السياسية – تقرير:

تعرضت الحكومة البريطانية لموجة انتقادات حادة من ناشطين في مجال حقوق الإنسان، ونشطاء في مجال مراقبة الأسلحة ومنظمات حقوقية، بينها منظمة العفو الدولية بسبب قرارها انهاء تعليق بيع الأسلحة للنظام السعودي المتورط بجرائم حرب وانتهاكات خطيرة في عدوانه المستمر ضد اليمن .

ففي السابع من يوليو الجاري، قررت السلطات البريطانية استئناف إصدار تراخيص تصدير الأسلحة إلى السعودية، بعد امتثالها العام الماضي لحكم قضائي يمنعها من بيعه للرياض لاستخدامه في العدوان على اليمن.

وكانت محكمة بريطانية قد قضت، في 20 يونيو 2019، بأن الحكومة خالفت القانون بسماحها بتصدير أسلحة إلى السعودية استخدمت في العدوان على اليمن، بعد أن قال نشطاء إن “استخدام الأسلحة ينطوي على الأرجح على انتهاك لقانون حقوق الإنسان”.

ونص الحكم، آنذاك، على أنه “لا يتطلب من بريطانيا وقف تصدير الأسلحة فوراً، لكنه يعني تعليق منح التراخيص الجديدة لتصدير السلاح إلى السعودية”.

وبموجب القانون البريطاني، يجب على الحكومة ألا تمنح رخصة تصدير إذا كان هناك خطر واضح من أن الأسلحة أو المعدات يمكن استخدامها في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي.

وأعربت منظمة العفو الدولية عن انتقادها لحكومة بريطانيا على مواصلة بيع الأسلحة إلى نظام آل سعود، متهمة لندن ب “تجاهل القانون الدولي”.

ووصفت المنظمة الدولية، تصريح وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس، حول اعتبارها غارات القوات السعودية في اليمن على أنها “أحداث فردية”، بأنه “تصريح خبيث للغاية”.

وذكر بيان المنظمة أيضا بأنّ محكمة الاستئناف البريطانية، قضت العام الماضي، بأن مواصلة الحكومة منح تراخيص تصدير المعدات العسكرية إلى السعودية غير قانونية.

وأورد البيان كلمة ل “كيت ألن” مديرة منظمة العفو الدولية في بريطانيا، دعت فيها لندن إلى مراجعة نظام مراقبة الأسلحة لديها.

وقالت إن المملكة تقود الضربات الجوية في اليمن منذ 5 سنوات، مما أدى إلى مقتل مدنيين في المدارس والمستشفيات ومراسم دفن الموتى والأسواق.

وأعربت ألن، عن استغرابها من وصف الحكومة البريطانية لهذه الهجمات الجوية على أنها سلسلة أحداث فردية.

وأكد جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني السابق أن القرار سيؤجج حرب السعودية غير الشرعية على اليمن، ما يؤدي إلى مزيد من الدمار والقتلى.

ووصف مسؤول “الحملة ضد تجارة الأسلحة” والناشط الحقوقي آندرو سميث القرار بالمشين، وينم عن إفلاس أخلاقي.

وحمل أندرو سميث على ادعاء الحكومة، أنها حوادث منعزلة، موضحا أن الأدلة تظهر نمطًا واضحًا من الانتهاكات البشعة والمخيفة للقانون الإنساني الدولي من قبل تحالف العدوان استهدف بشكل متكرر التجمعات المدنية مثل حفلات الزفاف والجنازات والأسواق. متسائلا كم عدد المئات من الحوادث المعزولة التي ستحتاجها الحكومة للتوقف عن توريد الأسلحة للرياض؟

وأشار إلى أن الحملة ستتشاور مع محاميها وتستكشف الخيارات للطعن في القرار بشكل قانوني.

منظمة أوكسفام وصفت القرار بالأمر المروع الذي تعلنه الحكومة بعد أقل من أسبوع من التوقيع على قرار مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار العالمي.

