مياء العتيبي*

يتم التطبيع مع دولتين ليستا في حالة حرب مع الكيان الصهيوني، وجامعة الدول العربية تبارك التطبيع، وغالبية الدول العربية صامتة إن لم تكن موافقة، والقيادة الفلسطينية تقف شبه وحيدة ليس في مواجهة الدولتين المطبعتين بل في مواجهة عديد الدول العربية باستثناء سوريا والجزائر ولبنان، والجماهير العربية منشغلة بهمومها الداخلية أو مقهورة وغير قادرة على التعبير عن رأيها بحرية. في الحالتين كانت واشنطن هي الوسيط في عملية التطبيع إلا أنها في الحالة الأولى كانت وسيطاً عن بعد أما في الحالة الأخيرة فهي العراب والمحرك الرئيس للتطبيع.

رحم الله الشيخ صباح جابر الصباح الذي لم يساوم على فلسطين و قضية فلسطين هذا هو الفرق بين أمراء الأمس وأمراء اليوم ، لم تكن هناك مساومة على فلسطين.

قد تكون هذه صراحة مؤلمة ولكنها تعبير عن واقع عربي ودولي لا تهب رياحه حسب ما تشتهي السفن العربية الأصيلة، ولا يمكن للفلسطينيين أن يطلبوا من العرب ما يفتقدونه أنفسهم وهو وحدة الموقف، تطبيع بعض الأنظمة مع الكيان الصهيوني ليس نهاية الكون ويجب ألا يزعزع قناعة الشعب الفلسطيني بعدالة قضيته لأمرين الأمر الأول أن الأوضاع قبل تطبيع الإمارات والبحرين لم تكن وردية حتى نقول بأن التطبيع الجديد هو الذي أوقف أو عطل حصاد الانتصارات، والأمرالثاني أن الفلسطينيين هم أصحاب القضية والحق، والصراع واقعيا وبعيداً عن الأيديولوجيا والشعارات صراع فلسطيني إسرائيلي منذ عقود طويلة ولن يكون هناك سلام لا في فلسطين ولا في الشرق الأوسط إلا باستعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعة انالا أريد أن أقلل من خطورة تطبيع دولتي الإمارات العربية والبحرين مع إسرائيل، ولكن في نفس الوقت يجب عدم تهويل الأمر وكأن كل الأمة العربية تُطبِّع مع إسرائيل أو كأن هاتين الدولتين بالفعل كما يقول ترامب ونتنياهو ستحددان مسار السلام في العالم العربي وربما في العالم ، لا داع للهرولة للهلع والتشنج تجاه تطبيع هاتين الدولتين وعلى القيادة الفلسطينية التفكير بالدول غير المطبعة وكيف تحافظ على ثباتها في مواقفها، أيضاً كيف تستعيد العلاقة الأخوية بين الشعبين الإماراتي والبحريني مع الشعب الفلسطيني، وليس من الحكمة التسرع في التخلي عن العمق العربي بالرغم من كل ما فيه من سوء، لأنه في حالة فقدان هذا العمق فإن البديل مشروع الشرق الأوسط الذي تعمل واشنطن على بنائه وانفراد إسرائيل بالشعب الفلسطيني .

فعندما دعت المعارضة البحرينية إلى مشاركة شعبية واسعة في فعاليات سقوط اتفاق الخيانة احتجاجا على جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ودعما للقضية الفلسطينة وأكدت القوى المعارضة عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن هذه الفعالية المرتقبة تعد محطة جديدة من محطات الرفض الشعبي المناهض للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

وتأتي هذه الدعوة على وقع استمرار التظاهرات الغاضبة في مختلف المدن والبلدات البحرينية، رفضا للتطبيع البحريني مع العدو االصهيوني، ورفع أعلام فلسطين وشعارات مناهضة للتطبيع، والتأكيد على التمسك بالقضية الفلسطينية، والبراءة من الخيانة واتفاقية التطبيع. أرعبت الصهاينة و قامت اسرائيل برصد مصادر مطلعة خروج اكثر من 150 تظاهرة ومسيرة احتجاجية في البحرين منذ الإعلان عن التطبيع بين نظام آل خليفة والكيان الصهيوني في وقت لا يشك عاقل بالانصياع البحريني للنظام السعودي وارتكبوا خطأ استراتيجي بإرتهان نظامهم السياسي بشكل كامل على الخارج هم يدفعون اليوم ثمن ذلك، بدخولهم في معارك الآخرين الطاحنة بما يفوق قدراتهم وإمكانياتهم كمشاركتهم في العدوان على اليمن، ومشاركتهم في مشروع تدمير سوريا والعراق، واليوم يأتي قرار استراتيجي خطير وخاطىء أيضاً بقرار التطبيع وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، مما يزيد القناعة بأن آل خليفة فقدوا السيادة على القرار بشكل كامل، فقد وضعوا سيادتهم على القرار في سلة القوات الأجنبية على أمل حماية نظامهم السياسي جريمة التطبيع، لأن التطبيع مع الكيان الصهيوني كقوة احتلال واغتصاب للأرض والوطن هي جريمة مدانة بكل المقاييس، مقللاً من صدمة الخطوة، لأنها كانت أمراً متوقعاً منذ أمد ليس بقصير. فاليوم لانعرف أحد ينفي ما لرجال الدين من تأثير في المجتمعات المُتخلّفة، وتعبئة الناس لدعم قرار سياسي قد لا ينسجم مع ما يعتقدون مُهمّة لا شك أن رجال الدين أهل لها.

تغيّر أحكام و فتاوي الفقهاء تبعا لحكام الجور المطبعين في السعودية، مثلا، وبعدما حرّم هؤلاء قيادة المرأة للسيارة على مدى عشرات السنين، أصبحت الإباحية، بين عشية وضحاها، الأصلَ.

كما أنه لابد لرجال الدين في السعودية رفض جميع الأمور التي تتعلق بالتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، ويجب إصدار كتب بكافة اللغات حول قضية فلسطين العادلة، ولكنهم للاسف يسبحون بحمد بن سلمان .

*ناشطة سعودية
*المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن رأي كاتبه