هوس "إسرائيل الكبرى" يقرع طبول الحرب في لبنان
السياســـية: تقرير || صادق سريع*
تشن "إسرائيل" والولايات المتحدة وحلفاؤها العرب المطبعون أبشع عدوان عسكري وحشي صهيو-صليبي عرفته البشرية بالقتل والتجويع والتهجير والإبادة الجماعية والتطهير العِرقي في حرب غير متكافئة لاجتثاث المقاومة الفلسطينية وانتزاع سلاحها في غزة، بتواطؤ عربي وعالمي مخزٍ لا نظير له على مر التاريخ.
وتمارس ضغوطاً سياسية بكافة وأتفه الوسائل الممكنة لسلب سلاح المقاومة اللبنانية وتدجينها بتعاون دبلوماسي واستخباراتي مباشر من بعض الأنظمة العربية المطبِّعة والقوى الغربية والدولية المتصهينة وأذرعها وعملائها في لبنان والمنطقة.
وتنفذ حملات عسكرية عدوانية مسعورة، وتمارس حرباً اقتصادية قذرة، وتفرض حصاراً ظالماً، منذ عشر سنوات، على الشعب اليمني في محاولة لكبح جبهة الإسناد اليمنية الوحيدة لغزة في ظل تواطؤ وخذلان وصمت عربي ودولي مقيت.
بذنب إن جبهات المقاومة اليمنية والفلسطينية واللبنانية، باتت تمثل ضمير الأمة وخط دفاعها الأول ضد غطرسة كيان الاحتلال وأطماع أنظمة الاستعمار الغربي، التي تحاول شيطنة نضال المقاومة وتشويه أهدافها النبيلة بالحملات الإعلامية المضللة لأبواقها المأجورة وذبابها الإلكتروني على منصات الإعلام والتواصل لخداع إمّعة الشعوب العربية.
وتشكّل شوكة في حلق الكيان المغتصب وتلقنه وحلفاءه ضربات هجومية ودفاعية إستراتيجية موجعة تفسد طموحاته الاحتلالية والاستعمارية، بعد أن تخلى جيوش الأنظمة العربية عن واجباتها المقدسة في الدفاع عن سيادة دولها وحماية شعوبها.
ولتحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى" تستميت الولايات المتحدة بشن حملات عدوانية عسكرية وفرض عقوبات اقتصادية ومالية ضد جبهات المقاومة العربية المصنفة أمريكياً بـ"الإرهاب"، في حين تعتبر حرب الإبادة والتجويع في غزة والعدوان على اليمن ولبنان وسوريا وقطر، من الكيان دفاعاً عن النفس.
بعد فشل الحملات العدوانية الصهيو -أمريكية في تركيع المقاومة اللبنانية، عاود ساسة الكيان الصهيوني العميق من بوابة السياسة محاولة قصّ أجنحة حزب الله وفق خطة موفد واشنطن إلى بيروت المخضرم توماس برّاك، ما تُسمى بـ"خارطة السلام" بين لبنان و"إسرائيل"، بهدف نزع سلاح الحزب الذي يقاوم الاحتلال.
توماس برّاك، سفير الولايات المتحدة لدى تركيا ومبعوثها الخاص إلى سوريا، وموفدها إلى بيروت في أول مهمةٍ له مع الحكومة اللبنانية التي بدأت في 19 يونيو 2025، لتمرير خطةٍ من ست صفحات تحت مسمّى "ورقة براك" هدفها الأول والأخير ذبح حركات المقاومة اللبنانية على الطريقة الأمريكية بعد سلب سلاحها.
في اللعبة السياسية القذرة التي يلعبها برّاك ويلوّح فيها بعصا القوة على الطرف المعرقل، تلعب دبلوماسية السعودية والإماراتية دور الوسيط السياسي تارة بالضغط على صناع القرار في لبنان وتارة أخرى بشراء مواقفهم بالمال في سبيل تنفيذ الخطة التي وضعها عملاء الموساد والمخابرات الغربية.
وقد أقرّت الحكومة اللبنانية خطة حصر السلاح بيد الدولة في 5 أغسطس الجاري، وكلفت قيادة الجيش بوضع خطة تنفيذية لنزع سلاح المقاومة خلال مدة تنتهي نهاية العام الجاري 2025، لكن حزب الله رفض الخطة واعتبرها بمثابة إعلان حرب أهلية في لبنان.
في منتصف جولات التفاوض وحمى الضغوط الدبلوماسية الأمريكية والسعودية والفرنسية على أصحاب القرار، أختلطت أوراق خطة برّاك حين لوّح قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، بالاستقالة من قيادة المؤسسة العسكرية: "أفضل التنحّي إذا كان الهدف سفك دماء اللبنانيين على يد الجيش".
