السياسية – هناء السقاف:

التعليم في اليمن بحد ذاته واقع سيء يعيشه الطلاب والمدرسين والعاملين في هذا القطاع منذ الأنظمة التعليمية السابقة وليس وليد اللحظة.

فالطالب منذ دخوله الصفوف الابتدائية نلاحظ أن العديد منهم يبدأ في النفور ويُظهر تذمّره وبغضه للمدرسة .، ليصل أحيانا إلى عزوفه بشكل كامل عن الحضور , والهرب من الحصص المدرسية.

تكمن المشكلة أحيانا في الضغوط والواجبات المدرسية التي تشكل عائق في حياة الطالب خارج سور المدرسة ..فهو يجد حريته وراحته بعيداً عن جدران الفصل الدراسي..

المنهج التعليمي مكثف وفيه من الصفحات المحشوّة التي لا يستوعبها عقل الطالب حتى في الصفوف المتقدمة.. دروس فيزيائية وحسابات معقدة لا يحتاجها إلا ذوي الإختصاص في المراحل الجامعية..

يتخرّج الطالب اليمني وهو يحفظ القليل من جدول الضرب ورمز الأوكسجين والهيدروجين ولا يحفظ آية نصيّة من الكتب الخاصة بالقرآن الكريم التي ظل يحفظها طوال السنوات من أجل حصة التسميع أو حل أسئلة الإمتحانات عندما يستشهد بنصّ قرآني.

لم يفقه الطالب حتى معنى حبه للوطن الكبير.. لم تفلح كتب الوطنية بزرع ذاك الولاء لتراب وطنه الا من رحم ربي.. لنجد اليوم الكثير من باع اليمن وشارك في احتلال أرضها وجزرها وخيراتها منبطحاً ذليلاً مكسورا..

من هنا نطرح تساؤلات عديدة : من المسؤول الأول عن تدهور التعليم في اليمن أو من يضع خطة ومسار التعليم داخله.. !
وما مصير الطلاب الأوائل والمتفوقين دراسياً الذي كان يعلن عنهم إعلامياً في الشهادة الثانوية؟ ومامدى جاهزية المعلمين والمعلمات لتدريس أجيال المستقبل الذي ينتظرهم الوطن؟

يقول أحد الباحثين اليمنيين في هذا الشأن أن السعودية لها اليد الطولى في تدهور التعليم ومراقبة سير العملية التعليمية منذ سنوات عديدة .. مضيفاً أن السعودية تحارب الطلاب المتفوقين ,وإحباط العديد منهم وعدم دعمهم.

واليوم تحالف العدوان على اليمن يواصل مسيرته والتي كان من ضمن أهدافه تدمير التعليم الذي هو في الأصل مهترءأ فقد استهدف المدارس والطلاب بشكل مباشر .. وكما أفادت منظمة اليونيسيف في اليمن بأن مليوني طفل خارج المدارس، و3.7 ملايين آخرين معرضون لخطر التسرب مع بدء العام الدراسي.

وأضافت أن ” النزاع وتأخر عجلة التنمية والفقر تسببا في حرمان ملايين الأطفال من حقهم في التعليم، كما أن العنف والنزوح والهجمات التي تتعرض لها المدرس تحول دون وصول العديد من الأطفال إلى المدارس”.

وكشفت المنظمة في تقرير آخر لها بشأن وضع التعليم في اليمن أن ” نحو 500 ألف طفل يمني انقطعوا عن الدراسة منذ تصاعد الصراع مؤخراً، ليضافوا إلى مليوني طفل يمني أصبحوا خارج المنظومة التعليمية منذ بدء الحرب بالبلاد عام 2015″
ووفقاً للتقرير فإن ” أكثر من 2500 مدرسة لا تعمل في اليمن، إذ دُمر حوالي ثلثاها (66 في المائة) بسبب العنف المباشر، فيما أُغلقت 27 في المائة منها” .

وذكرت يونيسف أن ” المنظومة التعليمية في اليمن تأثرت بشكل كبير بسبب عدة عوامل، منها التوقف عن صرف رواتب الكوادر التعليمية العاملة في ثلاثة أرباع المدارس الحكومية منذ أكثر من عام، مما جعل تعليم قرابة 4.5 ملايين طالب على المحك ” .
ميريتشيل ريلاينو، ممثلة يونيسف باليمن، قالت في تعليقً لها على التقرير ” إن جيلا كاملاً من الأطفال يواجه مستقبلاً غامضاً بسبب محدودية حصولهم على التعليم أو عدم توفره ,وحتى أولئك المنضمين للمدارس لا يحصلون على التعليم الجيد الذي يحتاجونه ودفع عدم توفر خدمات التعليم، إلى جانب الفقر المُدقع الذي تعاني منه الكثير من الأسر اليمنية”.

وبالرغم من كل ذلك أصبح التعليم تحدّي بالنسبة للمواطن اليمني الذي لم تكسره الحرب والوضع الإقتصادي المزري فيما سعت حكومة صنعاء بمواصلة التعليم ونشر الوعي للناس حتى لا تتوقف عجلة العلم التي يسعى دول تحالف الشر على البلاد لإيقافها.

ومن عمق ذلك يخرج تحدي جديد لكي يعرقل المسيرة التعليمية في اليمن ” فيروس كورونا” الذي انتشر عالميا وأرعب العالم .. لتعلن حكومة صنعاء تأجيل الدراسة والإمتحانات للمراحل الاساسية والثانوية.

وكان مصدر تربوي أكد إن خطة تربية صنعاء تنص على إجراء الإختبارات لكافة الفصول, و مطالبة الطلاب بمتابعة ما تبقى من الدروس عبر القناة التعليمية , وتقسيم الأوقات للطلاب في الصفوف المتوسطة والعليا لمتابعة الدروس عبر القناة التعليمية .

وأضاف المصدر ” الوزارة ستحدد موعد الاختبارات بعد شهر ونص أو شهرين بعد إتاحة الفرصة لمتابعة ما تبقى من دروس مقررة بعد حذف بعضها , واستذكار الدروس” .

ومع كل تلك التحديات التى يواجهها التعليم في اليمن إلا أنه سيبقى وسيرتقي للأفضل بمنهجية صحيحة وتعليم جيل واعي ينهض باليمن بالشكل المطلوب من جميع النواحي.