مسؤولون أميركيين يخشون اتهامهم بجرائم حرب بسبب الغارات السعودية على اليمن
مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية طلبوا المساعدة القانونية بشأن دورهم في تسليح التحالف السعودي بقنابل تقتل المدنيين في اليمن، لكن إدارة ترامب قامت بقمع نتائج مراجعة المفتش العام للوزارة وطردته.
السياسية – رصد:
الكاتب: مايكل لافورجيا وإدوارد وونغ
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في تحقيق مطول كتبه مايكل لافورجيا وإدوارد وونغ أن عدد القتلى المدنيين جراء الحرب الجوية الكارثية التي شنتها السعودية على اليمن كان يرتفع باطراد في عام 2016 عندما توصل المكتب القانوني لوزارة الخارجية الأميركية في إدارة الرئيس باراك أوباما إلى نتيجة مذهلة هي أنه يمكن توجيه اتهامات إلى كبار المسؤولين الأميركيين بارتكاب جرائم حرب بسبب الموافقة على بيع القنابل للسعوديين وشركائهم.
وبعد أربع سنوات، قال أكثر من عشرة من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين إن المخاطر القانونية قد ازدادت بعد أن جعل الرئيس دونالد ترامب بيع الأسلحة إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الشرق الأوسط الأخرى حجر الزاوية في سياسته الخارجية. لكن بدلاً من اتخاذ خطوات لمعالجة القضايا القانونية، بذل قادة وزارة الخارجية الأميركية جهوداً كبيرة لإخفائها.
وحتى بعد أن كشف تحقيق للمفتش العام في وزارة الخارجية الأميركية هذا العام أن الوزارة فشلت في معالجة المخاطر القانونية لبيع القنابل للسعوديين، تأكد مسؤولو الوكالة من وضع تفاصيل الاكتشاف في جزء سري من التقرير العام الصادر في آب / أغسطس الماضي، ثم تم تنقيحها بشكل كبير لدرجة أن المشرعين الذين لديهم تصاريح أمنية لم يتمكنوا من رؤيتها.
وستكون هذه المخاوف موضوع جلسة استماع في الكونغرس اليوم الاربعاء. ومن المتوقع أن يستجوب المشرعون في مجلس النواب كبار المسؤولين في وزارة الخارجية، بمن فيهم كبير محامي الوكالة ومساعد الوزير المشرف على مبيعات الأسلحة.
يقول علماء القانون إن المسؤولين الأميركيين محقون في قلقهم. فلا توجد حادثة في التاريخ الأميركي الحديث يمكن مقارنتها باليمن، حيث قدمت الولايات المتحدة دعماً مادياً للتحالف الذي تقوده السعودية، على مدى خمس سنوات، لأعمال تسببت في استمرار قتل المدنيين. وقُتل أكثر من 127 ألف شخص في الحرب، من بينهم 13500 مدني في هجمات مستهدفة، وفقاً لتقدير موقع النزاع المسلح ومشروع بيانات الأحداث.
كان المسؤولون الأميركيون على دراية كاملة بنمط القتل العشوائي، مما يجعلهم عرضة للخطر من الناحية القانونية. يقول علماء القانون إن المدعين العامين في الخارج – بمن فيهم أولئك الذين ينتمون إلى دول مثل السويد وألمانيا والأرجنتين التي تؤكد الولاية القضائية العالمية على جرائم الحرب في أي مكان في العالم – يمكن أن يوجهوا اتهامات ضد المسؤولين الأميركيين. وعلى الرغم من عدم وجود أي تحرك حتى الآن من قبل أي محكمة أجنبية للقيام بذلك، إلا أن بعض مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية الذين يرعون مبيعات الأسلحة في الخارج قلقون بما يكفي للنظر في الاستعانة بمستشار قانوني خاص بهم وناقشوا إمكانية إلقاء القبض عليهم أثناء إجازتهم في الخارج.
وقالت أونا هاثاواي، الأستاذة بكلية الحقوق في جامعة ييل والمحامية بوزارة الدفاع في إدارة أوباما: “لو كنت في وزارة الخارجية، كنت سأخاف بشأن المسؤولية المحتملة لدي. أعتقد أن أي شخص يشارك في هذا البرنامج يجب أن يعين لنفسه محامياً. إنها منطقة خطيرة للغاية تتواجد فيها الولايات المتحدة، وتواصل تقديم الدعم بالنظر إلى عدد المدنيين الذين قتلوا”.
وأضافت الصحيفة أن هناك سوابق. ففي عام 2009، وجه المدعون الإسبان اتهامات إلى ستة مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش بشأن تعذيب سجناء في خليج غوانتانامو بكوبا، على الرغم من رفض محكمة أعلى للقضية.
وإلى جانب المحاكم في الدول ذات السيادة، يمكن كذلك رفع التهم الموجهة إلى الأميركيين بشأن اليمن في محكمة دولية إذا تم تشكيلها للتحقيق في الفظائع في تلك الحرب. وأصدر محققو الأمم المتحدة الأسبوع الماضي تقريراً مفصلاً عن الفظائع في اليمن طالبوا فيه مجلس الأمن بإحالة الإجراءات التي تتخذها جميع الأطراف إلى محكمة دولية لمحاكمة مرتكبي جرائم حرب محتملة، وهي علامة على الزخم وراء فكرة اتخاذ إجراء قانوني.
وكشفت “نيويورك تايمز” أن القضاة والمدعين الدوليين يتبنون فكرة تحميل الأميركيين المسؤولية عن أفعال الحرب في أجزاء أخرى من العالم. ففي آذار / مارس الماضي، قضت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بأنه بإمكان المدعي العام فتح تحقيق في تصرفات القوات الأميركية في حرب أفغانستان – وهي المرة الأولى التي تسمح فيها المحكمة برفع قضية ضد الولايات المتحدة. وردت إدارة ترامب هذا الشهر بفرض عقوبات على المدعي العام ومحامي آخر في المحكمة، في مؤشر على مدى جدية التعامل مع اتهامات جرائم الحرب المحتملة.
ورفض المتحدثون باسم وزارة الخارجية الأميركي مناقشة عملية صنع القرار، لكنهم أصدروا بياناً قال إن الوكالة لديها استراتيجية لتقليل الخسائر المدنية قبل آخر بيع كبير للأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية في أيار / مايو 2019. وأضافوا أن الوزارة “واصلت” العمل بلا كلل “على الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين في اليمن وأماكن أخرى، مستشهدين بالسياسات التي تمت إعادة تصميمها والتحليلات الموسعة والتدريب الجديد للسعوديين والإماراتيين، الذين هم جزء من التحالف الذي تقوده السعودية.
وكان لإدارة أوباما صراعاتها الخاصة مع اليمن. فعندما قرر محامو وزارة الخارجية في عام 2016 أن المسؤولين الأميركيين يمكن أن يتهموا بارتكاب جرائم حرب، فإن كبير محامي الوكالة قد وضع الرأي جانباً عندما قرر عدم إرسال التحليل إلى مكتب وزير الخارجية. بحلول ذلك الوقت، كانت الإدارة قد اتخذت بالفعل نهجاً أكثر صرامة فيما يتعلق بوفيات المدنيين في اليمن. في شهر كانون الأول / ديسمبر من ذلك العام، قبل شهر من مغادرته منصبه، منع الرئيس باراك أوباما شحنة من القنابل دقيقة التوجيه كان قد وافق على بيعها للسعوديين.
لكن في غضون أشهر، سلمت إدارة ترامب الجديدة القنابل التي أوقفها أوباما. ثم سعت الإدارة إلى زيادة المبيعات: صفقات بقيمة 8.1 مليار دولار من الأسلحة والمعدات في 22 دفعة، بما في ذلك 3.8 مليار دولار من القنابل الموجهة بدقة وأجزاء القنابل التي صنعتها شركة “ريثيون”، إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
منع المشرعون في الكونغرس الشحنات لمدة عامين تقريباً، حتى أصدر وزير الخارجية مايك بومبيو تعليمات لمرؤوسيه بالالتفاف على الكونغرس. لقد فعلوا ذلك بإعلان حالة الطوارئ مع إيران، مما دفع المفتش العام إلى المراجعة. وقال العلماء إن هذا التحقيق لم يوثق فقط المخاوف القانونية القائمة منذ فترة طويلة، بل أنشأ كذلك تقريراً نقدياً يمكن أن يزيد في حد ذاته من المخاطر القانونية.
وقال ريان غودمان، أستاذ القانون في جامعة نيويورك وكان محامياً بوزارة الدفاع في إدارة أوباما، إنه يمكن استخدام نتائج تقرير المفتش العام كدليل في المستقبل ضد المسؤولين الأميركيين أو الحكومة الأميركية.
ومع ارتفاع عدد القتلى المدنيين في اليمن، أصبح الدور الأميركي في الحرب قضية سياسية مهمة.
يقول جوزيف بايدن جونيور، المرشح الرئاسي الديمقراطي الذي كان نائب الرئيس عندما بدأ الصراع في اليمن، إنه سينهي دعم الولايات المتحدة للحرب. على النقيض من ذلك، يضاعف ترامب مبيعات الأسلحة ويتباهى بإيرادات السعوديين.
وقال ترامب خلال مقابلة في شباط / فبراير: “لدي علاقة جيدة للغاية معهم. إنهم يشترون منا منتجات بمليارات ومليارات ومليارات الدولارات. إنهم يشترون معدات عسكرية بمليارات الدولارات”.
في آذار / مارس 2015، عندما تحرك التحالف الذي تقوده السعودية لأول مرة لطرد “المتمردين الحوثيين” الذين استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء، وافق أوباما على دعم هذا الجهد. وقعت إدارته على بيع 1.3 مليار دولار من القنابل الموجهة بدقة وأجزاء القنابل لتجديد المخزونات السعودية المستنفدة “بسبب الوتيرة التشغيلية العالية” في اليمن.
لكن سرعان ما اتضح أن السعوديين وشركاءهم في ذلك الوقت، بمن فيهم الإماراتيون، كانوا إما يستخدمون القنابل بإهمال أو يوجهونها عمداً إلى المدنيين. في الأشهر الثمانية عشر الأولى من القتال، ربطت جماعات حقوق الإنسان القنابل الأميركية بالهجمات على المنازل والمباني السكنية والمصانع والمستودعات ومركز ثقافي ومجمع زراعي ومدرسة ابتدائية ومواقع أخرى غير عسكرية.
ومع تصاعد المخاوف بشأن مثل هذه الضربات في واشنطن، فحص المكتب القانوني لوزارة الخارجية ما إذا كان المسؤولون الأميركيون الذين وافقوا على بيع الأسلحة للسعوديين وشركائهم يواجهون مخاطر قانونية.
وبالاعتماد على قضية محكمة دولية ضد تشارلز تيلور، أمير الحرب الليبيري، والتي استشهدت بها الولايات المتحدة في محاكمات تنظيم القاعدة، توصل المكتب القانوني إلى النتيجة المقلقة التي وضعها كتابياً في مذكرة في عام 2016 وهي: قد يتهم مسؤولون أميركيون، بمن فيهم وزير الخارجية بارتكاب جرائم حرب لدورهم في تسليح التحالف السعودي، وفقاً لستة مسؤولين حكوميين أميركيين حاليين وسابقين على علم بالمذكرة.
في ذلك العام، ناقش الخبراء القانونيون ورقة في مجلة قانونية تعرض حجة جرائم الحرب لهذا النوع من الصراع كتبها بريان فينوكين، محامي وزارة الخارجية المعين لمكتب الشؤون السياسية والعسكرية بالوكالة، والذي يشرف على صادرات الأسلحة. تحدث فينوكين بصفته الخاصة في مؤتمر كلية الحقوق بجامعة ييل في عام 2018 حول حرب اليمن، وقال إن المسؤولين الذين يمكن محاكمتهم هم “أولئك الذين لديهم سلطة اتخاذ القرار أو سلطة النقض”. وأضاف: “أعتقد أنك تبحث عن أفراد قد يكونون كباراً جداً”.
لكن كبير محامي وزارة الخارجية الأميركية لم يرسل المذكرة قط إلى مكتب وزير الخارجية. يقول علماء القانون إن محامي الأمن القومي التابعين للحكومة غالباً ما ينخرطون في ممارسة إشكالية بشكل متزايد: الامتناع عن تكريس الآراء القانونية الصريحة التي قد تقيّد أيدي صانعي السياسة. لم يستجب بريان إيغان، المستشار القانوني للوزارة في ذلك الوقت، لطلبات التعليق للصحيفة.
وعلى الرغم من أن التحليل لم يتقدم داخل وزارة الخارجية، فقد فتحت إدارة أوباما مراجعة للسياسة، وحاول وزير الخارجية جون كيري التوسط في وقف إطلاق النار.
ومنذ عام 2018، طلب النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، تيد ليو، من وزارة الخارجية إصدار المذكرة، لكنها رفضت القيام بذلك.
وخلال ربيع عام 2017، عمل مساعدو ترامب وبعض مسؤولي وزارة الخارجية على إلغاء تجميد تسليم القنابل الذي أوقفه أوباما. كان ترامب وصهره ومستشاره، جاريد كوشنر، يستعدان لرحلة إلى السعودية في أيار / مايو، وكانا متحمسين لإعلان رئاسي كبير في الرياض بشأن استئناف مبيعات الأسلحة الأميركية.
ومع ذلك، أراد المسؤولون في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية تأكيدات بأنهم يستطيعون تنفيذ مزايدة الرئيس بشأن مبيعات الأسلحة من دون تعريض أنفسهم لخطر قانوني. خلال أحد اجتماعات البيت الأبيض قبل الرحلة، أعرب مايك ميلر، المسؤول الكبير في وزارة الخارجية حينها وكان منخرطاً في مبيعات الأسلحة، عن المخاوف بصراحة، بحسب مسؤولين. وقال إنه يشعر بالقلق من إمكانية اعتباره مسؤولاً عن المساعدة في قتل المدنيين.
سيعمل المسؤولون الأميركيون لاحقاً على معالجة المخاوف. وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس قد منحهم فرصة الافتتاح، الذي ضغط في آذار / مارس في البنتاغون على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال زيارته واشنطن، من أجل “وقف قصف النساء والأطفال”. وافق ولي العهد على اتخاذ خطوات للحد من القتل. وعلى مدى أسابيع، صاغ المسؤولون الأميركيون مبادئ توجيهية للحكومتين السعودية والأميركية لاتباعها كشرط لمبيعات الأسلحة في المستقبل. تصور المسؤولون أن الخطة لا تنقذ أرواح المدنيين فحسب، بل توفر كذلك الحماية ضد مزاعم التواطؤ الأميركي في جرائم الحرب.
وقالت تينا كايدانو، التي كانت ترأس مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية الأميركية أنذاك، عن السعوديين: “لقد عملنا بصرامة لمحاولة منحهم إحساساً بأن بيع هذا الأمر سيكون الآن أكثر صعوبة”.
لكن مع استعداد ترامب وكوشنر للرحلة إلى السعودية، قام المسؤولون بتقليص المبادئ التوجيهية في جهودهم لدفع مبيعات الأسلحة.
تظهر رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها صحيفة “نيويورك تايمز” أن ستيوارت جونز، نائب الوزير بالإنابة في مكتب شؤون الشرق الأدنى آنذاك، وزملاؤه ناقشوا كيفية صياغة لغة مقبولة حول استخدام الذخائر دقيقة التوجيه في رسالة، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أنه كان سيوقعها قبل زيارة ترامب للرياض.
في نيسان / أبريل 2017، كتب تيموثي ليندركينغ، نائب مساعد وزير الخارجية في مكتب شؤون الشرق الأدنى، إلى جونز أنه التقى بمحامي وزارة الخارجية “ووافق على تعديلات لتقليص لغة الرسالة”. في اليوم التالي، كتب جونز أن الجبير “وافق بسرعة” على توقيع الرسالة. (أحال جونز، الذي ترك وزارة الخارجية في عام 2018، أسئلة الصحيفة إلى الوزارة).
وأدرجت الرسالة حوالى خمس ضمانات، بما في ذلك تعهد من السعوديين بمشاركة قواتهم في برنامج تدريبي بقيمة 750 مليون دولار يديره الجيش الأميركي.
في الرياض، أعلن ترامب والملك سلمان عن صفقة الأسلحة.
وبعد أن أقال ترامب فجأة وزير خارجيته، ريكس دبليو تيلرسون، في آذار / مارس 2018، وبينما كان بومبيو ينتظر تأكيد مجلس الشيوخ لتعيينه على رأس وزارة الخارجية، عمل نائب وزير الخارجية جون سوليفان، كوزير بالوكالة.
يعتقد المسؤولون القلقون بشأن مبيعات الأسلحة أن سوليفان كان منتبهاً للمخاوف الإنسانية في حرب اليمن. ففي الأسابيع الثلاثة التي كان يدير فيها الوزارة، أرسلوا استئنافًا للتوضيح القانوني.
رد سوليفان بالموافقة على مذكرة صاغها المسؤولون والتي أوصت بتنفيذ استراتيجية قوية لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين وتحديث التحليل القانوني قبل المضي قدماً في مبيعات القنابل، وفقاً لمسئولين أميركيين. لكن المفتش العام قرر فيما بعد أن الوكالة فشلت في القيام بذلك.
تولى بومبيو المسؤولية بعد فترة وجيزة. في شهر آب / أغسطس من ذلك العام، أسقطت طائرة تابعة للتحالف السعودي قنبلة أميركية الصنع على حافلة مدرسية يمنية، مما أسفر عن مقتل 54 شخصاً، بينهم 44 طفلاً، في هجوم وصفه ترامب فيما بعد بـ”المرعب”.
في الشهر التالي، أصدر بومبيو شهادة رسمية للكونغرس بأن التحالف الذي تقوده السعودية يعمل على تقليل الوفيات بين المدنيين، على الرغم من التقارير الإخبارية والتقييمات الداخلية لوزارة الخارجية التي تشير إلى عكس ذلك. وقال مسؤولون إن كبار المسؤولين في الوزارة حذروا بومبيو من الشهادة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنهم أصبحوا قلقين أكثر بشأن القضايا القانونية. وأثارت هذه الخطوة رد فعل عنيف في الكونغرس وعززت عزم المشرعين على مواصلة منع مبيعات الأسلحة.
وبحلول نيسان / أبريل 2019، كان بومبيو محبطاً من التأخير، وكان كبار المعينين السياسيين في وزارة الخارجية يناقشون تكتيكاً نادراً ما يتم الاستناد إليه لفرض مبيعات أسلحة بقيمة 8.1 مليار دولار من دون موافقة الكونغرس، أي عبر إعلان حالة الطوارئ بشأن إيران.
كان في قلب تلك المناقشات ماريك سترينغ، وهو مساعد سابق في مجلس الشيوخ انضم إلى وزارة الخارجية في عام 2017. وبحلول كانون الثاني / يناير 2019، أصبح الرئيس بالنيابة لمكتب الشؤون السياسية والعسكرية وأشرف عن كثب على التخطيط للطوارئ.
أعلن بومبيو حالة الطوارئ في 24 أيار / مايو 2019، واستؤنفت صفقات الأسلحة المتوقفة، بما في ذلك بيع حوالى 120 ألف قنبلة وأجزاء قنابل للسعوديين والإماراتيين.
لكن لم يتم تنفيذ أي استراتيجية محدثة لتخفيف الخسائر المدنية أو تحليل قانوني قبل شحن المعدات، وفقاً لتقرير المفتش العام. وقال التقرير، الذي صدر في آب / أغسطس الماضي، إنه على الرغم من أن بومبيو لم ينتهك القانون في إعلان حالة الطوارئ، إلا أن وزارة الخارجية أخفقت في اتخاذ الإجراءات المناسبة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين والمخاطر القانونية المرتبطة بها.
والجدير ذكره أن القسم العام من التقرير النهائي لم يتضمن توصية من مسودة سابقة: يجب على الوزارة “تحديث تحليلها للمخاطر القانونية والسياسية” المتعلقة ببيع القنابل للتحالف السعودي، وفقاً للنص الذي حصلت عليه “نيويورك تايمز”. تم تحرير لغة تلك التوصية ونقلها إلى الملحق المصنف بعد ضغوط من مسؤولي الإدارة.
في اليوم الذي أعلن فيه بومبيو حالة الطوارئ، قام كذلك بترقية سترينغ ليكون أكبر محامي وزارة الخارجية. من هذا المنصب، حاول سترينغ الضغط على المفتش العام ستيف لينيك للتخلي عن تحقيقه، كما قال لينيك في شهادته أمام الكونغرس في حزيران / يونيو الماضي. تعامل مكتب سترينغ أيضاً مع تنقيح التقرير، بينما ضغط آر كلارك كوبر، الرئيس الحالي للشؤون السياسية والعسكرية، لتصنيف المواد الأكثر أهمية – بعد أن كان موضوع مقابلة في التحقيق. في أيار / مايو الماضي، دفع بومبيو ترامب لإقالة لينيك.
منذ إعلان الطوارئ، الذي ينطبق على المبيعات العام الماضي فقط، سعى السعوديون وشركاؤهم لشراء المزيد من القنابل الأميركية. حوالى 800 مليون دولار من الطلبات معلقة الآن، وقد تم تعليقها في نفس عملية المراجعة في الكونغرس التي أحبطت بومبيو والبيت الأبيض.
أعلنت الإمارات الصيف الماضي عن سحب معظم قواتها من الحرب الطاحنة في اليمن، لكنها تواصل القتال في الحرب الليبية.
ومن تموز / يوليو إلى أوائل آب / أغسطس من هذا العام، قتلت ثلاث غارات جوية على الأقل من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن مدنيين، بمن في ذلك نحو عشرين طفلاً، وفقاً للأمم المتحدة وعمال الإغاثة والمتمردين الحوثيين. قال أحد العاملين في مجال حقوق الإنسان إن إحدى الضربات وقعت أثناء احتفال بعد ولادة طفل حديث الولادة. الصبي البالغ من العمر أسبوع واحد فقط لم ينجُ.
* المصدر : الميادين نت
* المقالة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع