ليلى عماشا*

يبلغ التضليل الإعلامي أوجّه في ما يخصّ مجريات الأحداث عند الحدود اللبنانية-السورية.. أخبار ليس لها أيّ أساس من الصحّة، أكاذيب هادفة ومدروسة، تسويغ الاعتداءات المتكرّرة واختلاق ذرائع تمهيدًا للمزيد منها. كما في الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، كذلك في كلّ شأن آخر، يجتهد الإعلام المتأمرك، بكلّ فصائله، في بثّ الفتنة والتحريض وانتهاك جميع القواعد المهنية والأخلاقية. بكلام آخر، يقوم هذا الإعلام بدور المعسكر المتقدّم لممارسة العدوان على أهل المقاومة حيثما وُجدوا.

ما الذي يجري عند الحدود الشرقية للبنان: تسلّل مسلّحون سوريّون، يوم أمس، إلى الأراضي اللبنانية بهدف سرقة أغنام من إحدى المزارع فواجههم أصحاب المزرعة ما أدّى إلى مقتل ثلاثة منهم؛ فقام الصليب الأحمر اللبناني بانتشال جثثهم وسلّمها الجيش اللبناني للجانب السوري. كيف ترجمت قناة "الحدث" المشهد؟

أوردت قناة الحدث خبرًا عاجلًا عن " مقتل ثلاثة عناصر من الجيش السوري برصاص مسلّحين بعد أن اجتازوا الحدود مع لبنان بالخطأ"، ثمّ ما لبثت أن بثّت الآتي: "اختطف ثلاثة جنود من وزارة الدفاع وقتلهم بعد تعذيبهم: حزب الله ينتهك الحدود السورية ودمشق تردّ بقصف مواقع الحزب بالمدفعية والصواريخ". حجم الكذب التحريضي في الخبر الثاني تجاوز كلّ الحدود، فالهدف تأجيج النار عند الحدود ودفع "السوريين" إلى عمل انتقامي من جهة، ومن جهة أخرى اختلاق ذريعة للقصف الذي تعرّضت له بيوت المدنيين في القرى المحاذية.

هذا؛ ولم تشعر القناة أنّ التناقض بين الخبرين يمسّ بمهنيتها ومصداقيّتها وباحترام عقل مشاهديها، فأولوية التحريض والتضليل ثابتة، ولأجلها تسقط لا المعايير المهنية فقط، بل المعايير الأخلاقية والإنسانية كلّها. إذ غنّ اتهام حزب الله، هنا، على الرغم من إصداره بيان نفي لأي علاقة له بما يجري عند الحدود السورية، لم يقتصر على إقحامه في خبر كاذب، بل تضمّن تفاصيل مختلقة عن اختطاف وتعذيب لم يحدثا، ويهدف إلى تسويغ العدوان على القرى والبيوت في بلدات القصر والكواخ وسهلات الماء وحوش السيد علي، والذي أدّى إلى وقوع شهيد وجرحى مدنيين.

بين الخبرين، قامت قناة الحدث بتأدية دور أقل ما يقال فيه إرهابي منظّم، وهو أمر تحترفه القناة، وليس مستجدًا في مسارها الإعلامي المتأمرك بشكل واضح وصريح. وكما قناة الحدث، سارت زميلاتها من مختلف القنوات العاملة في المعسكر نفسه في الدرب ذاتها من التحريض والتسويغ والعدوان، في لعبة تشكّل مساحة واضحة من الحرب الإعلامية على كلّ من وما يعادي الأميركي، من دون احتساب قيمة لأي نوع من أنواع الشرف، ولا سيّما شرف الخصومة.

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ـ موقع العهد الاخباري