يحيى دعبوش*

عندما يتعلق الأمر بدراما الانفصال، في الجمهورية اليمنية، وتحديدا مناطق جنوب اليمن، التي يطالب البعض منهم بفك الارتباط مع شمال الوطن، بداية دراما الانفصال من عام 1994م حين قاد نائب الرئيس اليمني علي سالم البيض، انقلاباً على الوحدة، بعد ما كان أحد المرسمين لها في عام 1990م، اعلان التمرد على الوحدة، قوبل برفض مجتمعي محلي ودولي، ولكن كان هناك طرف يقف ويدعم الانفصال، لتحقيق مصالحة الدولية، ولهذا وقفت المملكة العربية السعودية مع الانفصاليين، وقدمت لهم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي، ورغم كل هذا فشل مخطط الانفصال، وانتصرت الشرعية اليمنية، بعد خوض معارك مع طالبين الانفصال.

ومنذ أحداث صيف 1994م دخل الجنوب في نفق الاطماع السياسية، فتكونت التيارات السرية والمكونات السياسية والاجتماعية، ونتج عنها ظهور الشخصية الجنوبية ناصر النوبة، بمكون حزبي سياسي يحمل اسم “الحراك الجنوبي” حيث يحمل الفكر الانفصالي المتشدد، من خلال رفع شعار فك الارتباط مع حكومة الشمال، واستعاده دولة الجنوب العربي، ما قبل عام 1990م، واعلن الحراك الجنوبي نضاله من أجل استعاده دوله الجنوب، ولأنه عزف على الوتر الحساس لدي المواطن الجنوبي، استطاع عن يكسب شعبية كبيرة في المناطق الجنوبية، وكانت أول تظاهره له مليونيه، في تشيع أحد قياداته، وهذا الظهور الشعبي المليوني في 2007م، الذي لم يكن يتوقعه أحد، حتي قيادات الحراك أنفسهم، فكان ذلك بمثابة توسع وتوغل الحراك الجنوبي في المناطق الجنوبية، وأحكم السيطرة على بعض المناطق، من خلال تعين قيادات وفتح المقرات.

“انفصال بلباس الوحدة اليمنية”

وما إن لبث الحراك الجنوبي سنوات يطالب فيها بالانفصال وفك الارتباط، حيث تعرض قياداته للاعتقال من جهة، والاغتيال من جهة، حتي ظهرت ما تسمي بثورة الربيع العربي، التي اسهمت في بروز الحراك الجنوبي كمتحدث عن قضية الجنوب في مؤتمر الحوار الوطني، والغريب انه تناسي مطالبه الاساسية في فك الارتباط، واستعاده الدولة، وهذا يوحي لنا ان كل المكونات التي تطالب بالانفصال لا تريد الانفصال بقدر رغبتها في التسلط لتحقيق مكاسب سياسية ومالية ومصالح شخصية، وما شعار الانفصال إلا لهذا الغرض الشخصي.

وإذا ما تأملنا في كل المكونات السياسية، التي تطالب بالانفصال نجدها وهي خارج السلطة انفصاليون للنخاع، وعند وصولهم الي سده الحكم، يصبحون وحدويون للعظم، لهذا نستعرض الاحداث من قبل وبعد مؤتمر الحوار الوطني والذي كان فارس قضية الجنوب هو “الحراك الجنوبي” وهنا نختصر الوقت ونسترجع الاحداث قبل الحوار نجد فعاليات الحراك تدعو الي الانفصال، بعد انخراطهم في مؤتمر الحوار تبخر بخار الانفصال وحل مكانه المطامع السياسية الشخصية، ومن خلاله تبدد حلم شعب الجنوب بالانفصال، وفقد الثقة بالحراك الذي لم يحرك ساكناً، حيث دخل في صراع داخلي مع قياداته، من اجل الحصص السياسية والمطامع الشخصية.

وما إن لبث شعب الجنوب فتره من الزمن، حتي ظهر على الساحة مكون يحمل نفس الاهداف الظاهرة وبنفس المخطط الباطن، وهذه المرة بمكون انفصالي جديد يحمل اسم “المجلس الانتقالي الجنوبي” المصنوع صناعة خارجية، من دول تحالف العدوان وتحديداً من الامارات، وهذا يجعلنا أمام استثمار سياسي خارجي، بأيدي داخلية، والفرق بين الانتقالي والحراك، إن الانتقالي لم ينتقل والحراك لم يتحرك.

كشفت مجريات الأحداث عن الغطاء الشعبي، لنجد الأطماع السياسية الشخصية، حيث لم يكن المطالبة بالانفصال إلا غاية لتحقيق الأهداف، ولم يكن قوافل ممن ضحوا بأنفسهم من أجل تحقيق الحلم إلا مجرد قرابين يقدمهم الانتقالي لأولياء نعمه الإماراتيين، ومع كل هذه الاحداث يستمر شعب الجنوب يعلق الوهم على شماعة المكونات، التي تحقق مكاسبها على حسابهم، وما النقلة النوعية المترامية للأحداث للانتقالي الجنوبي، الذي تنازل عنها والتي كانت قاب قوسين أو أدني لتحقيق أهدافة وأي أهداف، أهداف لم يسعى لها، ولم تكن ضمن مخططة أصلا، ومن تحركه قوى خارجية، مثل الدمي لا يستطيع التحكم بقرارة، فهم مثل الذين لا أبصار لهم ولا ضمير معهم، فهم أصنام انسانية لا تتحرك الي بأوامر أسيادهم.

المنعطف الأخطر هو التناقض الكبير بين انتقالي اليوم وحراكي الأمس وبين الحراك الماضي وانتقالي الحاضر، فهما وجهان لعملة واحدة، يجب هنا أن نجزم ان من رفع شعار فك الارتباط، حقق هدف واحد مزيدا من التضحيات بالجماجم البشرية، لتصبح سُلم يتسلقون عليها لتحقق الأهداف السياسية، والرغبات والاطماع الخارجية، ومن هنا نقول ان كل صوت يدعو للانفصال، هو لتعزيز رواسخ الوحدة اليمنية الشامخة، ولن تستطيع بعض الشخصيات التي فقدت كرامتها ان تعيد دولة مهما كانت حجمها، فهي في نظر العالم ذباب يبحث عن القاذورات السياسية لهذا نحن سعداء جدا بتواجد الخليط السياسي، من هذا النوع لسبب واحد هو استمرار الوحدة اليمنية رغم أنف الانفصاليين.

* المصدر : موقع رأي اليوم
* المقال تم نقله حرفيا من المصدر ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع