اليمن: الدول التي تزود الأطراف المتحاربة بالأسلحة يمكن أن “تخضع للمسائلة”
الدول التي تقدم الأسلحة أو الدعم اللوجستي إلى الأطراف المتحاربة في الصراع الدائر في اليمن يمكن أن تكون في نهاية المطاف مسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق القانون الإنساني الدولي في هذا البلد.
بقلم: مارك ثيبوديو
(صحيفة “لا برس- la presse” الكندية, ترجمة:أسماء بجاش-سبأ)
صدر التحذير القانوني من قبل مجموعة الخبراء التابعة لهيئة الأمم المتحدة في تقرير جديد يرسم صورة مثيرة للقلق جراء الانتهاكات التي يرتكبها المتمردين الحوثيين وقوات التحالف السعودي -الإماراتي على حد سواء.
من المرجح أن تشد هذه الوثيقة من عضد النشطاء الذين يحاولون إقناع الحكومة الكندية بإلغاء عقد تسليح مثير للجدل لبيع عربات مدرعة للمملكة العربية السعودية، مشيرة إلى إمكانية استخدامها في الحرب الدائرة في اليمن, حيث يعتزم المحامي دانييل تيرب مناقشة تقرير خبراء الأمم المتحدة في التماس سيقدمه إلى المحكمة الاتحادية في غضون أسبوعين, إذ أشار إلى إمكانية استخدام الحقائق المبلغ عنها لدعم فكرة وجود خطراً كبيراً من سوء الاستخدام إذا تم المضي قدماً في أبرام هذه الصفقة.
ينطبق الأمر ذاته على منظمة “أوكسفام”، التي كتبت في أوائل أغسطس إلى رئيس الوزراء الكندي “جوستين ترودو” مع عشرات المنظمات الإنسانية تطلب منه إلغاء صفقة المركبات المدرعة.
ومن جانبها, أشارت “آن دو هاميل” مديرة الحملات والسياسة في منظمة “أوكسفام” كيبيك إلى وجود مخاوف تتماشى مع التقرير الجديد, مشيرة إلى أن الخطر كبير للغاية, لأن الأسلحة التي تباع إلى الأطراف المتحاربة في اليمن تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان.
جرائم الحرب
أجرى خبراء الأمم المتحدة أكثر من 600 مقابلة سمحت لهم بتوثيق عدد كبير من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي.
وعلى وجه الخصوص، يشير هذا التقرير إلى أن التحالف العربي الذي تقوده الرياض قد نفذ عدة غارات جوية مميتة في اليمن ترقى إلى اعتبارها “جرائم حرب” بسبب تأثيرها على السكان المدنيين, وعلى الرغم من وعود السلطات بإعادة النظر ومراجعة ممارساتها، إلا أن الأضرار التي تسببت بها تلك الغارات الجوية لا تزال كبيرة.
يسلط التقرير الضوء بشكل خاص على الغارة الجوية التي استهدفت حافلة مدرسية في أغسطس من العام الماضي, كانت تقل على متنها ما يقرب من خمسين طفلاً في أحدى الأسواق المزدحمة في محافظة صعدة, حيث أسفر الهجوم عن سقوط أكثر من ثلاثين طفلاً وجرح آخرين.
يشار للحركة الحوثية على وجه الخصوص التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء بالوقوف وراء سقوط العديد من ضحايا الصراع جراء إطلاق قذائف الهاون والصواريخ التي يبدو أنها موجهة في بعض الأحيان نحو أهداف مدنية, كما تُنسب إلى الجانبين العديد من حالات الاختفاء القسري، وعمليات الإعدام التي لبست ثوب المحاكم، والاعتقالات التعسفية التي غالباً ما تكون مصحوبة بأعمال تعذيب.
أعرب القائمون على هذا التقرير عن أسفهم لأن معظم انتهاكات القانون الدولي المبلغ عنها ظلت دون عقاب حتى الآن, حيث يقدم التقرير أسماء العديد من الأفراد الذين قد يقفون أمام العدالة في المستقبل.
ومن جانبه, أشار رئيس فريق الخبراء كمال الجندوبي إلى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يكف عن غض الطرف عن هذه الانتهاكات وضرورة تسليط الضوء على الوضع الإنساني الذي لا يحتمل في اليمن.
صفقات مع وقف التنفيذ
خلفت خطورة الانتهاكات المبلغ مساحة جدلاً ساخنة فى العديد من الدول التى تبيع الاسلحة الى السعودية والإمارات, إذ تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا أهم الموردون الرئيسيون للأسلحة.
أعلنت بعض الحكومات تعليق مبيعات الأسلحة خوفاً من أنها ستشعل فتيل الانتهاكات، في حين تم إجبارها أحياناً على إعادة النظر في نهجها من قبل المحاكم, حيث قضت محكمة الاستئناف البريطانية في يونيو المنصرم بأن حكومة المحافظين لم تقيم بشكل صحيح ما إذا كان التحالف العربي المنضوي تحت قيادة السعودية قد انتهك القانون الدولي في اليمن قبل منح تصاريح التصدير.
قال المحامي “دانيال تورب” الذي حاول مرتين في المحكمة لإجبار أوتاوا على التوقف عن بيع العربات المدرعة إلى المملكة العربية السعودية، أن محكمة بلجيكية أصدرت مؤخرا قرارا مماثلا، ولا يزال عدد الطعون القانونية في ازدياد.
إن دخول أحكام معاهدة الأمم المتحدة لتجارة الأسلحة حيز التنفيذ بصورة رسمية في كندا في منتصف سبتمبر سيقلل إلى حد كبير من مجال المناورة من قبل الحكومة، لانها تتوقع أن هناك خطراً كبيراً بانتهاك حقوق الإنسان بما يكفي لمنع تصدير الأسلحة.
وبالتالي لن يكون للوزير بعد الآن الحق في المضي قدماً لاتخاذ قراره بشأن هذا النوع من القضايا، كما يشير المحامي “دانيال تورب” الذي يود معرفة موقف الحكومة الليبرالية والأحزاب الأخرى من عقد المركبات المدرعة قبيل الانتخابات الفيدرالية.
ومن جانبها, حثت منظمة “أوكسفام كيبيك” أوتاوا على إعلان قرارها بعد عدة أشهر من التفكير, حيث تشير “آن دو هاميل” إلى مدى الدهشة من الصمت الذي يخيم على هذا الامر.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.