السياسية – تقرير: نجيب هبة

يبدو أن مسلسل العبث الإماراتي في اليمن لا يقف عند حد ولا يردعه وازع ديني ولا سياسي ولا قبلي.. كيف لا وحكام هذه الدويلة المارقة وضعوا أنفسهم وإمكانياتهم تحت خدمة أعداء الأمة وبالتالي فلا يمكن الحديث عن وازع من أي نوع يتحلى به النظام الإماراتي المحتل.

وعلى النقيض من ذلك فإن ما يحرك حكام الإمارات هي الأطماع الاستعمارية والتوسعية والتي يرسم لهم خيالهم أنهم قادرون عليها في “أوهام عظمة” تتعدى حجم هذه الدويلة الحقيقي.

ويأتي موقع جزيرة سقطرى الإستراتيجي كهدف مهم للإمارات والذي يتلاءم تماماً مع تصوراتها لنفسها امبراطورية بحرية تسيطر على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي.

فما بين أيدينا اليوم وثيقة إماراتية قديمة تكشف أن أطماع أبوظبي في جزيرة سقطرى الاستراتيجية ليست وليدة اللحظة ولا اليوم ولا سنوات العدوان الذي انضمت إليه الإمارات تحت ذريعة تلك المبررات الساقطة من بداية الحرب ولكنها قديمة تعود إلى ما قبل أكثر من 22 عام.

حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام وثيقة إماراتية قديمة، أظهرت اهتمام سلطات أبوظبي المبكر بجزيرة “سقطرى” اليمنية التي تحتل موقعا جيوسياسيا مهما.. والتي سيطر عليها أدوات الإمارات في الجنوب أو ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي.

وعلى اثر تداعيات أحداث سقطرى أكد الشيخ عيسى بن سالم بن ياقوت السقطري شيخ مشايخ سقطرى قبل يومين في تصريحات نقلتها قناة الجزيرة أن تحالف العدوان السعودي الإماراتي جاء لتحقيق مطامعه وتنفيذ أجندته وليس لدعم الشرعية.. داعيا إلى اتخاذ موقف حازم تجاه اعتداءات قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيا، فيما قال محافظ سقطرى التابع للحكومة العميلة أنهم وأهالي المحافظة تعرضوا للخذلان والصمت المريب ممن كانوا ينتظرون منهم النصر والمؤازرة.

وتعود الوثيقة تحديداً إلى العام 1998م وهي رسالة موجهة من سفير الإمارات بصنعاء حينذاك إلى سلطات بلاده.

ويقول السفير الإماراتي “خليفة الشيخ مجرن الكندي” في المذكرة السرية الموجهة لوكيل وزارة الخارجية عن جزيرة سقطرى إنه “نمى علم للسفارة عن طلب الإدارة الأمريكية من القيادة اليمنية السماح لها بإقامة قاعدة عسكرية بحرية وجوية في جزيرة سقطرى اليمنية مقابل قيام الولايات المتحدة بتشييد منشآت اقتصادية ومشاريع استثمارية لم يحدد حجمها بعد”.

وأضاف السفير في المذكرة أن الاخبار زعمت بأن “الملحقين العسكريين المعتمدين لدى الجمهورية اليمنية طلبوا من الجهات المختصة باليمن زيارة جزيرة سقطرى وأن الجانب اليمني تلكأ في تلبية الطلب وعرض مناطق أخرى في اليمن مثل سيئون أو مأرب”.

وقال الكندي إن خبر آخر زعم أن “الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز وبالتعاون مع مجموعة من الأمريكيين يحاولون القيام ببناء منشآت مدنية في الجزيرة بعد استئجارها كغطاء للاستخدام العسكري الأمريكي تحاشياً لأي انتقادات عربية ضد اليمن”.

الوثيقة المؤرخة بتاريخ السابع من فبراير 1998م، تسلط الضوء على الأحداث التي شهدتها جزيرة سقطرى مؤخراً، من مواجهات مسلحة وتمرد بعد سنوات من شراء الإمارات لولاءات ضباط ومشائخ في الأرخبيل قبل أن تتوج جهودهم بالسيطرة على المحافظة بشكل كامل.

وخلال الفترات الماضية تداولت وسائل إعلام تسريبات لمشايخ وشخصيات إماراتية تتحدث عن عمليات تجنيس واسعة لسكان من الجزيرة.

ففي هذا السياق نقلت وكالة أنباء الأناضول في وقت سابق عن المؤرخ الإماراتي حمد المطروشي قوله خلال مقطع فيديو يجمعه بعدد من شيوخ وأفراد من أرخبيل سقطرى الموالين للإمارات، “أؤكد لكم بإذن الله بأن أهل سقطرى سيكونون جزءا من الإمارات، ويستحقون الجنسية بدون طلب”.

