خبراء عرب: الدول العربية ستحصُل على “براوني” من التطبيع مع تل أبيب التي لا يُهمُها ابتلاع طهران للخليج العربي
الخبراء: أبو ظبي لا تمتلك وزناً فلسطينياً و”إبراهام” صفقة لتصفية القضية العربية الأولى والدول الخليجية تسير على السِّكة “التطبيعية” وبغداد تبعُد عن التطبيع قرون ضوئية ومجرات كردية
السياسية – رصد :
رأى البروفيسور الأمريكي؛ جيمس دورسي إنَّ ” الدِّوَل العربية في الشرق الأوسط، ستحصل بالتأكيد على نُقاط “برواني” في واشنطن وتل أبيب، نتيجة تحمُّلِها الجزء الأكبر مِنْ أعباء صفقة القرن الأمريكيّة”. يُجدر بنا أن نُشير، إلى أنَّ مُصطلح نُقاط “براوني” يُشير إلى “جائزةٍ خياليّة تُعطى لِمَنْ يقوم بأفعالٍ جيّدة أو يحاول إرضاء الآخرين بأفعالِه”.
دورسي، والذي هو أيضاً مِنْ كِبار الأعضاء، في عدّةِ مراكزٍ بحثية، وجَدَ أيضاً ” إنَّ فكرة دفعِ العِراق لثمنٍ في صفقة القرن، لكي يحصُل على الرِعاية الأمريكيّة، لا يعدو كونهُ نظرية مؤامرة”. كذلك نَصَحَ دورسي ” بغداد، بالحِفاظ على تواجدٍ أمريكي”.
نُقاط اشتباك “إبراهام” الإقليمية والخليجية
باحثٌ عربي، في الشؤون “الأوراسية” بشكلٍ أساس، فضَّلَ عدم الكشف عن اسمه، رأى أن اتِفاقية “إبراهام”، بين تل أبيب – أبو ظبي لن ” تُغيّرَ مِنْ موازين القوى في المنطقة”. أمّا عن تداعياتها على علاقة تل أبيب مع أنقرة ” الأخطار التي تواجه إسرائيل، مِنْ ناحية التمدد والنفوذ التركي؛ تعلمُ جيّداً كيفية التعامُل معه، بعد أنْ أصبح مُنافِساً لها في بعض الجوانب، ورغم العلاقة الجيّدة بين الطرفين “.
وعمّا إن كانت مدافع اتِفاقية “السلام” الإسرائيلية- الإماراتية، ستوجَّه نحو طهران ” ليس لدى الإمارات، أي استعداد أن تخوض حرباً ضد إيران، أو أن تجعل من أراضيها منطلقاً لحربٍ ضِدَّها. تُدرِك جيداً أنَّ أوَّلَ مَنْ سيتلقى الرد الانتقامي، لن يكون إسرائيل، ولن تكون القواعد الأمريكية في الخليج، بل ستكون هي”. أمّا عن نُقاط الاشتباك الخليجية، بين طهران وتل أبيب ” إسرائيل لا تهتم بهذا الموضوع. تُسيطر إيران على العراق.. على الخليج؛ هذا أمرٌ لا يعنيها”. لكن برأي المصدر، يبقى للخليج العربي، فوائد إسرائيلية ” تُفيدُها دِعائياً؛ فهي تُعاني، مِنْ تراجُعٍ كبير في الشعبية على مستوى العالم، وفي نفس الوقت تؤكد أن الصراع فلسطيني إسرائيلي، وليس عربي إسرائيلي. معنى هذا أنْ موازين القوى تعملُ بقوّة لصالح إسرائيل. وبناءً عليه لا خطر على إسرائيل”.
