مركز الأمومة والطفولة بالمحويت.. صمود في ظل تحديات العدوان
السياسية – جميل القشم:
تشهد مراكز الأمومة والطفولة في اليمن تدهوراً كبيراً وأوضاعاً مأساوية في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها جراء العدوان واستهدافه للبنية التحتية ومقدرات البلاد.
وتعاني مراكز الأمومة والطفولة من عجز في خدمات الرعاية الطبية لتلبية احتياجات آلاف المرضى نظراً لقلة الإمكانات ونقص الأدوية والمحاليل والأجهزة الطبية.
وفي ظل استمرار تداعيات الحصار, تكتظ المستشفيات بأعداد مهولة من الأطفال المرضى مع تزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأمراض، حيث يُقدر عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد بنحو مليوني حالة ممن هم دون سن الخامسة بينهم 400 ألف طفل معرضون لخطر الإصابة بالشلل وضمور الأطراف.
ووفقاً لتقارير منظمات دولية، يتناول 15 بالمائة فقط من الأطفال الحد الأدنى من الغذاء الذي يحتاجونه لنموهم أو لأجل بقائهم على قيد الحياة، كما توفي آلاف الأطفال لأسباب كان يمكن الوقاية منها بسبب غياب الخدمات الصحية الأساسية وتدهور أوضاع المراكز الطبية.
ومن بين هذه المستشفيات مركز الأمومة والطفولة بمحافظة المحويت الذي يعاني وضعاً حرجاً نتيجة قلة الإمكانيات والنقص الحاد في المستلزمات والأدوية الطبية والنفقات التشغيلية وتغطيته عدداً كبيراً من المرضى يفوق سعته الاستيعابية.
يستهدف المركز الذي يُعد الأول على مستوى المحافظة، أكثر من عشرين ألف نسمة بمركز المحافظة، بالإضافة إلى ثمانية آلاف نازح يعيشون في مديريات مختلفة، ويقدم خدمات لشريحة الأمومة والطفولة بما فيها المواطنين الوافدين للعلاج من كافة المديريات.
وذكر تقرير صادر عن المركز، أنه استقبل خلال العام المنصرم أكثر من 40 ألفاً و577 حالة بزيادة أكثر من عشرين ألف عن خطته التشغيلية السنوية لاستهداف المرضى من سكان مدينة المحويت.
وضع مأساوي
على أبواب مركز الأمومة والطفولة يتزاحم يومياً أكثر من 150 مريضاً للحصول على الخدمات الطبية عبر عيادات الأطفال والبالغين والنساء والمجارحة وتنظيم الأسرة والولادة ورعاية الحوامل وصحة الطفل والتحصين والمختبر والمعاينة والترصد التغذوي في ظل احتياج المركز لأقسام الطوارئ والرقود والعمليات والتجهيزات الطبية اللازمة.
ويفرض الاقبال المتزايد على خدمات مركز الأمومة والطفولة في المحافظة أعباء تفاقم من معاناته، إذ يعمل من خلال طبيب عام وأخصائية نساء وولادة يواجهان ضغوطاً يومية في استقبال المرضى رغم الجهود التي تبذل لتغطية أكبر عدد من المرضى الذين ينتظرون دورهم للحصول على خدمات المعاينة خلال فترتي الصباح والمساء.
مؤشرات عامة
مسئول التغذية بمكتب الصحة العامة والسكان في المحافظة الدكتور محمد الشاحذي، أوضح أنه تم اكتشاف ومعالجة 12 ألفاً و412 طفلاً وطفلة أصيبوا بسوء تغذية حاد ووخيم.. مشيراً إلى تتبع حالات سوء التغذية لنحو 199 ألفاً و892 طفلاً وطفلة من مختلف المديريات.
وبيّن أنه تم تنفيذ حملات وجلسات توعية حول الرضاعة الطبيعية والتغذية التكميلية للأطفال لقرابة 17 ألفاً و768 من الأمهات خصوصاً في القرى والمناطق النائية.
من جانبه، لفت مدير الصحة الإنجابية بمكتب الصحة الدكتور عبد الكريم رضوان إلى الجهود التي تُبذل لتحسين خدمات رعاية الطفولة والأمومة وتأهيل قابلات على مستوى القرى للتخفيف من نسبة وفيات الحوامل سيما بالمناطق التي يصعب سرعة اسعاف حالات الولادة.
وأفاد بأنه تم تأهيل 60 قابلة من مختلف المرافق الصحية بالمديريات من خلال الأنشطة التدريبية لخطة العام الماضي .. موضحاً أن خمسة آلاف و283 امرأة استفدن من خدمات الولادة في المرافق الصحية.
وأشار الدكتور رضوان إلى تسجيل 932 حالة ولادة لأطفال ناقصي الوزن و204 حالات تعرضت لاختناق، وألف و23 حالة ولادة بعمليات قيصرية.
ولفت إلى أن تزايد مؤشرات الإقبال على خدمات الأمومة والطفولة بالمحافظة، تستدعي تضافر الجهود لتوفير الاحتياجات والمتطلبات وتوسعة مركز الأمومة والطفولة واعتماده مستشفى ورفده بالأجهزة والمزيد من الكوادر.
احتياجات الكادر
ورغم صمود الكادر الصحي والعاملين في المركز، إلا أن عوامل القلق مصدرها غياب الدعم والحافز المادي والتطلع لتحسين الخدمات واعتماد المركز مستشفى للأمومة والطفولة وتحقيق نقلة نوعية لتجاوز الصعوبات والمخاطر.
ويؤكد نائب مدير المركز علي صالح أن افتقار المركز لأجهزة حديثة ومعدات فنية وتشخيصية وضيق المبنى ومحدودية أقسامه تشكل وضعاً حرجاً وتحدياً لتغطية احتياجات المرضی.. مطالبا الجهات المعنية بالتعاون لتطوير الخدمات وتحويل المركز إلى مستشفى تخصصي يضم كافة الخدمات.
فيما تحدث الممرضان بقسم الترصد التغذوي بالمركز محمد المساح ومنى العليي عن الصعوبات اليومية في كثافة استقبال وتسجيل الحالات.. مشيرين إلى الحاجة لتعزيز القسم بكوادر إضافية ومتخصصة لضمان تحسين الخدمة المقدمة للمرضى.
وأوضحا أنه يتم استقبال قرابة 35 حالة ترصد تغذوي يومياً.
من جانبها، أشارت مسئولة الولادة انتصار الصرمي إلى الصعوبات التي تواجه خدمات التوليد وعدم توفر أبسط الإمكانات في غرفة الولادة من أسرة ومعدات وغيرها من الأدوات .. لافتة إلى الحاجة لغرفة ولادة مجهزة ومهيئة لاستقبال الحالات بالشكل الأمثل.
واشتكت الممرضة في قسم معالجة سوء التغذية أمة الله الطياري، من الازدحام في غرفة ضيقة مخصصة لاستقبال الحالات ومتابعة علاجات الأطفال المترددين لتلقي خدمة العلاج لسوء التغذية الحاد والوخيم والمتوسط.
شريحة المستفيدين
قدم المركز خلال العام 2019 خدمات المعالجة لـ 366 طفلاً وطفلة يعانون من أمراض سوء التغذية وأكثر من 40 ألف امرأة وطفل يعانون من أوضاع صحية متردية وسط مؤشرات تنذر بتزايد العدد خلال العام الجاري.
محمد الشرقي تردد على المركز أكثر من ست مرات خلال العام المنصرم لمعالجة ابنه فؤاد ويقول “رغم الخدمات الجيدة التي يقدمها المركز إلا أن الانتظار لفترات طويلة جراء طوابير الازدحام يؤرق المريض ومرافقه”.
بدورها أثنت نوال آدم على تفاعل وأداء قابلات المركز في استقبال وتوليد النساء.. مبينة حاجة قسم الولادة للإمكانات والتجهيزات الصحية للحفاظ على صحة الأمهات.
وأشارت ندى سليم إلى كفاءة خدمات صحة الطفل ونقص الأدوية.. معبرة عن الأمل في أن تسهم المنظمات في توفير كافة العلاجات مجاناً للفقراء سيما في ظل تداعيات المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.
في حين تطرقت سلوى غالب إلى اضطرارها عمل فحوصات مخبرية خارج المركز والسفر للعاصمة صنعاء وتحمل تكاليف باهظة جراء عدم توفر كافة الفحوصات والنقص في أجهزة المختبر ليتمكن من أداء خدماته دون تقصير.
آمال وتطلعات
مدير مكتب الصحة بمدينة المحويت الدكتور حميد الحاج، أكد أن المركز هو الوحيد في المحافظة إلى جانب قسم الأمومة والطفولة في المستشفى الجمهوري.
وتطرق إلى ما شهده المركز خلال العام الماضي من معاناة هي الأكبر في توفير الاحتياجات والمتطلبات.
وأشار الدكتور الحاج إلى الحاجة لتوسعة المركز وإضافة أقسام وتخصصات جديدة بالإضافة إلى الدعم المادي للإسهام في تعزيز الخدمات الطبية وتغطية الاقبال المتزايد عليه لتلبية احتياجات المرضى في ظل تداعيات المرحلة الراهنة.
فيما توقفت مديرة المركز الدكتورة هدى الأشموري عند الإمكانيات المتواضعة التي يعمل بها المركز من خلال 32 كادراً طبياً ومتطوعاً وطبيب عام وأخصائية نساء وولادة.
وبينت أن تحديات العدوان والحصار ضاعفت من معاناة المركز رغم استمرار أدائه وصمود كوادره.
وأكدت قصور تدخل ودعم المنظمات للمركز باستثناء ما يتلقاه منذ أغسطس الماضي من حوافز رمزية لعدد من موظفيه من المنظمة الدولية للهجرة وكذا توفير بعض الأدوية من منظمة اليونيسف.
وتطرقت الدكتورة الأشموري إلى الحاجة لتوسيع المركز وتحويله إلى مستشفى لرعاية الأمومة والطفولة على مستوى المحافظة وضرورة افتتاح أقسام للطوارئ والتوليد والرقود والعمليات والمناوبة على مدار الساعة لتلبية احتياجات المرضى من مختلف المديريات.
ويظل مركز الأمومة والطفولة بمحافظة المحويت، وأمام مجمل التحديات المباشرة وغير المباشرة، يعمل بحده الأدنى لتجاوز ما يلحق به من آثار تداعيات المرحلة الصعبة التي يمر بها الوطن.