السياسية : نجيب هبة

يسعى كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب في كل مرة تسنح له الفرصة إلى توسيع احتلاله وبسط نفوذه على مزيد من الأراضي الفلسطينية التي لم يتبقى منها الكثير أصلا.

ففي السياق نقلت وكالة رويترز عن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قوله إن “إسرائيل لن تفوت فرصة تاريخية لمد سيادتها على أجزاء من الضفة الغربية”.. واصفاً الخطوة بأنها “واحدة من المهام الرئيسية لحكومته الجديدة”.
الدول العربية وعلى رأسها دول التطبيع الخليجي التي أصبحت تجاهر بذلك التطبيع بل وتفخر به نراها على عكس تلك المجاهرة تصمت في كل مرة يتعلق الأمر بالاعتداء على فلسطين واغتصاب حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته .
فقد جاء الاعتراض على هذه الخطوة من الدول الأوربية ولم يأت من المنطقة العربية حتى الآن على الأقل.. حيث حذرت فرنسا مجددا الكيان المحتل من ضم أجزاء في الضفة الغربية المحتلة، وطالبته بالعدول عن هذا المخطط، مؤكدة أن أي قرار من هذا النوع “لا يمكن أن يبقى بدون رد”.
ونسب موقع يورو نيوز لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قوله أمام الجمعية الوطنية “ندعو الحكومة الإسرائيلية للامتناع عن أي تدبير أحادي بخاصة ضم أراض”.. مضيفا أن “أي قرار من هذا النوع لا يمكن أن يبقى دون رد”.
وكانت فرنسا أعلنت الأسبوع الماضي أنّها تُعدّ مع دول أوروبية أخرى “تحرّكاً مشتركاً” لمحاولة إحياء مفاوضات السلام بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين.. محذّرة الدولة العبرية من أنّها قد تواجه “رداً أوروبياً” إذا ما نفّذت خطّتها بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وقال الوزير الفرنسي خلال جلسة استماع في الجمعية الوطنية “نحن نعمل مع إيطاليا وألمانيا وإسبانيا بالإضافة إلى بعض الدول الأعضاء، لبلورة تحرّك مشترك” حسب موقع يورو نيوز.
وأضاف أنّ الهدف من هذا التحرك هو إعادة “الجميع إلى طاولة المفاوضات”.. مشيراً إلى أنه سيجتمع “في غضون أيام قليلة” مع نظيره الإسرائيلي الجديد. وأوضح الوزير الفرنسي “سنعمل بهذا الاتّجاه مع بعضنا البعض بتكتّم، وبطريقة أكثر علنية إذا ما أتيحت لنا الفرصة في الأيام المقبلة”.
كما لفت لودريان إلى أن الدولة العبرية قد تواجه إجراءات أوروبية انتقامية إذا ما مضت قدماً بخطّتها ضمّ أجزاء من الضفّة الغربية. وقال “نحن نعمل سوياً على تحرّك مشترك للدرء، وربّما للردّ، إذا ما نفّذت” الحكومة الإسرائيلية الجديدة مخطّطها بضمّ أراض فلسطينية محتلّة.. مشددا على أنّ إقدام الاحتلال على هذا الأمر “سيشكّل بالنسبة لنا انتهاكاً خطيراً” للقانون الدولي و”سيعرّض حلّ الدولتين وإمكانية التوصّل إلى سلام دائم لخطر بطريقة لا عودة عنها”.
ويعتبر الفلسطينيون ومعظم الدول الإجراء ضما غير قانوني لأرض محتلة يسعون لإقامة دولتهم عليها. وتعتبر المستوطنات المشيدة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في الضفة الغربية وشرقي القدس، غير قانونية كما تؤكد على ذلك الأمم المتحدة.
وفي رد الفعل على هذه الخطوة الصهيونية أعلنت الحكومة الفلسطينية الأسبوع الماضي إنهاء التعاون الأمني مع دولة الاحتلال وحليفتها الولايات المتحدة احتجاجا على خطة ضم الأراضي.
وحدد نتنياهو في اجتماع مع مشرعين من حزبه ليكود ضم الأراضي بأنه “ربما يكون أولى مهام الحكومة الجديدة أهمية من عدة أوجه”. وشكل نتنياهو وجانتس الحكومة في 17 مايو.
وبحسب صفقة نتنياهو ووزير دفاعه بيني غانتس، من المقرر أن تمضي حكومة الاحتلال الجديدة قدما في عملية الضم من بداية يوليو.
وقال نتنياهو “لدينا فرصة تاريخية لم توجد منذ عام 1948 لتطبيق السيادة بحكمة.. كخطوة دبلوماسية.. إنها فرصة كبيرة ولن ندعها تمر” وذلك بعد يوم من بدء محاكمته في قضايا فساد بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
وتعتزم دولة الكيان المحتل ضم أكثر من 130 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت على أن يصبح جزءا من حدودها الشرقية مع الأردن.
ووعد رئيس وزراء الاحتلال بفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، المنطقة الإستراتيجية التي تشكل 30 بالمائة من مساحة الضفة الغربية.
واعتبر محللون أن هذه الخطوة قد تدفع الأردن إلى التراجع عن اتفاقية السلام التي وقعتها مع الاحتلال عام 1994 في حال أقدمت على ضم غور الأردن الذي تتشارك معها الحدود.