رئيس مجموعة المورد للدِراسات؛ العراقي نجم القصاب، رأى “إبراهام” مِنْ زاويةِ الاقتصاد ” اعتقد إنَّ هذهِ الاتِفاقية، هي اقتصادية أكثر منها سياسية، وهناك استطلاعات واستبيانات، ذَهَبَ كثيرٌ مِنها، إلى أن هذا الاتِفاق بين الإمارات وبين إسرائيل، سوف تنضمُ إليه دِّوَلٌ أُخرى، خصوصاً دِّوَلٌ مِنْ الخليج العربي”. وفيما إن كانت مِثْلُ هكذا اتفاقيات، تصُب في تفكيك أزمات المنطقة، قيَّمَ القصاب “إنَّ كُل المعطيات والمؤشرات، تذهب إلى إنَّ التفاهمات والمعاهدات الجديدة في المنطقة، هي أفضل الحلول، لأن العالم يُعاني ما يُعاني مِنْ انقساماتٍ وانهياراتٍ، وكسادٍ اقتصادي، خصوصاً بعد جائحة كورونا”.
رئيسُ تحرير صحيفة وطن؛ الفلسطيني نظام المهداوي، اعتبرّ اتفاقية “إبراهام”، إشهاراً لإعلانِ ” تَحالُفٍ استراتيجي بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي”، وعن تداعياتِها ” لن تكون سوى استمرارٍ للتخريب، والتدخل في شؤونِ الدِّوَل العربية، مِنْ قِبَلِ الإمارات، وهو دورٌ ضلعت به، لِحسابِ إسرائيل منذُ عام ٢٠١١”.
الصِحافي العراقي صفاء صبحي، وهو مقيمٌ في لندن، رأى ” إنَّ تصوّر وجود مصلحة “عربية” مِنْ اتِفاق أبوظبي- تل أبيب، هو في غير محلِّه. الإمارات ليست دولة مواجهة، وتنظر للاتِفاق مع اسرائيل، وِفقاً لمبدأ سيادي يخصُّها وحدها، ويستنِدُ إلى قراءةٍ خاصّة للمشهد الإقليمي والدَّوْلي الراهن؛ الذي يهيمنُ عليه التوتر مع إيران وتركيا”. وعن التصريحات الإماراتية التي أكَّدت ” إنَّ هذا الاتفاق فيه منفعة تتمثَّلُ في وقفِ ضمِّ الأراضي”، وَصَلَ صبحي إلى هذهِ النتيجة ” إنَّ هذهِ المنفعة آنية وتكتيكية، بمعنى لو استأنفت اسرائيل ضمَّ الأراضي، فلن يؤثِّر ذلِك على جوهر اتِفاق السلام بين البلدين”.
صبحي، رأى أيضاً ” إنَّ مِنْ حقِّ الإمارات أن تنظُر إلى مصلحتها مِنْ هذا الاتِفاق؛ تماماً مثل مصر و الأردن و تركيا. الاتِفاق مع إسرائيل، ليس توكيلاً تجارياً حصرياً، مُسجَلاً باسمِ طرفٍ ما. جميعُ اللاعبين السياسيين في المِنطَقة لهُم حقُّ النظرِ في طبيعةِ العِلاقة مع إسرائيل، مِنْ وجهةِ نظرٍ منفعية”.
إعراب “إبراهام” في القواعد الفلسطينية وبالحركات العربية
الباحث والكاتب الفلسطيني؛ محمد الوليدي، رأى ” التطبيع كانت ستؤمرُ بهِ أكثر الأنظمة العربية، بعد القضاء التام على الثورات العربية المُضادة، ولكن في حالة الإمارات، تمَّ جرُّها مُبكِّراً لفِراش التطبيع، لإنقاذ نتنياهو و ترامب في الانتِخاباتِ القادمة، ومِنْ أجلِ جسِّ نبضِ دِّوَلٍ أخرى”.
الصِحافي العراقي؛ مازن الزيدي، أعطى صفراً لقيمة هذهِ الاتفاقية، على إحداثِ تأثيرٍ عربي، لصالِح واشنطن و تل أبيب “إنَّ الإمارات لم تكن ولن تكون مؤثِّرة في مسارِ الأحداث المصيرية للمنطقة، لكي يكون تطبيعُها تحوّلاً. القرارُ الإماراتي مُختطفٌ منذُ فترة بيد اسرائيل وواشنطن، والكشف عن التطبيع مجرَّدُ إشهارٍ لا غير. لكنه لن يؤثِّر على مسار الرفض والسخط ضِد السياسات الأمريكية، أو أن يكون بوابةً، لإعادة دمجِ إسرائيل في المنطقة العربية الإسلامية”.
المحلِّل السياسي والأمني العراقي؛ حسين علي حسين، لخَّصَ أهداف اتفاقية “إبراهام” بين أبو ظبي – تل أبيب ” تفكيك القضية الفلسطينية، وسَلْبِ رِدائها العربي والإسلامي، لِتحويلِها إلى قضيةٍ فلسطينية حصراً. كما أنْ التطبيع مع الإمارات، هو لإيجادِ مواقع تهديد جديدة، في محيطِ دِّوَلِ مِحور المقاومة، و رُبَّما في وقتٍ قريب، ستُنشر أسلحة هجومية تكتيكية، لِمُعالجة التهديدات المحتملة؛ التي ستأتي عبر ردِّ فعلٍ إيراني؛ فيما لو اندلعت المواجهة”.
وفيما إن كانت الاتفاقية ستؤثِّرُ فعلياً على الحظوظ الفلسطينية، بيَّنَ باحِثٌ عربي – فضَّلَ عدم ذِكر اسمه ” لا اعتقد أنْ هذهِ العِلاقة ستؤثِّرُ على فلسطين في شيء. تحديدُ مآلاتِها في النهاية، بيدِ الفلسطينيين أنفُسِهم”. لينصح بعدها الفلسطينيين ” والله لو تمكنوا من الاتحاد، وأن يُشكِّلوا جبهة قوية، سيعتبِرُها العالم، إجابةٍ عملية: لا يمكن لـ ” السلام” ما بين إسرائيل والعرب أن يؤدي إلى تسوية القضية الفلسطينية تلقائياً، وأن السلام الحقيقي يبدأ من هذه القضية”. وفيما يخصُّ الوزن الإماراتي في القضية الفلسطينية ” في النهاية؛ الإمارات ليس لديها أصلاً تَصوّر تِجاه القضية الفلسطينية، ولا أوراق للضغط في الداخل الفلسطيني، ولا هي مهتمة بهذا الموضوع، هي مهتمة في النهاية بمصالح تخصها كدولة وتريد تدعميها”. وعمّن يمتلِكُ وزن مُصارع “السومو” في الداخِل الفلسطيني ” قطر، تركيا، جماعة الإخوان المسلمين، إيران، و سوريا بشكلٍ أو بآخر، وإن كان قد ضَعُفَ نوعاً ما بسببِ الأحداثِ فيها”.
المسافة بين بغداد وتل أبيب قرون ضوئية ومجرّات كردية
نجم القصاب، رأى وفيما يخص احتمالية انضِمام العراق، إلى نادي تطبيع العلاقات مع تل أبيب ” إنَّ مِنْ الصعب أنْ ينضم العِراق، إلى هذهِ الاتِفاقية، بسببِ بعض الفصائل، الأحزاب، والجهات السياسية القريبة من إيران، و إيران رافضة لهذا التطبيع ولتلك العِلاقات”.
حسين علي حسين، ذهب إلى إنَّ ” سياسة التطبيع هي رغبةٌ أمريكية و إسرائيلية، وكذلك لبعض السياسيين العراقيين، إلَّا أنهُ مِنْ المُبكِّر جدّاً العمل بها في الوقت الحالي”. وعن إمكانية وصول بغداد إلى العُتبة التطبيعية ” لن يحصُل مالم يتم اندلاع صراعات داخلية، وتقسيم العراق؛ فهو الهدف الأهم لإسرائيل. التطبيع مع وجود عِراق موحَّد جغرافياً، ويمتلِكُ مقومات اقتصادية وبشرية وفكرية، خطأ استراتيجي على المدى القصير والمتوسط”. وعن دورِ الحِوار الاستراتيجي بين بغداد – واشنطن، وبما لهُ علاقةٌ بسياقِ الطرح ” سيضعُ العِراق على طريقٍ، يُراد منه، تهيئة الساحة الداخلية، للتخلّصِ مِنْ الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، عبر إسنادِ أدوارٍ لبعضِ المؤسسات الأمنية، في تنفيذ هذهِ المهام، كمرحلةٍ مُهمة مِنْ مراحلِ التحضير للمواجهةِ الكُبرى”.
