اليمن: “ملايين المدنيين” معرضون للخطر
حثت الإدارة الأمريكية الجديدة والأمم المتحدة الحوثيين على وقف التصعيد يأتي التصعيد في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة انهاء دعمها للمملكة العربية السعودية في اليمن وسحب الحوثيين من قائمة "التنظيمات الإرهابية" حتى لا يعرقل هذا التصنيف عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحوثيون. أعربت الولايات المتحدة والأمم المتحدة عن قلقهما الشديد إزاء تقدم الحوثيين في شمال اليمن، وهو ما قالوا إنه من شأنه أن يعرض حياة ملايين المدنيين للخطر.
بقلم: شذى يائيش
(صحيفة “لا برس- “lapresse الكندية الناطقة باللغة الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
منذ أكثر من عام, يحاول الحوثيون الذين يتلقون الدعم من النظام الإيراني على الاستيلاء على مدينة مأرب الغنية بالنفط، كما تعتبر هذه المحافظة آخر معقل للحكومة اليمنية في المناطق الشمالية من البلد.
وفي 8 فبراير، بعد فترة هدوء, استأنف الحوثيون هجومهم على القوات الحكومية التي تتلقى الدعم بدورها من قبل دول التحالف العربي العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
عمل الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يريد إنهاء الصراع الدائر في اليمن على تعيين الدبلوماسي تيم ليندركينج، مبعوث للولايات المتحدة إلى اليمن, والذي حث الحوثيين على “وقف تقدمهم”.
وقبل بدء جولته إلى المنطقة, قال تيم ليندركينج للصحافة في واشنطن “يمكن للهجوم أن يدفع بالبنية التحتية الإنسانية الضعيفة والهشة بالفعل إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار”.
كما أشار إلى “أن إنهاء هذه الحرب من خلال حل سياسي دائم هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الإنسانية التي عصفت بالشعب اليمني”.
ومن جانبها, لم تخفي الأمم المتحدة أيضا مدى انزعاجها وشعورها بالجزع إزاء العواقب المترتبة على هذا الهجوم.
كتب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك في تغريدة على تويتر “أنا قلق للغاية من التصعيد العسكري في مأرب, حيث أن من شأن أي هجوم على المدينة أن يعرض حياة مليوني مدني للخطر، مع احتمال إجبار مئات الآلاف من الناس على الفرار، ومن المحتمل أن تكون هناك عواقب إنسانية لا يمكن تصورها”.
كما أشار ايضاً إلى أنه سوف يناقش الوضع مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الخميس، داعياً إلى “نزع فتيل” الأزمة بدلاً من “إضافة المزيد من البؤس للشعب اليمني”.
ويأتي هذا التصعيد بالتزامن مع الوقت الذي اعلنت فيه الولايات المتحدة أنها سوف تتوقف عن تقديم الدعم للنظام السعودي في الحرب في اليمن، وأن الحوثيين سوف يتم شطبهم من قائمة “المنظمات الإرهابية” حتى لا يعرقل هذا التصنيف عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأراضي التي يسيطرون عليها.
وفي جنيف، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن عقد مؤتمر للمانحين لتقديم المعونة إلى الشعب اليمني في 1 مارس, حيث يسعى المؤتمر إلى جمع 4.2 مليار دولار.
أوهام:
ووفقا لمسؤولين عسكريين في الحكومة اليمنية, فقد خلف القتال الدائر حول مدينة مأرب عشرات القتلى والجرحى في كلا المعسكرين خلال الأيام الأخيرة.
ونادرا ما يعلن الحوثيون عن مدى الخسائر التي منيو بها، إلا أنهم قاموا بتشيع العديد من الجنائز للمقاتلين التابعين لهم يوم الثلاثاء الماضي في العاصمة صنعاء الواقعة على بعد 120 كيلومترا إلى الغرب من مدينة مأرب.
سبق وأن استولى الحوثيون على العاصمة في أواخر سبتمبر من العام 2014, مما أدى إلى اندلاع الحرب التي أغرقت البلد في خضم أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقا للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة.
ومنذ ذلك الحين, عكفوا على توسيع رقعة نفوذهم, إلى أن تمكنوا من الاستيلاء على السواد الأعظم من المناطق الشمالية من البلد.
وفي الساعات الأخيرة الماضية, صرح مسؤول عسكري لوكالة فرانس برس “أن الحوثيون تمكنوا من التقدم في المناطق الغربية والشمالية من مدينة مأرب, ومن جانبها, حشدت القوات الحكومية مئات المقاتلين على جبهات مختلفة حول المدينة”.
كما أعلن التحالف العسكري، صباح يوم الثلاثاء، اعتراض طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه مطار أبها الدولي جنوب غرب السعودية والذي تعرض لعدة هجمات في الأيام الأخيرة.
ومن جانبهم, اعلن الحوثيون عبر قناة المسيرة التابعة لهم عن شن التحالف العربي لـ 13 غارة جوية بالقرب من مدينة مأرب خلال الـ 24 ساعة الماضية، دون أن يبلغوا عن أي نتائج.
غرد محمد علي الحوثي وهو مسؤول كبير في الجماعة من على منصة تويتر “اذهب كما تريد في أوهامك، ولكن لن يكون هناك حل بدون حوار حقيقي مع صنعاء”.
الحلم الحوثي:
وحتى ذلك الحين، كانت المدينة ملاذا وملجأ للعديد من الناس الذين فروا جراء احتدام العمليات القتالية التي شهدها هذا البلد الذي مزقته الحرب، حيث لقي عشرات الآلاف مصرعهم, في حين شرد الملايين وأصبح السكان على حافة المجاعة باستمرار.
ووفقاً لما أشارت إليه منظمة الهجرة الدولية، فقد اضطر ما يقرب من 650 أسرة إلى الفرار جراء اندلاع العنف من جديد في مأرب.
ومن جانبها, قالت المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة في اليمن “أوليفيا هيدون” لوكالة فرانس برس “إذا وصل القتال إلى المناطق المأهولة بالسكان أو إلى مواقع النازحين، سوف نرى موجة نزوح جديدة للسكان مرة أخرى إلى أماكن في شرق وجنوب المدينة بموارد أقل”.
ولكن وفقاً لما قاله ماجد المدحجي، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في صنعاء “الحوثي لن يتراجع، بل إنه يستغل الزخم السياسي العالمي ضد السعوديين… لا توجد ظروف سياسية مثالية للحوثي”، مع الإشارة بشكل خاص إلى عكس السياسة الأمريكية منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض.
إن الاستيلاء على مأرب من قبل الحوثيين من شأنه أن يشكل ضربة قوية وقاصمة ليس للحكومة اليمنية فحسب، بل وأيضاً للمملكة العربية السعودية التي تدعمها منذ أواخر مارس من العام 2015, لأن المناطق الشمالية في اليمن المتاخم للمملكة سوف تكون تحت سيطرت جماعة الحوثي بالكامل.
كما اختتم ماجد المذحجي حديثة, حيث قال أن “مأرب هي المنطقة السياسية والاقتصادية الكبيرة التي يحلم بها الحوثيون”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع