مشاهد عَصِيَّة على النسيان في البحر الأحمر
السياسية : تقرير || صادق سريع*
مشاهد دراماتيكية تستعصي على النسيان في ذاكرة الولايات المتحدة وقوات بحريتها وبحريات بريطانيا وأوروبا و"إسرائيل"، حين جُرّت حاملات الطائرات الأمريكية (المصابة بصواريخ ومسيّرات) من البحر الأحمر إلى مرافئ الموانئ الحليفة في دول الجوار.
صحيفة "كالكاليست" اعتبرت هروب حاملات الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر درساً عسكرياً في فن الحروب الحديثة من كتاب القوات المسلحة اليمنية، الذي يعني أن تأثير تهديد الهيبة ورمز قوة أمريكا أكثر من تحقيق النصر العسكري المباشر.
وقالت - وهي صحيفة اقتصادية عبرية - نقلاً عن مسؤولين عسكريين في البحرية الأمريكية: "إن قادة في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) حذروا الرئيس دونالد ترامب من مخاطر استمرار العدوان الجوي على اليمن".
وأضافوا: "إن صور مشاهد حاملة الطائرات الأمريكية 'هاري ترومان' المصابة بصواريخ البحرية اليمنية وهي تُجرّ جراً إلى ميناء قريب، كانت ستطيح بصورة ورمز قوة الولايات المتحدة".
وأكدوا اضطرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعلان وقف العدوان الأمريكي على اليمن في مايو الماضي، بعد تعرّض حاملة الطائرات 'هاري ترومان' لتهديد مباشر بصاروخ يمني باليستي في عرض البحر الأحمر.
وفق المصادر العسكرية الأمريكية لـ"كالكاليست"، فإن مخاوف المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة من تكرار استهداف الحاملة 'ترومان' ورصد محاولات دقيقة لاستهدافها بالصواريخ اليمنية، نهاية أبريل الماضي، كانت السبب الحقيقي في إجبار إدارة ترامب طلب الاتفاق مع اليمنيين بوساطة عُمانية.
وأعلن الرئيس ترامب، في ثلاثاء 6 مايو 2025، وقف العدوان على اليمن، ما يؤكد فشل عدوان إدارته في (تدمير قدرات القوات اليمنية ووقف هجماتها على سفن "إسرائيل" ودول العدوان في البحر الأحمر).
وكان اليمن أعلن في نوفمبر 2023، معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، لإسناد غزة ضد العدوان الصهيوني، وفرضت قواته المسلحة حصاراً بحرياً على سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها، في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.
من الهروب إلى الغياب
في صلب الحدث، عبّرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية عن دهشتها من غياب قوات البحريات الأمريكية والأوروبية بعد عودة حاملة الطائرات "كارل فينسون" إلى موطنها في هاواي بالولايات المتحدة، عن مسرح العمليات البحرية في البحر الأحمر الأكثر سخونة منذ بدء صنعاء عمليات المساندة لغزة ضد ملاحة السفن الإسرائيلية.
وأكدت غياب حاملات الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر منذ هروب الحاملة "هاري ترومان" في مايو الماضي، على الرغم من استمرار قوات صنعاء في استهداف سفن "إسرائيل" والمرتبطة بها والمتوجهة إلى موانئها.
وتواصل القوات المسلحة اليمنية فرض الحظر الجوي بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد وميناء حيفا في "إسرائيل"، مع استمرار الحصار البحري في البحر الأحمر على سفنها والمرتبطة بها، وقد أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: روبيمار في 18 فبراير 2024،
توتور في 12 يونيو 2024، ماجيك سيز في 8 يوليو 2025، إيترنيتي سي في 9 يوليو 2025.
الحقيقة التي لا تقبل الشك في تقرير "ناشيونال" هي: "إن القوات المسلحة اليمنية المساندة لغزة، نجحت بفعالية في تحييد قوات البحرية الأميركية والأوروبية في البحر الأحمر".
تحوّل نوعي لموقع اليمن
في الحديث ذاته، أقرت مجلة "الجيش" البلجيكية بتطور تقنيات الصواريخ الباليستية اليمنية بشكل غير مسبوق، وباتت تشكّل تهديداً حقيقياً لـ"إسرائيل" وأمريكا والغرب، في تطور وصفته بـ"التحوّل الإستراتيجي لمكانة اليمن كقوة فاعلة في محور المقاومة والمنطقة".
وأكدت امتلاك قوات صنعاء قدرات عسكرية متطورة في تقنية إطلاق الصواريخ الباليستية والـ'كروز' بمديات أكثر من ألفي كم، ما يجعلها قادرة على الوصول إلى عمق "إسرائيل" وضرب المصالح الأمريكية في المنطقة.
المعلوم حسب رؤيتها - كمجلة عالمية مهتمة بشؤون الدفاع والأمن - أن العمليات اليمنية على ميناء أم الرشراش المحتل وضد السفن البحرية المتوجهة إلى موانئ "إسرائيل" في البحر الأحمر تمثّل مؤشراً واضحاً على تطور قدراتها القتالية والإستراتيجية، وفرضها معادلات الردع الإقليمي.
والحقيقة المرّة، وفق خبرائها العسكريين، أن القوات المسلحة اليمنية تحوّلت من قوة محلية إلى قوة استراتيجية فاعلة في محور المقاومة، وقوة مؤثرة على الأمن الإقليمي، وحركة الملاحة البحرية العالمية، ومصدر تهديد للقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة و"إسرائيل"، ما يشكّل تحوّلاً وإستراتيجيا ونوعياً في فرض معادلات قوة الردع وتحقيق موازين القوى في الشرق الأوسط.
يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية استهدفت في معركة إسناد غزة – بفضل الله وتأييده – بـ430 عملية عسكرية، أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين الأحمر والعربي، والمحيط الهندي، وأطلقت أكثر من 1,250 صاروخاً ومسيّرة إلى عمق الكيان.

