السياسية – رصد:
يشهد الشارع الإسرائيلي تظاهرات تمتد من الشمال إلى الجنوب أسبوعياً يقوم بها حراك “الرايات السود” تحت شعار إنقاذ الديمقراطية في إسرائيل. وقد انضمت إليها لاحقاً حركة العقد الجديد وبعض الحركات المحتجة على فساد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. إن الشارع غاضب وغير راض عن كيفية إدارة الحكومة لأزمة جائحة “كورونا”، فما هي حركة “الرايات السود” وكيف بدأت؟

انطلق حراك “الرايات السود” منتصف نيسان/ أبريل 2020 بمبادرة من الأخوة الأربعة إيال، شيكما، يردين وديكل شفارتسمان. وذلك حينما توجهوا بمرافقة عشرات السيارات التي تحمل رايات سوداء إلى جانب علم إسرائيل وقطعوا شارع 6، الذي يسمى عابر إسرائيل، حاملين لافتات كتب عليها “إما الديمقراطية أو الفاشية”. وقصدت المسيرة مقر الكنيست الإسرائيلي احتجاجا على قرار رئيسه في حينه، عضو “الليكود” يولي الديشتاين، الذي كان قد رفض الالتزام بقرار المحكمة الإسرائيلية العليا بضرورة عقد جلسة برلمانية لمناقشة استبدال رئيس آخر به. وعند وصول السيارات، ترجل منها المتظاهرون وراحوا يلوحون بالرايات السوداء. صاح المتظاهرون أنهم لا يخافون من فيروس “كورونا” ووزعوا صوراً لنتنياهو باعتباره الفيروس الحقيقي. وكانت النتيجة استقالة رئيس الكنيست من منصبه.

وعندما بدأت المفاوضات بين نتنياهو وبيني غانتس، رئيس حزب أزرق أبيض، لتشكيل ائتلاف جديد وحكومة طوارئ، تجمع أكثر من ألفي متظاهر في ساحة “رابين” في تل أبيب، للاحتجاج على بقاء رئيس الوزراء في السلطة. وكان نتنياهو قد شكل حكومته الخامسة رغم توجيه اتهامات رسمية ضده بالفساد. ورفع المتظاهرون شعارات مناوئة لأكبر تحالف مناهض لحكومة “الليكود”، ولما اعتبروه “خيانة غانتس”. كما طالبوا غانتس بالإيفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه إبان الحملة الانتخابية، وهو عدم الانضمام إلى حكومة برئاسة نتنياهو.

تحولت الاحتجاجات إلى أسبوعية بعد تفاقم أزمة “كورونا” واتهام رئيس الوزراء بفشله في مواجهة الوباء. واتخذ المحتجون مكاناً لهم أمام مقر نتنياهو في شارع “بلفور” بالقدس، وكذلك أمام بيته الخاص الواقع في مدينة قيسارية الأثرية، على شاطئ البحر. ثم امتدت التظاهرات لأكثر من 300 نقطة في جميع أنحاء البلاد، على الجسور ومفترقات الطرق، للمطالبة بتنحي رئيس الوزراء.

يحلو للبعض إجراء مقارنة هذا الحراك بحركة الاحتجاج التي جرت عام 2011 بسبب غلاء المعيشة. وهي حركة انتهت كسحابة صيف عابرة وفشلت لافتقارها لقيادة حكيمة. ويتوقع المراقبون أن تستمر حركة “الرايات السود”، ليس خوفاً على الديمقراطية الإسرائيلية كما يدّعون، بل لأن الوضع الاقتصادي في إسرائيل أصبح لا يطاق بسبب أزمة “كورونا”. فقد وصل عدد العاطلين عن العمل إلى أكثر من 22 في المئة من مجموع السكان. ولا يتوقع الاقتصاديون أن يتعافى الاقتصاد الإسرائيلي إلا بعد خمس سنوات على الأقل.

نتنياهو يتهم الحراك بأنه يستعمل العنف لتحقيق مطالبه، وأنه لا يستهدف الحكومة الحالية أو حزب “الليكود” إنما يستهدفه شخصياً في انتظار الجلسة المقبلة لمحاكمته التي تجري في السادس من كانون الأول/ ديسمبر 2020. وهناك احتمال أن تقرر المحكمة العليا تجميد صلاحيات نتنياهو، بداية العام المقبل، ونقل تلك الصلاحيات إلى رئيس الحكومة البديل، أي بيني غانتس. لهذا فإن نتنياهو يحاول افتعال المشاكل مع شريكه في الحكم، وبالتالي إجراء انتخابات مبكرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. لكن، وفي جميع الحالات، فإنه لن يجد مستقبلاً أفضل من التحالف مع غانتس. غير أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب “أزرق أبيض” قد يتبخر في حال إجراء انتخابات رابعة.

يحاول نتنياهو حاليًا أن يرفع من شعبيته في استطلاعات الرأي، ، خصوصاً وأنها راحت تشير إلى تراجع “الليكود” واحتمال فشله في الحصول على عدد المقاعد نفسه الذي حققه في الانتخابات الأخيرة. ولكي يكسب القبول ويحافظ على المركز الأول في “الكنيست”، قام رئيس الوزراء بتوزيع “منح كورونا” المالية على أكثر من مليون مواطن.
• المصدر : إذاعة مونت كارلو
• المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع