السياسية – نجيب هبة :

يستمر مسلسل العبث الإماراتي في اليمن وبالذات في المحافظات الجنوبية المحتلة وتتكشف أوراقه واحدة تلو الأخرى وتتسارع بالسقوط كأوراق الخريف المحتومة المصير.. مغلفة بصمت سعودي لايمكن تفسيره بشيئ آخر غير التواطؤ والمباركة وبلامبالاة دولية تصب في ذات الإطار.

وتمضي دويلة الإمارات المارقة في تحقيق أهدافها الاستعمارية غريبة الأطوار في عدة دول  عربية والتي لاتخدم سوى أعداء الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتهم كيان العدو الصهيوني الذي يبدو في حالة نشوة غير عادية لتمكنه من إيجاد وكلاء لتحقيق أهدافه في الدول العربية والإسلامية وبالذات عندما يكون هؤلاء الوكلاء من ذات جلدة الدول المراد تخريبها.

وآخر هذه الأوراق تحذير تقرير بريطاني من تهديد الإمارات للنظام البيئي في سقطرى .. حيث حذر موقع ميدل إيست مونيتور البريطاني من انهيار النظام البيئي الفريد الذي تمتاز به جزيرة سقطرى بسبب الأطماع الإماراتية التي جلبت الصراعات السياسية إلى الجزيرة التي ظلت آمنة من الصراعات لعقود.

وقال التقرير إن الموقع الاستراتيجي للجزيرة قبالة سواحل الصومال بين البحر الأحمر والمحيط الهندي جذب انتباه حكومة الإمارات التي وصفها بالتوسعية والطموحة.. مشيراً بأنه وعلى الرغم من حجمها فإن سقطرى لديها القدرة لأن تصبح واحدة من أهم الأماكن في المنطقة.

وأضاف أن الحرب والسياسة في اليمن تسببت بما اتفق على أنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.. كما شهدت البلاد تدمير الكثير من المواقع التراثية التاريخية خاصة في العاصمة صنعاء مما يعرض بعض المخطوطات الإسلامية الأكثر قيمة في العالم للخطر.

ولم تكن سيطرة قوات المجلس الانتقالي المدعومة من قبل الإمارات على جزيرة سقطرى قبل أيام وطرد قوات الحكومة العميلة منها سوى خطوة في طريق تنفيذ المخططات الإماراتية وإضافة مزيد من الارتباك للمشهد السياسي المتأزم.. لذا فإن الاحتمالات ترجح أن تتحول الجزيرة الآن إلى واحدة من المآسي البيئية والثقافية اليمنية.

ويضيف ميدل إيست مونيتور أن سقطرى تعرف باسم “جوهرة خليج عدن” ولديها شواطئ زاهية ونباتات وحيوانات نادرة للغاية مع نظام بيئي هش للغاية.. لقد كانت سقطرى جزءًا منسيًا إلى حد كبير من اليمن حتى وقت قريب.. وقد صنفت اليونسكو سقطرى كموقع للتراث العالمي في عام 2008 وهو ما تعمل الإمارات اليوم على تهديده.

وقال الموقع البريطاني أن شركة موانئ دبي العالمية أنشأت عددًا من الموانئ على طول البحر الأحمر وحددت سقطرى كنقطة توسع جديد لاستثماراتها المستقبلية الأمر الذي أشعل الصراعات عليها، وبتواجد شركة دبي في 40 دولة عبر ست قارات فإن تواجد الشركة في سقطرى يمكن أن يؤمن سيطرة إماراتية مطلقة عليها مما سيجعلها “واحدة من أقوى الدول في العالم”.

وبالتوازي مع هذه الطموحات ، كانت الإمارات تجمع الأسلحة وتبني ترسانة قوية واستمرت في تأجيج الصراع في اليمن وخاصة في الجنوب.

أما ولي العهد محمد بن زايد الحاكم الفعلي لدويلة الإمارات المارقة ، فإنه حريص للغاية على الأسلحة والجيوش لدرجة أنه يقرأ المجلات العسكرية في وقت فراغه.. حسب التقرير.

ففي أوائل التسعينيات أخبر بن زايد مساعد وزير الخارجية الأمريكية آنذاك ريتشارد كلارك أنه يريد شراء المقاتلة الجوية F-16، فرد عليه كلارك: هل تقصد المقاتلات الحربية من نوع F-16A ، وهو النموذج الذي باعته أمريكا لحلفائها. فقال له بن زايد لا.. لقد أراد بن زايد النموذج الأحدث من هذه المقاتلات الجوية بعد أن قرأ عنها في مجلة عسكرية.

وكان الاحتلال الإماراتي قد أنشأ قاعدة عسكرية في سقطرى بسبب موقعها الاستراتيجي كما أقدم على عدة خطوات تكتيكية منها منح الجنسية الإماراتية لمئات اليمنيين في الجزيرة وتجنيد الكثير من أبنائها لتعزيز قبضته هناك.. ومحاولة جذب سكان سقطرى عبر تقديم وعود بحصولهم على مزايا اقتصادية مقابل المنشآت البحرية.

وفي السياق يقول تقرير ميدل ايست مونيتور أن هذا الوجود العسكري ودعم الانفصاليين في سقطرى زاد من عدم الاستقرار السياسي.. بالإضافة إلى ذلك استمرت أبوظبي في منع الجزيرة من الاستفادة من إمكاناتها السياحية وبالتالي فإنها تصبح مهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي لليونسكو.

ويؤكد التقرير أن النباتات والحيوانات النادرة في سقطرى والمياه النقية معرضة للخطر إذا مضت هذه الخطط قدما. ويقول الخبراء أن أي زيادة غير موزونة في حركة البشر والبضائع داخل الجزيرة يمكن أن يتسبب بتدمير نظامها البيئي الفريد لهذا فإن التوازن ما بين مطالب التنمية وضرورة الحفاظ على النظام البيئي بالغ الحساسية.

وأمام ما تكشفه لنا تقارير المنظمات ووسائل الإعلام الدولية بشكل متكرر من مسلسل العبث الإماراتي في بلادنا فلا يبدو أن هناك شيئ قادر على إيقافه سوى منطق القوة والردع العسكري الذي بالتأكيد سيكون له كلمة حاسمة في إيقاف هذا العدوان العبثي الحاقد.