بقلم : كولوم لينش ، لارا سيليجمان ، روبي جرامر

(صحيفة” فورين بوليسي” الامريكية, ترجمة: انيسة معيض-سبأ)

قاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان منذ أربعة أعوام ونصف تحالفاً عسكرياً ضد الحوثي في اليمن، مما دفع السعودية إلى الولوج في الحرب الأكثر كارثية في تاريخها الحديث, والآن، يتطلع إلى شقيقه الأصغر، خالد، لإخراجه منها.

في الأسبوع الماضي، سافر الأمير خالد إلى مسقط عاصمة سلطنة عمان، لعقد اجتماع مع السلطان قابوس بن سعيد لإعداد أرضية لمحادثات رفيعة المستوى مع الحوثيين المدعومين من إيران الذين سيطروا على القصر الرئاسي اليمني في يناير 2015, مما اضطر الرئيس المدعوم من الرياض عبد ربه منصور هادي على الفرار من العاصمة صنعاء.

يمثل الاجتماع تتويجا لأكثر من ثلاث سنوات من المحادثات المباشرة السرية ومعظمها سرية بين المسئولين السعوديين والحوثيين.

قال أبو بكر القربي وزير خارجية سابق في حكومة اليمنية أن بعثة الأمير الدبلوماسية  إلى عمان ترسل “إشارة قوية” فيما يخص التحول في سياسة الحرب في السعودية، والتي تعكس “الالتزام بتحقيق سلام شامل ونهائي … والإدراك أنه لا يوجد حل عسكري للصراع”, وأضاف: “أعتقد أن الأمير خالد قد أتى برؤية جديدة تحمل آمالاً كبيرة لوضع حد لحرب مكلفة أدت إلى عدم الاستقرار الإقليمي بشكل عام.

تم تكليف الأمير الأصغر من قبل شقيقه بالتفاوض على إنهاء الحرب، التي بدأت قبل حوالي خمس سنوات، في وقت الذي أصبحت فيه التكاليف السياسية والعسكرية والإنسانية للنزاع غير قابلة للاستمرار أكثر فأكثر, حيث تصعد إيران من تعاونها العسكري مع الحوثيين حتى في الوقت الذي تجهد فيه الرياض في صراعها الإقليمي مع طهران على السلطة.

تصاعدت الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن في أعقاب سلسلة من الهجمات على الأراضي السعودية، بما في ذلك هجمات صاروخية بدون طيار في منتصف سبتمبر وقصف صاروخي على منشأتين نفطيتين سعوديتين، مما قلل مؤقتاً إنتاج المملكة من النفط الخام إلى النصف وفضح هشاشة المملكة الغنية بالنفط.

أيد الحوثيون هذه الهجمات، لكن الرياض وواشنطن وحكومات غربية أخرى تقول أن إيران إما انها نفذت الضربات المزعجة أو زودت الحوثيين بالأسلحة وقامت بتدريبهم على تنفيذها.

لقد أدت الحرب إلى الدفع باليمن التي كانت بالفعل أفقر بلد في الشرق الأوسط مع بداية الصراع، إلى آتون المجاعة, وبشكل فعلي أدى الصراع إلى وقوع أكثر من 10 ملايين شخص في خطر المجاعة وأكثر من 80 % من سكان البلد, أي حوالي 21 مليون شخص في حاجة إلى المساعدة الإنسانية.

أدى الصراع إلى جانب القتل خارج نطاق القضاء الذي تعرض له الكاتب في صحيفة الواشنطن بوست جمال خاشقجي العام الماضي إلى تقويض علاقة الرياض بالكونجرس الأمريكي وتقويض جهود ولي العهد في تصوير المملكة الخليجية باعتبارها دولة حيوية حديثة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الثقافة والاقتصادية والدينية التي تصورها بحلول العام 2030.

لقد ألقت بظلالها على خططه لإطلاق عرض عام أولي لشركة أرامكو المملوكة للدولة وهي شركة النفط الأكثر ربحية في العالم وتعرض المملكة العربية السعودية الحديثة على أعلى مستوى أحداث دبلوماسية خاصة، مثل قمة مجموعة العشرين، التي ستستضاف في الرياض لأول مرة في نوفمبر 2020.

جديد في اللعبة

تشكل المبادرة الدبلوماسية اختباراً للأمير الشاب خالد صانع السلام الذي يفتقر إلى الخبرة نسبياً والذي تم تعيينه سفيراً للسعودية لدى الولايات المتحدة في أبريل 2017, عندما كان لا يزال في أواخر العشرينات من عمره، لكن فترة خدمته في واشنطن طغى عليها الرد السعودي على مقتل خاشقجي, ووصفت صحيفة واشنطن بوست نفيه المتكرر والكاذب في نهاية المطاف، للذنب السعودي بأنه “حملة أكاذيب ملحمية”.

قال جيرالد فييرستين، السفير الأمريكي السابق في اليمن: “إنه جديد نسبياً على اللعبة الدبلوماسية وذكي ولبق بشكل معقول، ومن الواضح أنه قريب جداً من شقيقه، وأعتقد أنه سبب وجوده الحقيقي والواقع أنه يتحدث عن كلاً من والده وشقيقه”.

في فبراير، تم تعيينه نائباً لوزير الدفاع، حيث تولى مسؤولية إدارة الأولوية الأمنية الأولى للسعودية: الحرب في اليمن, حيث يجب عليه أن يسلم صفقة لإخراج المملكة العربية السعودية من حرب مدمرة مع تصوير أي اتفاق على أنه انتصار سياسي لأخيه الأكبر، وذلك وفقاً لأكثر من عشرة مراقبين دبلوماسيين ومسئولين أمريكيين وأجانب وخبراء تحدثوا إلى صحيفة فورين بوليسي بهذا الصدد.

في وقت سابق من هذا الشهر، حقق خالد بن سلمان أول إنجاز دبلوماسي رئيسي له، حيث أشرف على ترتيب اتفاق لتقاسم السلطة في اليمن يهدف إلى إنهاء القتال بين حكومة هادي المدعومة من الرياض والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

يراهن السعوديون على أن الاتفاق يمكن أن يقوي العلاقات السعودية الإماراتية، حتى يتمكنوا من تركيز اهتمامهم على مواجهة الحوثيين.

يُنظر إلى خالد بن سلمان الذي تدرب كطيار مقاتل في الولايات المتحدة بين بعض المسؤولين الأمريكيين على أنه عامل سياسي رصين يدرك تماماً المعايير الغربية.

قال أحد كبار المسئولين في الإدارة الأمريكية: “إنه يستمع بالفعل في حين أن بعض الأشخاص يستمعون فقط في انتظار التحدث مرة أخرى، ويبدو أنه يأخذ ما تقترحونه, ففي بعض النواحي يستخدمه وربما حتى ينظم تفكيره”.

يرى آخرون أنه أحد من الشخصيات السياسية المبتدئه التي يكمن تأثيرها بشكل أساسي في عضويته في العائلة المالكة السعودية.

قارن أحد كبار المسئولين في الخليج الفارسي الأمير السعودي بشكل غير ملائم مع مجموعات من العائلات الملكية في الأردن والمغرب الذين اعتبرهم أكثر ذكاءً في الحكم والدبلوماسية الدولية. وقال مسئول: “إنه صغير جداً ولكن اسمه خوله لذلك”.

ولكن سمعة خالد بن سلمان في واشنطن تشوهت بسبب اتصالاته مع خاشقجي في الفترة التي سبقت اغتياله داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وفي الأسابيع التي تلت اختفاء خاشقجي، شن خالد بن سلمان حملة من الإنكار المحموم بأن الحكومة السعودية ليس لها أي علاقة باختفاء الصحفي وكل ذلك تم تفنيده عندما ظهرت تفاصيل مقتله الوحشي في القنصلية في وقت لاحق.

قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في ذلك الوقت، السناتور الجمهوري بوب كوركير، أن السفير السعودي الشاب “لم يكن لديه أي مصداقية” بعد هذه الحادثة.

ترك الامير خالد بن سلمان منصبه في فبراير والغضب متأجج في مبنى الكابيتول هيل الذي لم ينته بعد.

إن دوره في تعامل السفارة السعودية في رد فعل واشنطن على مقتل خاشقجي لم يقلل من سمعته في المملكة أو حتى في أجزاء من واشنطن: كبار مسئولي إدارة  ترامب بمن فيهم وزير الخارجية مايك بومبو، فهم على اتصال دائم مع خالد بن سلمان هذا العام.

الاستعداد للقيادة

نشأ خالد بن سلمان في ظل شقيقه الأكبر، الذي عين ولي للعهد في يونيو 2017 من قبل والده، الملك سلمان.

قام الامير خالد برسم مساراً مختلفاً تماماً عن أخيه الأكبر: لقد حصل على درجة البكالوريوس في علوم الطيران من أكاديمية الملك فيصل الجوية قبل انضمامه إلى القوات الجوية الملكية السعودية, ومن ثم تدرب على قيادة طائرة مقاتلة عسكرية في الولايات المتحدة، وقاد في نهاية المطاف طائرات أمريكية من طراز F-15 ضد تنظيم الدولة الإسلامية والحرب على اليمن قبل أن تُجبره إصابة في الظهر على الخروج من ميدان الطيران.

منذ صعود أخيه، تم إعداد خالد بن سلمان للعب دور قيادي بعد إنهاء مسيرته الجوية, حيث تم تعيينه مستشاراً مدنياً كبيراً في وزارة الدفاع السعودية في عام 2016, وانتقل إلى واشنطن للعمل في السفارة الملكية والدراسة في جامعة جورج تاون.

بعد أن تم تعيينه سفيراً للمملكة في الولايات المتحدة، وهو أحد أهم المناصب الدبلوماسية, أحضر ترف التنشئة الملكية إلى واشنطن معه، وانتقل إلى قصر فخم بقيمة 12 مليون دولار خارج المدينة وبحسب ما ورد, بلغت النفقات 8 ملايين دولار خلال عامه الأول في العمل.

وكسفير، كان خالد بن سلمان مسئولا عن كل تفاعلات السعودية مع الولايات المتحدة، ولكنه كان يركز بشكل خاص على سياسة الرياض في اليمن.

عندما تولى منصب نائب وزير الدفاع في وقت سابق من هذا العام، أصبحت الحرب أولويته الرئيسية.

على حد قول مسئول كبير في إدارة ترامب: في مناقشاته مع المسئولين الأمريكيين بشأن الحرب المثيرة للجدل، قال خالد بن سلمان “متقبلاً” للمخاوف التي أثارها المشرعون الأمريكيون بشأن التدخل العسكري الأمريكي, ولكنه قال أن تواجد حزب الله على الحدود يمثل “تهديد وجودي” و تعد أولوية الرياض الأولى والثانية والثالثة”.

قال المسئول أن مساعدة الولايات المتحدة في مهمتها لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تأتي دائماً في المرتبة الرابعة.

أثار الكونغرس على مدار الأعوام الماضية عدة اعتراضات على تورط الولايات المتحدة في الحرب على اليمن، بما في ذلك بيع صواريخ أمريكية الصنع ذات دقة عالية للسعوديين والإماراتيين ودعم الولايات المتحدة في التزود بالوقود.

وقد أدى ذلك إلى سلسلة من المواجهات رفيعة المستوى في أوساط البيت الأبيض، والتردد في التخلي عن دعم الرياض ومواجهة طهران، فيما تهتم جماعة من المشرعين من الحزبين بدور السعودية في اليمن وبمقتل خاشقجي.

قال مسئول في الإدارة الأمريكية أن واشنطن أوقفت المساعدة في إعادة التزود بالوقود للتحالف الذي تقوده السعودية في نوفمبر 2018, ولكنها لا تزال تقدم دعماً استخباراتياً محدوداً ومشورة حول كيفية منع وقوع إصابات بين المدنيين, كما أن خالد بن سلمان أقل اهتماماً بالتأثير على أرض الواقع لتصويت الكونجرس لسحب الدعم الأمريكي المتبقي والذي سيكون ضئيلاً للغاية مقارنة بالرسالة السياسية التي سيرسلها, هناك أغلبية من الحزبين، تملك حق النقض (الفيتو)، وبذلك نقطع الدعم الأمريكي عن السعوديين ويعد ذلك رسالة سياسية مفادها أن السعوديين يرتكبون خطأً”, لكن خالد بن سلمان أوضح على الدوام  للمسؤولين الأمريكيين أنه حتى إذا سحبت واشنطن دعمها للحرب في اليمن، فلن توقف الرياض حملتها لأن “هذا هو أكبر تهديد لها”.

ضعف السعودية

لقد نجحت الرياض لسنوات في تحمل موجات من النقد الدولي بسبب تعاملها مع الحرب في اليمن، بما في ذلك حملاتها الجوية وقصفها العشوائي للأهداف المدنية والحصار المفروض على البلد الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. ويقول  المراقبون الدبلوماسيون, لكن السعودية لم تفعل شيء حيال الهجوم الأخير على احتياطيات النفط السعودية حيث أنها بدأت في الدفع بشكل فعال باتجاه السلام.

كشف الهجوم عن ضعف السعودية المتزايد جراء الحرب الجوية التي نتج عنها حتى وقت قريب خسائر بشرية محدودة على المواطنين السعوديين, لكن موقف الرياض أصبح غير مقبول على نحو متزايد بقرار شريكها العسكري الرئيسي دولة الإمارات بسحب قواتها والتوصل إلى السلام مع الحوثيين ومؤيديهم الإيرانيين.

قام السودان الذي قدم حوالي 40.000 جندي إلى الحملة في اليمن بسحب عدة آلاف من الجنود معظمهم من قوات الدعم السريع شبه العسكرية من اليمن, كما ان عضو آخر في التحالف المملكة المغربية قد سحبت بالفعل قواتها من اليمن في وقت سابق من هذا العام.

أظهر الحوثيون بدعم من إيران قدرة متزايدة على النجاح في نقل الحرب إلى العاصمة السعودية وحقولها النفطية، حيث شنوا هجوماً صاروخياً على مطار سعودي في مارس 2018, وفي سبتمبر، استخدمت الطائرات بدون طيار لقطع تمديدات منشآت آرمكو النفطية في منطقة بقيق وخريص وجعلها في وضع خارج نطاق العمل، مما أثار صدمة في أسواق النفط العالمية وانخفض إنتاج المملكة من النفط إلى النصف.

ادعى الحوثيون القيام بهذا الهجوم، على الرغم من أن المسئولين الأميركيين والسعوديين يعتقدون أن الهجوم اتى من شمال المملكة وجاء مباشرة من إيران.

ووفقاً لبعض الخبراء, عقب الهجوم آثرت إدارة ترامب استخدام القوة العسكرية للرد على التهديدات الإيرانية ضد حلفائها الخليجيين, هذا فاجأ وأثار غضب بعض المسؤولين السعوديين.

قال سفير الولايات المتحدة السابق لدى اليمن فييرستين: “الحقيقة أن الولايات المتحدة لم تستجب بقوة لأي من تلك الاستفزازات مما يشير إلى أن السعوديين والإماراتيين لا يستطيعون حقاً الاعتماد على الولايات المتحدة لضمان أمنهم وبالتالي يحتاجون إلى إيجاد طريقة للحد من تصعيد التوترات.

قال مسئول كبير في إدارة ترامب, أن عدم وجود ردة فعل من الولايات المتحدة لهجوم أرامكو، مترافقة مع حملة الضغط القصوى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أدت إلى زيادة الضغط على الرياض لإنهاء الحرب بالوكالة في اليمن, وأضاف أن المسئولين السعوديين اتخذوا خطوات في الأسابيع الأخيرة للتواصل مع الإيرانيين مباشرة لمحاولة تخفيف التوترات, إن هدفهم الرئيس الآن هو التقليل من مشاركتهم في اليمن وجعل الحوثيين يتوقفون عن كونهم وكلاء حتى يتمكنوا من التعامل مباشرة مع إيران”, مضيفاً بعد هجمات أرامكو، راى السعوديون أن الرياض وليس واشنطن هي من ستتحمل العبء الأكبر من حملة ترامب الاقتصادية ضد طهران.

القناة الخلفية

منذ بداية الحرب كانت الرياض معارضة الانخراط مباشرة في محادثات مع الحوثيين مؤجلةً توالي وسطاء الأمم المتحدة لمواصلة المحادثات بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين.

لقد تراجع السعوديون إلى حد كبير عن قرار مجلس الأمن الصادر في أبريل 2015 والذي اعترف بالرئيس هادي كقائد شرعي لليمن وطالب الحوثيون بتسليم الأراضي التي استولوا عليها وتسليم أي أسلحة استولوا عليها خلال استيلائهم العسكري على صنعاء.

قال وزير الخارجية اليمني السابق القربي: “ومع ذلك، ومع مرور الوقت، أصبح واضحاً، ليس للسعوديين فقط، بل وحتى للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن أن القرار 2216 كان غير واقعي وغير قابل للتنفيذ”.

وفي الوقت نفسه، أنشأ السعوديون بشكل خفي قناة خلفية سرية للوصول مباشرة إلى الحوثيين عند الحاجة.

افتتح محمد الجابر السفير السعودي لدى اليمن مناقشات مع كبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبد السلام، على هامش محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في الكويت في عام 2016, أسفرت هذه المحادثات عن اتفاق لوقف الأعمال العدائية وإنشاء لجنة للتخفيف من حدة التصعيد والتنسيق في مدينة الظهران الجنوبية بجنوب المملكة، حيث كان على المسؤولين الحوثيين واليمنيين مراقبة الالتزام بوقف الأعمال القتالية, لكن هذا الترتيب سرعان ما تلاشى بعد أن شنت قوات الحوثيين هجوماً صاروخياً على منشآت حيوية في يناير 2017, مما أدى إلى تجميد القناة الدبلوماسية بشكل فعلي.

وفي الوقت نفسه، استمرت الولايات المتحدة وبريطانيا في الضغط على السعوديين والحوثيين لإعادة الولوج في المحادثات مادامت الحرب مستمرة والأزمة الإنسانية تتفاقم, ووفقاً لثلاثة مصادر دبلوماسية قامت بتفصيل هذه الاتصالات, قام سفير المملكة المتحدة في اليمن، مايكل آرون، بإيصال الرسائل ذهاباً وإياباً بين السعوديين والحوثيين.

واصل خالد بن علي الحميدان، رئيس الاستخبارات العامة السعودية، تبادل رسائل عبر تطبيق “الواتس آب” مع عبد السلام المفاوض الحوثي.

وفقاً لمصدر دبلوماسي, ففي سبتمبر سافر حسين العزي، نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثي بحكم الواقع، برا إلى العاصمة العمانية مسقط والتي كانت بمثابة قاعدة دبلوماسية غير رسمية للحوثيين, وأضاف أن الحكومة البريطانية، في الوقت نفسه، ساعدت في ترتيب رحلة إلى عمان بالأردن، حيث التقى العزي بالنائب حميدان.

رفضت الحكومتان البريطانية والسعودية الطلبات بالتعليق, بعد وقت قصير من اجتماع عمان، في 20 سبتمبر، ومن جانبهم أعلن الحوثيون أنهم سيوقفون جميع الهجمات عبر الحدود ضد المملكة وتعهدوا بجعلها دائمة إذا وعد السعوديون بوقف الضربات الجوية.

لم يوافق السعوديون على وقف الضربات الجوية، لكنهم قللوا من عدد الهجمات الجوية على أهداف الحوثيين.

من جانبهم، يستمر الحوثيون في شن هجمات ضد المصالح السعودية, على سبيل المثال، استولت قوات الحوثي مؤخراً على سفينة سعودية إلى جانب سفينتين أخريتين في البحر الأحمر.

كان الحوثيون والسعوديون على اتصال دائم بمؤتمر عبر الفيديو خلال الشهرين الماضيين، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة أسوشيتيد برس, فأن الجانبين يناقشان إمكانية إعادة فتح مطار اليمن الرئيسي في صنعاء وإنشاء مناطق عازلة بين الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن والحدود السعودية والسعي لالتزام الحوثي بنأى بنفسه عن إيران.

قالت مصادر دبلوماسية إن مسئولين سعوديين وحوثيين كبار عقدوا محادثات مباشرة في مسقط على هامش اجتماع خالد بن سلمان مع السلطان العماني.

لقد استقبل التواصل الخارجي السعودي بالترحيب من قبل حلفاءها الذين سئموا من خوض حرب بلا نهاية ويشعرون أن الوقت قد حان لإبرام اتفاق مع الحوثيين.

قال فيليب ناصيف من منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان: “لقد وصلوا إلى هذه النقطة لأن السعوديين والإماراتيين يواجهون سلسلة من العقبات غير المتوقعة اثناء التدخل في اليمن … بما في ذلك الحقيقة البسيطة المتمثلة في عدم وجود تقدم عسكري لتغيير الوضع الراهن لصالحهم”.

قال أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أن الاتفاق يجب أن يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة لجميع مكونات المجتمع اليمني, وهذا يشمل الحوثيين” المُرسلين مؤخراً في مؤتمر سياسي في أبو ظبي, “لقد ألحقت ميليشيات الحوثيين الدمار في البلد، لكنها جزء من المجتمع اليمني وسيكون لهم دور في مستقبله”.

أزعجت مباحثات القناة الخلفية بعض المسئولين في الحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية والذين تم استبعادهم إلى حد كبير من المحادثات, كما قاموا بتهميش وسيط الأمم المتحدة، مارتن غريفيث – على الرغم من أن غريفيث قد دعم العملية إلى حد كبير بأٌسس يمكن أن تساعد في إعطاء زخم لجهود الوساطة التي يبذلها.

أشار مصدر يمني بارز: “لقد تم استثنى الحكومة اليمنية من المشهد وفي رأيي أن هذا أمر خطير للغاية”، مضيفاً أنه من الأهمية الحفاظ على دور الأمم المتحدة كوسيط رئيسي, إذا لم تفعل كل شيء بالشراكة مع الحكومة اليمنية، فسوف ينتهي بك الأمر إلى الانزلاق أعمق فأعمق في الصراع”, كما أن أي محاولة لعرقلة عملية الأمم المتحدة … ستنتهي بنا جميعاً إلى القفز إلى الهاوية”.

يظل المسئولون الأمريكيون أكثر تفاؤلاً بشأن احتمالات السلام, لكن ليس لديهم الرغبة للتنبؤ بانتصار دبلوماسي, حيث قال المسئول البارز في الإدارة الأمريكية: “لا أحد يريد أن يكون متفائلاً للغاية، لكنني أعتقد أن كل شخص أعرفه يقول أن الأمر يسير في المسار الصحيح”.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.