السياسية: نصر القريطي

على الرغم من انشغال الإعلام العالمي بتغطية جائحة الـ”كورونا” التي تمثل تحدياً حقيقياً للبشرية جمعاء إلّا أن الذكرى الخامسة للعدوان السعودي الإماراتي على بلادنا قد أوجدت لها مساحة في صدر كبريات الصحف العالمية.

السؤال المنطقي على هذا الصعيد هو “ما الجديد في التغطية  الإعلامية الغربية للذكرى الخامسة لهذا العدوان الغاشم..!” الذي لا يزال مستمراً على قدمٍ وساق في كل جبهاته العسكرية والاقتصادية والإنسانية والأخلاقية..

التساؤل الأهم الذي يجب أن يطرح نفسه هو: “ما الذي ميّز تغطية الإعلام الغربي لذكرى العدوان لهذا العام عن الأعوام السابقة..!؟”

ركز الإعلام الغربي في تغطيته ذكرى العدوان لهذا العام على تغيّر معادلة هذه الحرب لصالح الضحية على حساب المعتدي، وسلطت كبريات الصحف الأمريكية والغربية الضوء على صورة اليمن الذي قاب قوسين أو أدنى من الانتصار على المعتدين عليه على الرغم من الحرب الشرسة التي شنها عليه المتكالبون عليه.

تحت عنوان “السعوديون يتكبدون الهزيمة في اليمن” قالت صحيفة “نيزا فيسيمايا” الروسية أن الانتصار الكبير لمن سمّتهم “الحوثيين” على قوات التحالف السعودي الإماراتي يمهّد لتغيّرٍ كاملٍ في معادلة هذه الحرب يمكن أن يؤدي لإنهاءها لصالح “قوات صنعاء”.

تنقل الصحيفة عن محللين عسكريين روس عدم استبعادهم لنقل المعركة بالكامل إلى العمق السعودي الأمر الذي يشي بتغيّر توازن القوى الاستراتيجي الذي يجري الآن في هذه المعركة والذي قد يؤدي إلى إنهاء الحرب بأكملها حسب تعبير الصحيفة الروسية.

من جانبه، يرى السفير الأمريكي الأسبق في اليمن “ستيفن سيش” في مقالةٍ له بموقع “معهد الخليج العربي” في واشنطن أن التطورات الأخيرة على الأرض بالإضافة لحقيقة أن التحالف الذي تقوده السعودية بات مجزأ داخلياً يؤكد الرأي القائل بأن “الحوثيين” قد انتصروا بالفعل في هذه الحرب.

“وكالة الصحافة الفرنسية” أعدت بدورها تقريراً مفصلاً عن قراءتها لمآلات هذه الحرب السعودية الإماراتية على بلادنا.

يؤكد التقرير أن الرياض بعد خمس سنواتٍ من الحرب على اليمن التي ظنّت أنها لن تستغرق بضعة أشهر تبحث عن طوق نجاةٍ وطريقٍ للخروج من هذه الحرب الخاسرة.

تضيف “فرانس برس” أن طول أمد هذه الحرب كشف عن حدود القدرات العسكرية الحقيقية للسعوديين وحلفاءهم على الرغم من الفارق الخرافي في التسليح والغطاء الدولي والأممي بين الطرفين.

وتنقل الوكالة الفرنسية عن مسئولٍ غربيٍ مطلعٍ على سياسات الرياض إن الأخيرة ترغب بالقول أن هذه الحرب انتهت بالنسبة لنا.. لكن الواقع على الأرض صعبٌ للغاية بالنسبة لها..

هذا الرأي تدعمه قناة “دويتش فيله الألمانية” حيث أكدت في تقرير مطولٍ لها لتغطية الذكرى الخامسة للعدوان أن السعودية وبعد خمس سنوات فاشلةٍ من الحرب الجوية المتواصلة تتمنى التراجع لكنها لا تجد استراتيجيةً للخروج.

صحيفة “لا ترابيون الفرنسية” ترى من جانبها بأن صفقات الأسلحة الضخمة التي اشترتها دول العدوان على بلادنا أثناء هذه الحرب من كل الدول الغربية لم تتغير المعادلة لصالح الرياض وحلفاءها بل على العكس تجد الرياض نفسها بعد خمس سنوات من الحرب وهي غارقةٌ في معركةٍ لا تجد طريقاً لمخرجها.

بالعودة لمقارنة التغطية الإعلامية الغربية لأعوام الحرب المتتالية لا بد من وضع عناوين عريضة للصورة التي بدت عليها تغطية الإعلام الغربي للأعوام الأربعة المنصرمة من عمر العدوان.

يمكن أن نطلق اسم “شاهد الزور” على التغطية الغربية للذكرى الأولى لهذا العدوان المجرم، فبعد مرور عامٍ كاملٍ من الحرب العدوانية التي لم يسبق لها مثيلٌ في التاريخ الحديث لحروب الشرق الاوسط بدا إعلام الغرب متماهياً إلى حدٍّ كبير مع هذا العدوان الأمر الذي عكس الحذر أو لنسمه “الخوف” من مخالفة الرؤية الامريكية لهذه الحرب التي تبنتها واشنطن بشكلٍ كلي بما في ذلك صورة العدوان في الإعلام الأمريكي والدولي.

في الذكرى الثانية لهذه الحرب الملعونة اختلفت صورة تحالف العدوان وقادته في الإعلام الغربي وبدا أن كبريات الصحف ووكالات الانباء الأمريكية والغربية شرعت في تسليط الضوء على “جرائم الحرب المروعة” التي يرتكبها طيران العدوان بحق شعبٍ بأكمله دون تفريقٍ بين مدني وعسكري.

تبلورت صورة المجرمين “محمد بن سلمان” و”محمد بن زايد” في تغطية الإعلام الغربي للذكرى الثالثة لهذا العدوان الكوني المجرم وصارت افتتاحيات كبريات الصحف الامريكية والغربية وتقاريرها الاستقصائية تهاجم انظمة الإجرام السعو إماراتي بشكل مباشر داعيةً لرفع الغطاء الأمريكي والغربي والأممي عن هذين النظامين اللذان يمارسا جرائم حربٍ مروعة وإرهاب دولةٍ منظم بحق شعبٍ بأكمله وأمةٍ بأسرها..

صوّرت التغطية الإعلامية الغربية للذكرى الرابعة للعدوان المستنقع الذي باتت الرياض وأبوظبي غارقتين فيه والطريق المسدود الذي وصل إليه تحالف العدوان على بلادنا وكيف ان حرب بن سلمان التي ظنَّ انها ستستمر لبضعة أشهر قد فشلت وطال أمدها ولم تعد في صالح النظامين السعودي والإماراتي..

إذن الجديد في تغطية الإعلام الغربي لدخول هذه الحرب المجرمة عامها السادس تمثلت في صورة اليمن الذي بات يضع اقدامه على أعتاب بوابات النصر العظيم وهي الصورة التي سادت في كبريات الصحف الأمريكية والغربية لتغطيتها ذكرى العدوان لهذا العام.