أحمد يحيى الديلمي —

بمرور الأيام والسنين تتعاظم الرغبات الخبيثة من قبل أعداء الإسلام لاستهدافه والقدح في منهجه وأصوله وأحكامه للتقليل من شأنه وشأن الأمة التي تُدين به وتتبع منهجه، بهدف تقزيم الدور الريادي التي اضطلعت به الأمة في بداية العصر الإسلامي الأول.

الصورة بكل جوانبه بشعة وخطيرة إلا أن الأسوأ منها والأكثر بشاعة أن يكون المثقفين الإسلاميين ومن يسمون أنفسهم بالنُخب السياسية هم أصحاب الأدوار الخفية في خدمة تلك النوايا من خلال الانتقائية في التعاطي مع الأحكام أو تأويلها بأفق انتهازي يوافق رغبات الأعداء المتربصين.

استوقفني هذا المعنى وأنا أتابع الحملة الإعلامية الظالمة التي استهدفت قانون الزكاة وهيئة الزكاة بشكل عام، وهي محاولة بائسة للنيل من قيادة الهيئة وإثارة الشارع اليمني ضدها، لعلم الأطراف المتماهية في هذا الجانب باستحالة تحقيق ذلك الغرض فقد ذهبوا أبعد من ذلك عبر الإمعان في تشويه الدور المشرف للهيئة ولو بالتنكر للأحكام الإلهية وأدلتها الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، كما حدث مع زكاة الخُمس التي جعلها أتباع الحملة منطلق وأسلوب قذر اعتبر مجرد الخوض في الفريضة بأفقها التعبدي استدعاء وإقرار للعنصرية والتمييز بين المواطنين في توزيع الموارد والثروات، ووضع الهاشميين في دائرة الاتهام خلافاً للتوزيع الحكيم الذي تفرد به الخالق سبحانه وتعالى، حيث أجمع فقهاء المسلمين من كافة المذاهب على أن كلمة “ذوي القربى” الواردة في النص تعني آل البيت كعطاء يعوضهم عن سهم الزكاة التي حُرموا منها وفق نصوص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي نصوص متواترة حازت على إجماع المسملين، إلا أنه كما يقال عندما تحضر المادة تضيق العقول وتصاب البصائر بالعمى والترهل.

فالنقد المدنس يُبيح استهداف الدين وتحويل أحكامه إلى وسيلة وأداة للنيل إلى الآخر المخالف بحسب إرادة من يدفع أكثر، وهذا هو أبشع نموذج للاستلاب وافتقاد الإرادة والسير في ركاب الأعداء بلا هداية أو أدنى دراية بطبيعة المؤامرة التي تسعى إلى قهر الشعب اليمني والتحكم في مصادر عيشه، لندرك أننا أمام سلسلة طويلة من المؤامرات الممنهجة التي تصبح الصواريخ وقنابل الدمار والإبادة الشاملة معها الأقل خطورة فيها، لأن هذه الأخيرة تستحوذ على أفئدة المثقفين أو من يدعون أنهم مثقفين بخلفية انتهازية أساسها التعصب لما يُسمى بالعلمانية، بينما العدو يحاول خنق الشعب اليمني وسحق إرادته ودفعه إلى الاستسلام للرغبات الشيطانية، للآسف الشديد يأتي هؤلاء ليتبنوا حملات شيطانية تؤكد الاستعداد لممارسة الكذب والخداع والضلال والإمعان في إغواء الناس لخدمة مصالح ضيقة أو مقابل حفنة من المال المدنس، وهؤلاء المثقفين أو من يدعون أنهم مثقفين هم للآسف من كانوا سبباً في الإخلال بنظام الزكاة ودفع الناس إلى التمرد، وهم اليوم وباسم العلمانية يتهافتون لخدمة الأعداء المحتلين وترجمة نوايا الحقد والكراهية لكل ما هو يمني، ويجعلون من دعوى العنصرية وسيلة للإقناع ليؤكدوا أن العنصرية مرض بنوي أحتل أعماقهم وأصبحت ثقافة متأصلة لا يتورعون عن استخدامها بأبشع صورها، والعيب هنا ينال كل من يدعون أنهم حماة للإسلام ودعاه له، فهم اليوم يتنكرون لأحكام الإسلام ويثيرون دعوى العنصرية بأسلوب سمج على قاعدة (رمتني بدائها وانسلت) فالعنصرية في أعماقهم لا تفارقهم لحظة ولكي يتخلصوا من عبئها الثقيل يحاولون إلقائها على الآخرين زوراً وبهتاناً والحقيقة أنهم اغتاظوا كثيراً وأصيبوا بالدهشة للخطوات التي قطعها الشيخ شمسان أو نشطان منذ آلت إليه مسئولية الهيئة، فهو إلى جانب كونه شيخ فقيه نهل العلم والمعارف الفقهية من أصولها الصحيحة ويعرف ما معنى أهمية الزكاة بكل فروعها ومصارفها التي حددها القرآن الكريم، لذلك اتسم أدائه بالشفافية والوضوح والإعلان المباشر عن الحصيلة التي يتوصل إليها ومستويات الأنفاق وبيان المصارف التي غطتها الهيئة وفق الأوليات وطبيعة الاحتياجات، وهي مؤشرات هامة أكسبت الهيئة الثقة لدى الكثير من اليمنيين ممن كانوا قد امتنعوا عن أداء الزكاة وفق ما سمعته من أكثر من شخص، فلقد أشادوا بأداء الهيئة ودورها خاصة من نالهم العطاء من الزكاة.

هذه الخطوات عززت الثقة وبعثت الاطمئنان في نفوس اليمنيين وأصبحوا يتوافدون إلى مراكز الجباية بقناعة تامة مبعثها أن الزكاة ستصل إلى مستحقيها، ولأن الهيئة جزء من دولة ومؤسسة مكملة لهذه الدولة فإنها لا يجب أن تتقاعس عن أداء كل ذي حق حقه، سواءً المصارف الثمانية أو الخمسة التي ذكرت في آية الخُمس، فكلها أحكام إلهية لا تقبل الانتقاء أو التسويف أو المماطلة، وهذا ما يسعى إليه الأخ الشيخ شمسان وقيادة الهيئة وهي جهود جبارة من العيب بل من الخزي أن تواجه بدعوات هذه الكلاب الضالة، ولكن نقول للشيخ شمسان دع القافلة تسير ولا تعبأ بهذه الجعجعة، دع الكلاب الضالة تنبح والقافلة تسير، ونحن معك، والله تعالى معك..وهو من وراء القصد..