ـ تأييد أمريكي
وكعادته يأتي الموقف الأمريكي مؤيداً لما تريده دولة الاحتلال.. فبالرغم من جائحة كورونا، زار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأسبوع الماضي الدولة العبرية ، في زيارة خاطفة هي الأولى له إلى الخارج منذ نحو شهرين، وذلك لإجراء محادثات حول مخططها لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. وأشارت الإدارة الأمريكية إلى عدم وجود اعتراضات لديها.
وفي تصريح يهدف إلى التغطية الدبلوماسية على الموافقة الأمريكية وصف بومبيو القضية بأنها “معقدة” وقال إنها “تستلزم تنسيقا مع واشنطن”.
بينما لايخفى على أي متابع للشأن الفلسطيني مسألة التأييد الأمريكي للكيان الصهيوني فقد أشار نتنياهو نفسه إلى خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط باعتبارها “دعما للضم بحكم الأمر الواقع”. وهي الخطة التي يرفضها الفلسطينيون جملة وتفصيلاً.
كما أعطت الخطة الأميركية التي أعلن عنها أواخر يناير الماضي الضوء الأخضر للكيان الصهيوني لضم غور الأردن.

ـ الموقف الأردني

ومن جانبه دعا وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي دول الاتحاد الأوروبي إلى “التصدي” لمخطط الاحتلال ضم أجزاء من الضفة الغربية.. مؤكدا إنه سيقوض حل الدولتين.
وحسب موقع يورو نيوز ، أكد الصفدي خلال لقائه بسفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى المملكة على “أهمية دور الاتحاد الأوروبي في جهود التصدي لأي قرار إسرائيلي بضم أراض فلسطينية محتلة”.. موضحاً أن “قرار الضم إن نفذ سينسف الأسس التي قامت عليها كل الجهود السلمية على مدى العقود الماضية وسيقتل حل الدولتين وسيجعل خيار الدولة الواحدة مآلاً محتوماً، ما سيضع العالم أجمع أمام واقع يكرس نظام التمييز العنصري (الآبارتايد)”.

وأكد الصفدي “ضرورة التحرك بفاعلية للحؤول دون ضم إسرائيل للمستوطنات وغور الأردن ومنطقة شمال البحر الميت في فلسطين المحتلة، حماية للقانون الدولي وحماية للسلام الشامل الذي يشكل ضرورة إقليمية ودولية”.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حذر من إقدام الاحتلال بالفعل على ضم أجزاء من الضفة الغربية في يوليو، قائلا إن “ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع الأردن وأن القادة الذين يدعون لحل الدولة الواحدة لا يعلمون تبعاته”.
وأضاف في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية، إن حلّ الدولة الواحدة ما زال مرفوضاً عربيا، متسائلا “ماذا سيحصل إذا انهارت السلطة الوطنية الفلسطينية؟ سنشهد مزيدا من الفوضى والتطرف في المنطقة”.
وحول إمكانية تعليق العمل بمعاهدة السلام مع الاحتلال ، قال العاهل الأردني “لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيئ جواً للخلاف والمشاحنات، ولكننا ندرس جميع الخيارات. ونحن نتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة لا يجب أن يطبّق في الشرق الأوسط”.

ـ أوراق ضغط أوروبية
وحول مايمكن أن تقوم به الدول الأوروبية في هذا الجانب، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة فتح، إن “أوروبا تمتلك مفاتيح كثيرة للضغط على الاحتلال خاصة أن الاحتلال يحسب على أوروبا في أي مهام عالمية وليس على آسيا التي يتواجد على أرضها”.
وأضاف الرقب في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية أن “حجم المصالح الاقتصادية التي تربط الاحتلال الإسرائيلي بأوروبا كبير جدا وبالتالي تستطيع أوروبا استخدام سلاح الاقتصاد للضغط على الاحتلال الإسرائيلي فسلع كثيرة يشتريها الاتحاد الأوروبي من إسرائيل”.
وتابع “لقد تحرك الاتحاد الأوروبي قبل تشكيل الحكومة وفور معرفته بديباجة الاتفاق بين نتنياهو وغانتس والذي اشتمل ضم أراضٍ من الضفة الغربية حتى يتجنب الحديث عن ضغوطات وعقوبات قد ينفذها ضد الاحتلال الإسرائيلي”.. مشيراً إلى أن “الاتحاد الأوروبي أمام محك حقيقي إما أن يثبت أنه يستطيع الحفاظ والدفاع عن مواقفه أو أنه فشل في ذلك”.
ويمثل الاستيطان الصهيوني واحدة من أكبر عقبات إحلال السلام وحجر عثرة أمام مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، وبحسب الاحصاءات فقد شهد عام 2018 زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات بعد المصادقة على بناء حوالي 9384 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات قائمة إضافة إلى إقامة 9 بؤر استيطانية جديدة.
جريمة جديدة تضاف إلى جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الأرض العربية والشعب العربي المسلم في فلسطين وتتجاهل كل القوانين الدولية بينما لانرى ردا عربيا يتناسب مع حجم المأساة وان كانت هناك ردة فعل عربية فهي خجولة ولا ترقى إلى تطلعات الشعب العربي والإسلامي.