السياسية : محمد ناجي ..

يثير تصاعد حالات الإصابة بفيروس “كورونا” المستجد في مدينة القدس المحتلة وخاصة في صفوف الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين لدى سجون الاحتلال الصهيوني في ذكرى يوم الاسير الفلسطيني قلقاً متزايداً مع تعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاهمال تجاه الاسرى وإعاقة تقديم الخدمات الصحية لهم، خاصة مع وجود نحو 700 أسير مريض .

ومع تصاعد الشكاوى ضد سلطات السجون الإسرائيلية من قبل الاسرى الفلسطينيين بتعمد الاهمال الطبي والصحي تجاههم يطلّ يوم الأسير الفلسطيني هذا العام، وسط أجواء من الخوف والتوتر تعيشها عائلات الأسرى الخمسة آلاف الذين يقبعون في سجون الاحتلال في ظروف قاهرة غير إنسانية، زادها تفشي فيروس “كورونا” الجديد رعباً .

وتأتي هذه الذكرى بعدما اصبحت سمعة سجون الاحتلال الإسرائيلي في الإهمال الطبي راسخة ولا تحتاج إلى أدلة، ما جعل الأسرى المحررين في زمن انتشار فيروس (كورونا) الجديد، يعكفون على حجر أنفسهم بمجرد تحررهم خوفاً من نقلهم المرض إلى الخارج، فيما يبقى الخوف على الأسرى القابعين في السجون مسيطراً.

ووفق المؤسسات المختصة بشؤون الأسرى الفلسطينيين، فإنّ الاحتلال الإسرائيلي لم يوقف عمليات الاعتقال بحق الفلسطينيين منذ بداية انتشار فيروس “كورونا” الجديد، بل جرى اعتقال 357 فلسطينياً من الجنسين، خلال الشهر الماضي.

 

ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدري أبو بكر على هامش مؤتمر صحفي عقد أمس الجمعة في رام الله، بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف السابع عشر من إبريل من كلّ عام “يتم التضييق على أسرانا بسحب الإنجازات التي حققوها عبر عشرات السنين، من ضمنها مواد التنظيف والتعقيم التي تعد أبسط الاحتياجات وأهمها في هذا الوقت بالذات، وما زال الاحتلال يتعامل مع خطر كورونا بروح الاستهتار واللامبالاة”.

ويلفت أبو بكر إلى أنّه جرى توجيه رسائل بسبع لغات، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وحكومات وبرلمانات وأحزاب العالم تطالب بالتدخل العاجل والضاغط على الاحتلال لإطلاق سراح الأسرى، خصوصاً كبار السن والأطفال والمحكومين إدارياً”.

ويأتي ذلك في الوقت الذي مر فيه أكثر من مليون فلسطيني بتجربة الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء الثورة الفلسطينية، فيما يوجد حالياً في سجون الاحتلال نحو 5 آلاف أسير وأسيرة، موزعين على 22 سجناً ومركزاً للتوقيف.

وفي تصريحات صحفية يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس ان “حماية الأسرى هي مسؤولية إسرائيلية لكنّ الاحتلال يتعمد إيذاء الأسرى، ونأمل بالضغط على الكيان الصهيوني لإطلاق سراح المهددين أكثر من غيرهم بالمرض بمعنى كبار السن والمرضى والأطفال والنساء والإداريين نأمل أن يتحقق ذلك بضغط دولي لكن ليس لدينا أوهام.

ويضيف قائلاً “نعلم تماماً أنّ (إسرائيل) دائماً وفر لها المجتمع الدولي هامشاً لممارساتها وتكون في منأى عن أيّ محاسبة وملاحقة دولية”.

وقد اعرب قدورة فارس عن أمله في “أن يأتي عيد الفطر وقد تحرر عدد كبير من أبنائنا وبناتنا، والأمل معقود بإنجاز صفقة متوازنة وكلنا أمل بأن يتضح وجود جندي أو أكثر من جندي على قيد الحياة، لتكون صفقة بمستوى آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني”.

