حول الأساس العقدي للتطبيع مع إسرائيل؟!
محمد النوباني*
من يراقب ألتصريحات التي ادلى ويدلي بها مسؤولون إماراتيون وخليجيون حاليون وسابقون حول التطبيع مع إسرائيل وكذلك التغريدات التي ينشرها كتاب وصحافيون ومثقفون، من تلك البلدان دفاعاً عن الدولة العبرية وضد الفلسطيني وقضيته العادلة تحت عنوان “فلسطين ليست قضيتي” يلاحظ أن الحديث لا يجري إنطلاقاً من مواقف سياسية إضطرارية لضمان الحماية الامريكية فحسب بل عن قناعة ومصلحة طبقية تلامس تبني الرواية الصهيونية وإعتناق الفكر الصهيوني.
ولا غرابة في ذلك سيما إذا ما عرفنا انه بالاضافة الى الصهيونية اليهودية هنالك صهيونية مسيحية سبقت ظهور الاولى بزهاء 250 عاما ويقوم معتقدها على ان اقامة اسرائيل وهدم المسجد الاقصى وتهويد القدس وبناء الهيكل الثالث المزعوم على انقاضه هي ضرورة لا بد منها لعودة المسيح المنتظر ونشوب معركة “همرجديون” تحت قيادته حسب إعتقادهم وبالتالي لماذا لا يكون هنالك ايضا صهيو –عربية- اسلامية تتكئ على نفس المعتقد وتؤمن به؟ من باب إخفاء إنتمائها للفكر الصهيوني.
وحتى تقارب هذه المسالة في اطارها المعرفي فانه لا بد من الاشارة الى ان هنالك تيارات تكفيرية اسلامية اصولية تؤمن بالعودة الثانية للسيد المسيح وقيادته للمعركة الفاصلة مع الكفر قبل قيام الساعة وتمارس نفس الممارسات التي تمارسها الحركة الصهيونية في تعاملها مع الاخرين مثل التكفير والقتل ورفض الاخر. مما يؤكد بانها ليست اسلامية الا بالاسم ولكي نفصل اكثر فقد كان لافتا على سبيل المثال لا الحصر ان اسرائيل التي شنت مئات الغارات على مواقع الجيش العربي السوري والقوى الحليفة له من ايرانية اللبنانية وعراقية وافغانية منذ اندلاع الحرب في سوريا وعلى سوريا منذ العام 2011 لم توجه حتى لو ضربة واحدة لداعش والنصرة واخواتهما.
و اكثر من ذلك, فقد قدمت العلاج لجرحى المجموعات التكفيرية المسلحة في المستشفيات الاسرائيلية عندما كانوا يتعرضون للاصابة في معاركهم مع الجيش العربي السوري في الجولان السوري المحتل, كما حاولت إستخدامهم لاقامة منطقة عازلة على طول خط وقف النار مع القوات السورية اسوة بما فعلته في جنوب لبنان قبل تحريره عام 2000 في حين ان ألتكفيريين من جهتهم لم يتعرضوا ابدا للقوات الاسرائيلية حتى لو لمرة واحدة.
ورب معترض هنا يقول بان السبب في ذلك قد يعود لنوع من تلاقي المصالح بين اسرائيل والتكفيريين حيث كلاهما يلتقيان حول هدف واحد, و هو اسقاط الدولة السورية ومحاربة النفوذ الايراني ومنع حزب الله من التموضع على مقربة من الحدود مع اسرائيل و ليس لاسباب تتصل بقرابة فكرية او عقائدية.
ولكن وجاهة هذا الاعتراض سرعان ما تتلاشى اذا اعدنا الى الذاكرة حقيقة ان اكثر من مسؤول في تلك العصابات التكفيرية زار ايضا اسرائيل واشاد بها وابدى استعداده للتحالف معها ضد العدو المشترك للطرفين، مما ياكد وجود معتقدات وقيم مشتركة ايضا..
ومما ينطبق على هذه التنظيمات التكفيرية ينطبق على بغض الانظمة العربية التي ساهمت في قيام اسرائيل وتخلت منذ امد بعيد حتى عن المساندة اللفظية للشعب الفلسطيني وصل بها الامر مؤخرا كما فعلت الإمارات إلى عقد معاهدة سلام مع إسرائيل سوف توقع قريباً وستحذوا حذوها دول خليجية أخرى.
واستطيع الذهاب لأبعد من ذلك لاقول بان كل النخب السياسية والفكرية والثقافية , الاسلامية والعربية التي تؤيد مواقف وسياسات اسرائيل وتدعوا الى التفريط بالحقوق الفلسطينية انطلاقا من مصالح طبقية هي ايضا نخب صهيو عربية اسلامية سواء شاءت تلك النخب أم أبت.
* المصدر : رأي اليوم