تسجيلات سرية تكشف فساداً وفضائح.. كل ما تريد معرفته عن محاكمة نتنياهو
السياسية:
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متهم في ثلاث قضايا فساد، ومع استئناف محاكمته قبل أسابيع من الانتخابات الرابعة، ما تفاصيل التهم التي يواجهها واحتمالات إدانته وتأثير ذلك على فرصه في الانتخابات.
الاتهامات التي يواجهها نتنياهو تعود إلى ما قبل سنوات وهو ما يطرح تساؤلات بشأن استمراره في منصبه حتى الآن، رغم أنه متهم بقضايا تتعلق بالفساد كتلقي رشاوى وخيانة الأمانة واستغلال النفوذ، لكن منصبه كرئيس للوزراء يحمل الإجابة عن تلك التساؤلات، كما يحمل التفسير لتوجه الإسرائيليين لصناديق الانتخابات للمرة الرابعة في أقل من عامين.
ما الاتهامات التي يواجهها نتنياهو؟
يواجه نتنياهو ثلاث قضايا تحمل الأولى الرقم 4000: في هذه القضية يواجه الرجل الذي جلس على مقعد رئيس الوزراء في إسرائيل أطول من أي شخص آخر الاتهام بأنه قدم مجاملات عبر قنوات تنظيمية في حدود 1.8 مليار شيكل (حوالي 500 مليون دولار) لشركة بيزك الإسرائيلية للاتصالات.
ويقول المدعون في هذه القضية إنه طلب في مقابل تلك الخدمات تغطية إيجابية لنفسه وزوجته سارة على موقع إلكتروني إخباري يسيطر عليه شاؤول إلوفيتش الرئيس السابق للشركة، بحسب تقرير لرويترز.
ويواجه نتنياهو في هذه القضية تهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، بينما يواجه إلوفيتش وزوجته إيريس تهمتي الرشوة وعرقلة العدالة. وينفي المتهمون الثلاثة التهم الموجهة إليهم.
والقضية الثانية تحمل الرقم 1000 ويواجه فيها نتنياهو تهمتي الاحتيال وخيانة الأمانة، على أساس أنه حصل هو وزوجته سارة دون وجه حق على هدايا قيمتها نحو 700 ألف شيكل من المنتج السينمائي أرنون ميلشان الإسرائيلي الجنسية والذي يعمل في هوليوود ومن رجل الأعمال الأسترالي الملياردير جيمس باكر.
وبحسب المدعين في هذه القضية، تضمنت الهدايا زجاجات شمبانيا وعلب سيجار مقابل تقديم نتنياهو مساعدات لميلشان في أعماله، ولم توجه لباكر أو ميلشان أي اتهامات.
والقضية الثالثة تحمل الرقم 2000 وفيها نتنياهو متهم بالتفاوض على صفقة مع أرنون موزيس صاحب جريدة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية من أجل تحسين تغطيته إخبارياً. وتقول عريضة الاتهام إن رئيس الوزراء طرح في المقابل تشريعاً لإبطاء انتشار جريدة منافسة. ووُجهت لنتنياهو تهمة الاحتيال وخيانة الأمانة ولموزيس تهمة الرشوة. ونفى موزيس التهمة.
وتتضمن الأدلة في القضايا الثلاث تسجيلات سرية وشهادات موثقة لمساعدين سابقين لنتنياهو انقلبوا عليه وشهادات لآخرين قدموا تفاصيل بشأن تلك الاتهامات.
ماذا يقول نتنياهو؟ ومتى تنتهي المحاكمة؟
نتنياهو ينفي ارتكاب أي مخالفات ويزعم أن خصومه السياسيين يقفون وراء تلك القضايا ويصف محاكمته بأنها محاكمة سياسية، ويصف نفسه بأنه ضحية اضطهاد سياسي منظم من جانب اليسار ووسائل الإعلام للإطاحة به من منصبه مبرراً: “قبول الهدايا من الأصدقاء” بأنه ليس مخالفاً للقانون.
التحقيقات في الاتهامات الموجهة لنتنياهو مستمرة منذ سنوات، وفي العام الماضي تم توجيه الاتهامات له رسمياً، لكنه تمكَّن من البقاء في منصبه طوال التحقيقات، وخاض ثلاث حملات انتخابية وهاهي الرابعة مقررة يوم 23 مارس/آذار المقبل.