هيومن رايتس ووتش أوضحت أن الحقيقة هي أن هذه ليست حوادث معزولة قام التحالف بقيادة السعودية في اليمن مرارًا وتكرارًا بازدراء تام للحياة المدنية.

كما تحدث الكاتب فيليب كولنز في مقال نشرته صحيفة “التايمز” عن اعتراف وزيرة التجارة الدولية بالحكومة البريطانية ليز تراس، الأسبوع الماضي، بأن الأسلحة التي تبيعها بريطانيا للسعودية جرى استخدامها في اليمن بشكل يخالف القانون الدولي الإنساني.

ويفند الكاتب في مقاله مبررات الاستمرار بهذه التجارة التي وصفها بأنها “غير أخلاقية”.

وأشارت الوزيرة، خلال حديثها في مجلس العموم، إلى “حوادث محدودة في غارات جوية غير شرعية”، تحدث عنها حكم محكمة استئناف في الرياض، موضحة أنها كانت معزولة جدا لدرجة أنه أصبح بعدها لا مانع أن تستأنف بريطانيا منح تراخيص تصدير الأسلحة إلى المملكة.

ويقول الكاتب إن هذه في واقع الحال شهادة من وزيرة التجارة، وهي أن حالات القتل تلك ارتكبها “سفاحون بأسلحة بريطانية“، معتبرا أنه لا يمكن لأي وزير أن يدافع عن مثل تلك السياسة “القذرة”.

بدورها حذرت مؤسسة “وور تشايلد” الخيرية البريطانية من أن قرار حكومة بوريس جونسون استئناف بيع الأسلحة للنظام السعودي يعادل “توقيع مذكرات إعدام لآلاف الأطفال في الشرق الأوسط”.

ونقلت صحيفة الاندبندنت البريطانية عن روب ويليامز الرئيس التنفيذي للمؤسسة قوله إنه “من خلال السماح بمبيعات الأسلحة هذه ستكون بريطانيا متواطئة في معاناة وقتل الأطفال في اليمن وغيره من الدول الأمر الذي يعد بالفعل أسوأ أزمة إنسانية بالعالم”.

ووصف ويليامز القرار الذي أعلنته الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء الماضي بأنها ستواصل مبيعات الأسلحة للنظام السعودي بـ “المخجل والقاتل” موضحاً أن الأرقام التي جمعتها الأمم المتحدة تشير إلى أن الحرب التي يقودها هذا النظام على اليمن تبين مسؤوليته عن مقتل وإصابة الألاف منذ خمس سنوات.

فيما قالت كوليت فيرون مديرة البرامج والدعوة في “وور تشايلد” إن “الأسلحة التي تقدمها بريطانيا إلى السعودية تتناقض مع كامل التزاماتنا بحماية الأطفال ودعم حقوق الإنسان” مشددة على أنه “من غير المقبول أن نقف ونعلن أننا من أنصار حقوق الإنسان والأنظمة القائمة على القوانين وفي الوقت عينه نتاجر بالأسلحة مع معرفتنا بأن هذا الأمر غير قانوني”.

وتعتبر بريطانيا سادس أكبر مصدر للسلاح وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام ومثلت مشتريات النظام السعودي نسبة 43% من إجمالي مبيعات السلاح البريطانية خلال العقد الماضي.

وكشف تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية في ابريل الماضي أن شركة “بي إيه إي سيستيمز” البريطانية باعت أسلحة للنظام السعودي بأكثر من 15 مليار جنيه إسترليني خلال العدوان على اليمن.. مؤكداً أن المبيعات تمت خلال المدة التي شن فيها النظام السعودي عمليات قصف مميتة على المدن اليمنية.

وأوضح التقرير أن الآلاف من المدنيين قتلوا منذ بداية العدوان السعودي على اليمن في شهر مارس عام 2015 حيث شن حملات قصف دون تمييز بعد حصوله على السلاح من شركة بي إيه إي سيستيمز وشركات غربية أخرى.