السياسية – تقرير ليلى مالك:

فشلت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا بشأن بناء سد النهضة على النهر النيل ووصلت إلى طريق مسدود، وهو ما يتوقع أن يؤثر على حصة مصر من الموارد المائية المستخدمة في الشرب والزراعة والصناعة، وفقت لما صرحت به وزارة الموارد المائية والري المصرية.

وأرجعت الوزارة فشل المباحثات إلى تشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة المقترحات التي تراعي مصالح مصر المائية. وطالبت مصر بتدخل وسيط دولي لحل الأزمة.

قالت وزارة الموارد المائية والري في مصر إن مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة المقترحات التي تراعي مصالح مصر المائية.

جاء بيان وزارة الموارد المائية عقب اجتماع لوزراء الموارد المائية من مصر والسودان وإثيوبيا في العاصمة السودانية الخرطوم.

من جانبها وجهت إثيوبيا اتهامات لمصر بإفشال مفاوضات سد النهضة، وجاء في بيان لوزارة خارجيتها بثه التلفزيون الرسمي الإثيوبي أن سبب فشل المفاوضات يعود إلى تمسك مصر بخطة مُعدّة سلفا لعرقلة تقدم عمل اللجنة الفنية.

وأكد التلفزيون الإثيوبي رفض أديس أبابا دعوة مصرية لتوسط طرف ثالث في المفاوضات، معتبرة أن ذلك إنكار للتقدم الذي تم إحرازه، وانتهاك لاتفاق إعلان المبادئ الذي وقعته إثيوبيا والسودان ومصر عام 2015.

وحسب التلفزيون الإثيوبي، فقد تمسكت إثيوبيا بمبدأ الاستخدام العادل لمياه النيل، دون الإضرار بأي من دول حوضه.

وجدد تأكيد عدم اعتراف إثيوبيا بأي معاهدة سابقة لتوزيع مياه النيل لم تكن جزءا منها.

وأوضح التلفزيون الإثيوبي أن الممارسات المصرية تتعارض مع رغبات إثيوبيا والسودان، وتؤثر سلبًا على التعاون المستدام بين الأطراف، كما أن إثيوبيا ترى في هذه الممارسات تقويضا للفرص الكبيرة للحوار الفني بين الدول الثلاث؛ وتعطل روح التعاون الإيجابية.

في المقابل، قال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سلشي بقل إن مفاوضات سد النهضة لم تصل لطريق مسدود.

وأوضح الوزير الإثيوبي أن بلاده ترفض الوساطة من أي جهة، وأن التفاوض سيستمر بين البلدان الثلاثة من أجل الوصول إلى اتفاق، كما أكد رفض حكومته تقديم أي ضمانات بشروط مصرية لانسياب مياه نهر النيل.

ورفضت السودان وإثيوبيا مقترحا مصريا بدخول طرف رابع كوسيط في المباحثات الثلاثية.

وفي وقت لاحق، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن “الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل”.

وكتب السيسي على تويتر أن مصر مستمرة في “اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي، وفى إطار محددات القانون الدولي، لحماية هذه الحقوق، وسيظل النيل الخالد يجري بقوة رابطا الجنوب بالشمال برباط التاريخ والجغرافيا”.

وفي وقت سابق السبت، قالت الرئاسة المصرية -في بيان- إنها تتطلع لقيام الولايات المتحدة بدور فعال، خاصة في ضوء وصول المفاوضات بين الدول الثلاث لطريق مسدود.

وشددت على أن المفاوضات لم تُفض إلى تحقيق أي تقدم ملموس، مما يعكس الحاجة إلى دور دولي فعال لتجاوز التعثر الحالي في المفاوضات، وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، والتوصل لاتفاق عادل ومتوازن، وأكدت انفتاحها على كل جهد دولي للوساطة من أجل التوصل إلى الاتفاق المطلوب.

وأُعلن عن سد النهضة الإثيوبي الكبير -الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار- عام 2011، وصُمّم ليكون حجر الزاوية في مساعي إثيوبيا لتصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا، عبر توليد كهرباء تصل إلى أكثر من ستة آلاف ميغاوات.

ويحمل السد منافع اقتصادية لإثيوبيا والسودان، لكن مصر تخشى أن يقيد الإمدادات المحدودة بالفعل من نهر النيل، التي تستخدم مياهه في الشرب والزراعة والصناعة، حيث تعتمد مصر على النيل في الحصول على 90% من المياه.

