الإمارات أم نحن؟
د. عبد الستار قاسم*
إذا ظنت الإمارات العربية أن علاقاتها مع الصهاينة ستوفر لها الحماية، والإبقاء على كرسي الحكم فإنها مخطئة تماما. صحيح أن الكيان الصهيوني ساهم في بقاء بعض الأنظمة العربية على كرسي الحكم مثل كراسي قبائل الخليج، لكنه في النهاية هو الذي يجند العرب لخدمته، وليس لديه الاستعداد لتأجير جيشه. المعادلة معروفة وهي أن رضا أمريكا من رضا الصهاينة، لكن هذا الرضا سينقلب ويورط من سعى إليه.
غدا سيطلب الكيان الصهيوني توظيف أجهزة الأمن الإماراتية لخدمته، وسيطلب تخصيص قواعد عسكرية، وستوافق الإمارات ظنا منها أن ذلك يردع إيران عن مهاجمتها.
وطبعا لدى الإمارات افتراض غير معقول حول نية إيران احتلال دول الخليج. وتحت هذا العنوان ستورط الإمارات نفسها أمنيا، وستعرض نفسها لتهديد عسكري إيراني. إما التزام الحياد بطرد الصهاينة، أو تلقي الضربات بالنيابة. فما تسعى إليه الإمارات من أمن ستجد نفسها بدونه.
الإمارات العربية كما غيرها من دول العرب حذت حذو منظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت اتفاق أوسلو وورطت الشعب الفلسطيني في الكثير من الهموم والمآزق والآلام والأحزان. نحن الفلسطينيون فتحنا أبوابا للبلدان العربية للتطبيع مع الصهاينة وإقامة علاقات اعتيادية معهم. والآن نحن نسب ونشتم ما قامت به الإمارات.
حقا الإمارات قامت بجريمة كبرى بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، لكن جرمنا بحق أنفسنا أكبر من جرمهم. ويجب ألا نطلب من الآخرين أن يكونوا فلسطينيين أكثر منا. فإذا أردنا استقامة البلدان العربية فيما يتعلق بالقضية، علينا أن نقوم أنفسنا أولا. وإذا كان لنا أن نشتم عربا يطبعون فنحن أولى بهذا.
قالوا إنهم يلغون الاتفاقيات مع الصهاينة، وهذا يصنع بيئة سياسية جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة ما يتطلب استراتيجية عمل جديدة على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. لكنني لم أر حتى الآن نشاطات بهذا الاتجاه حتى الآن. البيئة الجديدة تتطلب معايير جديدة لم أجد لها بداية حتى الآن.
ولهذا أرى أن نركز على ما يجب أن نقوم به نحن لإبقاء القضية الفلسطينية في صدارة القضايا، لا أن نطلب من الآخرين ترقيع ما أفسدناه وما زلنا نفسده حتى الان. ورحم الله من عرف الحق وعمل باتجاهه.
*كاتب واكاديمي فلسطيني
* المصدر : رأي اليوم
* المقال تم نقله حرفيا من المصدر ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع