السياسية:

وجه فخامة الأخ المشير مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، مساء اليوم، خطاباً للشعب اليمني بمناسبة العيد الـ 52 للاستقلال المجيد الـ 30 من نوفمبر فيما يلي نصه:

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله الميامين وأرض اللهم عن صحابته الأخيار المنتجبين وبعد،،

باسمي واسم زملائي في المجلس السياسي الأعلى أبارك لشعبنا اليمني العظيم حلول الثلاثين من نوفمبر المجيد، وأهنئ بهذه المناسبة كل رفاق السلاح من أبطال الجيش واللجان الشعبية وقبائلنا الأبية، وجميع المخلصين والشرفاء في الداخل والخارج .

أيها الشعب اليمني العظيم

قبل 52 عاما من الآن استعادت الباسمة عدن حريتها وانتزعت استقلالها، ورحل في يوم الثلاثين من نوفمبر المجيد آخر جندي من جنود الاستعمار البريطاني ليصبح هذا اليوم عيدا وطنيا لكل أبناء اليمن في شماله وجنوبه، وفي شرقه وغربه، يحتفلون فيه بالحرية، ويستذكرون فيها نضالات آباء كرام حملوا على كواهلهم مسؤولية التحرير واستعادة الأرض وصناعة التاريخ.

 ولعل من المفارقات الحزينة أن يطل علينا هذا اليوم وعدن ترسف مجددا في القيود، وتعود إلى شباك الاختطاف والاحتلال من جديد، ليصبح إحتفالنا بهذا اليوم ذا دلالات مختلفة، ومهام ووظائف مختلفة، فهو بحق يضع الجميع أمام مسؤوليات جسام، ويتحول إلى معيار دقيق لا يختلط معه حق بباطل، ولا حابل بنابل، وإنما تُفرز الوجوه على حقيقتها، وتنتصب الفوارق بحجم شمسان وردفان بين أناس صفقوا للمحتل فكانوا امتدادا لمرتزقة وخونة الأمس، وبين رجال أبت أنفسهم إلا أن يواجهوا ويناضلوا ويقدموا التضحيات ليكونوا الامتداد الحقيقي لثوار الأمس، والوارث الأمين لما شيده الآباء والأجداد من كرامة ومجد.

أيها الإخوة والأخوات

إن الثلاثين من نوفمبر يوم يجب أن يستمد منه المناضلون عزمهم الأكيد، ويقينهم بحتمية الانتصار، مثلما هو اليوم نفسه الذي يفترض أن يستمد منه الخونة يقينهم بحتمية الخزي والعار، وهو كذلك اليوم نفسه الذي يجب أن يستذكر فيه المحتلون الجدد  يقينهم بحتمية الرحيل.

لذلك سيبقى يوم الثلاثين من نوفمبر واحدا من أيام الله المشهودة في تاريخ شعبنا اليمني العظيم، باعتباره ينطق بسنن الله التي لا تتغير ولا تتبدل، ويشهد على مآلات ونتائج الصراع بين الحق والباطل، وبين الظالم والمظلوم .

أيها الشعب اليمني العظيم

وفي هذه المناسبة لا يسعني الاستطراد في تفاصيل ودلالات هذه المناسبة ولكن اسمحوا لي فقط أن أشير بإيجاز شديد إلى بعض النقاط التي من المهم أن نستذكرها ونذكر بها في مثل هذه المناسبة:

1- نحيي نضالات وتضحيات شعبنا اليمني العظيم ونعبر عن اعتزازنا بتماسك جبهتنا الداخلية، وبالمواقف البطولية الخالدة لأبطال الجيش واللجان، ونشيد بكل المواقف الوطنية المشرفة لكافة القوى والأحزاب السياسية، ولقبائل اليمن الوفية، كما نثمن عاليا دور العلماء والمثقفين ورجال الإعلام والتعليم والصحة، وجهود كل مؤسسات الدولة ومنتسبيها في كافة السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية.

ونعتز بما يتحقق على أيدي المخلصين في مجال التصحيح والبناء وتحسين  الأداء، والحفاظ على المؤسسات، وعلى الحد الممكن من الخدمات، إلى جانب تسهيل وصول المساعدات، والتعاون مع العاملين الدوليين والمحليين في المجال الإنساني، ونشد على أيدي الجميع في مواصلة العمل ومضاعفة الجهود، وتعظيم خصائص التكافل والتعاون وندعو إلى المزيد والمزيد من البناء والعمل على ترسيخ قيم الثبات والصمود باعتبار كل ذلك المظهر المعبر عن الوفاء والانتماء للثلاثين من نوفمبر المجيد.

2-  نحيي جهود العيون الساهرة  في الجانب الأمني ونتعهد لكل منتسبي المؤسسة الأمنية والعسكرية بمواصلة الدعم المستمر كما نتعهد لشعبنا من موقع الثقة والمسؤولية بمواصلة الدفاع عن أمنه وسكينته وعن كرامته وسيادته وتضحيات أبناءه ونوجه الجميع بردع كل من تسول له نفسه المساس بثوابت الجبهة الداخلية والموقف الوطني ومن دون أي تردد أو هوادة.

3- نعبر عن اعتزازنا البالغ بالخروج الكبير والمشرف لشعبنا اليمني العظيم في مناسبة المولد النبوي الشريف وما عكسه هذا الخروج من خصوصية الارتباط برسول الله، ومن الاستجابة الجماهيرية المشرفة لقائد الثورة حفظه الله تأكيدا لمبادئ الحق والعدل، وانتصارا لقيم التسامح والتعايش التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ورفضاً ومناهضةً لكل ممارسات الظلم والفساد والإرهاب والعدوان.

ونؤكد لجميع الشعوب والحكومات بأن هذا الالتفاف الشعبي المهيب قد ساهم في تعرية زيف الشرعية المزعومة وإبراز ما تعانيه هذه الأدوات من غربة حقيقية، ومن انفصال تام عن كل ماله صلة بواقع اليمن والشعب، وأثبت وبما لا يدع مجالا للشك باننا نستند إلى قضية عادلة قوامها النضال من أجل الحرية والاستقلال والسيادة في مواجهة عدوان غير مشروع وغير مبرر.

4- نذكر بأن احتفالنا بالثلاثين من نوفمبر المجيد يمثل فرصة لتجديد العزائم على المضي في مشروع التحرر والنضال ومضاعفة الجهود حتى تحرير الأرض والقرار ونؤكد بأن هذه المناسبة لا يستفيد منها المحقون فحسب وإنما هي مناسبة تتيح للآخرين أيضا فرصة الوقوف عند دلالاتها العميقة، واستخلاص حاجتهم من العبرة والدرس والمراجعة في تصحيح أوضاعهم وصولا إلى الخلاص مما يعيشونه من إنحراف، والنجاة مما يخبئه لهم هذا اليوم من نتائج ومآلات صادمة وأن علينا جميعا أن ندرك بأن قدرنا في اليمن والمنطقة أن ندرك بأننا أمة واحدة وأنه لامجال لأي استقرار مالم يحتكم الجميع لأسس وشروط الاستقرار، وهي شروط وأسس معروفة والمدخل إليها يبدأ بالمراجعة الشاملة لكل الأخطاء ويرتكز على الالتزام الدقيق بالثوابت وفي مقدمتها احترام سيادة اليمن واستقلاله وأمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه.

5-  نحذر من خطورة القفز على الواقع والمتغيرات والتحولات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ونشير إلى أن الاستمرار في الحرب والحصار على بلدنا سيفضيان بالمنطقة ككل إلى مخاطر كبيرة من الصعب مستقبلا مواجهتها أو إحتواء تداعياتها، مؤكدين حرصنا على السلام الشامل والعادل باعتباره الهدف الذي نقاتل ونناضل من أجله، وفي هذا السياق نشيد بما تحقق مؤخرا على طريق التهدئة ونرحب بالمبادرة التي أعادت إلينا عددا من أسرانا الأبطال، عطفا على ما قدمناه من مبادرات سابقة وندعو إلى المزيد من تبادل هذه المبادرات الإيجابية، ومواصلة العمل على إحراز المزيد من التقدم على صعيد هذا الملف وغيره من الملفات الإنسانية وذلك من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق ستوكهولم الخاص بالأسرى، وسرعة تنفيذ الجسر الطبي أمام المرضى كخطوة أولية على طريق الفتح الكلي للمطار.

ونرحب بأية مفاوضات جادة تفضي إلى إعلان وقف الحرب والدمار ورفع الحصار واستعادة السلام الداخلي، وإنهاء التواجد العسكري من الجنسيات الأخرى في مياهنا وأراضينا اليمنية، مع الترحيب بالمصالح المشروعة وتشييد وبناء العلاقات على أساس من مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون المشترك، ونجدد في هذا السياق دعمنا المستمر لجهود المبعوث الأممي وكل المساعي الخيرة لإنهاء الحرب وإحلال السلام في اليمن والمنطقة عموما.

تحيا الجمهورية

المجد والخلود للشهداء

الشفاء للمرضى والجرحى

الحرية للأسرى

والنصر لليمن

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 سبأ