"الغارديان": كيف باع ترامب أوكرانيا؟
السياسية – متابعات :
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقال رأي، رأى فيه الكاتب أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب باع أوكرانيا، وتحدّث عن وجهة نظره لخطوة الرئيس الأميركي بمهاتفة نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
أدناه نصّ المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
في عالم دونالد ترامب، كلّ شيء له ثمنه. لا مكان للمشاعر في سياسته. فالقيم المشتركة لا تستطيع تأمين القروض للمساعدات العسكرية. ولا يهتمّ الرئيس الأميركي بمن يسيطر على التربة الملطّخة بالدماء في شرق أوكرانيا، ما دام بوسعه الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة الموجودة تحتها.
إنّ السلام الذي سيتفاوض عليه ترامب لا يتعلّق بالعدالة. ولا توجد أخلاق أو مبادئ بالنسبة له، بل فقط فكرة من "أنجز المهمة". وقد أشار ترامب إلى أنه مستعدّ للضغط على أوكرانيا وأوروبا لتقديم تنازلات لإغراء روسيا بالتوقيع على اتفاق السلام.
كلّ ما تبقّى لترامب هو التفاوض على السعر.
من الصعب التعبير بالكلمات عن مدى التحوّل في دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، والذي كان لسنوات مبنياً على مساعدة البلاد في الدفاع عن نفسها، وإن لم يكن الفوز بالحرب.
ساعدت إدارة بايدن في إدارة أعراض الحرب في أوكرانيا. والآن، يقول ترامب إنّه سيقدّم العلاج، لكنّ العلاج هو التوقّف عن المقاومة.
قال ترامب، في ما قد يكون الجانب المشرق الوحيد من تصريحاته يوم الاثنين، مشيراً إلى أنّه لن يسمح لأوكرانيا بالانهيار تماماً.
وقد يعتقد بعض المراقبين الأوكرانيين والروس أنّ الرئيس الأميركي لديه خطة أعمق هنا، ربما تعزيز أوروبا أولاً، ومن ثم الضغط على روسيا كجبهة موحّدة في حين يخفض أسعار النفط. ولكن إذا حكمنا من خلال أفعاله في غزة، أو في الولايات المتحدة، فمن غير المرجّح أن تكون هناك خطة أعمق. وإنّ تعيين ستيف ويتكوف، صانع الصفقات المفضّل لديه والذي تفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مقابل الأسرى، يشير إلى أنّ العملية ستكون غير عقلانية إلى أقصى حدّ، بل مجرّد صفقة عقارية أخرى.
والآن، يتساءل الكثير من الأوروبيين عمّا إذا كان ترامب على وشك تسليمهم أمراً واقعاً على جانبهم الشرقي، من خلال السعي إلى إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا من دون حماية حلف شمال الأطلسي في إطار اتفاق أمني تمّ التفاوض عليه حصرياً بين موسكو وواشنطن.
"ما الذي تبقّى للتفاوض عليه؟"، هكذا جاء في رسالة نصية من مسؤول أوروبي، واصفاً عملية التفاوض بأنها "استسلام".
في الواقع، كان هذا مجرّد عرض افتتاحي من ترامب.
وقد أشارت روسيا إلى أنّها تريد منه أن يذهب إلى أبعد من ذلك. ففي بيان رسمي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يريد أن يتناول الاتفاق "أصول الصراع"، والتي قال سابقاً إنها تشمل موقف أوكرانيا المؤيّد للغرب وتوسّعات حلف شمال الأطلسي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتسعينيات.
وقال مسؤول أوروبي آخر إنّه قد يسعى إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ويطالب بعودة القوات الأميركية المتمركزة في دول البلطيق وبولندا ودول شيوعية سابقة أخرى، مما يثير المخاوف بشأن المزيد من الاستيلاء الروسي على الأراضي من دون وجود قوات أميركية هناك لضمان دفاعها.
لقد بدا هذا الأمر ممكناً بشكل أكبر يوم الخميس، عندما أخبر وزير دفاع ترامب، بيت هيجسيث، نظراءه في حلف شمال الأطلسي أنّ خفض مستويات القوات الأميركية في أوروبا يمكن أن يكون جزءاً من أيّ اتفاق.
في الواقع، يتفاوض ترامب مع أوروبا، وليس روسيا. وقد أصدرت أوروبا عرضها المضاد: تعامل معنا كشريك وامنحنا مقعداً على الطاولة.
قالت كايا كالاس، رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قبل اجتماع حلف شمال الأطلسي يوم الخميس، إنّه "من الواضح أنّ أيّ صفقة وراء ظهورنا لن تنجح. أنت بحاجة إلى الأوروبيين، أنت بحاجة إلى الأوكرانيين".
هذا يعتمد على ما يخطّط ترامب للقيام به بعد ذلك، كما أوضح هيجسيث. وقال إنّه "في المحادثات مع فلاديمير بوتين وزيلينسكي، زعيم العالم الحرّ الرئيس ترامب هو الذي يأخذ القرارات".
لكنّ السؤال هو من يوجد في هذا العالم الحرّ الآن، وما هو ثمن الدخول إليه.
*نقلته إلى العربية: بتول دياب.
* الكاتب: أندرو روث
* تم نقل المادة الصحفية حرفيا من الميادين نت