السياسية – وكالات :

 

يعقد في فيينا اليوم الاربعاء اجتماع “مصالحة” يسعى الاوروبيين والصين وروسيا من خلاله للتوصل إلى أرضية تفاهم مع إيران حول برنامجها النووي وذلك في أول لقاء منذ إطلاق آلية فض الخلافات ضد طهران في 2015.

 

ويعقد الاجتماع الذي وصفه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات لوسائل إعلام بأنه “فرصة لوقف التصعيد قبل فوات الأوان”، في العاصمة النمساوية على مستوى المدراء السياسيين في إطار اللجنة المشتركة، هيئة النقاش التي ينص عليها الاتفاق.

 

وتترأس الاجتماع هيلغا شميد المتخصصة بالملف لدى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل. ويشارك فيه إلى جانب إيران، ممثلون عن الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

 

وبموجب آلية فض الخلافات التي ينص عليها الاتفاق، ينبغي أن تحاول الأطراف التوصل إلى حل قبل أن تقرر عرض القضية على وزراء الخارجية.

 

وفي حال لم تتم مصالحة، يمكن أن يعيد مجلس الأمن الدولي فرض العقوبات التي رفعت في إطار اتفاق فيينا. لكن الأوروبيين يؤكدون أن هذا ليس هدفهم.

 

ويواجه اتفاق فيينا التاريخي تهديدا حقيقيا منذ أن انسحبت منه الولايات المتحدة بقرار أحادي في 2018. وردت طهران التي أعيد فرض عقوبات خانقة عليها بالتخلي تدريجيا كل شهرين اعتبارا من مايو 2019، عن عدد من التزاماتها، كما تقول المنظمة الأميركية غير الحكومية “جمعية مراقبة الأسلحة” (آرمز كونترول اسوسييشن).

 

ويرى الأوروبيون أن المخالفات التي قررتها السلطات الإيرانية ليست غير قابلة للعكس. وقد أكدت إيران حاليا أنها ستواصل تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتسمح بذلك لمفتشي هذه الهيئة بالدخول إلى المنشآت المعلنة.

 

وقال دبلوماسي أوروبي ،وفق وكالة فرانس برس، “لدينا جميعا مصلحة في إنقاذ +خطة العمل المشتركة الشاملة+ (الاتفاق النووي) ليتمكن المفتشون من مواصلة العمل في إيران”.

 

وأضاف أن المفاوضات بين إيران والأوروبيين وروسيا والصين “لا موعد نهائيا لها” و”ما زلنا بعيدين عن تحقيق نتيجة”، إذ إنه لم يحدد برنامج زمني للمحادثات.

 

وينص الاتفاق الموقع في 2015 على رفع جزء من العقوبات الدولية عن إيران مقابل تقديمها ضمانات لإثبات الطبيعة محض المدنية لبرنامجها النووي.

 

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت مساء الثلاثاء على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أنها “تدعم بالكامل” الآلية التي أطلقتها الدول الأوروبية الثلاث الأطراف في الاتفاق النووي الإيراني لإرغام طهران على العودة للالتزام بمفاعيل هذا الاتفاق المبرم في 2015 والذي يقيد أنشطتها النووية.

 

وقال المتحدث “نحن ندعم بالكامل قرار الترويكا الأوروبية إطلاق آلية فض النزاعات”، داعيا إلى فرض “المزيد من الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية” على الجمهورية الإسلامية التي تخضع أساسا لعقوبات أمريكية مشددة.

 

وأضاف البيان أن “بريطانيا وفرنسا وألمانيا فعلت الصواب” في مواجهة “الاستفزازات الإيرانية” في المجال النووي.

 

وكانت هذه الدول الأوروبية الثلاث الأطراف في الاتفاق النووي أطلقت الثلاثاء عملية دبلوماسية صعبة لإلزام طهران بالعودة إلى احترام تعهداتها النووية من دون فرض عقوبات جديدة عليها.

 

والآلية التي فعلتها الترويكا الأوروبية هي آلية لفض النزاعات ينص عليها الاتفاق في حال انتهاك بنوده.

 

وقال وزراء الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان والألماني هايكو ماس والبريطاني دومينيك راب في بيان مشترك “ليس لدينا خيار آخر نظرا للتدابير المتخذة من جانب إيران”.

 

وفي الخامس من يناير الماضي، كشفت طهران عن “المرحلة الخامسة والأخيرة” من خطتها الرامية لتقليص التزاماتها بشأن برنامجها النووي، وذلك ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 وإعادة فرض واشنطن عقوبات قاسية تخنق الاقتصاد الإيراني.

 

في تصريح متشائم حول إمكانية إنقاذ الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، اتهم وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان طهران الأربعاء بانتهاك متكرر “لخطة العمل الشاملة المشتركة” المنصوص عليها ضمن الاتفاق. وقد هدد لودريان الجمهورية الإسلامية بإمكانية “العودة إلى آلية تسوية المنازعات التي ينص عليها الاتفاق النووي” والتي تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة عليها.

 

وفي سياق الرد الإيراني على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 وفرضها عقوبات شديدة تخنق الاقتصاد الإيراني، اتخذت طهران سلسلة من الإجراءات التي تقلص حجم التزاماتها الواردة في الاتفاق.

 

يذكر أن الاتفاق يتضمن آلية لتسوية المنازعات، تنقسم بين عدة مراحل. ومن شأن مسار قد يستغرق أشهرا، أن يقود إلى تصويت مجلس الأمن الدولي على إمكانية أن تواصل إيران الاستفادة من رفع العقوبات الذي أقر إبان توقيع الاتفاق.

موسكو : الاتفاق النووي الإيراني يجب أن يظل “أولوية”

 

من جانبها حضت موسكو الإثنين الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني على إبقائه “أولوية” داعية الشركاء الأوروبيين إلى الوفاء بالتزاماتهم لضمان بقاء إيران في الاتفاق.

 

وروسيا واحدة من الدول الخمس المتبقية التي وقعت على الاتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018. والدول الأربع الأخرى هي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا.

 

وتضمن بيان لوزارة الخارجية الروسية أن “الحفاظ على الاتفاقات الواسعة وضمان تطبيقها المستدام يجب أن يبقى أولوية بالنسبة لجميع الشركاء”. وأضافت أن الاعلان الايراني “لا يحمل أي تهديد بالنسبة لانتشار الاسلحة النووية”.

 

وأكدت طهران مرارا أن الاتفاق المتعثر يمكن إنقاذه إذا ما ساعدت الأطراف الموقعة عليه في الالتفاف على العقوبات الأمريكية القاسية. وذكرت الأحد أنها ستعود إلى التزاماتها في حال تم رفع العقوبات واستفادت إيران من ذلك.

 

ترامب: “إيران لن تمتلك أبدا سلاحا نوويا”

 

أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فقد أكد الإثنين أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وذلك غداة إعلان طهران التخلي عن أي قيود في تخصيب اليورانيوم.

 

وكتب الرئيس الأمريكي في تغريدة على تويتر “إيران لن تمتلك أبدا سلاحا نوويا”، وذلك في سياق تهديداته المتصاعدة لإيران منذ اغتيال القائد الفريق الإيراني قاسم سليماني بضربة أمريكية في بغداد.

 

ويذكر أن إدارة ترامب انسحبت عام 2018 من الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني المبرم عام 2015 بين إيران والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي (الصين، الأمم المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا) وألمانيا.

 

ووافقت إيران بموجب الاتفاق الذي بات مهددا على أن تخفض أنشطتها النووية بشكل كبير، لتثبت أن ليس لها أهداف عسكرية، في مقابل رفع جزء من العقوبات الاقتصادية الدولية التي تخنق اقتصادها.

 

لكن إيران أكدت من جديد الأحد استعدادها للعودة إلى تطبيق الاتفاق النووي إذا غيرت واشنطن سياستها تجاهها.