أحمد يحيى الديلمي

في إطار التمهيد لما سُمي بثورة الربيع العربي عام 2011م نشرت أحدى الصحف الأمريكي تصريحاً لمسئول في البيت الأبيض قال فيه أن أمريكا في اعتمادها على بعض أنظمة الشرق الأوسط التي كان لها دوراً كبيراً في وصولها إلى سدة الحكم ودعمت طول بقائها في السلطة باتت تُراهن على سراب ، مشيراً إلى أن جزءاً من تلك الأنظمة أصيب بالترهل والضعف ولم يعُد قادراً على خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة ، والبعض الآخر ظنوا أنهم أذكياء فطلبوا من القيادة الأمريكية بقاء العلاقة في السر لكي يتمكنوا من امتصاص غضبة الشعوب وتنفيس حالات العداء الصارخ لأمريكا والعمل على ترويض الشارع العربي والتمهيد لقبوله بفكرة التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني ، لكنهم أفتضحوا وباتت أوراقهم مشكوفة ، وأبدى نفس المسئول ارتياحه الكبير للمواقف التي تعلنها دول الخليج العربي ولو في السر ، وقال أنها يجب أن تتصدر المشهد السياسي العربي برمته وتصبح صاحبة القرار خاصة مع وجود الوفرة المالية والقدرة على شراء الذمم .

هذا الموضوع تطرق إليه الكاتب العربي المعروف المحسوب على أمريكا الدكتور سعدالدين إبراهيم وهو يشرح موقفه من وصول الإخوان إلى السلطة في مصر ، فقال أنا أول من مهد العلاقة بين الإخوان والقيادة الأمريكية ، العملية بدأت بمصر ولكنها امتدت إلى كل الدول العربية الموالية لأمريكا في السر أو في العلن ، فلقد شعرت أمريكا بأن القادة في هذه الدول أصبحوا ضعفاء ولا يقدرون على الاستمرار في تقديم خدماتهم لهذه الدولة ، فبداؤ يراهنون على الإخوان المسلمين كأحد الجماعات السياسية التي تربط بين السياسة والدين ولها حضور وازن في الشارع العربي إضافة إلى كون علاقتها جيدة مع دول الخليج الحليف الأساسي لأمريكا ، قال الدكتور إبراهيم أنا قمت بتوصيل قيادات الإخوان بكبار الساسة في البيت الأبيض ، والحقيقة أنني وجدتهم متفاهمين من أول جلسة وفوجئت أنني أشاهد لقاء أحباء يعرفون بعضهم البعض منذ فترات طويلة ، ومع تطور الأحداث تعددت اللقاءات بعيدة عني وضمت قيادات الإخوان في أكثر من دولة عربية منها سوريا ، اليمن ، ليبيا ، العراق ، الأردن ، السودان ، التي يشكل الإخوان فيها حضور وازن ، ولم أعد أشهد أياً من تلك اللقاءات ، وفي أول لقاء أعلن الأمريكان أنهم يريدون من الإخوان خمسة أشياء هي :

• الحفاظ على السلام مع إسرائيل .
• السيطرة على حماس في غزة .
• حماية المصالح الأمريكية كلاً في دولته .
• إقامة تحالف سني مع السعودي ضد المد الشيعي الإيراني في المنطقة .
• محاولة مد الجسور مع إيران والتفاهم مع المسئولين الإيرانيين للتخلي عن حزب الله وبشار الأسد مقابل أن تعيد أمريكا العلاقات مع طهران .
من أول وهلة وفي اللقاءات المتعاقبة أعطى الأخوان كل الضمانات لإثبات حسن النية والاستعداد للقيام بتلك المهام على أحسن حال ، أنتهى كلام الدكتور سعد الدين إبراهيم .

ومن خلاله ندرك كيف أن أمريكا حاولت اللعب بالأوراق كلها لكي تصل إلى الغاية التي تسعى إليها ، وأهم شيء راهنت عليه هو أن يكون للنظام الحليف علاقة حسنة مع إسرائيل ويسعى إلى تأمين وجود هذا الكيان في المنطقة كخيار أساسي لا يمكن إغفاله .

وهنا نُدرك لماذا تكن أمريكا العداء الصارخ لأنصار الله ، وترفض أي فرصة لإنهاء الحرب ، بل وتعمل بكل ما تستطيع على إشعال الحروب أينما وجدت الفرصة مواتية ، وهي اليوم ومن خلال أدواتها القذرة في المنطقة تحاول خنق الشعب اليمني في معيشته ومقومات حياته لأنها فشلت في تركيع قيادة أنصار الله عبرما يُسمى بالعقوبات كونهم لا يملكون شيء يمكن الضغط عليهم من خلاله ، فاستخدمت وسيلة أخرى تتمثل في خنق الشعب وتكدير حياته من خلال الحصار الجائر ومنع وصول المشتقات النفطية لكي تتضاعف الأزمة ، في سبيل ذلك تستخدم مبعوث الأمم المتحدة لتمرير بعض الشروط التي ترى فيها أمريكا مدخلاً لتحقيق نفس الغرض المتمثل في التركيع عبر نفس المبعوث .

كما قلنا تضل جريمة الإخوان كبيرة وفادحة لأن الموضوع الذي خدعوا البسطاء به وهي قضية فلسطين حولوه إلى ورقة للمساومة و البيع والشراء بالارتهان إلى أعداء الأمة ومحاولة كسب ودهم ، وهنا تكمن المشكلة الكبرى وتتضح أبعاد المواقف التي تصدر عن قيادات في هذا التنظيم بين الحين والآخر تتباكى على اليمن وهو تباكي زائف لا يحمل إلا الكثير من معاني التآمر والاستعداد لبيع الكرامة ، اللهم لا شماتة ، و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، والله من وراء القصد ..