فُرَصُ التطبيع بين بغداد و تل أبيب، بحسبِ صفاء صبحي ” إنَّ في العراق حكومة ديمقراطية، ولا يُمكِن فرض اتِفاق كبير مَنْ نوع – معاهدة سلام مع اسرائيل- مِنْ دونِ المرور بالسياقات الديمقراطية والدستورية، و أوَّلُها موافقة البرلمان العراقي. الأمريكان يدركون هذا الشيء، لذا أعتقد أنْ مسألةَ فرضِ اتِفاقٍ على الكاظمي، سوف لن يكون ذو جدوى، ما لم يتشكَّل برلمان جديد، يغلِبُ طابِعُه العلماني المدني، على الطابع الإسلامي السائد حالياً”. أمّا عن نوعية المُخرجات المتصوَّرة مِنْ حِوار بغداد – واشنطن ” جُل تصريحات المسؤولين الأمريكيين في الفترة الماضية، حاولت إرسال رسائل اطمئنان ودعم للكاظمي وحكومته، مفادُها: إنَّ قواتِها باقية في العراق، وإنّها لن تنسحِب وتترك الساحة، و إنَّ بغداد ستكونُ حجر الأساس في المشروع الأمريكي، القاضي بِفرضِ أقصى العقوبات على طهران”.
مازن الزيدي، رَفَضَ بالمُطلق أن تكون هنالِك حظوظٌ لإسرائيل، بالتطبيعِ مع بغداد ” الشعب العراقي يمتلِكُ حصانة ذاتية ضِد التطبيع مع اسرائيل، بل يمكن القول أنْ رفضَ إسرائيل، يمثِّلُ موقِفاً وجودياً للعِراق والعِراقيين”. أمّا محمد الوليدي فقد علَّقَ ” لا أعتقد أنهُ سيُطلّب مِنْ العِراق التطبيع.. على الأقل في هذهِ الآونة، خوفاً من ردَّةِ فعلِ شعبِه”.
نظام المهداوي مِنْ جانِبه، و عن احتِمال أن يكون تطبيع بغداد مع إسرائيل ثمناً لاستمرارِ الرعايةِ الأمريكية، بيَّنَ ” ترامب رجلُ صفقات. أعلنها صراحةً: لا حماية ودعم بلا ثمن. لكن لا اعتقد أنْ تصِل الولايات المتحدة إلى درجةِ تطبيق تهديداتها، بأن تترك العِراق لمصيرِ صراعاتهِ الداخليَّة. ليتها أصلاً فعلت.. ليس وحدها؛ بل إيران و السعودية وأي دولة تتدخل في شؤون العِراق”.
الباحث الذي فضَّلَ أن يظلَّ مجهولاً؛ علَّقَ على رغبةِ واشنطن، في عِلاقاتٍ بين بغداد- تل أبيب ” بالتأكيد هي كانت تريد هذا”. وعن إمكانية عزف الناي الأمريكي، لألحانِ التطبيع في بغداد” رُبَّما سيتصاعد خلال هذه الفترة، لكن العلاقة مع إسرائيل أو تطبيع العلاقة معها، لن يؤدي إلى تغييرٍ في واقع العِراق، فهو أصلاً حليف للولايات المتحدة الأمريكية، وهو جزءٌ مِنْ منظومتِها، رغم الهيمنة والنفوذ الإيراني”.
الشيء “الوحيد” و “المستحيل” الذي قد تأخذُه بغداد مِنْ تل أبيب ” أنْ تُوقِفَ دعمها، للكرد في مساعيهم الانفصالية، وهذا أمرٌ مستحيل أن تُقدِمَ إسرائيل عليه”. إمّا عن فائدة الاعتراف بإسرائيل مِنْ قِبَلِ بعضِ الأطراف العراقية ” الاعتراف بإسرائيل رُبَّما قد يُفيد سياسيين عراقيين؛ على مستوى العلاقات الدولية، إنَّما في الداخل لن يُضيف لهُم شيئاً، إن لم تكن لهُم قواعدٌ شعبية”.
* المصدر : رأي اليوم
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع