رسالة عاجله إلى حكام العالم الإسلامي والعربي
حول النتائج الهزيلة التي خرج بها منظموا مؤتمر نيويورك بشأن فلسطين
السياسية || أ . د / عبدالعزيز صالح بن حبتور *
إنعقد في مدينة نيويورك وفي مقر الامم المتحدة مؤتمر (دولي) دعت إليه المملكة السعودية وجمهورية فرنسا وحضر إليه لفيف من ممثلي عدد من البلدان العربية والاسلامية والاجنبية ليناقشوا على مدى ثلاثة من الأيام والليالي موضع هام هو حل الدولتين الفلسطينية واليهودية في أرض فلسطين التاريخية، فعلي مدى تاريخ 28 ، 29 ، 30 / يوليو / 2025 م جرت أعمال المؤتمر اعلاه الذي ترأسها وزير خارجية جمهورية فرنسا والمملكة السعودية، وخرج ببيان أقل ما يقال عنه انه بيان هزيل وتافه وعديم الفائدة والمعنى.
انعقد هذا المؤتمر في أوج صراع الامة العربية والاسلامية بقيادة المقاومة التي تمثلها، المقاومة الفلسطينية المسلحة والجمهورية اليمنية من صنعاء (جيش وشعب وقيادة ثورية) والمقاومة الإسلامية اللبنانية والمقاومة العراقية والمقاومة الإيرانية (جمهورية ايران الإسلامية قيادة وجيش وشعب)، هذا المحور الإسلامي العربي المقاوم يقاتل ببسالة منقطعة النظير منذ بدء معركة طوفان الأقصى المبارك في 7 / اكتوبر / 2023 م وحتى لحظات انعقاد المؤتمر الخياني الهزيل للقضية الفلسطينية في تاريخ 28/ يوليو / 2025 م .
أي أن مؤتمر نيويورك الخياني للقضية الفلسطينية ينعقد بعد قرابة 22 شهراً من القتال العنيف بين محور المقاومة الاسلامية والعربية، وبين محور الصهاينة من الاسرائيليين والأمريكان والاوربيين والصهاينة العرب والمسلمين، نعم هي معركة غير متكافئة من الناحية العسكرية والامنية والاستخباراتية والمالية والاقتصادية، لكن القيادة والسيطرة والمقاتل لمحور المقاومة وظف كل الطاقات الإبداعية في هذه المنازلة التاريخية وجعلها لصالحه، بغض النظر عن الخسائر البشرية والمادية واللوجستية، وهذا أمر طبيعي في جميع مراحل التاريخ الإنساني بان القوى العسكرية المقاومة عادة ما تكون قدراتها وإمكاناتها العسكرية والمالية والمادية أقل بكثير من قوى الهيمنة والمحتلين الأجانب للأرض والجغرافيا والتضاريس، لكن تلك المعادلة غير المنصفة لا تعكس النتائج المحققة مطلقاً على مر التاريخ، وللتدليل على ذلك القول ما حدث من نتائج مبهرة في فيتنام، وافغانستان، والعراق، والصومال، ولبنان، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والمقاومة في الجزائر وجمهورية كوبا الاشتراكية.
وحينما نردد تلك الأمثلة المُبهرة والعظيمة للمقاومين الأحرار، إنما نرددها لتذكير من فسدت ذاكرتهم المعطوبة، وكذلك للقوى التي تفضل مبدأ الاستسلام والاستكانة والانهزام على مبدأ المقاومة لنيل الحرية والشرف والكرامة والاستقلال، ذلكم المبدأ الذي يقوم على مفهوم [شعب العلف على شعب السلف المناهض للظلم].
تخيلوا معي ولو للحظه واحده ان يأتي مؤتمر نيويورك الصهيوني المشبوه بعد عقد سلسلة من المؤتمرات العربية والإسلامية الخيانية وشعبنا الفلسطيني في قمة قتاله ومقاومته وعظمته وكبريائه ودفع مقابل هذا الصمود ما يزيد عن 60000 الف شهيد نصفهم من الأطفال والنساء، وكذلك ازيد من 130000 ألف جريح وجريحة وبأزيد من النصف من الاطفال والنساء، مع تدمير قرابة 65% من البني التحتية والخدمات والمساكن في قطاع غزه، هذه الأثمان الباهضة مع تجويع وإفقار اثنين مليون وثلاث مائة مواطن فلسطيني غزي محاصر من الغذاء والماء والدواء.
ومع ذلك يأتي هذا المؤتمر الخياني كطعنة خنجر مسموم في ظهر الشعب الفلسطيني البطل المقاوم، وبيد من حضر وشارك وخطط ونفذ من العرب والمسلمين لمؤتمر نيويورك الصهيوني.
الم يفكر هؤلاء الحكام العرب والمسلمين بأن فلسطين وقضيتها التاريخية هي أمانة دينية واخلاقية وإنسانية وسياسية ملزمة السداد والدفاع عنها كمسؤولية مطلقة عليهم للأسباب والدواعي الاستراتيجية الآتية :
اولاً :
كيف يحق لهم ان يطالبوا محور المقاومة بتسليم أسلحتهم وعتادهم، ولم يشيروا البتة إلى أن العدو الاسرائيلي لديه ترسانة عسكرية وأمنية يهدد بها العالم كله، ولا يهدد فقط العرب والمسلمين؟.
ثانيا :
كيف سمع هؤلاء الحكام العرب والمسلمين الصهاينة لأنفسهم بان يطالبوا بإخراج المقاومة الفلسطينية من أرضها وهي تدافع عن حق الشعب الفلسطيني في التحرر المستمر لأكثر من 100 عام من الجهاد والنضال والكفاح والتضحية من كابوس الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني؟.
ثالثا :
كيف سمح هؤلاء الحكام العرب والمسلمين بان يتآمروا ويخونوا أرواح ودماء الشهداء الفلسطينيين والعرب والمسلمين الذين روت قطرات دمائهم القضية الفلسطينية وأحيتها من جديد، وجعلها قضية محورية وأساسية وإنسانية عالمية في هذا العالم المنافق الكاذب، الذي تماهى من الروايات السردية الكاذبة للحركة والإعلام الصهيوني من حول العالم ؟.
رابعاً :
ألم يتعلم هؤلاء الحكام العرب والمسلمين من اكذوبة اتفاق اوسلوا الخيانية التي تم التوقيع عليها بين الرئيس الشهيد ياسر عرفات أبو عمار، والذليل الخائن لقضيته المدعو محمود عباس ابو مازن وبين قادة الحركة الصهيونية المجرمين، وأن لا الامريكان ولا اليهود قد أوفوا بعهودهم في تنفيذ بنود اتفاقية اوسلوا سيئة الصيت والسمعة، وان مجرد ان سلمت حركة فتح سلاحها تمت استباحة الضفة الغربية آلاف المرات من قبل جنود المحتل الإسرائيلي، وأن اعداد المستوطنين المحتلين قدا زادوا في الضفة ازيد من ثمانية أضعاف ما كانوا عليه قبل التوقيع علي تلك الاتفاقية المشؤومة.
خامساً :
ألم يتعلم الحكام العرب والمسلمين من أن أميركا USA ولا الغرب الأوربي الرأسمالي هم من يعتبر الكيان الإسرائيلي الصهيوني هو القفاز الخشن الخادع الذي تنفذ به أعمالهم الاجرامية القذرة في الوطن العربي والوطن الإسلامي، يظهروا أمام شعوبهم بانهم أمناء أصلاء على مبادئ حقوق الانسان والحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وحقوق المرأة والطفل وحتى في الحفاظ على حقوق الحيوانات الأليفة والمتوحشة، هكذا تريد اميركا والغرب أن تظهر للعالم اجمع، فهل وعيتوا ذلك يا حكام بني يعرب أم تكررون غبائكم ؟
سادساً :
ألم يتعلم حكام آل سعود من أن عليهم إلتزام إسلامي قاطع مانع كونهم حراس لأطهر بقعتين إسلاميتين على الأرض وهما مكة المكرمة والمدينة النبوية المنورة، وهذا التزام لمن نصب نفسه وصيا وحارسا على تلك البقعتين، وأن أية خيانة للقدس الشريف، وللمسجد الأقصى المبارك ثالث الحرمين وأولى القبلتين، تعد من الخيانات الكبري أو من الكبائر الذي لا يغفر الله لمرتكبها ولن تسمح الأمة الإسلامية من أقصى الأرض إلى أقصاه مهما طال الزمن أم قصر لتلك الخيانة المريعة أن تمر بسلام، وستحاسب في الدنيا قبل الآخرة بعون الله وهمة الشجعان من المسلمين الأحرار حكام آل سعود البغاة، هي رسالة تنبيهية وتحذيرية لهؤلاء فحسب لمن يفهم ويعتبر .
سابعاً :
رسالة تنبيه لحكام السعودية وتركيا ومصر وقطر والأردن وإندونيسيا والسنغال وجامعة الدول العربية، لهؤلاء الحكام الذين وقعوا علي البيان الختامي لمؤتمر نيويورك الصهيوني ويعتبرون دولهم حلفاء وأصدقاء وحبايب للعدو الصهيوني والعدو الأمريكي USA ، نذكرهم بأن شعوبهم لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه خيانتهم لدماء شهداء القدس وفلسطين المحتلة، ونذكرهم بان شاه هنشاه الأمبراطور الإيراني/ محمد رضاء بهلوي حينما ثارت عليه جموع الجماهير الإيرانية الحرة وسقط حكمه لم تقبله الولايات المتحدة الأمريكية بزيارتها حتى للعلاج فحسب وظلت طائرته تحلق وتحوم في أجواء اميركا ربما لساعات ولكن لم يسمح لها بالهبوط على الأراضي الأمريكية وهو الخادم المطيع لمشيئة وإرادة أباطرة وحكام الولايات المتحدة الأمريكية،
بسم الله الرحمن الرحيم "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" صدق الله العظيم.
الخلاصــــة :
عمر القضية الفلسطينية وشعبها العربي المسلم والمسيحي البطل المقاوم يزيد على الـ 77 عام على اغتصابها من قبل العصابات الصهيونية، وخلال هذه المسيرة الطويلة قدم الأحرار الأبطال المقاومين الفدائيين المجاهدين طابور طويل من مشاعل النور من الشهداء والجرحى والمهجرين من معظم الأقطار العربية والإسلامية، هؤلاء الشهداء الأبطال هم مصدر قوة وفخر وديمومة لاشتعال جذوة المقاومة، أما الخونة ستتم مواصلة دفنهم ولعنهم وتسفيههم في كتب التاريخ للتلاميذ والطلاب والمهتمين في هذا العالم الحر.
وفوق كل ذي علم عليم
* عضو المجلس السياسي الاعلى في الجمهورية اليمنية / صنعاء
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

