الدكتور محمد بكر*

بالرغم من كل ماتُصدّره وسائل الاعلام الإسرائيلية، وما يتحدث عنه المحللون العسكريون الإسرائيليون عن حالة التأهب الدائم لجهة رد حزب الله، وأن المعادلة التي أرساها الأمين العام لحزب الله في خطابه الأخير ( جندي مقابل مجاهد)، هي لم تعد موضع تراجع أو تأويل او انسحاب ،وان الحزب يحاول إخراج وهندسة ضربة عسكرية تقتل جندياً اسرائيلياً أو أكثر، كما قال محلل الشؤون العسكرية في القناة الثانية عشر روني دانييل، برغم كل ذلك، فمامعنى أن تواصل إسرائيل عمليات استهداف مواقع للجيش السوري وكان آخرها العدوان الأخير على جنوب دمشق الذي ادى لاستشهاد عسكريين سوريين اثنين وجرح سبعة، مواصلة إسرائيل الدفع نحو مواجهة مع خصومها في المنطقة هي تأت بعد تحولين رئيسين :

الأول التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني والذي دشنته دولة الإمارات، وسينسحب ذلك السلوك على دول عربية عديدة طال الزمن ام قصر، وهو ماتُقيّمه إسرائيل في إطار بناء التحالفات على قاعدة الدفاع المشترك، وتشكيل سند وأذرع رديفة لها في المواجهة القادمة.

الثاني هو حديث كوشنر خلال الزيارة الأولى إلى أبو ظبي على متن اول رحلة تجارية لشركة العال عن ضرورة تفوق الجانب الإسرائيلي عسكرياً ،وهو مايُعتقد انه ليس فقط مباركة أميركية للتوافقات العربية الإسرائيلية الحاصلة، وإنما مباركة لاستيلاد تحالف عسكري عربي إسرائيلي هدفه العميق كسر شوكة محور بعينه.

صحيح أن مشهد روبورت الجندي الصهيوني هو يدلل على ترقب وخوف إسرائيلي من ردة فعل الحزب المستقبلية، الذي مازال يتبع استراتيجية باردة تجعل الإسرائيلي على جمر الانتظار، لكن تركيز الإسرائيلي على استهداف جبهة سورية بصورة متكررة، وتحاشي المعركة مع الحزب، هو يبعث برسائل سياسية للدولة السورية، لجهة تثقيل المطالب الأميركية باتجاه تغيير سلوك الأسد بالابتعاد عن طهران وتعزيز علاقته بالعرب.

التهافت العربي نحو إسرائيل، سواء بمن وقّع او من بارك، أو من على الطريق ليُوقع، إضافة لنجاح المساعي القطرية في اقناع حماس لتثبيت هدنة في القطاع والعودة لمرحلة ماقبل التصعيد، مقابل إطلاق جملة من المشروعات الخدمة في القطاع، هو يجعل الأرض صلبة شيئاً فشيئاً تحت الأقدام الصهيونية وكل يوم يمر من دون مكاثرة سلوك نوعي لمحور المقاومة، هو يخدش ويقلل ويبرد من معادلة على رجل ونصف، وإنْ بدا الاحتلال متأهباً متيقظاً متحسباً لا يعرف الراحة.

المرحلة الحالية هي غاية في الخطورة ومستوى الحدث ومشهدية الاشتباك، تتطلب تعاملاً فاعلاً وإجراءات مستعجلة من قبل جبهة بعينها على طريق إنفاذ الوعود، وإنفاذ إطلاق مقاومات شعبية وتحديداً في الجنوب السوري وفي الشمال.

عندما يقلق الإسرائيلي ويقول رئيس أركانه كوخافي غير مرة ان أي مواجهة ستكون متعددة الجبهات ، ونرى حماس ” مرغمةً” تثبّت هدنة مع الاحتلال بوساطة قطرية وبعيداً من حلفائها ، وتُقصف سورية وتغيب مفاعيل الدفاعات الجوية الإيرانية والرسائل السياسية التي بعثت بها زيارة رئيس الأركان الإيرانية محمد باقري ، وعندما يُبالغ حزب الله في التأني والرد.. فاعلم أن قلق كوخافي ليس في محله كثيراً.

* كاتب صحفي فلسطيني
* المصدر : رأي اليوم
* المقال تم نقله حرفيا من المصدر ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع