السياسية – تقرير: نجيب هبة

لم تكتفي دولتي العدوان الآثم بما ترتكبه من جرائم حرب ضد الإنسانية في اليمن وضد كل ماهو على هذه الأرض من بشر وشجر وحجر ولكنهما تتورطان كذلك في عمليات سرقة منظمة لثروات اليمن الطبيعية.. هذه السرقة تبدأ من النفط وتمر على الآثار ولا تنتهي عند الثروة السمكية.

وذلك يؤكد زيف ادعاءاتهما عند بداية الحرب والعدوان على اليمن ويبين أن تدخلهما في اليمن كان له أهداف خفية تتعلق بتدمير اليمن وضرب وحدته واستقراره وتمزيقه حتى يتسنى لهما تحقيق الأطماع الاحتلالية ونهب وسرقة ثروات الشعب اليمني وهي الأهداف التي أصبحت واضحة منذ بداية العدوان.

وقد اتضح أن عين السعودية كانت مسلطة على النفط اليمني.. وذلك ماكشفه موقع “منتبرس نيوز” الانجليزي الذي قال إنه “بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب الشاملة ضد جارتها الجنوبية، تتدافع السعودية لتأمين الحقوق على احتياطي اليمن الوفير من النفط”.. “وتسعى أرامكو إلى عقد اتفاقيات استراتيجية لعقود من الزمن” مع حكومة المرتزقة في المنفى.

ونقل موقع منتبرس عن مسؤولين في شركة النفط والغاز المملوكة للدولة في اليمن “صافر”، وكذلك أعضاء حكومة هادي الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم أن “هنالك مفاوضات تجري بالفعل بين المملكة وحلفاءها من المسئولين في وزارة النفط اليمنية وشركة صافر للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يمنح ظاهرياً السيطرة على جزء كبير من احتياطي اليمن من النفط والغاز إلى السعودية لعقود قادمة”.

وأشار الموقع الانجليزي في تقرير للصحفي أحمد عبدالكريم حول سرقة السعودية للنفط اليمني إلى أنه “تم بالفعل عقد عدد من اللقاءات بين كبار المسؤولين السعوديين، بمن فيهم السفير السعودي لدى اليمن محمد الجابر ومسؤولون من أرامكو وقادة يمنيون، بما في ذلك نائب الرئيس علي محسن الأحمر ومحافظ محافظة مأرب سلطان العرادة ومسئولون من وزارة النفط اليمنية وصافر”. مضيفاً أن مفاوضين من شركة النفط الفرنسية توتال حضروا بعض الاجتماعات التي عقدت في مأرب والمهرة والعاصمة السعودية الرياض.

كما نقل منتبرس عن مصدر في حكومة الفنادق قوله “إن السعودية تسعى إلى عقد اتفاقيات إيجار طويلة المدى بشأن معظم احتياطي النفط في البلد وخاصة فيما أطلق عليه بعض المسؤولين “مثلث النفط” وهو منطقة تقع بين محافظتي الجوف ومأرب”.

وبموجب هذه الاتفاقية يُسمح للمملكة بما وصف بـ”تطوير احتياطي النفط اليمني والاحتفاظ بأرباح بيع النفط المذكور مقابل تحويل سنوي تدفعه أرامكو لبعض أعضاء الحكومة اليمنية, كما تنص الاتفاقية على أن المدفوعات مطلوبة فقط إذا ظلت الحكومة صديقة للسعودية”.. وأضاف المصدر أنه “بموجب الاتفاق السعودي ستذهب المدفوعات إلى صندوق يقتصر على ما تسميه المملكة “ديون اليمن وإعادة الإعمار”.

وأكد تقرير منتبرس أن “المفاوضات لانتزاع السيطرة الفعلية طويلة الأمد على اليمن بدأت ظاهرياً في 2019 واتسمت بالضغوط والتهديدات السعودية” وفقاً لمصدر قريب من المفاوضات.. مضيفاً أن “القوات السعودية وقادة القبائل اليمنية الذين يحملون الجنسية السعودية إلى جانب قوات المرتزقة الحليفة كانوا يمنعون التنقيب المحلي عن النفط في الجوف منذ بدء الحرب، وهو سر مفتوح أن الرياض قد قامت برشوة مسؤولي الحكومة اليمنية السابقين لمنعهم من الحفر والاستكشاف أو إقامة الأنشطة في المنطقة”.

وكشف التقرير أن مركبات مدرعة سعودية “عبرت الأسبوع الماضي الحدود لدفن بئر حفرته كتيبة حرس الحدود اليمنية الأولى التي تم حفرها من أجل المياه، على ما يبدو خشية أن يتم حفرها سراً من أجل النفط”.

ومن هنا يتضح صدق التقارير التي كانت تتحدث منذ زمن عن منع السلطات السعودية حكومات اليمن المتعاقبة من استغلال احتياطياتها النفطية منذ السبعينيات وخاصة في محافظة الجوف التي تختزن معظم احتياطيات اليمن من النفط.. حيث كانت تسعى إلى ذلك بالترهيب تارة والترغيب تارة أخرى فقد كانت تدفع رواتب شهرية لعدد من المشايخ والمسئولين في تلك المناطق.

وبالتالي يبدو أن ماحدث من ظروف محلية واقليمية ودولية والتي أدت إلى مزاعم شرعنة التدخل والعدوان على اليمن قد جاءت كفرصة مؤاتية لمملكة الشر السعودية لتحقيق أهدافها وأطماعها القديمة في اليمن.

 سرقة النفط اليمني في وضح النهار

وتتبع الموقع الانجليزي عددا من ناقلات النفط وهي تنتقل من حقل نفط بلوك 18 في مأرب، وتعبر الحدود السعودية قبل أن تصل إلى بيشة في منطقة عسير جنوب غرب السعودية حيث قامت بتفريغ حمولتها من النفط الخام المسروق.

وأضاف التقرير أن السعودية والإمارات تنقلان النفط المسروق إلى صحراء شرق العيد الواقع بين محافظتي شبوة ومأرب ثم يتم ضخه عبر خط أنابيب مملوك لشركة نمساوية مجهولة إلى ميناء النشيمة الذي تسيطر عليه الإمارات في بحر العرب حيث يتم نقله بعد ذلك إلى سفن نفط صغيرة.

وأكد الموقع الانجليزي أن “سرقة النفط الخام أصبحت تحدث بشكل يومي في صافر بلوك 4 و5 و18, وكذلك في حقول النفط الأخرى في المحافظة، بما في ذلك كتلة العقلة الواقعة في حوض مأرب شبوة شرق بلوك 18 كما أصبحت السرقات كبيرة في محافظات شبوة وحضرموت والمهرة”.

وأشار إلى أن “وجود شاحنات مليئة بالنفط الخام تعبر الحدود السعودية تضاعف ثلاث مرات في الأسبوع الثاني من مارس عندما كانت حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا في ذروتها” وذلك وفقاً لمهندسي النفط وسائقي الناقلات الذين تحدثوا إلى منتبرس.

وفي هذا الإطار قدّر محللون اقتصاديون أن “ما يصل إلى 65% من إنتاج النفط اليمني منذ عام 2015 قد تم نهبه من قبل السعودية والإمارات وشركات النفط الدولية”.. وحوالي 18-23 % من انتاج النفط الخام يتم نهبه، بما في ذلك إنتاج شركة صافر و بترول المسيلة من قبل زعماء القبائل وتجار السوق السوداء المتحالفين مع العدوان.

ونقل التقرير عن أحمد دارس وزير النفط في حكومة الإنقاذ بصنعاء أن “السعودية نهبت أكثر من 18 مليون برميل من صادرات النفط في عام 2018 وحدها وأن أرباح هذا النفط موجودة الآن في البنك الوطني السعودي”.

وأشار تقرير منتبرس أن السعودية حرمت اليمن من عائدات بيع ما لا يقل عن 70 ألف برميل يوميا وما لا يقل عن 126 مليون برميل على مدى خمس سنوات من العدوان.. وهو ما يبلغ قيمته أكثر من ستة مليارات دولار على أساس متوسط سعر برميل النفط 50 دولاراً.. وكانت تلك الإيرادات كافية لدفع رواتب الموظفين الحكوميين لمدة أربع سنوات على الأقل.

وتمتد أطماع دولتي تحالف عدوان الإثم إلى نهب كل ثروات اليمن حيث تعملان باجتهاد إلى جانب سرقة النفط على نهب وسرقة الآثار وكذلك الثروة السمكية وغيرها من الثروات.. وهو ما سنتحدث عنه في تقرير لاحق.