وقبله جدد الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني الشيخ نعيم قاسم، مساء أثنين 25 أغسطس 2025، تأكيداته السابقة بعدم التخلي عن سلاح المقاومة: "لن نتخلّى عن السلاح الذي أعزّنا ويحمينا من عدونا الإسرائيلي؛ السلاح روحنا وأرضنا وكرامتنا ومستقبل أطفالنا".
وأضاف: "طالما 'إسرائيل' مستمرة في احتلال أراضٍ لبنانية، نرفض قرار مجلس الوزراء اللبناني بشأن حصر السلاح بيد الدولة، وأن محاولات انتزاع سلاح حركات المقاومة قد تسبب حرباً أهلية في لبنان".
وفي وقت سابق من ذات اليوم، كان مكتب رئيس حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو، قد أصدر بياناً جاء فيه: "إذا بدأ جيش لبنان بتنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله، فإن 'إسرائيل' ستسحب جيشها تدريجياً من الجنوب، وفق الخطة الأمريكية".
لكن كان رد الأمين قاسم حازماً: "لا خطوة مقابل خطوة، عليهم تنفيذ الاتفاق أولاً بعدها نناقش الإستراتيجية الدفاعية"، واصفاً ورقة حصر السلاح التي أقرّتها الحكومة حركةً لتخريب لبنان.
وشنت "إسرائيل" على لبنان في 8 أكتوبر 2023 عدواناً جوياً وبرياً انتقاماً من موقف حزب الله المساند لغزة، وفي 23 سبتمبر 2024 وسّعت عدوانها إلى حرب مفتوحة خلفت أكثر من أربعة آلاف شهيد وسبعة عشر ألف جريح.
وفي 27 نوفمبر 2024 تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين المقاومة اللبنانية في حزب الله و"إسرائيل"، وقد تعرّض الاتفاق لأكثر من ثلاثة آلاف خرق من قبل الاحتلال، أدت إلى استشهاد 282 مدنياً وجرح 604 آخرين.
وتشمل خطة السلام الأمريكية: انسحاب جيش الاحتلال من الخمس بلدات اللبنانية المحتلة، ووقف غاراته العدوانية على لبنان بضمانات دولية، مقابل نزع سلاح حركات المقاومة وحزب الله وإعادة إعمار المناطق المدمّرة في لبنان بفعل العدوان الصهيوني الأخير.
خلاصة أهداف خطة "ورقة براك" في لبنان تتلخص في الأتي:
- حال فشل الخطة الأمريكية في تقويض قوة المقاومة اللبنانية ونزع سلاحها وفي مقدمتها حزب الله، ستمضي إلى تدويل الأزمة في لبنان تمهيداً لإنشاء تحالف عسكري صهيو-غربي بتمويل عربي وقرار أممي لشرعنة العدوان ضد الجهة المعرقلة أو دفع أذرع الغرب والسعودية في لبنان إلى تأجيج الصراع يسبب بإندلاع حرب أهلية.
- أما إذا ما مرر برّاك الخطة "أ" الخاصة بنزع سلاح مقاومة لبنان، يكون قد مكن دول الغرب الإستعماري في تأمين ظهر القاعدة الجيوسياسية والعسكرية المسماة "إسرائيل"، والتمهيد لحلم مشروعها اليهودي من "النيل إلى الفرات"، الذي يعيد رسم خارطة الشرق الأوسط، وبالتالي سينتقل الاحتلال برعاية وحماية أمريكية إلى تنفيذ الخطة "ب" بإنتهاك سيادة لبنان وسلب قراره السياسي، وربما إلى فرض السيطرة العسكرية الكاملة على أراضيه.
- ضمن الخطة "ب" سيعلن جيش الاحتلال فرض سيطرته على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية عبر فرض سياسة التهجير الإجباري للفلسطينيين إلى الخارج، مع ضمّ أجزاء من أراضي سوريا والأردن، بالإضافة إلى شن حملات عسكرية عدوانية قمعية على حركات المقاومة في اليمن والعراق المناهضة لوجود الاحتلال ومشروع "إسرائيل الكبرى".
- بدء توقيع عقود "الزواج الإبراهيمية" بين الأنظمة العربية في السعودية وسوريا وموريتانيا وكيان "إسرائيل" بوساطة البيت الأبيض دونالد ترامب، ورعاة التطبيع: الإماراتي محمد بن زايد، والمصري عبد الفتاح السيسي، والتركي أردوغان، والأردني عبدالله الثاني، والمغربي محمد السادس، والبحريني حمد بن عيسى.

