السياســـية : تقرير || صادق سريع*

بعد إغلاقه البوابة المائية الجنوبية ميناء "أم الرشراش"، بدأ اليمن عمليات إغلاق البوابة الجوية الجنوبية الإسرائيلية مطار "رامون" الدولي بتفعيل وضعية الحظر الجوي بالهجمات النوعية لشل حركته الجوية والتجارية في معركة الإسناد اليمنية لغزة.

وأقرّ القائد السابق لسلاح الجو، العميد الركن احتياط زيفكا هاييموفيتش، بأن تهديد اليمن لم يعد مجرد خطر تكتيكي محدود، بل تحوّل إلى تحدٍ إستراتيجي حقيقي يفرض على "إسرائيل" مراجعة شاملة لمنظومتها الدفاعية وخططها العسكرية.

وقال محذراً: "باتت القدرات اليمنية المتنامية تشكل تهديداً وجودياً على الأمن القومي للكيان، بالتصعيد غير المسبوق للهجمات بعد استهداف العدوان الإسرائيلي لقيادات مدنية في صنعاء".

وأضاف في مقال نشره بصحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية: "الرد اليمني على عملية الاغتيال كان غير مسبوق، تمثل بإطلاق عشر مسيّرات ومثلها من الصواريخ الباليستية على 'إسرائيل' خلال وقت قصير جداً".

وأعتبر التصعيد العسكري اليمني الأخير يشكّل تحولاً في النهج العملياتي وقوة الرد غير التقليدي بعمليات تجاوزت قدرات الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

وأكد أن الاستهداف اليمني المسيّر على مطار "رامون" يظهر تطوراً تكتيكياً في العمليات الهجومية لقوات صنعاء، كشف عن الثغرات الأمنية في منظومات الدفاع الصهيونية التي باتت تواجه تهديداً جوياً مزدوج يتطلب جهوزية عالية.

ثلاث ضربات تهز الكيان

في الأثناء، أعلنت القوات المسلحة اليمنية استهداف مطار اللد في "يافا"، ومطار رامون في "أم الرشراش"، وهدفاً حساساً في ديمونة في فلسطين المحتلة.

وأكدت في بيان عسكري، الاثنين 8 سبتمبر الجاري، استهداف سلاح الجو المسيّر لليوم الثاني على التوالي بعملية عسكرية نوعية بثلاث مسيّرات مطاري اللد في يافا ورامون في أم الرشراش، وهدفاً حساساً في ديمونة المحتلة، وتمت العملية بنجاح بفضل الله.

وأعلن اليمن، في نوفمبر 2023، إسناد غزة عسكرياً ضد العدوان الصهيو-أمريكي بمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، وفرضت قواته المسلحة حصاراً بحرياً على سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان على غزة.

النجاح والفشل والمضاعفات الخطرة

وأقرّ قائد سلاح البحرية الصهيوني الأسبق، اللواء المتقاعد إليعازر تشيني ماروم، بنجاح اليمن في استهداف مطار "رامون" الإسرائيلي.

واعتبر في تصريح لإذاعة "103Fm" العِبرية أن نجاح المسيّرة اليمنية في إصابة مطار "رامون" يمثل نجاحاً لصنعاء، سبب مضاعفات سلبية خطيرة على سمعة "إسرائيل" على المستوى الدولي وعزوف شركات الطيران العالمية.

وقال: "الهجوم اليمني المسيّر على مطار دولي في 'إسرائيل' حدثٌ يُنظر إليه باستياء في العالم، ويجب بذل كل الجهود الممكنة لوقفه".

وأضاف: "الهجوم لم يؤثر على أمن 'إسرائيل' فقط، بل على صورتها أمام العالم ككيان غير آمن، وهذا سيجبر شركات الطيران العالمية إلى إعادة النظر في أنشطتها وإلغاء رحلاتها الجوية".

وتواصل قوات صنعاء فرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، مع حصار بحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، ما أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن هي: (روبيمار" في 18 فبراير 2024، "توتور" في 12 يونيو 2024، "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، و"إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025).

صنعاء تعيد صياغة الردع والسيادة

في السياق، قالت صحيفة "ذا كريدل": مهمة الجبهة اليمنية لم تعد تقوم بدور إسناد غزة فقط، بل باتت تُعيد صياغة أسس الردع والسيادة الإقليمية.. ولا يبدو أن هناك أحداً قادراً على إيقافها".

وأضافت في تقرير مطوّل، يوم الاثنين 7 سبتمبر الجاري: "لم يكن العدوان الإسرائيلي الذي استهدف رئيس الوزراء اليمني الشهيد أحمد الرهوي ورفاقه الوزراء حدثاً استثناءً، بل يندرج ضمن مسار صنعاء في المواجهة المباشرة مع القوى الغربية التي تدافع عن 'إسرائيل'".

وتابعت: "منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، تمكن اليمن من شق الطريق إلى قلب المواجهة الإقليمية كلاعب أساسي بات نموذجاً قوياً في الردع البحري والجوي غير المتكافئ".

قدرات تعطيل قواعد "إسرائيل"

المؤكد في قناعة خبراء الموقع الأمريكي:" أن تطوير اليمن قدراته العسكرية المتجاوزة قوة الردع وتعطيل القواعد والمطارات والموانئ الإسرائيلية، يشكّل تهديداً إستراتيجياً لا يقتصر على الكم، بل على جودة التقنيات وقوة الاختراق ودقة الضربات للمنظومة العسكرية الصهيو-أمريكية في المنطقة، بشكل كشف نقاط ضعفها وأعاد رسم منظومة الردع".

وأضافوا: "قوة اليمن ليست في ترسانة الأسلحة الهائلة والتقنيات المتقدمة، بل من معادلات: براعة التصنيع المحلية، والتكتيكات البراغماتية، والتنسيق الدقيق مع جبهات محور المقاومة".

وماذا أيضاً؟ "إن صنعاء من خلال تصنيع وتطوير المسيّرات والصواريخ الباليستية وامتلاك ميزة الجغرافيا البحرية، تمكّنت من فرض معادلات إستراتيجية وتكبيد 'إسرائيل' خسائر فادحة في مواجهة غير مباشرة؛ إنه الردع اليمني الهجين الذي أعاد رسم قواعد الاشتباك دون انتظار الاعتراف العالمي".

ما أراد فريق "ذا كريدل" قوله هو: "إن صنعاء أصبحت نقطة اختناق جيوسياسية، تُعيد ضبط موازين القوى في بحار الأحمر والعربي، إن صعود اليمن لا يقاس بعدد الضربات أو السفن المستهدفة، بل بقدرته المتنامية على تغيير قواعد الاشتباك الإقليمية، وهو الأمر الذي فشلت القوى الغربية الداعمة لـ'إسرائيل' في إيقافه".

ويُشار إلى أن القوات اليمنية المساندة لغزة استهدفت - بفضل الله وتأييده - بـ430 عملية عسكرية أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وأطلقت أكثر من 1,270 صاروخاً ومسيّرة على أهداف في عمق "إسرائيل".