نصر القريطي —

يظل وضع المرتزقة السودانيين ضمن ميليشيات قوى العدوان حالةً خاصةً تتفرد على وضع الكثير من المرتزقة الذين يقاتلون تحت راية العدوان على بلادنا.

منذ الأيام الأولى للعدوان على بلادنا انخرط المئات من المقاتلين والخبراء العسكريين من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية تحت راية الارتزاق التي فتحتها الرياض وابوظبي على مصراعيها لكل من يريد ان يبيع نفسه وخبرته القتالية لتحالف العدوان الذي سمّى نفسه زوراً تحالف دعم الشرعية.

بعيداً عن المرتزقة المحليين تنوعت طرق تجنيد المرتزقة الأجانب في بلادنا لحساب السعودية والإمارات وتحت مسميات عدة ما بين خبراء ومدربين وطيارين وجنود غير نظاميين.

من بلاك ووتر إلى العديد من الشركات الغربية التي تجند المرتزقة بصورةٍ غير رسمية إلى عقودٍ رسمية ابرمتها الرياض وأبوظبي مع العواصم الغربية لدعم غرف عمليات العدوان بعسكريين متقاعدين وآخرين لا يزالون في الخدمة.

في المحصلة وعلى الرغم من أن واشنطن ولندن وكل العواصم الغربية وبعض العواصم العربية شريكةٌ في هذا العدوان المجرم على بلادنا إلّا أنها لم تقم بذلك عبر قطاعاتٍ كاملةٍ من جيوشها النظامية.

وحدها الخرطوم من أقدمت على هذه الجريمة التي لن يغفرها التاريخ للجمهورية العربية السودانية سواءً أكان ذلك عبر نظام الإخواني عمر البشير أو نظام الانقلاب العسكري الذي يحكم السودان اليوم.

زجَّت الخرطوم بكتائب عسكرية قتالية مدربة بكافة قطاعاتها وآلياتها العسكرية في حربٍ ليس للسودانيين فيها ناقةٌ ولا جمل ولم تكتفي الحكومات السودانية المتعاقبة بهذه الجريمة التي خدشت وجه العروبة وشوّهت صورة القومية العربية بل استمر الحاكمون العسكريون في الخرطوم في إعلان ولاءهم لتحالف العدوان على بلادنا وعدم نيتهم مراجعة وضع قواتهم في بلادنا.

مرّت قوات المرتزقة السودانيين في بلادنا بمخاضاتٍ عدة كان آخرها مجموعة الفضائح المتلاحقة التي كشفت اقدام شركات إماراتية على خداع شبّان سودانيين وإيهامهم بإبرام عقود عملٍ في عواصم العدوان أو كحراسٍ في شركاتٍ نفطية في بلادنا وإرسالهم الى العاصمة الإماراتية واحتجازهم في  معسكراتٍ تدريبية معزولة لمدةٍ لا تتجاوز الثلاثين يوماً ومن ثم ارسالهم للزج بهم في الصفوف الأمامية لتحالف العدوان في بلادنا.

على الرغم من كل تلك الفضائح والمحارق التي مرّ بها الشبان والجنود السودانيين المغرر بهم إلا أن قياداتٍ في الجيش السوداني استمرت في ارسال المزيد من المغرر بهم كمرتزقةٍ للرياض وأبوظبي في صفقاتٍ سرية بين تلك القيادات مع مجرمي الحرب محمد بن زايد ومحمد بن سلمان.

اضطر الجيش السوداني للقيام بعمليات اعادة الكثير من المغرر بهم تحت وطأة الضغط الشعبي وضغط أهالي المغرر بهم لإعادتهم الى السودان لكن تجار الحروب في المجلس العسكري السوداني الحاكم ظلّوا يمارسون ذات اللعبة اللا إنسانية واللا أخلاقية في المتاجرة بالمغرر بهم من الجنود النظاميين والشباب الباحثين عن فرص العمل في الخارج.

آخر فصول تلك اللعبة المتناقضة القذرة ما صرح به نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الحاكم ورئيس قوات الدعم السريع المدعو محمد حميدتي لقناة الجزيرة القطرية بأن قوات بلاده المتواجدة في اليمن ليست قوات مرتزقة وأنها ضن قرار اعادة الشرعية في بلادنا.

لم يترك تاجر الحرب هذا الفرصة لأحد ليوضح له بأن الرياض وأبوظبي ذاتهما لم تعودا تعترفا بهذه الشرعية وتقاتلانهما في عدن وبقية مدن الجنوب.

أصر قائد المرتزقة هذا على تثبيت التهمة على جنود بلاده فناقض نفسه في ذات التصريح الذي أدلى نفى فيه أن تكون القوات السودانية تقاتل في اليمن كمرتزقة.

يقول قائد قوات الدعم السريع في الجيش السوداني الشهير بـ”محمد حمدان دقلو” بأن الخرطوم لم تتسلم حتى اليوم مبلغ الـ”اثنين” مليار دولار” من السعودية والإمارات والمخصصة لدعم المرحلة الانتقالية في بلاده.

هل هناك رخصٌ أكثر من هذا وهل هناك وقاحةٌ أكثر من هذه التي يمارسها هؤلاء القادة العسكريون بحق جنود بلادهم الذين حولوهم لجيش مرتزقةٍ بدلاً من كونهم جيش وطني يفترض به الدفاع عن السودان وشعبه.

جرائم تجار الحروب من قادة الجيش السوداني ليست بحق اليمن وأهله فقط.. وليست بحق جنودهم الذين يرسلونهم لمحارق الموت في بلادنا فحسب.. بل هي جرائم بحق السودان وشعبه والعروبة وأواصرها والإنسانية وضميرها وكل مبادئها وقيمها وأخلاقياتها.