وقال البيت الأبيض الجمعة في بيان إن الولايات المتحدة “تدعم… المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق تعاوني مستدام يضمن منفعة متبادلة بشأن ملء وتشغيل” السد.

ورفض الوزير الإثيوبي سلشي بيكيلي في المحادثات الطلب المصري للوساطة.

وقال للصحافيين “لماذا نحتاج إلى شركاء جدد؟ هل تريدون تمديد (المفاوضات) إلى أجل غير مسمى؟”.

ورفضت إثيوبيا الشهر الماضي اقتراحا لمصر بشأن تشغيل السد. ولم تذكر أديس أبابا حجم تدفق المياه الذي تريده لكن مصر تريد تدفق ما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب من مياه السد سنويا.

من جانبه قال وزير الموارد المائية السوداني ياسر عباس إن إثيوبيا اقترحت في المحادثات ملء السد خلال فترة من أربع إلى سبع سنوات.

وأضاف “انتهى الاجتماع الذى ناقش قضيتي الملء والتشغيل وأحرزت اللجنة البحثية بعض التقدم ولكن هناك خلافات تم الاتفاق على مواصلة التشاور حولها بين وزراء الري الثلاثة للاتفاق على الخطوة التالية”، دون أن يقدم تفاصيل..مؤكدا رفض بلاده مقترح مصر حول إشراك خبراء من أي طرف دولي آخر لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي.

وأشار عباس، في مؤنمر صحفي، في ختام اجتماعات اللجنة الفنية المصرية الإثيوبية السودانية في الخرطوم، إلى ثقته باللجنة البحثية التي تم تكوينها بواسطة وزراء الخارجية ووزراء الموارد المائية ورؤساء الاستخبارات، من باحثين وخبراء من الدول الثلاث لدراسة وتقديم سيناريوهات محددة لدراسة قواعد الملء الأول والتشغيل لسد النهضة الإثيوبي.

وردا على سؤال حول مقترح إدخال طرف رابع في المفاوضات بصفة وسيط، اعتبر عباس، أن “الخبراء والباحثين من اللجنة البحثية في الدول الثلاث قادرون على إكمال مهمتهم بنجاح ولا حاجة إلى وساطة في هذا الأمر”.

وتختلف مصر وإثيوبيا حول حجم المياه المتدفق سنويا، حيث أعربت مصر في أكثر من مناسبه عن أن تشغيل السد “لا يجوز بفرض الأمر الواقع”.

وتقيم إثيوبيا سد النهضة على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء، وهو ما تخشى مصر من تأثيره على حصتها من مياه النيل، التي تبلغ حوالي 55.5 مليار متر مكعب سنويا.

وشهدت مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان تعثرا بعد اعتراض السودان وإثيوبيا على التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري الذي أسند إليه إجراء دراسات سد النهضة وتأثيرها على دول المصب (السودان ومصر)، بينما وافقت عليه مصر.

وتعهد رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي بالقاهرة، منتصف العام الماضي، بعدم المساس بمصالح مصر المائية.

بالمقابل دعا السيسي في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة، الشهر الماضي، إلى دور دولي للحث على المرونة في مواجهة تعثر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، محذرا من أن “استمرار التعثر في المفاوضات بسد النهضة ستكون له انعكاسات على التنمية في مصر والمنطقة”.

وتسعى مصر من خلال المفاوضات التي تضم إثيوبيا والسودان، إلى إقناع إثيوبيا بإطالة فترة ملء خزان سد النهضة، بما لا يؤثر على حصة مصر من المياه، إذ يعد نهر النيل هو المصدر الرئيسي للمياه في مصر.

وتريد مصر في اقتراحها ألا يقل منسوب خزان السد العالي خلال سنوات ملء سد النهضة عن 165 مترا، لأنها تخشى أن تتزامن المرحلة الأولى لملء السد مع فترة جفاف شديد في النيل الأزرق في إثيوبيا، على غرار ما حدث في 1979 و1987.

وأكدت أن مسألة مياه نهر النيل تعد مسألة حياة ووجود بالنسبة لمصر، معربة عن عدم ارتياحها لطول أمد المفاوضات مع إثيوبيا حول ملء وتشغيل السد.

سبأ