بقلم: يوسي ميلمان

(صحيفة “هاآرتس- haaretz” الإسرائيلية, ترجمة: جواهر الوادعي- سبأ)

 

صرح نورمان رول، وهو محارب قديم متقاعد في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ 34 عاماً، لصحيفة هاآرتس في محادثة عكست التحليل المذهل الذي نشره عن إيران مؤخراً في الولايات المتحدة, حيث أن تذكير إيران بالأمن الداخلي يذكّر بشكل متزايد بالنهج الذي تتبعه كل من في الصين أو كوريا الشمالية, وعلى الرغم من أن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران والتي تضر باقتصادها بشدة، الا أن نظام الجمهورية الإسلامية على استعداد لاستثمار مبالغ ضخمة للبقاء في السلطة، حتى على حساب القمع الشديد للمعارضة, في حين أن الاقتصاد الراكد أحد أسباب أعمال الشغب العنيفة التي اندلعت في الشهر الماضي، لم يردع القادة, كما أن الحكومة الإيرانية والقطاع الخاص استثمروا حوالي 400 مليون دولار في التكنولوجيا من أجل عزل الشعب الإيراني عن الإنترنت, وخلال المظاهرات الأخيرة، فعل النظام ذلك بالضبط؛ إذ ناقش الزعماء إنشاء شبكة إيرانية منفصلة مثل الإنترنت في الصين, لتشمل جهود القمع أيضاً استثمارات كبيرة للتشويش على البث التلفزيوني الأجنبي، كل ذلك في محاولة لعزل البلد.

تقاعد رول في سبتمبر 2017 بعد أن عمل في عدد من المناصب الرئيسية في وكالة الاستخبارات الأمريكية, آخر منصب له والذي تم تعيينه فيه عام 2008, كان مدير الاستخبارات الوطنية لشؤون إيران في مكتب رئيس الاستخبارات الوطنية الذي ينسق مجتمع الاستخبارات الأمريكي بأكمله، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي, ومنصب رول “المسؤول الرئيسي في مجتمع الاستخبارات جعل منه مسؤولاً عن الإشراف على جميع الجوانب السياسية والأنشطة الاستخباراتية الوطنية المتعلقة بإيران” على حد تعبيره, بمعنى آخر، كان يتحمل مسؤولية كل ما تعرفه المخابرات الأمريكية أو تريد معرفته عن إيران.

لعبت المخابرات الإسرائيلية دوراً هاماً, حيث كان يعرف رول أعمالها وقيادتها بشكل جيد, وهذا يشمل رؤساء الموساد السابقين مائير داغان وتامير باردو، والمدير الحالي، يوسي كوهين.

بعد تقاعده، أصبح رول مستشاراً لمجموعة “متحدون ضد إيران النووية” غير الربحية والتي تربطها علاقات وثيقة بمسؤولي الدفاع في الولايات المتحدة وألمانيا وإسرائيل ودول غربية أخرى, يرأسها السناتور الأمريكي السابق جوزيف ليبرمان ويضم قائمة من الحزبين, تضم كبار المسؤولين السابقين من مجتمع الاستخبارات والجيش ووزارة الخارجية, اعتراضها المعلن هو “منع إيران من تحقيق طموحها للحصول على أسلحة نووية”.

كان باردو وداغان- الأخير توفي في عام 2016 – من بين مؤيدي متحدون ضد إيران النووية, وقبل نحو عام أوضح زعيم الموساد كوهين وجهات النظر حول إيران في خطاب أمام المجموعة في نيويورك.

السرية في إيران

كشفت المجموعة هذا الأسبوع أن بعض أعضائها الذين يمثلون رجال أعمال حضروا معارض ومؤتمرات في إيران بدعوى أنهم يهدفون إلى جذب الشركات للاستثمار في البلد, حيث كان هؤلاء “العملاء السريون” يسعون في الواقع إلى معرفة الشركات ورجال الأعمال الذين يخططون للاستثمار في إيران ومن ثم ينتهكون نظام العقوبات.

وصف الأشخاص في المجموعة المهمة بنجاح كبير، قائلين أن النتائج التي توصلت إليها قد أرسلت إلى هذه الشركات ورجال الأعمال مع تحذير بوقف علاقاتهم التجارية مع طهران, هذه بالتأكيد خطوة غير عادية لمنظمة غير حكومية؛ إنه أشبه بعمل وكالة تجسس.

على الرغم من الضغط المتواصل من جانب إدارة ترامب على إيران، بمساعدة إسرائيلية نشطة، قال رول إنه يبدو أن “قادة إيران نجوا من تحدٍ آخر لحكمهم من السكان المضطربين بشكل متزايد”.

المظاهرات التي اندلعت في نوفمبر والتي أشعلتها زيادة في اسعار البنزين كانت هي الأكبر في إيران منذ عام 2009, وأكد قادة البلد الذين قللوا من شأن تقارير الاضطرابات أن حوالي مائتين الف شخص خرجوا إلى الشوارع.

تشير التقديرات إلى أنه تم القبض على 7 الاف شخص وقتل 140 شخصاً على الأقل, وأشار رول “في أي وقت بدا فيه أن النظام قد يكون في خطر، من المحتمل أن يشير نطاق وشدة السخط الاجتماعيأن الانفجارات العرضية من الغضب والاحتجاج ستستمر”, “لقد استمدت إيران ردها على هذه الأزمة الأخيرة من قواعد اللعبة القديمة وألقت أصوات النظام باللوم في الاحتجاجات على القوى الغربية ودعت إلى معاقبة المحتجزين”.

دعا إبراهيم الريسي، الذي تم تعيينه في مارس رئيساً للقضاء الإيراني إلى إعدام المتظاهرين. يعتقد رول وخبراء آخرون أن الريسي يبدو أنه المرشح الرئيسي لخلافة علي خامنئي إذا أصبح الزعيم الأعلى عاجزاً, لكن في الوقت الحالي، لا توجد علامات على أن خامنئي، المصاب بسرطان البروستاتا منذ عدة سنوات ويُعتقد أنه مريض بشكل خطير، يعتزم الاستقالة.

ينعكس موقف النظام المتشدد ورفضه للتسوية على عدد من المستويات, حيث قال سفير روسيا في طهران، ليفان دزغاريان، لصحيفة همشهري الإيرانية اليومية إنه سيتم استئناف تخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو تحت الأرض في إيران قريباً.

لبنان والعراق

كجزء من رد فعل طهران على قرار الرئيس دونالد ترامب في مايو 2018 بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية وتجديد العقوبات الأمريكية، انتهكت إيران بعض التزاماتها بموجب الصفقة, لكنها فعلت ذلك بخطوات محسوبة دون الإشارة إلى التخلي الكامل عن الاتفاق.

كان من بين هذه الخطوات استئناف التخصيب باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في منشأة فوردو, لكن العمليات هناك توقفت في النهاية، بسبب الضغط الروسي, الآن، ومع ذلك، يقول السفير الروسي أن التوقف كان لأسباب فنية وسيستأنف التخصيب.

لا توجد علامات على أن إيران من خلال الحرس الثوري وقوة القدس التابعة للحرس برئاسة الجنرال قاسم سليماني، قد خففت من جهودها لترسيخ نفسها في العراق واليمن وسوريا ولبنان.

من المؤكد أن المظاهرات في لبنان والعراق تجبر النظام الإيراني على التفكير في خطواته بعناية, في هذه المرحلة في لبنان، على الرغم من غضب سليماني وزعيم حزب الله حسن نصر الله، فإن الاشتباكات يمكن السيطرة عليها, لكن في العراق تم قمع المظاهرات بوحشية من قبل الميليشيات الشيعية الموالية لإيران والمذابح العشوائية في شوارع بغداد.

وفقاً للتقارير الواردة من العراق، فإن المرشح الرئيسي الذي سيحل محل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي استقال، هو محمد شيع السوداني الذي يعتبر أكثر تأييداً لإيران.

في سوريا أيضاً، لا يتم ردع سليماني عن طريق الهجمات الإسرائيلية؛ يظهر الجانبين نفس التصميم, حيث يهاجم سلاح الجو الإسرائيلي كلما حصلت إسرائيل على معلومات محدثة وتبدو العملية ممكنة ويرسل سليماني أسلحة وأعضاء من الميليشيات الشيعية للمساعدة في تأسيس قواته في سوريا.

في الآونة الأخيرة، كان هناك أيضاً تطور مثير للاهتمام في اليمن: فقد حددت مصادر الاستخبارات الغربية التي أشارت إليها النشرة الإخبارية الفرنسية “Intelligence Online” أن قائد قوة القدس الإيرانية متواجد في اليمن, ووفقاً للمصادر، فإن الجنرال رضا شاهي، من مواليد مدينة شيراز الإيرانية، يتولى قيادة قوة تتكون من حوالي 400 مقاتل، وهي وحدة من الحرس الثوري يعززها خبراء من حزب الله أرسلوا من لبنان.

وفقاً لهذه المصادر، فإن شاهي هو الذي قاد الهجوم الصاروخي والطائرة بدون طيار على منشآت أرامكو النفطية في المملكة العربية السعودية منذ حوالي شهرين.

من الصعب التحقق من المعلومات الواردة من مصادر أخرى ولكن الحقيقة هي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال في الأسابيع الأخيرة مراراً وتكراراً إن إيران تنشر صواريخ في اليمن ولا تهدد السعودية فحسب بل إسرائيل أيضاً.

كما يستنتج رول في تحليله: “يخبرنا القمع بأي نوع من البلد تأمل ايران أن تكون, بالتأكيد، سيختار الملايين داخل إيران طريقاً مختلفاً لبلدهم إن أمكن, لكن يجب أيضاً الاعتراف بأن ملايين الإيرانيين مستمرون في دعم النظام.

وبالمثل، تظل قيادة إيران موحدة في الاعتقاد بضرورة استمرار الجمهورية الإسلامية, وتبدو القيادة الأمنية لإيران – التي اختارها أو وافق عليها المرشد الأعلى لإيران – موحدة في تأييدها لمستقبل متشدد لإيران”.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.