وزعم أن “ثلثي مواطني إمارة عجمان الإماراتية يعود نسب آبائهم وأجدادهم إلى سقطرى”، مضيفا “بالنسبة للجنسية فهو أمر مفروغ منه”. وذهب المطروشي إلى أن “هناك علاقة قديمة تجمع الإماراتيين بأبناء سقطرى”، زاعماً “كان بيننا وبينهم ملحمة وتاريخ وحياة”.

الناشط بشير عثمان كتب في تدوينة على “فيسبوك”، “يبدو أن الإماراتيين فعلا طمعوا بجزيرة سقطرى ويريدون الاستحواذ عليها في لحظة ضعف يمني وحرب مدمرة. طبعا انتهازية خصوصا أنهم عاجزون عن تحرير جزرهم الحقيقية من إيران”، في إشارة إلى جزر “طنب الكبرى” و”طنب الصغرى” و”أبو موسى”، المتنازع عليها بين أبوظبي وطهران، والتي تقول الأولى إنها محتلة من قبل الثانية.

وكان الإماراتيون يتعهدون للسكان المحليين بأنهم سيعملون على بناء وتطوير الجزيرة وجعلها في مصاف الجزر السياحية الكبرى التي تتمتع بخدمات عالية في خطوات كانت تهدف إلى محاولة أبوظبي كسب ود سكان سقطرى لتحقيق أهدافهم وأطماعهم الخبيثة.

سطو على مقدرات الجزيرة

وكانت قناة الجزيرة بثت قبل عامين فيلما بعنوان “سقطرى اليمنية”، رصدت من خلاله حجم السطو الذي مارسته أبوظبي وبتواطؤ سعودي على موارد ومقدرات الجزيرة، وتناول الفيلم مداخلة قدمت في مؤتمر دولي حول اليمن عقد في باريس حذرت من خطورة الوجود الإماراتي في جزيرة سقطرى وأكدت المداخلة وجود وثائق تثبت بما لا يدع مجالا للشك تورط الإمارات في استنزاف مكونات واحدة من أهم المحميات الطبيعية في العالم.. مشيرة إلى حدوث “العديد من عمليات السطو تحت غطاء تنمية الجزيرة”.

وذكرت المداخلة أن حكومة المرتزقة هي من وفرت الغطاء لدخول الإمارات إلى الجزيرة عندما وقعت مع أبوظبي في مارس 2016 اتفاقية لأعمار وتنمية سقطرى واستطاع رجال أعمال إماراتيون بموجب هذه الاتفاقية حجز مناطق في شواطئ الجزيرة وشراء مساحات واسعة فيها.. وهو ما دفع تلك الحكومة في مايو من العام نفسه إلى إصدار قرار يقضي بوقف التصرف في الأراضي والشواطئ السقطرية.

سرقة الأحجار

الفيلم كشف عن وثائق تثبت تورط الإمارات في استنزاف والاستيلاء على موارد سقطرى، حيث عرض وثائق ومراسلات تكشف السرقة التي مارستها أبوظبي لثروات الجزيرة، وعرض رسالة موجهة من وكيل محافظة سقطرى للبيئة والتنمية موجهة إلى قائد النقطة البحرية بتاريخ يوليو 2017 بخصوص تصدير الأحجار الثمينة إلى الإمارات حمله فيها المسؤولية عن السماح بتصدير أحجار سقطرى الكريمة دون أدنى مسوغات قانونية ومن دون علم حكومة المرتزقة.

إذن لم تكن دويلة الإمارات اللقيطة تهدف من دخولها في تحالف العدوان على اليمن ما زعم افتراءً أنه إعادة ما وصف ب”الحكومة الشرعية” إلى صنعاء بل كان الهدف الأكثر وضوحا هو تدمير اليمن ومقدرات الشعب اليمني والحرص على ألا تقوم لهذا الشعب قائمة من خلال تفريخ الجماعات والميليشيات المختلفة وكسب ولاءاتها وضرب بعضها ببعض وهو ما شرعت بالقيام به مبكرا منذ دخولها في العدوان على بلادنا وخاصة فصائل مرتزقتها المتنوعة.

وهدفت الإمارات وإلى جانبها بالتأكيد السعودية من تلك السياسات الاحتلالية العدوانية إلى تمزيق النسيج المجتمعي وضرب الوحدة الوطنية حرصاً على بقاء اليمن في حالة فوضى حتى يتسنى لهما البدء بنهب ثرواتها ومقدراتها وهو ما بدأ يتضح شيئا فشيئا في الفترات الأخيرة.