السياسية – رصد:

آدم جابر

كشف تحقيق موقع “ميديا بارت” الاستقصائي الفرنسي بالتنسيق وسائل إعلام أخرى أن العديد من الشركات الفرنسية المتخصصة في التدريب العسكري، تقوم بتدريب جنود في الجيش السعودي، ولم تتوقف هذه الشركات عن نشاطها منذ بدء التدخل العسكري في اليمن.

وجاء في التقرير أن السعودية منذ بداية تدخلها العسكري في اليمن عام 2015، استخدمت الطائرات والمدرعات والسفن وحتى الصواريخ التي اقتنتها من فرنسا في السنوات الأخيرة، وهو أثار استنكاراً متكرراً من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان. لكنها (السعودية) اعتمدت بشكل بتكتم كبير على الخبرة الفرنسية لتدريب قواتها المقاتلة من خلال شركات تدريب عسكرية فرنسية تشرف على تدريب ضباط في الجيش السعودي على استخدام مدافع قيصر فرنسية الصنع، وفق ما كشف عنه عدد من الذين أشرفوا على هذه التدريبات وأشارت إليه وثائق تم التوصل إليها في إطار هذا التحقيق.

ويشير التحقيق، إلى أن مدافع “سيزار” المصنوعة من قبل شركة نيكستر الفرنسية، والمثبتة على شاحنات للطرق الوعرة، اقتنتها السعودية خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث حصلت على 132 نوعاً، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي ذكر بأن الرياض تنتظر تسلم دفعات أخرى قبل نهاية عام 2030.

ويؤكد التحقيق أنه بموجب هذه العقود، التزمت فرنسا بتدريب الجنود السعوديين على استخدام هذه الأسلحة والمدافع، والتي كشف موقع ‘‘ديسكلوز’’ أن العديد من المدنيين في اليمن يعيشون تحت تهديد هذه الأسلحة المصنوعة في فرنسا، بما في ذلك نحو 50 مدفعاً من طراز الهاوتزر، وفق تقرير سري لوكالة الاستخبارات العسكرية الفرنسية. وقد أشرفت شركة ‘‘ديفانس كونساي انترناسيونال’’، التي تعتبر فرنسا أكبر مساهم فيها بأكثر من 50 في المئة من الأسهم، بشكل خاص على الجنود السعوديين على استخدام مدافع قيصر فرنسية الصنع، بحسب التحقيق دائماً.

وجاء في التحقيق أن ‘‘ديفانس كونساي انترناسيونال’’ لم ترد على أسئلة الصحافيين المحققين حول علاقة الشركة التعاقدية مع الجيش السعودي. في المقابل، أكدت الحكومة الفرنسية أنها تمارس رقابتها على مستويين: من جهة، على الشركات التي تدرب الجنود السعوديين بأن تحصل على ترخيص التصنيع والتجارة والوساطة، والذي تمنحه وزارة الدفاع الفرنسية. ومن جهة أخرى، على الشركات بالحصول على ترخيص بالتصدير، يضمن ألا تتعارض المعدات العسكرية مع الالتزامات الدولية لفرنسا أو الحظر الذي تقرره المنظمات الدولية. وشددت الحكومة الفرنسية على أنها تأخذ بعين الاعتبار بصورة منهجية مخاطر استخدام هذه المعدات ضد المدنيين.

كما جاء في التحقيق، نقلاً عن أردي إمسيس، أستاذ القانون بجامعة كوينز في تورنتو وعضو فريق خبراء الأمم المتحدة، قوله إن ‘‘المجتمع الدولي لا يمكنه القول إنه ليس على علم بتورط الأسلحة المستخدمة من طرف السعوديين في مقتل مدنيين يمنيين من بينهم أطفال، بعد أن قامت منظمات حقوقية عديدة، بينها منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، بتوثيق ذلك’’.

وهو ما دفع بعض البلدان المصدرة للأسلحة إلى اتخاذ المزيد من الاحتياطات، على غرار ألمانيا والسويد وفنلندا والنرويج وهولندا وبلجيكا. هذه الأخيرة، علّق مجلس الدولة فيها مؤخراً العديد من تراخيص تصدير الأسلحة إلى السعودية.

يشير التحقيق إلى أنه منذ تولى الأمير السعودي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، توقف جزء كبير من هذه التدريبات العسكرية الفرنسية عام 2018، باعتبار أن بن سلمان موالٍ للولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن شركة ‘‘ديفانس كونساي انترناسيونال’’ ما تزال إلى يومنا هذا تمارس نشاطها في المملكة، في إطار تنفيذ عدد من العقود والمعاهدات.

وكشف التحقيق أن الاتصالات بين شركات التدريب الفرنسية والسعوديين سهّلها رئيس الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبد الله، الذي كان مقربا جدا من المسؤولين في الشركة المصنعة لمدافع سيزار. وهذا ما يفسر انقلاب الموازين بالنسبة لفرنسا بعد أن اعتقل بن سلمان الأمير متعب عام 2017 ثم قرر الإفراج عنه فيما بعد، وهو ما صعّب على الفرنسيين مواجهة المنافسة الأمريكية، على الرغم من انحناء باريس الدبلوماسي.

* المصدر:  القدس العربي

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع