السياسية – خاص:
الأرض الخام…هذه الكلمتين هي الوصف الذي يطلقه الزوار الأجانب أو البعثات الخارجية التي تزور اليمن، الجبال ومكنوناتها الثمينة تضرب خيال هؤلاء؛ فيتسألون: ” ما الذي يمكن أن تخفيه هذه الشواهق في بطونها؟
المهندس إبراهيم الوريث رئيس المساحة الجيولوجية في توصيفه لإنبهار بعض من زار اليمن ورأى ثرواتها المعدنية يقول: كان هناك زائر هندي حط رحاله في إحدى المحافظات، تجول فيها بضعة أيام سجلت عيناه ما تمتلكه تلك المحافظة من أحجار وصخور ومعادن ؛ ليطلق بعدها صيحة كبيرة : “أنتم أيها اليمانيون تنامون على ثروة هائلة جداً جداً “.
يقول المهندس زياد المذحجي مدير عام التقييم والترويج بالمساحة الجيولوجية في تقديمه لعرض علمي حول الاستخدام السيئ للثروات المعدنية في اليمن: ( الكري) – الاسم العلمي له البازلت- الذي ترونه الآن في مصانع البلك والخرسانات ظل فترة من الزمن وهم يستخرجونه من منطقة واحدة ولفترات طويلة ، فنحن نملك ثروة جبارة وهائلة، يتم استغلالها بطرق سيئة وبدائية ، تعمل على استهلاكها بصورة سريعة.

تمتلك اليمن ثروة معدنية هائلة ومتنوعة ومتعددة من الخامات التعدينية والصناعية، لكن عملية استغلالها واستثمارها بطيئة ومحدودة في ظل إهمال كبير للحكومات السابقة لمثل هذه القطاعات الإنتاجية الواعدة واعتماد تام على المساعدات والمعونات الخارجية.
ويعد قطاع المعادن أكثر القطاعات واعدية التي يعول عليها في تنويع مصادر الدخل الوطني وتوفير فرص عمل، باعتبار أن اليمن لايزال حديث عهد بالصناعة التعدينية سواءً كانت استخراجية أو تحويلية، ويحتاج إلى تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية والخدمية وإيجاد مصادر تمويل متنوعة لاستغلال واستثمار هذه الثروة المكنوزة في بطون الجبال والأودية.
ويتمتع اليمن بطبيعة جغرافية وجيولوجية تجعله من أكثر دول العالم امتلاكا لخامات المعادن بشقيها الفلزية واللا فلزية والصخور الصناعية والإنشائية،
وتمتلك اليمن مخزونا هائلا من الثروات المعدنية في كثير من المحافظات اليمنية ، وتعد مديرية أفلح الشام بمحافظة حجة من المديريات النائية الاشد فقراً وحرماناً على الصعيدين التنموي والخدمي وتبعد عن مركز محافظة حجة (170كم شمال غرب صنعاء) لكنها في المقابل تحتضن أكبر منجم للذهب في اليمن، وهو منجم الحارقة الذي تم إنشاؤه من قبل شركة “كانتكس” الكندية، في عام 1996م بعد اكتشافها ما يزيد على 96 مليون جرام من الذهب.
وتقدر الدراسات والمسوحات الجيولوجية التي اجريت في منطقة الحارقة اجمالي احتياطي الذهب فيها بين 40 – 60 مليون طن صخري بنسبة 21.56جرام من الذهب من كل طن صخرى.
وبدأت شركة كانتكس في عام 1997م، التنقيب الرسمي عن الذهب في منطقة الحارقة في افلح الشام بمحافظة حجة ومن قبل شركة كنديان ماونتن للمعادن بعد ان منحتها الحكومة اليمنية رخصة للإستكشاف والتنقيب في السابع من نوفمبر 1998 في مساحة قدرها 38 ألف كم2، ومساحة 3334كم2 على التوالي، قامت الشركة الكندية خلال النصف الاول من العام 1999 بأعمال مسح واستكشافات جيو كيميائية بتقنيتها الخاصة وحصلت الشركة على نتائج مشجعة وبصورة رئيسية لمعدن الذهب في منطقة الحارقة .

وتوجد العديد من خامات المعادن والصخور الصناعية في اليمن بكميات كبيرة ونوعيات جيدة، وتقع معظم هذه الخامات في مناطق مأهولة تتوفر فيها البنية الأساسية والمرافق اللازمة مما يسهل عملية استثمار واستغلال هذه الخامات ويقلل من كلفتها، ولقد أدت الأعمال الاستكشافية إلى تحديد العديد من مواقع تلك الخامات مثل الحجر الجيري، الجبس، البرلايت، البيوميس (حجر الخفاف)،الملح الصخري، الأطيان الصناعية، الحجر الرملي السيلكي، الاسكوريا، الزيولايت، الفلدسبار، الكوارتز، رمال السيلكا. بالإضافة إلى أن اليمن يتميز بوفرة أنـواع أحجـار البنـاء والزينـة وبمواصفات عاليـة كالجرانيت والجابرو، الرخام، البازلت، التف والإجنمبرايت.

والجهة الحكومية المختصة بالعمل في قطاع الثروات المعدنية هي هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية والتي اُنشئت بموجب القرار الجمهوري رقم (317) لعام 1999م، وتعني بالمعلومات المتعلقة بعلوم الأرض في اليمن، ويعود تاريخ نشأة الهيئة إلى مطلع السبعينات من القرن الماضي، حيث بدأت على هيئة وحدات صغيرة تعني بعلوم الأرض، تم دمجها بعد قيام الوحدة اليمنية في العام 1990م تحت مسمى “هيئة الاستكشافات المعدنية”، تلاها إنشاء المؤسسة اليمنية العامة للثروات المعدنية والمسح الجيولوجي في العام 1996م، ثم هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في العام 1999م.
وأوضح رئيس الهيئة المهندس إبراهيم الوريث أن عمر الهيئة يتعدى الخمسين عاما، لكنها لم تمد موازنة الدولة بأي مبلغ مالي، خلال عمرها الطويل، مبيناً أنه تم استخدامها كغطاء لتسهيل عمليات النهب والسلب لثروات اليمن المعدنية.
وتعهد رئيسُ هيئة المساحة والثروات المعدنية بأن يكون لقطاع المعادن والصخور والأحجار الكريمة وأحجار الزينة دوراً هامًّا في رفد خزينة الدولة العامة، وسيكون هذا القطاعُ بديلاً عن الموارد الأُخرى، بعد أن ظلَّ المواطنُ اليمنيُّ محروماً من تلك العائدات والفوائد طيلةَ عقودٍ بالرغم مما تمتلكه البلادُ من مقومات طبيعية وجبال ومعادن نادرة لا توجد في أيِّ بلدٍ آخرَ.