 15 يوليو/تموز 2020، باعتبارها غطاء لشركة فاغنر.

موزمبيق.. حيث يوجد “داعش”

وينتشر مرتزقة فاغنر، في شمال موزمبيق، وبالضبط في مقاطعة كابو ديلغادو، الغنية بحقول الغاز الطبيعي، والتي تشهد نشاطاً متزايداً لتنظيم “أنصار السنة”، الذي أعلن تبعيته لتنظيم “داعش” الإرهابي في 2018.

لكن فاغنر لا تبلي بلاء حسناً في موزمبيق، وخسرت 10 من عناصرها على الأقل في مواجهات مع “داعش وسط إفريقيا”، ما دفعها لتغيير تكتيكها في هذه المنطقة الواقعة قرب خط الاستواء والمعروفة بغزارة أمطارها وكثافة غاباتها، ما يصعب من مهمة عناصر فاغنر.

عدد من المقاتلين الروس في سوريا

ويتراوح عدد المتعهدين الروس التابعين لفاغنر ما بين 160 و300 عنصر، منذ سبتمبر/أيلول 2019، مزودين بطائرات بدون طيار وأدوات عسكرية عالية التقنية لتحليل البيانات.

 وينتشر عناصر فاغنر في بلدة “موسيمبوا دا برايا” الساحلية، ومنطقتي ناكالا ونامولا القريبتين من كابو ديلغادو، التي تستثمر بها كبرى الشركات العالمية 60 مليار دولار لاستغلال حقول الغاز البحرية، وهي أكبر استثمارات في إفريقيا.

ويتهم أوسوفو نوماد، زعيم المعارضة في موزمبيق “المقاومة الوطنية الموزمبيقية”، موسكو بنشر “مرتزقة روس” شنّوا عمليات تخريبية في بلاده، الأمر الذي نفته روسيا بشكل رسمي.

غير أن المؤكد أن زيارة الرئيس الموزمبيقي فيليب نيوسي (زار موسكو في أغسطس/آب 2019، وتوقيعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقيات في مجالات الطاقة والدفاع والأمن) تلاه إرسال معدات عسكرية إلى العاصمة مابوتو، بينها مروحية هجومية من نوع “مي17”.

عربي بوست