بقلم: سكوسيلا ماجديتش

(موقع”فرانس انفو- francetvinfo” الفرنسي, ترجمة: أسماء بجاش- سبأ)

تلعب طهران وواشنطن على بطاقة الاسترضاء والتهدئة لتجنب نشوب صراع  مسلح أكبر وعلى نطاق أوسع, غير أن العديد من المراقبين يراودهم القلق في حال اختارت كلا القوتين أن تسوي حساباتهما على أساس أسباب أخرى في الحروب التي يدور رحاها بالوكالة.

هل يمكن للصراع المحتدم بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران أن يشعل فتيل الحرب في منطقة الشرق الأوسط؟ والذي أثاره مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بواسطة غارة جوية نفذتها مقاتلة أمريكية بدون طيار.

وفي المقابل استهدف الحرس الثوري الإيراني القواعد الأمريكية المنتشرة في العراق بوابل من الصواريخ رداً على عملية الاغتيال هذه, ولكن بعد مرور أسبوع على ارتفاع وتيرة التوترات, لعبت طهران وواشنطن على بطاقة الاسترضاء والتهدئة.

ومن خلال مؤتمر صحفي عقد في 8 يناير، اختار الرئيس دونالد ترامب فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران بدلا من خوض غمار عمليات التدخل العسكري, وعلى الرغم من التصريحات العدائية التي أصبحت بمثابة روتين يومي, إلا أن الحكومة الإيرانية حرصت على عدم سقوط ضحايا في صفوف الجنود الأمريكيين في ردها.

ومع ذلك، يتوقع العديد من المراقبين أن واشنطن وطهران, لن تتوقف عند هذا الحد, بل ستعمل على تصدر صراعهما إلى البلدان المجاورة.

أثناء مراسيم تكريم الجنرال قاسم سليماني في طهران – والذي أشرف عليه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية “آية الله خامنئي” والذي بثه التلفزيون الرسمي الإيراني – حثت ابنة الجنرال سليماني جميع أطياف المقاومة : الرئيس السوري بشار الأسد, وقادة حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية والحركة الحوثية في اليمن للانتقام لمقتل والدها على يد الأمريكيين أو حلفائهم التاريخيين في المنطقة، إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

ولتسليط الضوء على هذا الملف قيم موقع Franceinfo”” مخاطر الحروب بالوكالة بين طهران وواشنطن في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين.

العراق: أرض الصراع “الأرجح”:

من هي الجهات الفاعلة ؟ بعد اعلان الرئيس الامريكي بارك أوباما في العام 2011 مغادرة قوات بلاده الأراضي العراقية, تم إعادة نشر هذه القوات على نطاق واسع في العراق كجزء من قوات التحالف الدولي ضد الجهاديين في تنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم داعش.

ووفقاً لمجلة ” تايم” الإنجليزية, تتشكل هذه الوحدة الرئيسيه من 5200 جندي لمكافحة الجماعات الإرهابية ومن جانبها شككت إدارة ترامب في إمكانية انسحاب قواتها قبل الإدلاء بتصريح رسمي للإنسحاب.

من الناحية التاريخية، لطالما مارست طهران تأثيراً قوياً على جارتها، سواء عن طريق شد عضد الحكومة العراقية, وذلك كما كشفت عنه “الكابلات الايرانيه*” أو عن طريق تقديم الدعم بشقيه المالي والعسكري للمليشيات الشيعية.

ارتفعت وتيرة تصعيد هذا التأثير في العام 2014, عندما هرعت طهران إلى إنقاذ بغداد بعد أن غزا الجهاديين من تنظيم داعش ثلث المناطق العراقية, واليوم، هناك عدد لا يُحصى من الجماعات شبة العسكرية الموالية لإيران تعمل في العراق، والذين  تجمعوا تحت راية الحشد الشعبي، وتم دمجهم إلى حد كبير في قوات الأمن العراقية.

– ما هي ردود الفعل؟ اثارت عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والمبعوث الرئيسي لطهران إلى العراق غضب تلك الجماعات المسلحة, كما استهدف القصف الأمريكي أيضاً أبو مهدي المهندس نائب رئيس قوات الحشد الشعبي.

ومن جانبها, أقسمت كل هذه القوى التي كانت مقسمة في الماضي بالتوحد ضد واشنطن, حيث أشار ناصر الشمري – الرجل الثاني في حركة نجابة العراقية وهي أحد أكثر الفصائل الموالية لإيران, في 7 يناير – إلى تعزيز فصائل المقاومة في كيان واحد، متعهدا بشن حرب ضد الوجود الأمريكي في كل مكان في المنطقة التي يمكن ان يصلوا اليها, كما دعا مقتدى الصدر زعيم أكبر تيار شيعي شعبي أيضا إلى توحيد فصائل المقاومة العراقية, حيث أمر بإعادة استئناف نشاط جيش المهدي، وهي ميليشيا إسلامية حصدت أرواح العشرات من الجنود الأمريكيين خلال حرب الخليج الثانية قبل تفكيكها في العام 2008.

– ماذا يمكن أن يحدث؟ يرى “برنار هوكيد*1” إن الفوضى في العراق هي “الخيار الأكثر احتمالا” وأضاف “هذا هو السبب الوحيد الذي يمكن لطهران من خلاله أن تضع القوات الأمريكية في مرمى نيرانها دون الانخراط في صراع مسلح بصورة مباشرة.

ومن جانبه, أشار الصحفي وسيم نصر ومراقب الصراع العراقي الذي يعمل لدى “فرانس 24” إلى أن إيران يمكن أن تعتمد على عدد لا يحصى من المليشيات التي تكرس نفسها لخدمة طهران كليا.

وبالإضافة إلى الغارات الإيرانية التي استهدفت قاعدتين أمريكيتين في العراق ردا على مقتل الجنرال سليماني، فقد ضربت عدة صواريخ “المنطقة الخضراء” في بغداد حيث تقع السفارة الأمريكية, كما أشار تييري كورفيل، وهو باحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية والخبير في الشأن الإيراني, أنه في الواقع تم استهداف المصالح الأمريكية في العراق منذ أشهر.

سوريا الأسد : صراع محفوف بالمخاطر

– من هي الجهات الفاعلة؟ منذ بداية التمرد السوري على نظام الرئيس بشار الأسد في العام 2011, أصبح الصراع معقداً للغاية, بعد أن تم الحشد بصورة رسمية لمحاربة الجهاديين في تنظيم الدولة الإسلامية الذين سيطروا على شرق البلد، بالإضافة إلى تدخل العديد من القوى الأجنبية على الأراضي السورية, أخذ النظامان الروسي والإيراني على عاتقهما تقديم الدعم العسكري لنظام الأسد الدموي, كما يقاتل ايضاً على الساحة السورية حزب الله اللبناني وعشرات آلاف من الميليشيات الموالية لإيران إلى جانب دمشق.

يعد التحالف الغربي المنضوي تحت راية الولايات المتحدة الأمريكية والذي يعد  كذلك قصر الاليزية الفرنسي عضو فيه، متحالف مع المقاتلين الأكراد والفصائل العربية المتمردة التي كانت متحدة سابقا تحت لواء الجيش السوري الحر, بيد أن الجيش السوري تفتت وعبد الطريق أمام لعبه من التحالفات التي لا نهاية لها والقتال بين الاشقاء من الجماعات الإسلامية والجهاديين الذي تربطهم علاقات وثيقة من تنظيم القاعدة.

وبعد أن أعلن المقاتلون الأكراد عن حل خلافة تنظيم الدولة الإسلامية في مارس من العام 2019، تراجعت مشاركة التحالف الدولي بشكل ملحوظ في سوريا, في حين أعلنت الإدارة الأمريكية الانسحاب الجزئي لقواتها, مخلفة وراءها الأكراد الذين يقطنون المناطق الشمالية في قبضة النظام التركي.

وفي أكتوبر من نفس العام وبعد الهجوم الذي شنته القوات التركية على المواقع الكردية في شمال سوريا، ابرمت الحكومة التركية والروسية اتفاقا تاريخياً حاسما, حينها أصبح فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان منذ ذلك الحين الرجلين القويين في الصراع السوري.

– ما هي ردود الفعل؟ لعب الجنرال قاسم سليماني كونه المسؤول عن الشؤون الخارجية للحرس الثوري الإيراني دوراً فعالا في دعم النظام السوري.

وبعد عملية تصفيته، ندد الرئيس الأسد بالجريمة التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية والتي لن تؤدي إلا إلى رفع عزيمة سوريا وإيران لمواجهة السياسة الأمريكية التخريبية في منطقة الشرق الأوسط.

متظاهرون موالون للنظام في مدينة حلب السورية، 7 يناير 2020, أمام ملصق يظهر صورة للجنرال قاسم سليماني, في حين يحتض بشار الأسد إيه الله علي خامنئي/ وكاله فرانس برس

ومن جانبه, أدلى الرئيس التركي ونظيره الروسي ببيان مشترك بعد الضربات الايرانية, قالا فيه : ” اننا نؤكد التزامنا بإخماد فتيل شرارة التوترات في المنطقة وندعو جميع الأطراف إلى ضرورة التحلي بضبط النفس والحس السليم وإعطاء الأولوية للدبلوماسية”، كما تم الإشارة إلى أن عملية اغتيال سليماني كان بمثابة عمل يقوض الأمن والاستقرار في المنطقة”.

– ماذا يمكن أن يحدث؟ في الماضي، تجنب الجيش الأمريكي والجماعات المسلحة الموالية لطهران المواجهة العسكرية, حيث عملوا على التركيز على عدوهم المشترك: تنظيم الدولة الإسلامية, والآن وبعد أن خسر مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مكانتهم الإقليمية، إلا أن الوضع الحالي لا يزال هشاً.

وفي أواخر ديسمبر، استهدفت طائرات مقاتلة أمريكية من طراز اف-15 منشأتين في سوريا تابعة لمليشيا حزب الله، وهي ميليشيا شيعية عراقية مرتبطة بطهران، تتهمها واشنطن بأنها المسؤول عن الهجمات الصاروخية التي استهدفت جنودها, كما كانت الجماعة المسلحة أيضا هدفا للغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل.

أشار ديديير بليون، نائب مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية إلى أنه مع ذلك، يبدو أن انفجار الوضع في سوريا “مستبعد جدا” على الأقل على المدى القصير”, وبالنسبة لإيران، فان التحدي الحقيقي على الأرض السورية يتمثل في تعزيز النظام من أجل تأمين الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط وإسرائيل, ولهذا, فإن مصلحتهم أن تشد القوات الأمريكية رحالها بسرعة, حيث أن مهاجمتهم سيكون له تأثير عكسي.

على الأراضي الفلسطينية: حماس لديها الكثير لتخسره

– من هي الجهات الفاعلة؟ قدمت طهران الدعم المالي للعديد من الجماعات المسلحة الفلسطينية “العدو الأكبر” لتل ابيب، وهذا هو حال حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس اللتان خاضتا ثلاثة حروب ضد دولة إسرائيل في قطاع غزة.

وبصرف النظر عن الوقت، فقد تحسنت العلاقات بين الحركة الإسلامية وإيران في بداية العام، حيث وصف الجنرال سليماني حماس مرة أخرى بأنها “صديقة لطهران”، وفقاً لصحيفة “المونيتور” نقلاً عن صحيفة القدس، فقد بلغت قيمة الدعم المالي الذي تقدمه طهران للجماعة المسلحة ما يصل إلى 15 مليون دولار سنويا.

– ما هي ردود الفعل؟ سافر إسماعيل هنية, زعيم حركة حماس إلى طهران لتقديم واجب العزاء في مقتل الجنرال سليماني, حيث أشادت الحركة الإسلامية بمناقب الجنرال الذي “لعب دوراً داعماً كبيرا للمقاومة الفلسطينية”, كما ندد في المقابل, بالصلف الأمريكي, بيد أنه لم يعرج على قضية الانتقام أوالأخذ بالثأر.

ومن جانبه، لم يعلق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، على عملية تصفية الجنرال سليماني, فهو لم يكن على وئام مع النظام الإيراني.

– ماذا يمكن أن يحدث؟ في نوفمبر، قُتل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، بهاء أبو العطا، بعد أن تمكنت المقاتلات الإسرائيلية من استهداف منزله, ومن جانبها, ردت الجماعة الفلسطينية المسلحة بإطلاق مئات الصواريخ من قطاع غزة على جنوب إسرائيل.

تؤيد حركة الجهاد الإسلامي النظام الإيراني من حيث المبدأ ولكنها لا تملك الوسائل الكفيلة للدخول في صراع مسلح من خلالها.

ومن جانبه, أشار “بيرنارد هوركيد” المتخصص في الشأن الإيراني, بالنسبة لطهران وحماس، فإن العلاقات بينهما لم تعُد كما كانت عليه من قبل, وذلك منذ توقيع الحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة على اتفاق مع تل ابيب, وبالتالي سيكون لدى الحركة الكثير ليخسره في حال شن حرباً أخرى.

سلطت صحيفة الشرق الأوسط الضوء من خلال مصادر أمنية فلسطينية على أن حركة حماس رفضت تحويل قطاع غزة إلى ساحة للصراعات الخارجية أو استخدامها لتسوية الحسابات.

صرح هيرزي هاليفي، القائد العسكري الإسرائيلي، من جانبه لصحيفة يديعوت أحرونوت (باللغة العبرية) أن الجيش الإسرائيلي على استعداد تام للرد على أي هجوم.

لبنان: “الأقل احتمالا”

– من هي الجهات الفاعلة؟

في لبنان، تحظى طهران بدعم قوي من حليفها الرئيسي في المنطقة “حزب الله”, حيث تم أنشاء هذه الحركة الشيعية القوية بتمويل من طهران في العام 1982 بعد عملية اجتياح لبنان من قبل دولة إسرائيل, ومنذ ذلك الحين، لطالما دعا الحزب إلى ضرورة “القضاء” على الدولة العبرية.

ترى كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية “الحليف الرئيسي للدولة العبرية في المنطقة” وكذلك الاتحاد الأوروبي في حزب الله “منظمة إرهابية”, حيث اشتبكت قوات الدفاع اللإسرائيلية وحزب الله في العديد من الصراعات المسلحة، بما في ذلك الحرب اللبنانية الثانية التي اندلعت في العام 2006, بالإضافة إلى ارتفاع حدة التوترات في المناطق الحدودية.

–  ما هي ردود الفعل؟ كان زعيم حزب الله حسن نصر الله أحد المقربين للجنرال سليماني, ففي أكتوبر المنصرم, بثّ التلفزيون الإيراني الرسمي مقابلة حصرية مع الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس “الذراع الخارجية” للحرس الثوري، حيث خصصها لدوره في حرب لبنان خلال النزاع بين إسرائيل وحزب الله في العام 2006, حيث قال أنه قام شخصياً بإجلاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من غرفة العمليات التي كان فيها إلى مكان آخر لتجنب القصف، قبل العودة إلى مقر قيادتهما.

وفي خطاب متلفز بُث على شاشات عملاقة في الضواحي الجنوبية لبيروت، دعا الأمين العام حسن نصر الله إلى “الأخذ بالثأر” لاغتيال سليماني الذي يهم الأمه المسلمة بأكملها, حيث أشار إلى المصالح العسكرية الأمريكية فقط في المنطقة دون تهديد إسرائيل مباشره.

رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعملية اغتيال قاسم سليماني واصفاً إياه بالإرهابي الكبير, كما اتهمه ايضاً بأنه من يقف وراء مشروع تحويل صواريخ حزب الله إلى صواريخ دقيقة يمكن أن تُلحق أضرارا كبيرة بالدولة الإسرائيلية.

نشطاء في حزب الله يتابعون خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، ردا على مقتل قاسم سليماني في 5 يناير 2020, في بيروت لبنان/أنور عمرو/وكالة الصحافة الفرنسية

– ماذا يمكن أن يحدث؟بالنسبة لبرنارد هوركيد، فإن الصراع المسلح بين حزب الله وإسرائيل مستبعد جداً بالنظر إلى الوضع الداخلي الحاصل في لبنان.

ففي الأشهر الأخيرة، واجهت لبنان حركة احتجاجات شعبية لم يسبق لها مثيل, أدت إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري, في حين حل محله حسن دياب وهو أكاديمي مقرب من الحركة الشيعية, فمن الناحية السياسية، يعتبر حزب الله في وضع قوي وليس لديه أي مصلحة في الدخول في صراع جديد مع إسرائيل.

يضيف الباحث والخبير في  الشأن الإيراني تييري كورفيل، إذا كانت طهران تعتمد على حزب الله لاستهداف التواجد الأميركي في المنطقة، فمن الأرجح أن يتم ذلك على الأراضي السورية التي تتواجد فيها بالفعل، حتى إن كان ذلك يبدو من غير الوارد, حيث تدرك طهران جيداً أن الاعمال الانتقامية غير المنضبطة ضد إسرائيل من خلال أنصارها سيكون له اثر قوي فوري.

اليمن: حرب بالوكالة

– من هي الجهات الفاعلة؟ على مدار سنوات الحرب الخمس الماضية، عاشت اليمن حرب دموية بين معسكر الحكومة اليمنية التي تتلقى الدعم من دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وبين معسكر التمرد الحوثي الذي يتلقى الدعم بدوره من إيران الشيعية, فعلى المستوى الديني، يعتبر الحوثيون “الزيديون” تيار شيعي مختلف عن الشيعة الإيرانية، في حين يغلب على البلد المذهب السني.

ينظر العديد من المراقبين لهذا الصراع الدائر في اليمن والذي تسبب في وقوع البلد في شرك أسوء كارثة إنسانية مروعة, بأنه “حربا بالوكالة”, تُقدم فيه الولايات المتحدة الأمريكية الحليف التاريخي لدول الخليج الأسلحة والمعدات الحربية والاستخبارات العسكرية إلى الرياض التي تقود التحالف الموالي للحكومة اليمنية, وفي المقابل, عمل الحوثيون على استخدام الطائرات بدون طيار إيرانية الصنع وصواريخ لقصف المطارات السعودية.

– ما هي ردود الأفعال؟ في اليمن، دعا المتمردين الحوثيين “لانتقام سريع ومباشر” بعد اغتيال قاسم سليماني, حيث قال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للمتمردين الحوثيين لوكالة الصحافة الفرنسية, إن هذا العمل الإجرامي لن يبقى دون رد”، وفي إشارة منه للوقت والكيفية التي سيتم من خلالها الرد, “سوف يتم تحديده من قبل العراق وإيران, حيث سنكون معهم لأننا مركزا للمقاومة”.

 

أحد أنصار الحركة الحوثية, يقبل صورة قاسم سليماني الذي قُتل في العراق على يد الجيش الأمريكي، في 6 يناير 2020, صنعاء/ تصوير: محمد حمود / وكالة الأناضول

وبعد الانتقام الإيراني من المواقع الأمريكية في العراق، ندد البلاط الملكي السعودي بالانتهاكات الإيرانية لسيادة العراق, بيد أن الرياض نأت بنفسها من حادثة اغتيال سليماني, حيث قال مسؤول سعودي لوكالة فرانس برس أن المملكة “لم تُستشار” قبل الضربة الأمريكية, كما وصف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان يوم الاثنين 6 يناير، الوضع بأنه “خطير جدا”.

– ماذا يمكن أن يحدث؟ قال تيري كوفيل المتخصص في الشأن الإيراني أنه من خلال دعم الحوثيين، يمكن لطهران أن تهاجم عدوها اللدود والمتمثل في الرياض، دون تحمل عواقب دبلوماسية, واليوم، لم يعد هذا ذو أولوية بالنسبة لإيران, فالأمور بدأت تهدأ بين طهران والرياض.

يرى برنارد هوركيد, أنه في هذا السياق من الصراع مع الولايات المتحدة لا تهتم إيران كثيراً في فتح جبهة جديدة، وإنما تسعى للحفاظ على الأمن في منطقة الخليج الفارسي.

ومن جهتها، أعلنت الرياض أنها تريد الحفاظ على قناة المحادثات مع المتمردين الحوثيين التي تم تأسيسها حديثاً, حيث أشار حسين ابيش من معهد الخليج العربي في واشنطن لوكالة فرانس برس” من الواضح تماما أن السعوديين غير راضين عن هذه الأزمة حتى وإن كانوا سيفرحون بقتل سليماني, فهم يدركون جيداً انهم سوف يقعون في شرك مستنقع تبادل إطلاق النار في حال اندلعت الحرب, فهم يفعلون كل ما بوسعهم لخفض حدة التوترات.

– *1″كابلات إيران” هي اسم مشروع تقارير شامل لـ “The Intercept” بالشراكة مع “The New York Times” يوضح بالتفصيل مستوى النفوذ الذي كان لإيران على العراق منذ غزو الولايات المتحدة له عام 2003, حيث تستند هذه السلسلة من المقالات المتعمقة المنشورة في 18 نوفمبر 2019, على تسرب أكثر من 700 صفحة من تقارير الاستخبارات الإيرانية المقدمة إلى “The Intercept” من قبل مصدر مجهول.

– * 2 رنارد هوركيد هو عالم جغرافي متخصص في إيران, يشغل حالياً منصب مدير الأبحاث الفخري في المركز الوطني للبحوث النووية في فريق أبحاث “العالم الهندي والإيراني”, كما عمل على إدارة معهد البحوث الفرنسي في إيران في الفترة ما بين العام 1978 إلى عام 1993.

* المقال  تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.