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة أن 78 إصابة بفيروس (كورونا) على الأقل تم تسجيلها شرق القدس وفق تقدير أولي أخرهم لثلاثة ممرضين في مستشفى المطلع في المدينة المقدسة،مع ثبوت اصابة اسيرين في سجون الاحتلال .

وقالت الكيلة خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء الماضي إن شرق القدس باتت تتصدر أرقام الإصابات بالفيروس بواقع 40 في المائة من إجمالي المصابين في الأراضي الفلسطينية.

وذكرت الوزيرة أن طواقم وزارة الصحة الفلسطينية لا تستطيع الوصول إلى السكان الفلسطينيين بسبب الحواجز العسكرية والجدار الفاصل وعدم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وفي السياق، اتهم محافظ القدس في السلطة الفلسطينية عدنان غيث الكيان الإسرائيلي بالاستهتار بحياة أكثر من 300 ألف فلسطيني يقطنون في الجزء الشرقي في مدينة القدس.

واكد غيث في تصريحات صحفية إن سلطات الاحتلال الإسرائيلية “تتقاعس” عن إجراء الفحوصات الكافية للإصابات وتوفير أدوية الوقاية اللازمة لمواجهة الفيروس.

وأضاف أن الكيان الإسرائيلي يمنع أي نشاط فلسطيني رسمياً لمكافحة فيروس “كورونا” ويضع العراقيل والمضايقات حتى للمتطوعين المحليين الذين يقومون بحملات تعقيم الأحياء والأزقة.

من جهتها، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المختصة بالتدخل وإلزام الكيان الإسرائيلي بعدم إعاقة حملات الوقاية من فيروس “كورونا” في شرق مدينة القدس المحتلة .

ونددت الوزارة في بيان صحفي، بمداهمة شرطة الاحتلال الإسرائيلي المقر الطبي الفلسطيني الذي أقامته لجنة الطوارئ في بلدة سلوان بهدف الحد من انتشار فيروس “كورونا”، بزعم أنه مخالف للقانون.

كما أدانت “جميع الإجراءات التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق المقدسيين من تنكيل واعتقالات ومداهمات وقمع وعمليات عزل تعسفية وقيود على كل من يتحرك في مبادرة إنسانية” للحدمن تفشي فيروس كورونا.

وأكدت الخارجية الفلسطينية أن “حالة من الخوف والقلق تسود الأوساط الفلسطينية وصفوف المقدسيين جراء استمرار الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة، في ظل تصاعد عدد الإصابات المعروفة بالفيروس في صفوفهم”.

بدوره، قال المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) سامي مشعشع، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي “تضيق على طواقم الوكالة العاملة في مخيمات القدس من أجل منع تفشي فيروس كورونا”.

واشتكى مشعشع، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، من صعوبات في الدخول والخروج من المخيمات الفلسطينية في القدس، لا سيما مخيم شعفاط في ظل مواجهة “كورونا”.

وذكر أن ذلك “يؤثر على الأوضاع الاقتصادية لسكان القدس، وممن لا يستفيدون استفادة كاملة من خدمات الوكالة جراء الاجراءات التي تقوم بها بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس”.

في هذه الأثناء، دفع خطر تفشي فيروس “كورونا” مؤسسات أهلية فلسطينية تنشط في شرق القدس إلى إطلاق”التجمع المقدسي لمواجهة الفيروس المميت .

وقال منسق التجمع أحمد البديري في تصريحات صحفية إن نحو 82 مؤسسة أهلية تعاونت لإطلاق التجمع بغرض العمل بشكل مشترك لتعزيز الجهود الرامية إلى مواجهة خطر تفشي الفيروس.

وأوضح البديري أن التجمع بادر إلى تخصيص فندق في شرق القدس كحجر صحي، وافتتاح مركز اتصالات على مدار الساعة لتقديم خدمة نفسية واجتماعية وقانونية لسكان المدينة وإطلاق حملات توعية في صفوفهم.

وشدد البديري على أن سلطات الاحتلال “تتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن صحة وسلامة الفلسطينيين في شرق القدس في مواجهة فيروس كورونا، لكن في المقابل يجب تكثيف كل الجهود لحماية سكان المدينة”.