بقلم / محمد الغيثي

مصائب قوم عند قوم فوائد ، مثال ينطبق على المستشفيات الخاصة التي بدات تنتعش اليوم في وقت تراجعت الخدمات الطبية التي تقدمها المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية التي تعاني الكثير من المشاكل وقلة الدعم ، في ظل العدوان والحصار البري والبحري والجوي على اليمن. 

المعروف عن معظم المستشفيات الخاصة ان لم تكن كلها ، ليس لديها اي انسانية او رحمة واسعارها فوق الخيال ، فعند اسعافك المريض في حالة حرجة بين الحياة والموت ، الى احدى هذه المستشفيات ليس امامك الا ان تدفع أو ترك المريض في غرفة الطوارئ حتى يلقى ربه.

هذه الحالة عشتها شخصياً عند اسعاف احد اقاربي كان يعاني من جلطة ، الى احد المستشفيات الخاصة الكبيرة ، حيث رفض الممرضون نقله الى غرفة العناية المركزة الخاصة بالقلب الا بعد وضعنا سيارة حديثة كرهن ، حيث لم يكن بمقدورنا دفع مبلغ ثلاثة الف دولار ( مليون ومائتي الف ريال يمني ) كضمان في تلك اللحظة.

قد يقول المستشفى انه يعمل ذلك لحفظ حقوقه مقابل ما سيقدمه من علاج للمريض ، ولكن السؤال ، ماذا سيكون الحال اذا لم يستطع المسعفين الدفع في نفس الوقت وايضا ليس لديهم سيارة حديثة يقبل بها المستشفى ، النتيجة موت المريض وقد حدثت فعلا واسألوا الممرضين المغلوب على امرهم. 

وهنا نتساءل ، اين دور وزارة الصحة العامة والسكان ، الرقابي على هذه المستشفيات واسعارها ، صحيح ما قامت به الوزارة مؤخرا من اغلاق 8 مستشفيات خاصة في العاصمة صنعاء لعدم مطابقتها للمعايير ، وايضا اغلاق غرف العمليات والعناية في 25 مستشفى خاص وامهالها  3 أشهر لتطبيق المعايير والانظمة ، خطوة ممتازة وفي الاتجاه الصحيح ، لكن تبقى قائمة الاسعار بعيدة عن الرقابة وتحتاج الى اعادة نظر رحمة بالمواطن. 

وهناك حلول باعتقادي يمكن ان تخفف من الاعباء المالية عن المعسرين ، منها انشاء لجنة خاصة في وزارة الصحة لبحث الحالات المعسرة على غرار اللجنة الطبية التي تعني بدعم الحالات الخطيرة وتسفيرها للعلاج في الخارج ، او انشاء صندوق لمثل هذه الحالات يموله رجال الاعمال والتجار والخيرين من داخل اليمن وخارجه ويكون تحت اشراف نخبة من اطباء اليمن النزيهين والشرفاء.

كما لا ننسى هنا دور هيئة الزكاة المنشئة حديثاً في دعم الحالات المرضية الصعبة ، وفق اشتراطات وضوابط تحدد من يستحق هذا الدعم ، واخص بالذكر موظفي الدولة الذين انقطعت مرتباتهم لاكثر من ثلاث سنوات وحتى هذه اللحظة ، بل اصبحوا من مستحقي الضمان الاجتماعي .

وبالعودة الى المستشفيات الخاصة الغير مطابقة للمعايير الطبية ، فهناك مستشفيات يمكن ان نوصفها بانها (دكاكينيه) ، فقد قمت الاسبوع الماضي بزيارة زميل تعرض لعارض صحي وتم اسعافه الى احد هذه المستشفيات مجازاً ، فوجدت غرفة العناية المركزة عبارة شقة ، فيها ثلاث غرف نوم صغيرة تطل على شارع يصدر منه اصوات السيارات والدراجات النارية والورش، فعن اي عناية يتحدثون وعن اي تعقيم وعن اي مستشفى ، خلاصة القول (تجارة والسلام). 

واذا تحدثنا عن غياب الضمير لدى بعض اطباء المستشفيات الخاصة فسنجدهم يطلبون فحصوصات واحيانا علاجات ، المريض ليس بحاجة اليها ، ولكن يكتبها الطبيب ارضاء لمالك ومدير المستشفى الذي يدفع له راتبه، او طمعاً في عموله يحصل عليها من المختبرات والصيدليات المحددة لديه مسبقاً او شركات الادوية.

اما الكارثة الحقيقية التي عانى منها البعض من هذه المستشفيات ، فتتمثل بطلب اطباء او ممرضين في العناية المركزة من مرافقي المريض ، علاجات باهضة الثمن في وقت يكون المريض قد فارق الحياة ولا يتم ابلاغ اقاربه بذلك ، فيما الحسابة بتحسب الليلة بقولها ، اما العلاجات الثمنية التي لم تستخدم اصلاً ، فيتم بيعها من قبل الممرضين والصحيين من صيدليات خارج المستشفى بنصف الثمن وربما اقل.    

لطفك يا الله الى اين قد وصل بنا الحال ..