السياســـية : تقرير || صادق سريع*

شيّع اليمنيون، في العاصمة صنعاء، 32 صحفياً وإعلامياً من شهداء الكلمة ورفاق المهنة، صبيحة يوم الثلاثاء الحزين - 16 سبتمبر 2025، بعدوان صهيو-نازي غادر، اغتال أرواحهم البريئة عصر يوم الأربعاء الفائت، غير مبالٍ بحرمة منابر الكلمة ومواثيق حماية الإعلاميين والعاملين في وسائل الإعلام، ولا بأمان المدنيين العُزّل في حالات السلم والحرب.

فهل كان الإعلاميون الراحلون بلا وداع في أداء الواجب المقدس والرسالة الإعلامية، في صحيفتَي "26 سبتمبر" و"اليمن"، يحملون السلاح بوجه الطائرات الصهيونية الهاربة من ميادين القتال إلى استهداف المدنيين الأبرياء بالضربات الغادرة من السماء، على الأعيان المدنية في الأحياء المكتظّة بالمدنيين، والمحال التجارية، والسيارات، والمارّة في العاصمة صنعاء وبقية مدن المحافظات اليمنية الحُرّة؟

رحل كوكبة شهداء الإعلام اليمني جنوداً مجهولين بضمائر وطنية مستنيرة بثقافة القرآن وسلاح الإيمان وفكر المقاومة، حاملين أقلام الحرية الملوّنة بعلم الجمهورية اليمنية في منابر الرأي وصدق الكلمة وكشف جرائم الإبادة والتجويع والتهجير للعدو الصهيو-أمريكي في اليمن وغزة. وستبقى ذكراهم وذكرى استشهادهم المروّعة، وبراءة صورهم الشخصية المعلّقة في جدران قلوب كل اليمنيين عصيّة على النسيان.

هل أصبحت دماء الإعلاميين في اليمن واليمنيين مباحة في عُرف النظام الأممي ومواثيق المنظمات الإنسانية والحقوقية وقوانين المجتمع الدولية بذنب نصرة غزة؟ وهل أصبحت الأنظمة المقاومة لكيان الاحتلال وهيمنة إمبراطوريات الاستعمار، دفاعاً عن سيادة الدول والشعوب وحماية حقوقها المسلوبة، إرهابية؟!

وهل أصبح كل من يحمل قلماً حراً، وفكراً ثورياً متحرراً، وجيشاً وطنياً قوياً يحرّره من تبعية استبداد الأنظمة الإمبريالية وأطماع قوى الكبار، بقرار مستقل وسيادة وطنية مصانة لحماية الوطن، يُصنّف إرهابياً يستحق محاصرة وطنه وإهدار دماء شعبه وسلب حقوقه بتهمة عدم الخضوع؟!

أين من يرفعون شعارات حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وحماية منابر الإعلام والصحافة من الحقوقيين والمشرّعين الأمميين للمواثيق الدولية في أروقة المنظمات الأممية والاتحادات والنقابات العربية والإقليمية والدولية؟

هل حلّلت شرائعكم لـ"إسرائيل" قتل الإعلاميين والعاملين في الإعلام في اليمن وغزة؟

ألم تُصنّف مواثيقكم وقوانينكم وأعرافكم الأممية استهداف الصحفيين ومقرّات وسائل الإعلام وإسكات صوت الحقيقة انتهاكات جسيمة تستوجب المساءلة القانونية أمام محاكم الجنايات الدولية، باعتبار المقار الإعلامية منشآت مدنية، والصحفيين مدنيين محميين في مناطق النزاع، حسب المادة "79" من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف في ميثاق القانون الدولي الإنساني!!

عن مجزرة العدو الصهيوني بحق شهداء الإعلام في صنعاء، اعتبرت صحيفة "ذا كريدل" الأمريكية استهداف العدوان الإسرائيلي الصحفيين اليمنيين ومقرّات صحيفتَي "26 سبتمبر" و"اليمن"، في العاصمة صنعاء، جريمة حرب شنيعة، ووصفتها بـ"أعنف مذبحة للصحفيين منذ مذبحة 'أمباتوان' في الفلبين، عام 2009، التي قُتل فيها 32 إعلامياً يعملون في وسائل الإعلام".

وكتب الناشط الفلسطيني علي أبو رزق، على حسابه في منصة "فيس بوك"، قائلاً:
"هناك جريمة سياسية بشعة جداً ارتكبتها 'إسرائيل' قبل أيام، ولم تنل حظها من الاهتمام على المستويين العربي والعالمي، حين استهدفت 32 صحفياً يمنياً بقصف مبنى إعلامي في اليمن العزيز بدم بارد، وبمنتهى الغطرسة والاستعلاء، دون إدانة عربية ودولية ولو باستحياء".

وأضاف متعجباً: "كل هذا الصمت لأن الشعب اليمني اختار الاصطفاف إلى الجانب الصحيح من التاريخ، واختار الوقوف مع الضحية المظلوم في وجه المستكبر الجلاد، فخسر العالم الأعمى وحكوماته المتواطئة، وكسب غزة وقلوب أهلها وكل الأحرار…!".

وعليه: يطالب الصحفيون والإعلاميون في وسائل الإعلام اليمنية، عبر هذا التقرير الذي يمثّل لسان حال كل من يعمل في الحقل الإعلامي في اليمن، هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية والاتحادات والنقابات الإقليمية والدولية، التي تكفّلت مواثيقها بحماية كل العاملين في وسائل الإعلام المختلفة، باتخاذ الإجراءات القانونية والعقابية اللازمة بحق استشهاد 32 إعلامياً يمنياً في أبشع مجزرة دموية، باستهداف مباشر من العدو الصهيوني وسط صمت عربي ودولي مخزٍ.