نتنياهو يزعم أنه ضحية اضطهاد سياسي
وبالتالي على الأرجح قد تستمر المحاكمة سنوات، إذ بمقتضى القانون الإسرائيلي لا يضطر رئيس الوزراء إلى التنحي عن منصبه إلا إذا صدر حكم بإدانته. ولا تنطبق تلك الحماية القانونية على أي وزير آخر في الحكومة، وهو ما يفسر، بحسب منتقدي نتنياهو، إصراره على البقاء في منصبه ومع فشله في الحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من تشكيل الحكومة يكون خياره هو حل الكنيست وإجراء انتخابات عامة وهو ما حدث ثلاث مرات من قبل والرابعة مقررة في مارس/آذار.
ماذا يعتقد الإسرائيليون بشأن محاكمة نتنياهو؟
الإسرائيليون منقسمون وتمثل قضايا الفساد المتهم فيها نتنياهو النموذج الأبرز على هذا الانقسام وحالة الاستقطاب الحادة. فمنذ أكثر من 34 أسبوعاً على التوالي يتجمع الآلاف أمام مقر إقامة رئيس الوزراء مطالبين برحيله عن منصبه بسبب فساده، رافعين شعار “كرايم منستر Crime Minister” أي “وزير الجريمة” على وزن “بريام منستر Prime Minister” أو رئيس الوزراء.
لكن قاعدة نتنياهو الانتخابية من اليمينيين المتطرفين وسكان المستوطنات غير الشرعية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس والضفة الغربية يقفون في صف نتنياهو ويطلقون عليه وصف “الملك بيبي”.
وانعكس هذا الانقسام في نتيجة الانتخابات الثلاثة الماضية في إسرائيل خلال العام ونصف العام الماضيين، إذ فشل نتنياهو في الحصول على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة منفرداً، مما اضطره للدخول في تحالفات مع أحزاب أخرى كي يظل في منصبه كرئيس للوزراء، وكان آخرها التحالف مع حزب أزرق-أبيض بزعامة بيني غانتس والاتفاق على تبادل المنصب بينهما، بحيث يتولاه نتنياهو لمدة سنة ونصف ثم يتولاه غانتس، لكن التحالف بينهما انهار بسبب اتهامات غانتس لنتنياهو بعدم احترام الاتفاق بينهما، وبالتالي العودة لصناديق الاقتراع للمرة الرابعة.
هل يمكن أن يدخل نتنياهو السجن؟
نعم. فالاتهامات التي يواجهها عقوبتها السجن. تهمة الرشوة عقوبتها السجن لمدة تصل إلى عشر سنوات وغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين. أما الاحتيال وخيانة الأمانة فتهمتان تصل عقوبة كل منهما إلى السجن ثلاث سنوات.
لكن المحاكمة قد تستغرق سنوات، ولا يمكن اختصار الإجراءات إلا في حالة سعي نتنياهو لإبرام اتفاق مع الادعاء، وهو على الأرجح لن يلجأ لهذا الإجراء إلا في حالة قلقه من أن يخسر الانتخابات تماماً ولا يكون أمامه أي فرصة للبقاء في منصبه، وهو ما يقود إلى السؤال التالي.
هل يمكن أن تؤدي محاكمة نتنياهو إلى خسارة الانتخابات؟
من الصعب التكهن بإجابة قاطعة على هذا السؤال لعدد من الأسباب. أولها أن هذه هي المرة الرابعة التي يخوض فيها نتنياهو الانتخابات وهو متهم بالفساد وربما يكون ذلك قد أضعف فرصه في الفوز بأغلبية يطمح إليها، لكنه لم يخسر الانتخابات بشكل كامل أيضاً.
والسبب الثاني هو وجود عوامل أخرى لها تأثير أقوى على الانتخابات عددتها صحيفة هآرتس في تقرير لها ليس من بين تلك العوامل محاكمة نتنياهو، إذ يرى المراقبون أن الدور الذي قد يلعبه المُصوِّتون العرب وغياب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن المشهد وجائحة كورونا ستكون عوامل أكثر حسماً في نتائج الانتخابات.
وكان نتنياهو في الانتخابات السابقة قد شن هجوماً عنيفاً ومعتاداً على الناخبين العرب في إسرائيل وركز هجومه على منافسه غانتس وحزبه زاعماً أنهم سيتحالفون مع الكتلة العربية، في محاولة لتحفيز قاعدته اليمينية المعادية لعرب إسرائيل، لكنه هذه المرة عكس الأمور تماماً، حيث زار الناصرة واعتذر للعرب عن تصريحاته المعادية لهم ودعاهم لفتح “صفحة جديدة” وقال لهم: “صوِّتوا لي أنا”، ولم يستبعد نتنياهو تعيين وزير عربي في حكومته في حالة فوزه.
عربي بوست