السياسية :

قال تعالى:(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ )

هكذا وصفها الله عز وجل في كتابه بأيام معلومات لما لها من أفضلية خاصة دونًا عن باقي أيام السنة، وقد أَفردَها الله عز وجل وميزها عن غيرها من الأوقات بالعديد من الفضائل لانها أيام مباركة وفيها نفحات وخيرات كثيرة، لو علمها المسلم لبادر إلى استغلالها في الطاعة والعبادة من أولها لآخرها، وتجنب الوقوع في المحرمات لما لها من فضل عظيم  ،وتُعَدّ من أعظم الأزمنة والأوقات التي يضاعف العمل فيها ؛ فهي التي فرض الله فيها الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج.

 

وشهرَ ذي الحِجَّةِ مِنَ الأشهُرِ الأربعة الحُرُمِ، التي اقسم الله عز وجل بها في القرآن الكريم، فقال: (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ )كما قال  في تعظيمها وإثبات حُرمَتِها: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) .

وشهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها أعظم أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) .

وهذه الأيام يقع فيها يوم التروية، وهو اليوم الذي رأى فيه سيدنا إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل، فقال إن هذا من الشيطان، ثم أخبرته الملائكة بأنها رؤية من الله وليست من الشيطان، وأن الله فداه بذبح عظيم، وفيها يوم وقفة عرفات ويوم عيد الأضحى يوم النحر)، فهي أيام عظيمة جدا لله  وليست من الشيطان، وأن الله فداه بذبح عظيم .

 

       العبادات المستحبة في ايام العشر :

    • التكبير والتهليل والتحميد والتسبيح :كما قال عبدالله بن عمر إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: “ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللَّهِ ولا أحِبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من أيَّامِ عشرِ ذي الحِجَّةِ فأَكثِروا فيهنَّ منَ التَّسبيحِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ والتَّهليلِ”.

 

  •  أداء شعائر الحَجّ والعُمرة :

وذلك أفضل ما يُؤدّى من العبادات في ذي الحِجّة؛ إذ ثبت في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (العُمْرَةُ إلى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُمَا، والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ).

 

  • صيام يوم عرفة

تحدث الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، عن يوم عرفة بأنه أكثر يوم يعتق فيه الله رقاب عباده من النار؛ففي حديث عائشة- رضي الله عنها- عن النبي، صلى الله عليه وسلم، إنه قال: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟”وبالتالي ففيه يستجيب الله لطلبات عباده ودعواتهم له.

اضافة الى ان صيام يوم عرفة يكفرذنوب سنتين؛ فقال الرسول، صلى الله عليه وسلم: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده”،وهذا لغير الحاج؛ فمن يحج لا يصوم يوم عرفة.

  • يوم النحر  :

هو يوم العيد والأ ضحية فيه، لمن يستطيع؛ فهي سنة مؤكدة عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وقد حافظ عليها.

إذ ثبت أنّ أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا)..

ولقَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ).

 

فمن الصحيح ما روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا.

وتوزيع اللحم على الفقراء أفضل من توزيع المال ، لان المال قد يذهب سداداً لدين ، لكن اللحم لا يذهب إلا لبطون جائعة .

سنن مهجورة :

ومن السنن المهجورة إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام ذي الحجة وحتى عصر آخر يوم من أيام التشريق في المساجد والأسواق والطرقات والمنازل وغيرها،فضلًا عن التكبير المقيد، أي الذي يكون بعد كل صلاة من الصلوات المفروضة،ويكون بدايةً من فجر يوم عرفة وحتى عصر آخر يوم من أيام التشريق.

 

ويستحب في هذه الايام التقرُّب إلى الله بالاعمال الصالحة المتمثلة بالصلاة،والنوافل وقراءة القران وبِرّ الوالدين والدعاء لهما ؛ فهي الأيّام المعلومات التي ورد الحضّ فيها على ذلك و التوبة، والاستغفار، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي  والدعاء، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المُنكَر، والصدقات الحرص على أداء صلاة العيد وإكرام الضيف، وصِلَة الرَّحِم، وحِفظ اللسان، والحرص على صلاة السُّنَن الرواتب، وإدخال السرور على قلوب الآخرين، وغير ذلك من صالح الأعمال.