هل ساندت السعودية تنظيم “الدولة الإسلامية” في البيضاء اليمنية؟
عبدالرزاق الجمل*
اهتمت وسائل الإعلام المحلية والخارجية بالتهم المتبادلة بين الحكومة اليمنية وجماعة “أنصار الله” الحوثيين حول وجود علاقة بـ”القاعدة” و تنظيم “الدولة الإسلامية” في محافظة البيضاء، خلال وبعد المعارك التي دارت بمديرية “ولد ربيع” الشهر الماضي.
التهم المتبادلة، وتركيز وسائل الإعلام عليها، ساهما في دفن حقائق مهمة، وتساؤلات كان يفترض أن تطرح، أبرزها:
ـ لماذا شاركت المقاتلات السعودية بفاعلية في المعارك رغم نفي الحكومة وجود قوات لها بمناطق المواجهات، في سياق ردها على تهمة الارتباط بتنظيمات إرهابية؟.
ـ أي طرف دعمت تلك المقاتلات؟.
قبل الإجابة على هذين التساؤلين، لابد من الحديث عن حقيقة مهمة، وهي “نهاية تنظيم الدولة في اليمن”.
كما هو معلوم، تأسس تنظيم الدولة في اليمن أواخر العام 2014، عبر منشقين عن القاعدة. ظل التنظيم قوة محدودة، مقارنة بتنظيم القاعدة، رغم تنفيذه عمليات كبيرة في عدن خلال العامين 2016\ 2017.
لاحقا، ومع بدء تطبيع الوضع الأمني في عدن وغيرها من مدن الجنوب، غادرها التنظيم إلى يافع بلحج، قبل أن يستقر في محافظة البيضاء، وتحديدا في مديرية ولد ربيع، المعقل التاريخي للقاعدة.
في مديرية ولد ربيع، خاض التنظيم معارك شرسة ضد تنظيم القاعدة خلال الأعوام الماضية، كما نفذ عمليات ضد “أنصار الله” الحوثيين.
ويمكن القول إن عناصر تنظيم الدولة التي تواجدت في المديرية هي كل التنظيم، إذ لا تواجد له في مدن أو محافظات أخرى.
قبل أيام شن الحوثيون هجوما كبيرا ومن أكثر من محور على مديرية ولد ربيع، لغرض السيطرة عليها، بما يعنيه ذلك من تحقيق مكاسب عسكرية وسياسية.
بالنسبة إلى تنظيم القاعدة الذي ينتهج استراتيجية قتالية لا تعتمد على الاحتفاظ بالأرض، فقد انسحب إلى مناطق أخرى في المحافظة.
أما تنظيم الدولة، فقد قرر القتال دفاعا عن المناطق الخاضعة لسيطرته، لتنتهي المواجهات بمقتل أميره في اليمن “أبو البراء العدني” ومعظم من كانوا معه.
بالعودة إلى التساؤلين السابقين حول مشاركة المقاتلات السعودية في المعارك بمديرية ولد ربيع، ولصالح أي طرف، يمكن القول إن للسعودية حساباتها الخاصة هنا:
تعتقد السعودية أن تنظيم القاعدة في اليمن مصدر تهديد حقيقي لها، كونه يضم في صفوفه عددا كبيرا ممن يحملون الجنسية السعودية، بخلاف تنظيم الدولة.
إضافة إلى ذلك، كانت السعودية من الدول المستهدفة بعمليات القاعدة العابرة للحدود، والتي كان أبرزها عملية استهداف من كان وزيرا للداخلية حينها، الأمير محمد بن نايف، في قصره بمدينة جدة عام 2009، إضافة إلى عمليات “شرورة” أواخر العام 2014.
ولأن كل العمل العسكري والأمني ضد القاعدة في اليمن لم يقض عليه ولم يحد من نشاطه ولا من استمرار التحاق مواطنين سعوديين به، رأت السعودية في وجود منافس جهادي (تنظيم الدولة) فرصة ليتحقق من خلاله ما صعب تحقيقه عبر الخصوم، ومن هنا ربما جاءت المساندة الجوية.
وبطبيعة الحال، لا يعني هذا أن هناك تنسيقا من أي نوع بين الطرفين، فموقف تنظيم الدولة من الحكومة السعودية أكثر تشددا من موقف القاعدة.
* المصدر : رأي اليوم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع