“مؤتمرات المانحين”.. الثقب الأسود الذي يلتهم المساعدات..!
(السياسية) نصر القريطي:
أمراء حربٍ في ثوب الملائكة هذه هي الصورة النمطية للمانحين في ذهنية الشعوب التي يتم المتاجرة بمعاناتها وآلامها باسم الإنسانية..
تعقد الأمم المتحدة والدول الكبرى المؤتمر تلو الآخر وكلها تتحدث عن الاقتراب الوشيك لكارثةٍ إنسانية في بلادنا لم يسبق لها مثيلٌ في العصر الحديث وفور الانتهاء من اعمال المؤتمر تعبر الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية عن خيبة الأمل التي أصيبت بها من المانحين التي لم ترقى تعهداتهم الى مصاف ماهو متوقعٌ منها ويبقى السؤال الذي يحتاج الى إجابة صادقةٍ وعاجله هو “أين تذهب كل تلك التعهدات والأموال التي خيبت آمال الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في المجال الإنساني..!”
للمرة الثانية تعقد الأمم المتحدة مؤتمراً افتراضياً عبر دائرة مغلقة لمحاولة انتشال اليمن من الكارثة الإنسانية المحدقة التي باتت تطرق أبوابه لكن للمرة الألف لا تجد هذه التعهدات المخيبة للآمال بحسب وصف الأمين العام للأمم المتحدة طريقها الى الشعب اليمني فأين تذهب هذه المليارات المخيبة للآمال.
بعد انقضاء المؤتمر الذي تم عبر دائرة الكترونية مغلقة قال “أنطونيو جوتيريش” بأن مبلغ المليار وسبعمائة مليون دولار ( 1،700،000،000 ) الذي تم التعهد به من قبل المانحين في هذا المؤتمر يمثل حكم اعدامٍ على الشعب الذي يحتاج الى ثلاثة مليارات وثمانمائة مليون للخروج من عنق زجاجة الكارثة الإنسانية المحدقة.
بالعودة عاماً الى الوراء وفي مؤتمر افتراضي كان هو الأول عبر دائرة مغلقة فقد بلغت تعهدات المانحين آنذاك ملياراً وتسعمائة مليون دولار (1،900،000،000) فيما كان المبلغ في العام الذي سبقه أي في عام 2019 مبلغ اثنين مليار وسبعمائة مليون دولار (2،700،000،000) أرقامٌ فلكية تشعرك بحجم الكارثة الإنسانية الحقيقة التي تعصف باليمن ليس بسبب المجاعة التي تحذر منها باستمرار الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في المجال الإنساني ولكن بسبب عملية إدارة هذه الأموال التي على الرغم من أنها مخيبة للآمال بحسب وصف الأمين العام للأمم المتحدة إلا أنها تكفي لإعادة إعمار بلدٍ وليس مجرد سفنٍ محملة بسلّات غذائية في عملية اشبه ما تكون بأكبر عملية غسيل أموالٍ في التاريخ الحديث.
وفقاً لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي الجديد فإن الاسهام وبقوة في مؤتمر المانحين الذي انعقد بالأمس لا يهدف فقط لإغاثة الشعب اليمني وانما يراد منه ايضاً إعادة إعمار اجزاءٍ مما دمرته هذه الحرب الملعونة.
إذن هذه الأموال ليست فقط كافية لإغاثة اليمنيين وانما يفترض بها ان تكون مخصصة أيضاً لإعادة الإعمار.
يبقى السؤال الملح والأكثر أهميةٍ بلا إجابة “أين تذهب هذه الأرقام الفلكية والتعهدات التي يتم تجميعها باسم الإنسانية تحت غطاء مؤتمر المانحين الدوليين..!
يقول منسق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة مارك لوكوك بأن المليار وسبعمائة مليون دولار التي تم جمعها اليوم لا تكفي لإيقاف المجاعة المحدقة في اليمن ولا تزال الأمم المتحدة بحاجة لجمع المزيد من الأموال.
بدوره اكد المجلس النرويجي للاجئين بأن “النقص في المساعدات الإنسانية سيقابله فقدان المزيد من الأرواح” فيما اعتبرت منظمة “انقذوا الأطفال” البريطانية بأن العالم أدار ظهره لليمنيين.
أما الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن “أوك لوتسما” فقد اعتبر أن النقص في تعهدات المانحين سيحول اليمن الى دولة غير قابلة للحياة..
حمى التصريحات الأممية واشتعال صراخ المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني يحيلنا الى ضرورة الإجابة على السؤال ذاته.. أين تذهب هذه المليارات الضخمة التي لا أثر لها في مساعدات اليمنيين وكل عامٍ تتكرر ذات التصريحات الأممية والدولية بأن اليمن بات على حافة هاوية الكارثة الإنسانية والمجاعة المحدقة..!
أما بالنسبة لكياني العدوان السعودي والإماراتي فإن فجورهم قصةٌ تحكى يقول المندوب السعودي في مجلس الأمن بأن ما قدمته المملكة من مساعدات إنسانية لليمن بلغت منذ بدء هذه الحرب العدوانية أكثر من سبعة عشر مليار دولار فيما تحدثت افتتاحية صحيفة الخليج الإماراتية عن ستة مليارات دولار قدمتها كمساعدات لليمنيين منذ العام 2015..
الحقيقة الثابتة أن الرياض وأبوظبي قد انفقتا في اليمن عشرات أضعاف هذه المليارات لكنها قدمتها لليمنيين على شكل قنابل عنقودية وأسلحة فتاكة دمرت البنية التحتية وأهلكت الحرث والنسل في هذا البلد الذي تكالبت عليه الأمم.
وفقاً لتقرير مطولٍ لصحيفة “ساوث جاينا مورنينج” الصينية فإنه يجب محاسبة التواطئ الأمريكي الكامل في خلق أكبر ازمة إنسانية في اليمن..
بالعودة الى تعهدات المانحين في العاميين الماضيين بالإضافة الى تعهدات مؤتمر المانحين لهذا العام فإن المبلغ يفوق الستة مليارات دولار وهم رقمٌ لو تم توظيفه ليس فقط في إغاثة الشعب اليمني بل وفي إعادة الإعمار لرأينا آثاره العميقة حتى في ظل استمرار هذه الحرب.. فأين تذهب هذه الأرقام الفلكية لمليارات الدولارات التي تجمعها الأمم المتحدة وتصرفها المنظمات الإنسانية العاملة في بلادنا على مجموعة من السلّات الغذائية الانتقائية التي لا تسد حتى رمق الفقراء في هذا البلد..
تعهدات المانحين الدوليين ليست أكثر من ثقب أسود يلتهم مليارات الدولارات التي يتم تقديمها باسم الإنسانية..!